الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المتاجرة بالأمل

على المحلاوى

2014 / 3 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


أسكن بقرية صغيرة نائية ، فى السابق لم تتكن تتوافر بها اى خدمات لا كهرباء لا ماء نظيف ، لا شىء غير مدرسة ابتدائية هزيلة مبنية من الطوب اللبن ، والوحدة الصحية توجد بقرية مجاورة لقريتنا ، وكانت تخدم مجموعة من القرى ومنها قريتى ، وبالتال عندما تمرض يذهب بك الى تلك الوحدة
وأتذكر أننا بتلك الفترة لم نكن نعلم شيء عن فرشاة ومعجون الأسنان ، وبالتال كانت أسنانا سريعة التلف ، وكنا عندما يتلف الضرس لا نذهب لخلعة إلا بعد محاولات لخلعة بالمنزل بواسطة فتلة من الخيط أو ملعقة توفيرا لجهد الذهاب للوحدة الصحية ، فإن فشلنا كان الذهاب للخلع فلم نكن نعلم بأمر حشو الأسنان
ولازال بالذاكرة منظر عيادة اللاسنان وكنا نسميها (غرفة الخلع) وكانت غير نظيفة حيث الادوات والعدد والقطن مرماة بكل مكان ، والادوات لا تعلم شىء عن التعقيم
ومرت الأيام وتغيرت الدنيا وتغير الحال وتغير الوعى وأضاءت العقول بنور العلم ، وتخرجت من الجامعة وجرت الأيام والسنين
ونتيجة الشغف بالقراءة عرفت كثير من المعلومات عن مرض ألتهاب الكبد الوبائى المسبب له فيرس (سى) ولمعرفتى بعدم وجود علاج له أمتنعت عن أجراء التحاليل فما جدوا معرفتك بمرض ولا يوجد له علاج ، ولكن من باب الحيطة أمتنعت عن حلاقة الذقن عند الحلاق
وجاء يوم لاحظت خمول وضعف عام اصابنى، وميل للنوم وبصفة دائمة ساعات طويلة من النهار، فعلمت أنى مصاب بهذا الداء وهذا ما أكدته التحاليل ، وتذكرت عيادة أسنان الوحدة الصحية (غرفة الخلع)
وفى تلك الفترة ظهرت أنواع متعددة لعلاج هذا الداء ، منها علاج بالأعشاب الى لبن الإبل الى الحبة الصفراء وما هنالك من الأشياء التى لم يتقبلها عقلى ، الى ان ظهر علاج الإنترفيرون واقتنعت بجدواه فهذا ما أقره العلم ، وسارعت لتقديم طلب للعلاج بهذا الدواء رغم علمى أن نسبة الشفاء بهذا العقار (الإنترفيرون ـوالريبافرين) فى أحسن الأحوال 55% للمستورد 25% للمصرى ، ولكنى كنت عازما على طرق اى باب للعلاج حتى لو كانت نسبة الشفاء 5% ، فمدام هناك ضوء سأسير خلفة وبشرط أن يقره المتخصصين من العلماء
ونظرا لكثرة عدد المرضى والزحام الشديد تحدد دورى بعد سنتين لبدأ العلاج ، وكانت فترة الانتظار قلق وخوف وخاصة عندما علمت وصدمت بمدى انتشار المرض بين أهل قريتى ، وكان المرض يتزايد يوما عن الأخر وتزيد وتيرة حصد الأرواح ، وتزايد علامات المرض على المصابين ، ولك أن تتخيل الوقع النفسى عندما تقابل إنسان تعلم أن عمرة سينتهى بعد وقت لا يتجاوز الشهور ولن يحل علية العام ، وكان يعرف هذا من انتفاخ البطن الشديد(الاستسقاء) واصفرار العين ووجود انتفخا حولها وتورم للقدمين ، وتلك تكون مرحلة متأخرة من المرض ، يتبعها الجرى على أطباء الكبد ولكن بعد فوات الأوان ، ثم مرحلة ما قبل الوفاة ولقد عاصرتها وشاهدتها لأشخاص عده من أبناء قريتى (ولازال الى الأن)
ولا أريد ان أتحدث عنها لهول تلك الفترات الأخيرة من عمر المريض ، ومراعاة أن بعض المصابين بهذا الداء يمكن أن يقرأ هذا المقال
وأخيرا جاء دورى فكنت أذهب لعاصمة إحدى المحافظات لأخذ حقنة العلاج كل أسبوع ، وكم هالنا الأعداد الغفيرة من المرضى بهذا الداء اللعين ، ورغم علمى بالأثار الجانبية لهذا العقار ولكن ليس كل من علم كمن جرب ، فكل حقنة كانت تصاحبها أثار جسمانية ونفسية سيئة جدا ، ومن شدة الأعراض كم حدثتنى نفسى للتوقف عن العلاج ، وأتذكر أنى كنت أدفع نفسى دفعا للذهاب الى المستشفى ، حتى أنى بإحدى المرات رجعت من أمام باب المستشفى ، ولكن لعلمى بعدم وجود وسيلة أخرى للعلاج ومشاهد المرضى والموتى من أبناء قريتى جعلتنى أكمل فترة العلاج الى أخرة ، والتى أستمرت سنة كاملة ، وعادت صحتى الى التحسن كما كانت
السؤال هنا لماذا احكى لكم عن هذه المعاناة ؟
سبب السرد أنى بعد 6 أشهر من انتهاء العلاج قمت بعمل تحليل للتأكد من الشفاء ، ففوجئت بحدوث انتكاسه وعودة الفيروس كما كان ، وكل ما عانيته خلال تلك السنة قد ذهب أدراج الرياح ، وعاد القلق والخوف يطاردنى خاصة مع تزايد ضحايا المرض من حولى ، وأصبحت أنتظر هذا الدور المحتوم
حتى جاء يوم وسمعت وعرفت بجهاز القوات المسلحة الذى يعالج هذا الداء ، فسخرت منه كما سخر الكثيرين، ولكن أصارحكم القول أنى فى بعض الأحيان ولغريزة حب البقاء والتعلق بالأمل كانت تحدثنى نفسى كل ليلة (ماذا لو كانوا صادقين ) وهنا تقفز الفرحة بداخلى ، ولكن عقلى كان يقول أنهم كاذبون ، ثم قوى هذا الأمل وزاد خاصة عندما قرأت أن عدد من الصحفيين قد سألو سيادة المشير عن هذا الجهاز، فأكد لهم أن الجيش لا يمكن أن يغامر بسمعته ، وهنا قلت ها قد جاء التأكيد على صحة هذا العلاج من فم أعلى رتبة بالجيش ، وكثير من الناس يعتقدون بصدق هذا الرجل (يا فرج الله)
ثم ما لبثت أن انطفئت تلك الفرحة وماتت فى صدرى ، عندما قرأت بتاريخ 13ـ3 أن وزارة الصحة تستعد لطرح دواء جديد بصورة أقراص بسعر العلبة الواحدة 2200 جنية ، وهنا تساءلت بنفسى 2200 للعلبة وتكلفة العلاج البعض قال 60 ألف جنية وأقل التقديرات قالت 30 ألف (طب أجيب منين) وأين جهاز الجيش القادر على الشفاء من هذا الداء اللعين ؟!!
وهنا أيقنت نفسى أن علاج الجيش هو محض أوهام ، فلو كان يوجد جهاز لعلاج المرضى لماذا تم التعاقد لاستيراد هذا الدواء الجديد
وأنا هنا أتساءل
(1) ألهذا الحد أصبحت أحلام المرضى فى الشفاء وحقهم بالتمتع بالحياة أصبحت وسيلة لبلوغ غاية سياسية ، وأصبحتم تلعبون بعواطف الناس غير مكترثين بمشاعرهم ، هل وصلنا الى هذا الحال من الانحطاط !
هل هؤلاء هم من ستثقون بهم وتولوهم أمر البلاد ؟ وهل هؤلاء من سوف ينتشلون هذه البلد ؟ أقمنا بثورة مجيدة (25يناير ولا يوجد غيرها) من أجل أن يتولى أمرنا هؤلاء ؟
(2)سوف ننتظر حتى الموعد الذى ضربوه لتعميم هذا الجهاز على مستشفيات الجمهورية وهو 30ـ6 وقدرته على علاج وأؤكد علاج (وليس الكشف فقط) فيرس (سى) والبينة على من أدعى
فإن ثبت صدق اختراعهم (لا أظن) يعلم الله أتمنى من كل قلبى أن يكونوا صادقين ، كانت معجزة بكل المقاييس ولابد من أن ينالوا أعظم تكريم ، فلقد حققوا حلم الملايين بالشفاء
فإن كانوا كاذبين ، أطالب بحملة من المرضى ويقدر عددهم بالملايين للضغط على النائب العام لتحريك الدعوة الجنائية ضد هؤلاء ، وإحضار من قاموا عليهم بالتجارب ، ومعرفة هل كانوا مصابين بهذا المرض أم لا ، وفى حالة مرضهم هل تم شفائهم بهذا الجهاز فعلا أم أن هذا الكلام محض أكاذيب و محاولة استغلال أحلام المرضى لأغراض سياسية ، وحتى لو لم تثبت الأدلة عليهم شيئا ، فسوف يكونوا عبرة لمن يفكر بعد ذلك أن ينهج نهجهم ، وليعلم هؤلاء وأمثالهم أننا تغيرنا وأصبحنا أناس مثلهم ، ولسنا سلما يدوسو علية بأقدامهم لكى يصعدوا للسلطة ـ
فهل من مجيب ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو العسكرية شمال محافظة بابل ج


.. وسائل إعلام عراقية: انفجار قوي يهزّ قاعدة كالسو في بابل وسط




.. رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل: قصف مواقع الحشد كان


.. انفجار ضخم بقاعدة عسكرية تابعة للحشد الشعبي في العراق




.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي