الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى متى سيظل السياسيون يضحكون علينا؟

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

2014 / 3 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


من حق الشعوب أن تعرف تاريخها، ولها الحق في العيش الكريم، والحق في الاستفادة من ثروات البلاد التي لا ينتفع منها أغلب الناس، والحق في العيش الآمن، والحق في الدفاع عن قناعاتها وأفكارها وإعلانها بكل صراحة وجرأة، والحق في اختيار من يرونه أهلا لتمثيلها.. وإذا نال الشعب هذه الحقوق التي ستتحول بفعل الزمن والوعي إلى واجبات وثوابت ومسلَّمات، فإنه سيميّز حينها بين حقائق التاريخ وبين ألاعيب ومكر السياسيين . و طبعا نحن لم نصل بعد إلى هذه المرحلة.
وقد برهن "الربيع العربي"، "20 فبراير" بالمغرب كيف تجنب السياسيون والقائمون على الأمور منح الشعب لكل هذه الحقوق، وذلك باللجوء إلى أساليب الخداع والتخدير والمكر السياسي.
إن الإشكالية التي ينطلق منها السياسي والحاكم هي كيف أحافظ على الحكم أو كيف أصل إليه؟ وكيف أداوم البقاء فيه؟ وكيف أرتاح من أعدائي ومن المنافسين؟
والمتأمل الموضوعي في الأمر، سيرى أن هؤلاء مسكونين بالحس العملي لنفعي. وهكذا سيستعملون في خطابتهم "كلمات جدّابة"،"كلمات ـ متفجرات"، "كلمات ـ مفرقعات"، و "كلمات ـ سموم" لتنحية الخصم أو لتقصير الطريق الموصلة إلى الكرسي أو الكفيلة بالحفاظ عليه . علما أن الأقوياء هم الذين يحددون لعبة وآليات تلك الكلمات، "هؤلاء الذين يعتقدون أنهم أخف من الملائكة ".
يبدو أن العرمرم من السياسيين و النخبة عندنا أصبحوا مجبلين على الرفاهة الفكرية و التعالي عن قضايا الجماهير، وبذلك باتوا منذ عقود بمثابة طفيليات، زوائد دودية، والكثير منهم أصبحوا جراثيم اجتماعية. هكذا أضحت النخبة مستقلة عن مشاكلنا الأساسية، وهي تبدو الآن أنها السبب الرئيس الذي جعل المغرب و المغاربة يضيعون مواعيدهم مع التاريخ منذ 1956 .
ففي العالم المتقدم، إذا كانت النخبة تشكل طبيب الحضارة، تعمل على استئصال الأمراض الحضارية، فقد ظلت نخبنا المستقيلة عن مهمتها، هي مرضنا الحضاري العضال بعينه. فهي الجرثومة التي ساهمت في إفساد صيرورة التغيير و الإصلاح ببلادنا على امتداد عقود. وقد استفحل المرض إلى حد أصبحت معه نخبتنا نخبة مزيفة، وبالتالي لا خلاص مرتقب إلا مع نشوء نخبة حقيقية واعية متشبثة بمهمتها الحضارية ودورها التاريخي. علما أن النخبة البلاطية ظلت تضطلع بمهمتها على أحسن وجه، و لم تتخلف عن مواعيدها مع التاريخ، بل إنها نجحت بامتياز في تفويت، على النخب الأخرى، مواعيدها مع التاريخ. وبذلك
رفعوا عن أنفسهم عناء ما وعدوا به الشعب منذ 1956. وبررّوا لنا ذلك بتفسيرات مغلوطة، وفي هذا المقام أذكر لكم هذه القصة:
ملك اسبانيا وملك انجلترا دخلوا في رهان آي سباق كبير في الجري، ومنعوا أجهزة الإعلام من حضور السباق حتى يمنعوا الحرج عن جلالة الملك الذي قد يحرز المركز الأخير. وجاء ملك اسبانيا في المركز الأول في السباق المحدد لشخصين فقط بينما أحرز ملك انجلترا المركز الثاني. ومن المعروف أن شعب المملكتين في انتظار نتيجة السباق على أحر من الجمر وهم بالطبع لا يعلمون عدد المتسابقين.
وفي صبيحة اليوم التالي كتبت صحف اسبانيا في عناوينها البارزة تقول:
جلالة ملك اسبانيا المفدى يحرز المركز الأول بجدارة بينما يحرز ملك انجلترا المركز الأخير. وكتبت صحف انجلترا العناوين التالية: جلالة ملك انجلترا العظيم يحرز المركز الثاني في السباق بينما يحرز ملك اسبانيا المركز قبل الأخير.
لقد وصلت السياسة عندنا إلى حدود دنيا لم تصل له من قبل، وصار السياسي له مواصفات خاصة يعدها بعض المتملقين أنها من الرجولة والحنكة، علما أنها نفاق والكذب وافتراء وألاعيب وقبول أقذر الوسائل وخسيّها في سبيل الوصول إلى المنافع والمصالح الذاتية أو المصالح التي تخدم واقع حال، هذه السمة البارزة لكل سياسي مفسد في مغرب اليوم، لأنه يملك فن التناقضات والنفاق والفساد. ينشغل بنفسه وبالحصول على المناصب والمنافع الشخصية.
حتى وصل الحال بالسياسيين إلى اعتبار الشعب عبارة عن أداة لإرجاعهم للحكم في كل انتخابات، وما إن يعودوا حتى يتناسوا أن هناك شعبا محتاج فقير، قد كثرت جراحاته. كل ذلك وغيره يجعل الخسة والقذارة تستحي وتخجل مما يفعل الكثير من هؤلاء.
ولطالما لاحظنا مرارا وتكرارا، بمناسبة اقتراب أي استحقق أن جميع الأحزاب بمختلف مللها ونحلها بالمغرب تقوم بالعمليات التسخينية قبل الانتخابات، كما تشرع في العمليات الحسابية لعدد المقاعد التي ستغنمها وكيف تستولي على عقول وقلوب الكثيرين دون استحقاق. إن انخراط الأحزاب السياسية المغربية في لعبة السياسة ومساهمتها في تخليق الحياة السياسية لم يكن في مستوى الفعل السياسي الذي يدفع إلى إنتاج قيم الإصلاح والتغيير ولا في مستوى الأداء السياسي الذي يقنع أوسع الجماهير بأن هناك أحزابا حقيقية تمثل الإرادة الشعبية، بل أن الصورة الشبه الرسمية التي أصبحت تستحوذ على المخيال السياسي هي أن الأحزاب السياسية المغربية ليست أكثر من دكاكين سياسية تمارس الماركوتينغ السياسي أثناء كل استحقاق انتخابي بمنتهى مكر السياسيين و ألاعيب مشبوهة في فن النصب والتدليس وتوزيع الأوهام واللعب بانتظارات المغاربة. وهذا ما أسهم في إفراغ المجال السياسي من قيمه الحقيقية، وأصبحنا أمام ساسة مزيفون باعوا قضايا هذا الوطن الذي يعيش كل أشكال التهميش والإقصاء الممنهج، واستباحوا كل أساليب خدمة المصالح الضيقة، هكذا وصلنا إلى انسداد الأفق.
ألم يقل "جوزيف كوبلز" / وزير الإعلام النازي : " أعطني أعلاما بلا ضمير ... أُعطيك شعبا بلا وعي".
فلم يعُد أمرا خافيا البتة مكر وخداع ساستنا استنادا لما أثبتته تجربة النفاق والمكر السياسي طوال سنوات الواقع السياسي المغربي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان


.. أثناء زيارته لـ-غازي عنتاب-.. استقبال رئيس ألمانيا بأعلام فل




.. تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254