الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصّدع في البيت الخليجي ... قطر تُغرّد خارج السرب

جاك جوزيف أوسي

2014 / 3 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


يوم الخامس من آذار، استدعت المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة سفرائها من قطر، بسبب عدم التزام قطر في الوفاء (بوعودها) وفقاً لاتفاق لم يعلن عنه مسبقاً وتم التوصل إليه في فترة سابقة ومفاده أنه يتعين على قطر أن لا "تدعم أي طرف يهدف إلى تهديد أمن واستقرار أي عضو في «مجلس التعاون الخليجي»". وذلك كنايةً عن الدعم الذي تُقدّمه الدوحة لجماعة «الإخوان المسلمين» التي تعتبرها السعودية والإمارات، على وجه الخصوص، بأنها تشكل تهديداً لأنظمتهما السياسية.
وتكمن أهمية قرار سحب السفراء من قطر، من حيث تأثيره في التفاعلات في الخليج، في كونه قراراً جماعيّاً غير مسبوق في تاريخ العلاقات الخليجية، فتاريخيّاً، شهدت دول الخليج، على سبيل المثال، توتراً ثنائيّاً بين السعودية وقطر تصاعد إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما، وتوتراً ثنائيّاً بين البحرين وقطر حول الحدود انتهى باللجوء إلى محكمة العدل الدولية. أما هذا القرار فإنه يكشف عن أن حجم الخلافات بين الدول الخليجية الثلاث مع الحكومة القطرية، أصبح كبيراً، على نحو يسمح بالحديث عن تشكل محور خليجي ثلاثي يتشارك في تصوراته الخاصة بمصادر التهديد لأمنه، وكذلك في السياسات التي يمكن أن يتبعها.
بجانب ذلك، فإن توقيت هذا القرار الثلاثي يكشف عن وضع "خطوط حمراء" للسياسة القطرية، رسمتها هذه الدول، طوال الفترة الماضية، وعملت على إقناع قطر باحترامها، وهي مُتضمَّنة بوضوح في البيان الصادر عن هذه الدول الثلاث، وتتعلق تحديداً بعدم التدخل في الشئون الداخلية، وعدم دعم أي منظمات أو أفراد تعمل على تهديد أمن دول الخليج، سواء كان الدعم أمنيًّا، أو بالتأثير السياسي، وعدم دعم الإعلام المعادي.
ومن الواضح - كما ورد في البيان - أن قطر لم تستجب للجهود التي بذلتها هذه الدول الثلاث، أو الكويت، سواء خلال اجتماع 17 شباط 2014، أو اجتماع 4 آذار2014 لتغيير سياساتها تجاه قضايا "الخطوط الحمراء".
وقد حمّل البيان المشترك الصادر عن الدول الثلاث قطر مسؤولية عدم تقيدها بمقررات قمة مجلس التعاون الخليجي في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013، الذي نص على "الالتزام بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس، بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد، سواء عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي، وعدم دعم الإعلام المعادي". وهذا الاتهام الخليجي، أو السعودي، لقطر ليس جديداً، خصوصاً أن الشأن المصري أدّى إلى توتر العلاقات بين الجانبين، مع استمرار قطر في دعم الإخوان المسلمين، وإتاحة الأثير الإعلامي لهم، وفي مقدمهم شيخهم يوسف القرضاوي، لمهاجمة السعودية والإمارات مراراً. ومن هنا يشار إلى مشكلة قناة الجزيرة القطرية، التي يصر المسؤولون القطريون على استقلال الجزيرة عن الحكومة القطرية، ما لم يقنع الدول الخليجية الأخرى، خصوصًا أن المعروف عن القرار التحريري في الجزيرة أنه حكومي قطري، لا يفرد الأثير لمهاجمة ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز أو القيادة الإماراتية من دون ضوء أخضر من الدولة القطرية.
وإرساء عرف "الخطوط الحمراء" في العلاقات بين دول الخليج، والاستعداد لإتباع سياسات عقابية في مواجهة أية دولة تنتهكها قد يستخدم في مواجهة أية دولة خليجية أخرى تنتهك هذه الخطوط الحمراء لا في مواجهة قطر فقط، بل في مواجهة الدول التي تتبع سياسات مستقلة تجاه قضايا تمس مصالح مباشرة لهذه الدول الثلاث، خاصة السعودية، مثل عُمان فيما يتعلق بعلاقتها بإيران، والكويت فيما يتعلق بموقفها من العراق.
وفي المقابل، عبّر مجلس الوزراء القطري عن "الأسف والاستغراب" لقرار الشركاء في مجلس التعاون الخليجي (بسحب السفراء من الدوحة) ، لكنه قال إن "الدوحة لن ترد بالمثل، لأنها ستظل ملتزمة بأمن كافة دول مجلس التعاون".
وقال مصدر مقرّب من الحكومة القطرية لوكالات الأنباء العالمية "لن تغير قطر سياستها الخارجية بغض النظر عن الضغوط. هذا الأمر مسألة مبدأ نتمسك به بغض النظر عن الثمن"، مشيراً إلى أن "قطر لن تتخلى عن استضافة أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين، بمن فيهم يوسف القرضاوي" الذي يثير غضب السلطات في السعودية والإمارات. وقال مصدر في وزارة الخارجية القطرية "من حق كل دولة ذات سيادة أن يكون لها سياستها الخارجية الخاصة"، مشيراً إلى أنه "لا توجد خلافات بين قطر ودول الخليج بشأن قضايا خليجية"، وأضاف أن النزاع يتعلق "أكثر بخلافات حول السياسة الخارجية". وكان لافتاً اتصال أجراه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مع سلطان عمان قابوس بن سعيد أمس لبحث مستجدات الأوضاع في المنطقة، على ما أفادت وكالة الأنباء القطرية. وتشير معلومات متداولة إعلامياً إلى أنه طلب من قطر "عدم احتضان المعارضات الخليجية"، و"عدم دعم الإخوان المسلمين"، و"عدم دعم الحوثيين في اليمن"، وأن قطر وعدت بتطبيق هذه الطلبات، إلا أنها أخلّت بوعدها. وتؤكد المعلومات نفسها أن السعودية والإمارات والبحرين "لن تقف" عند خطوة سحب السفراء، وأن هناك خطوات تصعيدية ما لم تغيّر الدوحة سياستها.
وبعيداً عن الخليج، يبدو أن السياسة التي انتهجتها دولة قطر في الأزمة السورية خرجت عن الإجماع الخليجي. فالسعودية والإمارات تتهم قطر بتمويل المجموعات الجهادية المرتبطة بالقاعدة، لكي تكون رهن إشارتها السياسية والميدانية، تستثمرها متى تريد لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية في أي بحث للأزمة السورية مستقبلياً. ثم تتهمانها بعد ذلك ببيع كل الشبكات المعادية لحزب الله في لبنان إلى أجهزة الأمن في الحزب، من ضمن اتفاقية للتعاون الأمني وضع أُسسها مدير المخابرات القطرية مع مسؤولين في حزب الله (حسب الرواية السعودية)، التقاهم في بيروت منتصف شباط الماضي. وترى السعودية أن هذا السلوك القطري يضر بالعلاقات الخليجية مع دول المنطقة، خصوصاً مع لبنان، من خلال الإيحاء بأن الشبكات الأمنية كانت تأتمر بأمر سعودي، وهو مناف للصحة والعقل (حسب الرواية السعودية)، خصوصاً أن هذه الشبكات الإرهابية معادية للسعودية بمقدار معاداتها لحزب الله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يواجه محاكمة جنائية بقضية شراء الصمت| #أميركا_اليوم


.. القناة 12 الإسرائيلية: القيادة السياسية والأمنية قررت الرد ب




.. رئيس الوزراء العراقي: نحث على الالتزام بالقوانين الدولية الت


.. شركات طيران عالمية تلغي رحلاتها أو تغير مسارها بسبب التوتر ب




.. تحقيق باحتمالية معرفة طاقم سفينة دالي بعطل فيها والتغاضي عنه