الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فضائح الدولة الفوطوشوب !

محمد السلايلي

2014 / 3 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


فضيحة اخرى اهتز لها سكان بلدة ديدو باقليم تارودانت، بعد أن وضعت احدى المواطنات المغربيات مولودها على رصيف مصحة حكومية، مساء امس الثلاثاء كما نقلت جريدة ملفات تادلة بالصور.

في الايام الماضية القليلة، تناقل العديد من نشطاء فايسبوك صور رفع النساء الحوامل على محمل الاموات باقليم وزان. و كان الاعتقاد السائد أن مظهرا كهذا يوجد فقط في قرى الاطلس النائية. لكن صور وزان غنية عن كل تعليق. فالمغاربة من شمالهم الى جنوبهم ، باتوا مهددين بالفساد الذي ينخر اوصال الدولة، هذا الفساد الذي يوجه الان اعنف ضرباته للخدمات الاجتماعية البسيطة كالصحة و الطرق و المدارس.

و بمدن شريط المغرب " النافع " لا يختلف الوضع كثيرا عما نراه بالجهات الاخرى للمملكة. فكالتعليم، رود جزء من سكانها على التضحية بالغالي و النفيس للولوج للمصحات الخاصة. بعد أن تحولت المستشفيات العمومية بدورها الى قطاع خاص غير مهيكل .

ومع ذلك، و رغم الكتمان الاعلامي المطبق، لا تكاد تمر اسابيع دون ان نسمع أو نرى نفس الصور و نفس الحالات تتكرر بصيغ اخرى امام مستشفيات المدن الكبرى بالرباط و البيضاء و مراكش و غيرها.
يحاول البعض ان يحصر الفضيحة في المناطق النائية فقط، أو على الارجح في العالم القروي الذي لازالت معظم ساكنته معزولة عن أبسط الخدمات الاجتماعية، عكس ما تعلنه الشعارات الرسمية الجوفاء التي تتغنى ب" تحضر " البادية و "تعصرنها" !.

لمواجهة هذه الصور الفاضحة، تلجأ الدولة الى در الرماد في الاعين، عبر ابواقها التي لا تبصر، كي تزين واقعا لم يعد قادرا على اي تجميل. و من الطبيعي ان تلجأ وسائل اعلامية ماجورة الى اطروحة الفوطوشوب. لتكذيب كل ما يتسرب من اخبار عبر الاعلام البديل الذي لا تتحكم في. حتى صار البعض منا يشك في نفسه: هل هو هو، ام هو فطوشوب لاخر غيره!

أمام هذا كله، تنهج الحكومة سياسة النعامة، و تستنسخ برامج و مخططات لا علاقة لها بالواقع المعاش لغالبية المواطنين. يعرف المغاربة انها للاستهلاك فقط، او على الاقل، فهي بعيدة المنال.

حين اعلن وزير الصحة الحسين الوردي مؤخرا عن مشروع تهيؤه حكومته لخوصصة المستشفيات، فهو لم يقم فقط برش الملح في الجرح، بل قام باكثر من ذلك من خلال اقرار صريح بفشل الدولة، و ما الحكومة الى اداة من ادواتها، في توقيف النزيف الحاد الذي يصيب المنظومة الصحية.

هذه السياسة تدفع بدافعي الضرائب الى التوجه لخدمات القطاعات الخاصة من مصحات و مدارس و ربما غدا، امام غياب او تغييب الحماية الامنية للمواطنين، سنراهم يتوجهون صوب شركات "البودي غارد " للحصول على الحماية و تامين ارواحهم و ممتلكاتهم بعد استقالة الاجهزة الساهرة على الامن او عجزها عن القيام بدورها.

ينقل الاعلام الرسمي بالصورة و الصوت الهبات و المساعدات التي يقدمها الملك لشعوب اخرى، بينما لا ينظر هذا الاعلام اسفل قدميه ليرى من هم احوج منها فوق تراب هذه البلاد السعيدة.
فالارقام التي تنشرها الدولة بشكل مباشر عبر مؤسساتها او غير مباشر عبر " مراكز خاصة" تعطي الانطباع ان الغالبية من المواطنين يحظون بفرص متساوية نسبيا من الاستفادة من التطور الذي تشهده البلاد.

بالمحمدية مثلا، و هي مدينة عمالية، يتهدد الافلاس مجموعة مقاولات البناء في اطار السكن الاقتصادي، بعد عجز المستفيدين الحصول على قروض من الابناك بسبب لا استقرارية وضعيتهم المهنية. و رغم ان الشقق الاقتصادية موجهة لفئة عريضة من المواطنين غير مستقرة مهنيا و اجتماعيا، فان تلك الارقام الرسمية و شبه الرسمية تتعامل مع هذه الفئات الاجتماعية كجزء من الطبقات الوسطى.

بينما تزداد احتجاجات سكان الصفيح و الهوامش الحضرية للحصول على بقع سكنية، تزداد شهية المقاولات لابتلاع المزيد من الاراضي بما فيه اراضي هذه الكاريانات و المساكن المحيطة بالمدن.
بعد تأزم منظومة الخدمات الاجتماعية من تعليم و شغل و صحة و سكن، تتراجع حكومة بنكيران التي انساقت بكل حذافرها وراء تنفيذ الشروط المجحفة لصندوق النقد الدولي، عن وعودها لفقراء المغرب.

ودون ان تكواكبها اي شوشرة اعلامية، مسحت الاغلبية الحكومية بمشروع وعود بن كيران بتقديم دعم مباشر لما يقارب 8 ملايين مغربي ما بين 300 و 400 درهم رغم هزالتها و التي لا تغني و لا تسمن من جوع. في حين تتاهب للاعلان عن " الاستراتيجية الوطنية لمحاربة البطالة".

و للاشارة فقط، فقد واكب مقترح بنكيران لدعم الاسر المعوزة لغطا كثيرا الى درجة ان احزابا بمن فيها المشاركة معه في الحكومة اتهمته بمحاولة شراء المواطنين و استمالتهم لحزبه. ليتضح بعدها، ان الوعود التي حققها حتى الان رئيس حكومة "الربيع العربي"، هي فقط الوعود التي اعطيت للمؤسسات المالية الدولية. اما " الشعب" الذي وضعه على راس الحكومة، فقد زج به داخل قوانين سوق تلتهم مؤسسات الدولة الاجتماعية و تشعل نيرانها.

يريدون لنا ان لا نصدق اعيننا و حواسنا و ان لا نكثرت لارجلنا الغارقة في وحل السياسة التفقيرية الممنهجة. فكل يدين هذه الدولة، ما نراه او نسمع عنه، او نقرِأه أو نتفحصة أو نعايشه، فهو ليس الا فوطوشوب و تركيب مصطنع يريد المس من هيبة الدولة و احباط عزيمة اوليائها الصالحين؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إيران عن سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز


.. الولايات المتحدة: معركة سياسية على الحدود




.. تذكرة عودة- فوكوفار 1991


.. انتخابات تشريعية في الهند تستمر على مدى 6 أسابيع




.. مشاهد مروعة للدمار الذي أحدثته الفيضانات من الخليج الى باكست