الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الله الاجتماعي والله الفلسفي

عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

2014 / 3 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


قبل الارتباط بالأرض وتعلم الزراعة واستئناس الحيوانات وتكوين الأسرة، ما كان الإنسان البدائي في حياته الانعزالية الرحالة عبر البراري والغابات لديه أي فكرة عن أي قوى خارقة في أو فيما وراء الطبيعة تملك السيطرة على حياته أو مصيره؛ ما كان قد تعلم التفكير بعد. لكن مع تطور هذه الجماعة البشرية النواة إلى تجمعات أكبر فأكبر، ونشأة وتطور وسائل الاتصال والتفاعل فيما بينها، تعلم الإنسان كيف يفكر، ليس فقط في تدبير معاشه اليومي وتفادي الأخطار المحدقة مثل سائر قطعان الحيوانات البرية المسيرة بالغريزة من حوله إنما أيضاً في توقع ظروفه المعيشية المحتملة على مدى أبعد وانتظار التعويض بعد موته عن ما قد كابده من مشقة وظلم في حياته. بينما ’الإنسان البدائي‘ لم يكن يستطيع التفكير لأبعد من حدود غرائزه الطبيعية، ’الإنسان الاجتماعي‘ استطاع أن يمتد بمجال تفكيره لأبعد من حدود الطبيعة ذاتها.

مع تطور هذا ’الإنسان الاجتماعي‘ أكثر فأكثر، قد تطورت معه أيضاً فكرته حول القوى الخارقة المتحكمة في أمور حياته ومماته. في البداية، قام بإسكان هذه القوى في مجسدات مادية أقرب إلى حواسه وفهمه وإدراكه من جماد ونبات وحيوان، أو برق ورعد وأمطار، أو شمس وقمر ونجوم وكواكب، أو نار أو رياح...الخ. ولما بلغ الإنسان الاجتماعي مستويات أكثر رقياً وتقدماً وتعقيداً من الخيال والقدرة على التفكير لأبعد من المحسوسات المباشرة، في المجرد، توصل أخيراً إلى الأديان السماوية حيث تحولت الآلهة إلى قوى تجريدية في السماء بعدما كانت مجسدة في ’أوثان‘ حجرية على الأرض.

وفق هذا التطور التاريخي في تصور القوى الخارقة في أو فيما وراء الطبيعة ثم الآلهة السماوية فيما بعد، تكون هذه القوى والآلهة مجرد انعكاسات لدرجة تطور الجماعة البشرية على الأرض، بحيث كلما كان تطورها بدائياً كانت آلهتها بنفس الدرجة من البدائية وكلما زاد تطورها وتحضرها كلما كانت آلهتها وأديانها أكثر تطوراً وتحضراً بالنتيجة. على هذا الأساس، تكون الآلهة ’منشأ اجتماعي‘ تراكمي، أي أن الجماعة البشرية، عكس ما تدعي، هي التي قد أنشأت آلهتها ثم راحت تعبدها لا أن هذه الآلهة هي التي قد أنشأت الجماعة البشرية ومن ثم تستحق العبادة شكراً على هذه النعمة.

من ناحية أخرى، ورغم كون جميع الآلهة والقوى الخارقة في أو فيما وراء الطبيعة المعبودة من البشر طوال التاريخ هي في النهاية من صنع الخيال الاجتماعي الإنساني نفسه، لا زالت تلك الحقيقة التاريخية لم تجب عن السؤال: ومن الذي صنع الكون؟! في محاولات الإجابة عن هذا السؤال، قد حسم معظم الفلاسفة مسألة أن هذا الإله الخالق الحقيقي قطعاً ليس هو أي من الآلهة التي عبدتها أو تعبدها أي من شعوب البشر في كل الدنيا وعبر التاريخ. في الوقت نفسه، هذا النفي القاطع لم يثنيهم عن مواصلة محاولات البحث؛ منهم من قال أنه المحرك الأول، ومن قال أنه مادة الكون الأولى، أو القانون الكوني، أو الفراغ، أو الطاقة، أو الجمال، أو حتى العدم...الخ. ولا يزال البحث مستمر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كان الله ومازال قبل أن يخلق المجتمع وظهور السفسطة
عبد الله اغونان ( 2014 / 3 / 12 - 12:12 )

الله تعالى هو الفاعل ومن خلق العالم وكل مافيه

لايقارن الله تعالى بغيره
وكيف يقارن الكل بالجزء
والمطلق بالنسبي
والدائم بالفاني
والخالق بالمخلوق

هناك مجتمعات
وهناك فلسفات وسفسطات كيف نوفق بين أرسطو وأفلاطون؟
منهم من قال ومنهم من قال وأنت تقول وان قلت -بفتح التاء-قلت -بضم التاء

في الحديث الشريف

ان الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال واضاعة المال

من صنع الكون وخلقه؟
لدينا جواب
بالتأكيد لم يدع ذلك انسان
ولايعقل أن تكون كل هذه الروعة والدقة صدفة عمياء
وجاءنا رسل وأنبياء بكتب كمصابيح تنير العيون في الظلام
وامنا أن الله تعالى هو خالق الكون ونحن كثير بالعدد والقيمة

من شاء يؤمن
ومن شاء كفر

وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون

اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي