الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
احلام قاتمة ومحرقات صافية (2)
مجدى زكريا
2014 / 3 / 11دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
من كتاب الاحلام عبر العصور - م.بونغراكر- ج. سانتنر
ينظر الى العصر الوسيط كغترة كئيبة , والرجل المعاصر يطلق عليه بسهولة صفة "الهمجى". وكانت حمى السحر تهز اوروبا . وكان رجال الدين يناضلون ضد كل مايشبه التطير الوثنى وبالتالى ضد تفسير الاحلام وادعائه القدرة على على رصد المستقبل , فالبابا غريغوريوس (715-731) حظر التفسير تحت طائلة الموت مع ان هيئة التفتيش المقدسة وبالتالى الكنيسة كانت تتفحص الاحلام بكل جدية. ان رؤى الاحلام التى تظهر فيها الابالسة والشياطين هى بالذات الى ساقت الى المحرقة آلافا مؤلفة من الناس.
ويمكن ان يكونا الشهيدان قزما ودميانوس استثارا هذه الحركة عبر الشفاء الفورى للامبراطور يوستينانوس (483 - 565) فمن ذلك الحين نام الكثير من المرضى فى كنيسة القسطنطينية المهداة الى ذلك القديسين , ووفقا لوقائع التاريخ كان قزما ودميانوس يظهران بأشكال متنوعة , فيصفان غالبا علاجات غريبة للغاية تصل الى حد العبث او يكتفيان بوضع الايدى , وفى كل الاحوال يقال ان النجاح كان باهرا.
وكان طرد نساء الحلم من اصعب المهمات , حيث كن يظهرن فى اغلب الاحيان بصيغة المثنى واحدة خيّرة واخرى شريرة , وكانتا تتقاتلا بلا انقطاع. وكان الناس يبحثون اذا عن الاحلام ويحاولون اعطاءها معنى غير عادى , وكان الانفعال الذى تسببه الرؤى شديدا على الدوام بحيث يستيقظ الحالمون وهم يرتجفون , لا بل يغمى عليهم فورا.
كل شئ يرتكز الى تجارب حلمية كثيفة ورؤى. والعصبية الدينية والعلم الزائف والسادية المصبوغة بالجنس تتمازج فى شراب جهنمى حقيقى يسيل على كل اوروبا القرن ال15 كموج دافق من دعاوى الشعوذات .
كان الاتهام بالشعوذة معلقا فى العصر الوسيط كسيف داموقليس فوق راس كل مخلوق انثوى. ووفقا للقانون المرعى جرى اعدام البنات فى سن التاسعة كما العجائز فى سن المائة عام. اما ما كان يؤخذ على تلك الشقيات فهو انهن رأين كوابيس جنسية كن فيها مع سوكوبوس وانكوبوس اللذين ذكرهما التلمود وتسامح بصددهما , على نقيض ماحدث فى اوروبا العصر الوسيط (كان اليهود يعتقدون بوجود اشباح ليلية مذكرة انكوبوس واخرى مؤنثة سوكوبوس ) ويبين التلمود تسامحه , فقد لاحظ ان العلاقات الجنسية مع الشياطين ليست خطيئة ولاتعتبر زنى وعليه فأن تلك المطاردات الرهيبة للساحرات التى اعتاد عليها الناس فى القرون اللاحقة لم تكن معروفة فى العهد القديم.
وكانت الضحايا تسقط بلا تمييز فى الدوامة الجهنمية , فالمياومات البائسة والصبايا من العائلات المرموقة والمريضات وذوات العاهات والثرثارات اللواتى يكرهن الجميع وذوات الالسنة الطويلة واجمل فتيات المدينة , الجميع بلا اسثناء كن يلقين نهاية مرعبة , لا بل القى القبض مرة على كل العائلة المشبوهة دفعة واحدة, على ام الجدة كما على الجدة وعلى الام كما على ولدها.
وفى زوكمانتل من اعمال سيليزيا دفع احد المحققين الى المحرقة بكل نساء اعضاء المجلس البلدى على امتداد وقت قصير , ولقد كان فى غاية السهولة التخلص من اية شخص غير مقبول عن طريق اتهامه بالسحر. ونادرا ما كان يزال القناع عن مفتر .
ولقد ثار فى الغرب بأجمعه جنون السحر وبدا الاوربيون فى ذلك العصر وقد اصيبوا جميعا بهوس الاضطهاد وهواجس الجنس لان رجال الدين لم يكونوا الوحيدين الذين اقتنعوا بنشاط الشيطان الليلى والنهارى وتعاهده مع البشر الفانين , بل كان يشاركهم ذلك الاقتناع كل الشعب وحتى معظم النسوة المتهمات. ولايمكن الا الايمان بحسن نوايا الاباء الدومينكيين الذين يقودون محاكم التفتيش ويغذون المحارق دون انقطاع (كان يدعونهم كلاب الله) فقد كانوا يؤمنون بأنه لايمكن انقاذ من اللعنة الابدية الا بالابادة الجسدية. وكان القضاة المتحمسون يلاحظون ان كل دعوى تجر الى جناة جدد , فمامن من متهمة لم تكن تتلفظ تحت التعذيب بأسم شريك لها , وبالتأكيد كان لاوعى قضاة السحر جميعا تحت وطأة نشوة سادية بممارسة السلطة. وقد حركت السلطا العليا آلية مطاردة الساحرات.
تقرأ فى براءة السحر التى اصدرها البابا اينوسان الثامن (1484) مايلى : "علمنا بمزيد الالم انه يوجد فى بعض مناطق المانيا العليا ولاسيما اقاليم مايانس وكولونى وتريف وسالزبورغ اعدادا كبيرة من الاشخاص ذكورا واناثا الذين يقيمون علاقات مع الابالسة والابليسات" ثم يلى تعداد لاعمال السحر التى تصيب بالسوء ثمار الارض والحيوانات والناس , وكانت تلك الادانة البابوية تفتح ابواب مطاردات الساحرات على مصاريعها , وقد لعبت دور اللازمة الرئيسية فى الكونشرتو الجهنمى الذى سمعه الناس زمنا طويلا. الا ان اللقب المجيد والدامى لقب "الكتاب الرسمى" للسحر حفظ للكتاب اللنموذجى ذى الثلاثة اجزاء الذى حرره المحققان الدومينيكيان يعقوب سبرنجر وهاينرنج انستيتوريس ففى (مطرقة الاذيات 1487) شحذت تلك الاسلحة القانونية والكهنوتية التى كان يمكن عبرها اكتشاف كل فئة الساحرات المكروهة واستجوابها وسوقها الى العقاب وذلك فى مزيج كريه من الحذلقة البيروقراطية والفانتازيا البورنوغرافية , ومن كان يشك فى حقيقة تلك الاذيات كان يتعرض لتهمة الهرطقة , ذلك ان السحر يعادل الهرطقة ووفقا لما جاء فى مطرقة الاذيات , يقترب الشيطان من الساحرة فيجعلها ترتد عن الدين المسيحى ويكرهها على ان تقدم له اكبر عدد من الضحايا الاخرى, وهو يقيم معها علاقات جنسية بشتى الاشكال الانسانية والشيطانية , كما يعلمها فى الوقت ذاته كيف تؤذى قريبها بأن تسلط عليه العاصفة والوباء والمرض والموت المفاجئ والعاهات والاجهاض ومختلف الحوادث الاخرى. والساحرات ينجسن القربان الالهى بصورة مريعة , ويعددن دهونا سحرية بواسطة اولاد موتى وهن يتنكرن بصفة قابلات ويمضين بالاطفال حديثى الولادة الى الشيطان ويتخذن مختلف اشكال الحيوانات ولاسيما القطط ويبقين خطرات حتى بعد موتهن.
"يتبع"
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. بعد عام من توقف تصدير نفط العراق عبر تركيا.. هل تحيي زيارة أ
.. عملية إطلاق نار تستهدف حافة وعدة سيارات قرب بلدة العوجا
.. بنك الغذاء اللبناني يقلص وجبات الأسر المحتاجة.. وطاهية تتعاو
.. رئيس الاستخبارات الروسية يجتمع بوزير أمن الدولة الكوري الشما
.. لارتفاع معدل الجريمة.. الشرطة تفرض حظر تجوال في مدينة أسترال