الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التفكير النمطي أولى الخطوات نحو التقوقع والتأدلج .

علاء الموصّلي
(Alaa Al-Mosuli)

2014 / 3 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


من يَسلم من هذه الآفة ؟ من المؤسف أن نقول قليلون من يستطيعون الإفلات من قبضتها ، والنمطية ليست حكراً على الأفكار فقط لا بل تتعداها بطبيعة الحال إلى جوانب متعددة في الحياة ، وشيئاً فشيئاً يتحول الشخص المُصاب بهذا المرض العُضال إلى مرحلة أكثر تقدماً وهي التقوقع ثم تستفحل الحالة وينتهي صاحبها مُستلقياً بأحضان التأدلج وهكذا يتربع على عرش عاجي موهوم ، فمن الواقع الذي نعيشه وخاصة على الفيسبوك أو المواقع الألكترونية الأخرى أرى وبجلاء مرض النمطية تستشري وبوتيرة مُتسارعة حيث سُرعان ما ينقض على أحدهم حتى يرديه صريعاً فاتحاً المجال للمرحلتين التاليتين والتي تم ذكرهما آنفاً ، وبالرجوع إلى تعريف التفكير النمطي أقتبسنا هذه الأسطر من موسوعة ويكيبيديا العربية حيث عرّفتها بالتالي :

" التفكير النمطي هو التفكير الذي يتبعه الشخص أو الأشخاص اعتماداً على الأفكار الجاهزة (يمكن إرجاعها إلى عادات وتقاليد وموروثات ثقافية ودينية). فالأصولية والسلفية هي نماذج للتفكير النمطي وقد استخدمت عن الغرب للإشارة إلى المسيحيين (في أوروبا وأميركا) المتشددين الذي يؤكدون على تطبيق الكتاب المقدس حرفيا، وذلك قبل أن يوصف بها المجتمعات والحركات الإسلامية. أيضا المقلدون هم نماذج للتفكير النمطي لأنهم يتبعون نهجا معينا بشكل تكراري دون الغوص في مبرراته. هناك نوعية جديدة من التفكير النمطي وهي التأثر بالأفكار والمبادئ والإيمان بها (تولد قناعة) فمن ينتمي إلى حزب ويؤمن بأهدافه هو نمطي التفكير. وهكذا نجد أن في أغلب الحالات سنكون شئنا أم أبينا أمام تفكير نمطي. باختصار الشخص النمطي: هو الشخص القائد الذي يصل للقيادة في أقل وقت ممكن، وهو الأكثر اقناعا للعامة والمؤثر على قادة الرأي. "

إذن النمطية عكس الإبداع والتقدم في التفكير وتطبيقاته ومن يقع ضحية لهذا النوع من التفكير يصبح مؤدلجاً وعديم النفع وكل مايقدمه يتلاشى وبسرعة مع مرور الوقت والسبب واضح وهو الإبتعاد عن التجديد لمواكبة الأحداث والوقائع .

وخير دليل على ما نحن بصدده هو الواقع الذي يعيشهُ الأفراد في البلدان العربية الإسلامية فهم يمثلون الكم الاكبر من الكتل البشرية التي ركنت إلى جانب الزمن منذ وقت طويل وتخلت عن ركب العالم المتسارع في كل شي بدءاً من الفكر و وصولاً إلى الواقع العام للحياة، فالنمطية السلفية في التفكير وإجترار الماضي الغابر جعلت من هؤلاء أكواماً من اللحم والعظم فقط وفقط !! فلا جدوى ولا خير من وجودهم هم مُجرد كائنات مُتحركة جسدياً وراكدة فكرياً ومُستهلكة لنتاجات غيرها فبالتالي يمكن إعتبارهم آفات وعاهات تنخر في صلب المجتمع .

والأنكى من كل ماسبق أن لهذا المرض المستفحل مناحي وتبعات خطيرة جداً ! فهي فضلاً على كونها مرضاً عُضالاً صعب التخلص منها ، فهي مُعدية بشكل رهيب فنرى أنها تـُفرّخ جيلاً بعد جيل من نفس القالب والنمط وهكذا تقضي على أي أمل في التخلص منها ومعالجتها .

ومن الواقع أنقل لكم تجربتي الشخصية مع أشخاص أصيبوا بهذا المرض !

على الفيسبوك أو المواقع التواصل الأجتماعي الأخرى ، ألتقي بالعديد من الناس حيث يدّعون التثقف والتحضّر والعقل النقدي ووالخ ، ولكن سُرعان ما أكتشف إنهم مصابون بالنمطية الفكرية ! وليست النمطية مقتصرة على من يتبنون أفكار وأرآء دينية أو قومية أو غيرها لا بل تتعدها إلى الذين يتشدقون بالعلمانية والليبرالية والإلحاد ..والخ ، فهؤلاء لم يكونوا بعيدين عن هذا المرض لا والحق نقول انهم أعادوا أمجاد النمطية بأسلوب جديد وبطريقة مُستحدثة !.

فترى أحدهم يسهر الليل مُسهداً يقلب وريقات القرآن أو كُتب الحديث والتأريخ الإسلامي حتى يعثر على مايظن أنه الكنز فيُسارع بجعله في كليشة مطرزة أو في تعليق مطول ثم يضغط على زر الإدخال من على لوحة مفاتيح حاسوبه الذي لو كان له لسان وإرادة حرة لصرخ طالباً النجاة وقال : ( كفاك نمطية وتكرراُ ... ألم تكتب النص والموضوع نفسه قبل كذا وكذا .!!! ) والأمر نفسه يتكرر مع الكثيرين من أتباع هذا الفكر الجامد والدائر في حلقة مفرغة ، فهنالك مؤسسات وجامعات وصحف وقنوات فضائية لا وحتى دول بأكملها تنتهج النمطية وبأعلى مستوياتها ، و البلدان العربية الإسلامية وحكوماتها وشعوبها غارقة بهذا المرض المُعدي ولا أستثني إلاّ أفراداً لا يشكلون مانسبته أقل من واحد على ألف !!.

ويستمر هذا المرض العضال بالتفشي والعدوة تستمر أيضاً وبعدة صور مختلفة في المظهر متحدة في الجوهر فالنمطية الفكرية تعدت الأفكار الدينية والكلامية والسردية ،ووصلت إلى الموضوعات السياسية والعلمية والإجتماعية وحتى الشفهية ..!!

وأخير : يابني يعرب كفاكم تقديساً وتسويفاً وتكرراً فنحن لسنا بحاجة للإعادة والتكرار ونبش الماضي ، إعملوا وفكروا ليومكم الحاضر وأجتهدوا وناضلوا وتأملوا بالمستقبل ...!!!

والختام مع قول مُفكرنا الكبير والذي خرج من أحضان النمطية السلفية إلى فضاءات التجديد والتحديث - عبدالله القصيمي - حيث قال :

" كل الناس يلدون أبناءهم إلا نحن نلد أباءنا وأجدادنا "

علاء الموصّلي
8 - 3 - 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكر وملاحظة
احمد القبانجي ( 2014 / 3 / 10 - 09:20 )
مقال رائع احسنت ياصديقنا الغالي ونأمل منك المزيد فالعراق بحاجة لهذا الفكر اكثر من اي شئ اخر

اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي