الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هجوم معاكس محكوم بالفشل

نعيم الأشهب

2014 / 3 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


هجوم أمريكي معاكس: من الساحة الفنزويلية وحتى الساحة الأوكرانية، الى الإعلان عن بدء هجوم جديد في منطقة درعا، على الحدود الأردنية - السورية، الى استقبال الرئيس أوباما للدلاي لاما، رغم وعد مسبق بالكف عن ذلك، الى إقحام مقترح استفزازي أميركي على المحادثات الإيرانية يتعلق بالصواريخ الإيرانية، التي لا علاقة لها على الإطلاق بالموضوع النووي الإيراني..


يلاحظ مؤخرا تحريك عدة جبهات في وقت واحد: من الساحة الفنزويلية وحتى الساحة الأوكرانية، الى الإعلان عن بدء هجوم جديد في منطقة درعا، على الحدود الأردنية - السورية، الى استقبال الرئيس أوباما للدلاي لاما، رغم وعد مسبق بالكف عن ذلك، الى إقحام مقترح استفزازي أميركي على المحادثات الإيرانية مع الست الكبار يتعلق بالصواريخ الإيرانية، التي لا علاقة لها على الإطلاق بالموضوع النووي الإيراني، وغيرها من التحركات الموقوتة.
ويبدو أن كل ذلك يأتي في إطار هجوم معاكس، بعد أن عانت السياسة الأميركية، في السنوات القريبة الماضية من نكسات عدة. ففي الشرق الأوسط، بؤرة التركيز الأميركي ما بعد انهيار الإتحاد السوفييتي، لم يحقق التدخل العسكري الأميركي في كل من أفغانستان والعراق أهدافه المرجوة، بل خسائر واستنزافا خطيرا في الأرواح والأموال. على صعيد آخر، فمنذ بدأ الحراك الشعبي العربي، أواخر العام 2010، حاولت واشنطن، المنهكة من الحربين السالفتي الذكر ومن الأزمة المالية - الاقتصادية التي بدأت في الولايات المتحدة أواخر العام 2007 وما زالت مستمرة، حاولت الإلتفاف على هذا الحراك الشعبي وتجييره، بواسطة أتباعها القدماء والجدد، لصالح مخططاتها المعروفة في المنطقة ولا سيما "الشرق الأوسط الجديد" أو "الكبير" مستغلة غياب القيادة الثورية المنظمة لهذا الحراك الشعبي، حيث بدا لواشنطن أنها أفلحت في تحويل المياه الى طاحونتها - كما يقال، بخاصة وقد عقدت تحالفا مع حركة الإخوان المسلمين، ذات القاعدة الشعبية والتواجد في مختلف البلدان العربية. لكن هذا الرهان سرعان ما سقط، أمام تواصل الحراك الشعبي، الذي ما كان لسلطة الإخوان، أن تؤنّن المطالب التي نزلت الملايين للشارع من أجل تحقيقها، كما أكدت التطورات اللاحقة في كل من مصر وتونس حتى الآن.
أما في سورية، التي استعصت منذ البدء، على محاولات الإلتفاف على الحراك الشعبي وتسخيره لصالح المشاريع الأميركية في المنطقة، فقد فشلت، حتى الآن، مختلف التكتيكات التي جرى تبديلها لتحقيق الهدف، بما في ذلك نقل الملف السوري من يد حمد القطري الى يد بندر السعودي (ثم استبعاده)، اللذين انفقا المليارات في مسعى لإنجاز " المهمة" الموكلة لكل منهما بالتوالي. والنتيجة العامة حتى الآن: مزيد من السيطرة والتماسك للنظام السوري، ومزيد من التشظي والصراع الدموي بين المرتزِقة الوافدين من الخارج.
ومن المؤشرات ذات الدلالة على تراجع وتردي الدور الأميركي في المنطقة أن واشنطن لم تعد قادرة حتى على التوفيق والتنسيق بين أتباعها الأقربين، بين تركيا وإسرائيل ، وبين السعودية وبعض دول الخليج وبين تركيا وقطر ومعهما حركة "الإخوان المسلمون"؛ وتجد هذه الخلافات والصراعات بعض ترجماتها الصارخة على الأرض السورية في الاقتتال المستعر بين فصائل المرتزقة والإرهاب الدولي، وكذلك في التردي المتواصل في صورة ما يسمى الإئتلاف السوري المعارض، الذي تعتمده الدول الغربية كممثل وحيد للمعارضة السورية.
وفيما يتعلق بأوكرايينا، من السذاجة المفرطة الاعتقاد بأن ما جرى في كييف في الأيام الأخيرة سيحدد صورة هذا البلد. فصورة هذا البلد لا يمكن تحديدها مع تجاهل العاملين الحاسمين التاليين: الأول، تركيبة أوكرايينا السكانية واٌلإقتصادية ؛ والثاني، متاخمتها الى حد التداخل مع روسيا الاتحادية. وفيما يتعلق بالعامل الأول، فتركيبة أوكرايينا من شرقها الصناعي والمرتبط بقوة بالصناعات الروسية ويضم مكامن الغاز الطبيعي، ولغته الروسية، ويوالي الرئيس المداح ويتمسك بالعلاقات الوثيقة مع روسيا، وغربها الزراعي، وتقع كييف العاصمة فيه ويميل للإندماج بالمجموعة الأوروبية، لكنه لا غنى له عن القسم الشرقي. أما العامل الثاني فيحدده موقع أوكرايينا الجيو - سياسي، الملاصق لروسيا، والتي تعتبر أوكرانييا أنها تؤثر بقوة على أمنها القومي، وبالتالي - لن تسمح، أي روسيا، بتحويل أوكرايينا الى قاعدة لحلف الناتو ضدها. وفي هذا الصدد، ينبغي استذكار أزمة أوسيتيا الجنوبية، التي دخلها جيش الرئيس الجورجي السابق - الموالي للغرب - بإيعاز من واشنطن عام 2008. فقد جرى طرد هذا الجيش على يد القوات الروسية، دون أن تتمكن واشنطن من تحريك ساكن.
ومن الإتفاق الذي وقع في الحادي والعشرين من شباط الجاري، بين الرئيس يانوكوفيتش وزعماء المعارضة، بحضور ممثلين من المجموعة الأوروبية، يتضح أن المجموعة الأوروبية لا تتجاهل كلية العاملين السالفي الذكر، اللذين يحددان، آخر الأمر، الواقع الأوكراييني ؛ لكن المكالمة السرية التي جرى الكشف عنها ولم تستطع واشنطن إنكارها بين مساعدة وزير الخارجية الأميركية والسفير الأميركي في كييف، تكشف أن واشنطن تقف وراء تلك العصابات الفاشية أمثال حزب الحرية وريث القوى الفاشية التي تعاونت مع الإحتلال النازي، والتي أجهضت الاتفاق المذكور وواصلت أعمال الشغب والتخريب، أملا في فرض واقع يتجاهل حقائق الوضع الأوكراييني المتميز، ويحوّلها لقاعدة للناتو ضد روسيا في الأساس.أما الوعود بالمساعدات التي تعلنها كل من أوروبا الغربية والولايات المتحدة، اليوم لأوكرايينا، في وقت تعانيان من أزمات مالية - إقتصادية حادة ومزمنة، فإنها لا تستطيع أن تعوّض أوكرايينا عن علاقاتها الاقتصادية والمالية مع روسيا بما في ذلك في ميدان الطاقة وبخاصة الغاز.
وإذا كانت أوكرايينا تعاني من أزمات متفاقمة، اقتصادية - مالية - اجتماعية، هيأت تربة ملائمة للمتآمرين، فإن خلاصها لن يتم الأّ بتضافر جهود أبنائها المخلصين، مع الحفاظ على وحدة التراب الوطني وإرساء ديمقراطية حقيقية فيها. أما الهجوم الأميركي المعاكس، فلن يحقق أهدافه، كفرض مشروع "الشرق الأوسط الكبير" أو عرقلة تحوّل أميركا اللاتينية يسارا، أو إجهاض تشكل نظام دولي جديد، فقد تجاوزها الزمن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - Expired Discourse
فؤاد النمري ( 2014 / 3 / 1 - 16:50 )
أنا أتفق مع الكاتب بأن أميركا ليس فقط تتراجع اليوم بل وتنحل أيضاً، لكن السؤال الحدي هو بوجه من تتراجع !! تتراجع بوجه الهمج القتلة من فلول الرجعية أمثال طالبان وعصابات صدام والأسد
أذكر الكتبة الغشم أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما هو الرئيس الوحيد في العالم الذي انتخبه الشيوعيون مواطنوه مرتين ومثله الرئيس الأميركي السابق بل كلنتون
وأن حزب الشاي الأمريكي يتهم أوباما بأنه ليس شيوعياً فقط بل وبلشفياً أيضاً ويشهد زملاؤه في الجامعة بأنه كان من أنصار الاتحاد السوفياتي

أميركا الرأسمالية الإمبريالية كانت قبل السبعينيات قد استنفذت نفسها في مقاومة الشيوعية فانهزمت هزيمة فاصلة في العام 1974 في فيتنام


2 - ألآن أدركت نوع بلشفيتك يا نمري
عتريس المدح ( 2014 / 3 / 2 - 05:08 )
ما فتء النمري الادعاء بأنه البلشفي الحارس الامين على الفكر الشوعي ( الشوعي على حد تعتبير أمي رحمها الله)، حتى أدركت اليوم صدق إدعاءه بالبلشفية، لكن أية بلشفية هذه، إنه هنا يعترف بها بشكل غير مباشر، إنها بلشفية أوباما، مما يعزز ما ذهبت إليه أنا سابقا من أن هذا البلشفي ليس سوى صنيعة دوائر المخابرات -شعبة مكافحةالفكر الشيوعي

اخر الافلام

.. موريتانيا - مالي: علاقات على صفيح ساخن؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. المغرب - إسبانيا: لماذا أعيد فتح التحقيق في قضية بيغاسوس للت




.. قطر تؤكد بقاء حماس في الدوحة | #غرفة_الأخبار


.. إسرائيل تكثف القصف بعد 200 يوم من الحرب | #غرفة_الأخبار




.. العرب الأميركيون مستاؤون من إقرار مجلس النواب حزمة مساعدات ج