الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقرير خاص عن حالتك النفسية

حمودة إسماعيلي

2014 / 3 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عندما تستيقظ في الصباح، ترجو أن يكون اليوم مغايرا عن سابقه من الأيام، تتمنى لو يحدث شيء يغير حياته كلها رأسا على عقب، شيء يخرجك من الروتين الذي يخنقك (رغم أنك لا تراه). مع ذلك فأنت تعرف أنه لا شيء سيتغير، ولن يحدث شيء جديد ما عدا أن تنحو الأمور للأسوء، كمشاكل أخرى تنضاف للمشاكل الموجودة والتي لم تعرف كيف ربطَت صداقتها بك، يوم لاحظت أنك تعيش في دورة من التكرار يصعب تحمّلها فوجدت أنها (المشاكل) جزء من هذه الحلقة ولن تتخلص منها إلا بتحطيم هذه الحلقة : للخروج منها. ولولا المظهر الذي تسعى للمحافظة عليه أمام الآخرين، كي لا تبدو ضعيفا، لكنت انفجرت صارخا في وجه الجميع، لتبكي على قدر ما تستطيع بعد أن تكون قد حطمت بعض الأغراض تعبيرا عن ما يجول بداخلك، وما يجول بداخلك معقد لدرجة أنه لا يسهل التعبير عنه بهدوء، بل بهستيرية : أو هكذا يفعلون في الأفلام، التي تحاول أن تؤطر لك حياتك وأنت لا تعي، أو أنك تقلد شخصيات الأفلام. هذا لا يهم ! المهم أن حياتك كفيلم لكن به عطبٌ ما جعله يتوقف في أحداث معينة ! .
في الفيلم يعرف الشخص-البطل عدوه، أما أنت فعدوك غير واضح. مهما حققت من أمور ترى أنها غير مكتملة أو ينقصها شيء، وأي لحظة تشعر فيها أنك حققت ما تريد تشعر بأنك غير راضٍ، وكأن شبحا يطاردك دائما ليتلف كل ماتصنعه، ويدمر كل ما تحاول بنائه، بسلب الإحساس المطابق للحالة التي أنت فيها : فتشعر بالاغتراب والوحدة. فرغم كل ما فعلته إلا أنك لا زلت ترى أنه ينقصك الكثير ولم تسعد يوما سعادة حقيقية بما فعلته. وحتى إذا نجحت فيما تريده، فقد صرت تعلم أنه سيأتي ليسحب شيئا من فرحتك، لتجدها وهي غير مكتملة أو ناقصة : فرحتك ناقصة، وهذا يعني أنك إنسان ناقص، وإنجازات وأفعالاك ومشاريعك بالتالي ناقصة.
فتبدأ بالتفكير، لتتوصل في الأخير إلى الطريقة الوحيدة للتغلب على شبح "البؤس" هذا. ليس بالإنجازات والنجاح، بل بالحب : أو هكذا يقولون ! من ؟ لا يهم المهم أنهم يقولون.
لكن الحب يحتاج لشريك، لشخص آخر، لجسد آخر. وهذا يتطلب إغواء، فلا يعقل أن تقول لأي شخص أنا أحبك فيحدث الحب، زيادة على أن لك شخصية ونرجسية وقرار واختيار، وماسواه من تلك الأمور التي تعلمتها في البيت والمدرسة وتشاهد الناس في التلفاز يتحدثون عنها. بذلك يلزمك أن تجد شخصا كما تريد لتحبه، ولا يهم إذا لم يحبك، لأنه سيحبك أو هكذا تسير الأمور ! أين ؟ في الفيلم والمسلسلات : طبعا ستحدث بعض الصعوبات في البداية، لكنها تدخل في حكاية الحب والسعادة، وهي التي تشحن الواحد ليستمر في الأمر. وجدتَه ! فالأمر لا يحتاج للكثير من البحث : فالجميع صار متشابها، تكمن الاختلافات فقط في بعض التفاصيل. وطالما أن بعض التفاصيل في أحدهم تميل به ليشبه مغنيك أو ممثلك المفضل، فهذا سيستحق حبك.
الآن يجب الانتقال للمرحلة التالية : كيف ستغويه وتفتنه ؟ هل تخاطبه مباشرة ؟! طبعا لا سيحسب نفسه شخصا مهِما، فهو ليس بالمهم لهذه الدرجة، أنت من جعلته مهما، لكن لا يهم ! ستفضل أن تُظهر له أنك شخص مثقف وغني، لكن كيف ؟ هل ستدفع شخصا آخر يعرفه ويعرفك ليتقرب منه ويخبره عنك ؟ أم وهذه أفضل : ستحاول التقرب منه لكن عن خلال أنك صديق أو صدفة تعارف، ولن تكشف عن حبك له إلا بعد مدة أو لربما يعترف هو نفسه، وبهذا لن تضطر لمعايشة تلك اللحظة التي سيصعب عليك فيها الإدلاء بالسر، وأنت لم تألف أن تطلب من الناس شيئا، خاصة في الأمور الحميمية، زيادة على أنك تخجل في هذه الأمور، حتى لو كان الآخرون يرونك عكس ذلك : فأنت فقط تسعى دائما لتكون شخصا Cool.
فجأة ستدرك أن تعطي للناس اهتماما أكثر مما تستحق، من يحسب نفسه هذا الشخص حتى تخطط وتفكر في القيام بهذه الأمور السخيفة لأجله، وسترى كم أنت سخيف ! لذلك ستقرر أن تعود لممارسة حياتك العادية، ولن تهتم لأمر الحب وما سواه من سخافات المراهقين، فأنت شخص ناضج لكن هذا لا يعني أن ترفض الحب إذا أدلى الآخرون بمشاعرهم نحوك. طبعا لن تكشف عن لهفتك بالموافقة إذا عبّر أحدهم عن حبه لك، لكنك لن تُضيع الفرصة، هذا إن تم وحدث هذا الأمر ! لأنك تدرك أنه نادر، لكنه يحدث ! .

أنت متزوج، لكنك لا زلت تشعر كأن شيئا لم يتغير، ماعدا ممارستك للجنس مع شخص آخر أحيانا لأنك ملزم، كم كنت سعيدا بممارسة الجنس معه في البداية، لكنه الآن صار كأنك تمارس العادة السرية بوجود شخص آخر ! لقد ظننت أن زواجك سيكون صداًّ لشبح البؤس، لكنه تغلل حتى للحظاتك الحميمية، ليُفقدها رونقها ومتعتها. هذا الأمر الذي كنت بالسابق متحرقا للقيام به وتأتي مسرعا للبيت لممارسته، أصبح عبئا. بهذا أدركت أنه لم يكن حبا حقيقيا، لقد اختلطت عليك المشاعر بسبب الكبت، وكنت متلهفا لأي شخص يبدي إعجابا نحوك. لكنه لم يكن حبا حقيقيا، كذلك الذي قرأته في بعض الروايات. صرت تعرف ذلك.
لذلك يجب أن تجد الحب الحقيقي الذي ستتغلب بفضله على شبح البؤس، لكن يجب أولا أن تتخلص من هذه الدابة التي لم تكن أكثر من غلطة وتسرُّع في حياتك، وهاهي الآن تتصرف كأنها صاحبة فضل عليك : الناس لا يتغيرون، لكن الزمن كافٍ لفضحهم، فيظهر أنهم تغيروا لكنهم كانوا كذلك منذ البداية، نحن فقط من لا نلاحظ : هذا ما تعلّمته.
ستنام، وتتمنى أن تتغير الأمور في الغد : سترى ما يمكن أن تفعله لأجل ذلك ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف