الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمة بمناسبة الذكرى العاشرة للإنتفاضة الكردية 2004 في سوريا

محمد رشو

2014 / 3 / 15
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


الأستاذ صلاح بدر الدين الموقر
السادة الزملاء الأفاضل
السيدات و السادة أعضاء رابطة كاوا للثقافة الكردية.
السيدات و السادة الحضور.

لن أقوم بسرد تفاصيل الأحداث فالأخوة الذين عايشوا الانتفاضة الشعبية والحالة الثورية في الشارع لهم الأحقية في ذلك وخاصة أبناء قامشلو و عامودا والأبطال الكورد في دمشق.
كما أني لن أقوم بوصف إجرام النظام و سياساته الشوفينية بحق الكورد، فالبديهيات لا تحتاج إلى إثبات.
وإنما سأقوم بمحاولة سرد - مختلف بعض الشيء- للانتفاضة.

السادة الحضور:
كان لسقوط نظام الطاغية صدام حسين أثر كبير على نفسية عرب الجزيرة حزناً، و على الكورد عامة، فرحاً، بالتالي هذا الأمر أدى إلى تأجيج حالة الإحتقان القومي الموجودة سابقاً فيما بين أبناء المنطقة الواحدة.
ومن بعدها كانت قصة الملعب و المباراة و اندلاع الاشتباكات و بالتالي انطلاق الإنتفاضة.
من وجهة نظري، محاولة إلباس هذه الإنتفاضة طابعاً قوميا ثورياً، أمر قد يكون غير دقيق، و ربما هي أقرب إلى ردة فعل عاطفية جماهيرية لها أساسها المتين وتم إلباسها لباساً قومياً كونها لم تمتد أبعد من فئة قومية محددة، في ظل معاداة أو على الأقل تجاهل باقي فئات المجتمع السوري لهذه الإنتفاضة.
فالفعل الثوري هو ثمرة تخطيط مبيّت، يعكس جهدا منظما وموجها من قبل قيادات، اختارت ظروف ولحظة تفجير الفعل الثوري، لتغيير الواقع الاجتماعي والسياسي، وإحلال فكر وأيديولوجيا بديلة، تمثل رؤية ومصالح طبقة أو فئة اجتماعية ما، كما ألفنا الثورة في نماذج من الثورات الكبرى التي عرفها التاريخ.
بالتالي فإن الانتفاضة الكردية افتقدت إلى:
أولا: الفكر البديل
ثانيا: القيادة الثورية
ثالثاً: الأهداف الواضحة
رابعاً: الاستمرارية و التوسع
أدخل الآن في تفصيل النقاط السابقة:
أولا الفكر البديل:
بالرغم من إدعاء الاحزاب الكردية حالة "النضال" عبر تاريخها القديم نسبياً، إلا أنها و بالرغم من هذا التاريخ فشلت حتى الآن في أن تطرح فكر معين، فهي لطالما استندت إلى فكر مستورد من جزء آخر من أرض كوردستان، فحالة التبعية لديها أنتجت عقماً فكرياً، الأمر الواضح جلياً في الثورة السورية الحالية، و سابقاً في الإنتفاضة الكردية، فالحالة الهستيرية العاطفية التي إجتاحت المدن الكردية لم تكن تمتلك أي فكر سوى "أننا كرد مضطهدون" علماً أنه في ذلك الوقت كان أغلب المجتمع السوري مضطهد بشكل ما، ما عدا فئة مستبدة مستفيدة ما زالت في سدّة الحكم.
ثانياً: القيادة الثورية:
وهنا لا بد من القسوة بعض الشيء، فمن المعروف أن الحزبيين على دراية لا بأس بها بأساليب التنظيم الأمر الذي إفتقدته الإنتفاضة للأسف فكانت عفوية بشكل عشوائي.
فأغلب القيادات الحزبية التي كان من المفروض بها أن تقود الشارع سارعت إلى فروع الأمن لتقديم الضمانات بالتهدئة و لتبرئة ذمتها أمام النظام، بل و ذهب البعض إلى ترديد رواية النظام "غوغائيين، إنفصاليين، مخربين و ما شابه".
كما أن اللجنة الأمنية التي قام النظام بتشكيلها آنذاك إجتمعت مع الصفوف الأولى من أغلب قيادات الحركة الكردية في كل المحافظات التي شهدت الإحتجاجات، القيادات التي تسابقت إلى تقديم براءات الذمة من الإنتفاضة، و الوعود و العهود بتهدئة الشارع.
بالتالي منذ الإنتفاضة الكردية 2004 تبيّن جلياً أن هذه الأحزاب عبارة عن أحزاب انتهازية، عميلة، أدوات بيد النظام يحركها متى شاء و يقمعها متى شاء، وليس بغريب عنكم (سادتي الكرام) قصة تأسّف ممثل لحزب كردي كبير آنذاك على فقدان محافظ الحسكة "الرأس المدبر للعملية القمعية" و مقولته الشهيرة إبان إعفاء المحافظ عن مهامه "إن الكورد اليوم يفقدون رجلاً عظيما"
ثالثاً: الأهداف الواضحة
هل يمكننا أن نسأل أنفسنا، ماذا كان الهدف من الإنتفاضة؟ هل كانت للنضال من أجل "نيل الحقوق الثقافية و القومية"؟ كما كانت تدّعي أغلب الأحزاب آنذاك وحتى اليوم بأنها تناضل من أجلها، وهل قدّمت هذه الانتفاضة رسالة واضحة إلى الشريك في الوطن السوري؟ أم أنها أعطت صورة مبهمة عن مطالب متعددة مشتتة؟ الامر الذي سهّل على النظام الترويج لباقي الفئات المجتمعية السورية أن الكورد يسعون إلى الإنفصال؟
بالتأكيد لم تكن ذات أهداف واضحة ولا رسالة واضحة، فلم تبتعد أبداً عن حالة العفوية الإنفعالية العاطفية، و ربما السبب في عدم إمتلاكها هذا الهدف الواضح هو استنكاف من تعوّل عليهم هذه المهمات عن القيام بواجباتهم و هنا أقصد المثقفين والسياسيين الشرفاء والأحزاب الرئيسية، فقد فضّلوا البقاء على الحياد في مكان لا يجوز فيه الحياد بل أن بعضهم ذهب يعادي أبناء جلدته.
رابعاً: الاستمرارية و التوسع
لم يكتب لهذه الإنتفاضة الاستمرار لأكثر من أربعة أيام، بسبب تقاعس البعض، و نجاح وساطات التهدئة والأهم منذ ذلك كله هو حالة الخمود الطبيعية للأدرينالين كحالة النار التي تشتعل بقوة خاصة إذا كانت الظروف مناسبة تماما، ثم سرعان ما تأكل نفسها بنفسها و تنطفئ، فتلك الإنتفاضة فشلت في التوسع أبعد من المحافظات الكردية، الأمر الغير صحي في مجتمع كالمجتمع السوري متعدد الأعراق و الاديان، والأمر الذي يعكس فشل الإنتفاضة، أو ربما لم يكن المجتمع السوري آنذاك مهيأً للأفكار التحررية و الديمقراطية.
أيها السيدات و السادة الأفاضل
مما سبق، أعتقد و بموضوعية بحتة بعيداً عن الشعارات القومية الرنانة التي أكلت من رأس الشعب ما أكلت، فإن الإنتفاضة الكردية عام 2004 كانت عبارة عن حالة ردة فعل عاطفية كوردية غير منظمة، وغير محسوبة النتائج، تفتقر الفكر والتوسع والدعم الإقليمي و الدولي، و لكنها و بالرغم من كل شيء كانت و ما تزال محقّة، تمثّل صرخة شعب من أكثر شعوب العالم معاناةً و إضطهاداً عبر التاريخ، صرخةٌ من الصرخات التي تُبقي نار النوروز مشتعلةً، و توصل الرسالة الكردية العتيقة، نحن شعب لا يموت والثورة تجري في عروقنا.

السيدات و السادة الحضور:
الآن سأتطرق بإختصار إلى "نضال" الأحزاب الكردية في زمن الإنتفاضة في مقارنة مع "نضالها" في زمن الثورة السورية.
كما قلت سابقاً، فإنه في إنتفاضة امتدت عدة أيام فقط إلا أنها كانت كافية لتعرية زيف الإدعاءات النضالية لأغلبية الأحزاب الكردية السورية، فما بالنا بثورة سورية عمرها حتى الآن ثلاث سنوات إلا عدة أيام؟؟؟
الأمر المثير للسخرية (سيداتي و سادتي) أو ما يسمى المضحك المبكي أو الكوميديا السوداء ، أن نفس الأشخاص و السياسيين الكورد وحتى الامس القريب و ربما حتى اليوم، يجلسون مع النظام لتلقي التعليمات و الأوامر، والذين ساهموا بالتوافق مع النظام في إخماد الانتفاضة يدّعون الآن "الثورية" و "الوطنية" و "المعارضة" و الأنكى أنهم الآن ممثلين عن هذا الشعب في مؤتمرات المعارضة الدولية، و يتحدثون باسم الشعب؟!!!
و بمقاربة موضوعية للامر، يمكننا و بسهولة إستنتاج أن مسببي وأد الإنتفاضة 2004 هم بكل تأكيد و بالدليل القاطع لاحقاً من خلال مماراستهم، هم سبب تحييد الكورد عن الثورة السورية، مع تبادل في الاماكن و الادوار فقط، مع الحفاظ على نفس الرسالة.
فبصفتي ناشط ثوري كردي سوري، عاصرت الحدثين الأهم في تاريخ الكورد السوريين الحديث، فبإمكاني التأكيد على أن أكثر من عبث فساداً في الحركات الشبابية الثورية العفوية الكوردية و حيّدها عن خطها الوطني الثوري، هي الاحزاب الكردية و المال السياسي التي أغدقته على بعض ضعاف النفوس، بالتالي لعب دور وكيل النظام في القمع "السلمي" للحركات الشبابية و التنسيقيات، وأحيانا تم القمع العنفي لهذه التحركات من قبل مندوبي النظام حاليا في روجافا، و الأمر الذي ، كما يقال "يضع العقل في الكف" أن هذه الأحزاب باتت تعتبر نفسها الآن معارضاً شرساً للنظام ... طبعا في العلن فقط، و ما خفي كان أعظم، حتى إن طفى على الواجهة أحياناً ، كإشادة الجعفري بسكرتير كردي عتيق أثناء مفاوضات جنيف، أو كحالة الزيارات الدورية لمسؤولين بعثيين إلى "المناطق المحررة" في كردستان سوريا.
وشكرا لحسن إصغائكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري