الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفنان فهد الصكر يعيد بناء ذاكرة الامكنة

غازي سلمان

2014 / 3 / 25
الادب والفن


غالبا ما بقي الاشتغال بالنحاس ( الطرق على النحاس ) مقتصرا على تناول الموروث الفولكلوري والتراثي ، كحرفة متوارثة عبر أجيال لصناعة الادوات مقترنة بجمالية التزيين ، نقش الزخرفة مثلا ، وكفن فانه تناول الأمكنة القديمة وايات القرآن الكريم الحرف العربي ، كثيمة رئيسة ، برؤية انطباعية وتجريدية على حد سواء .
واعتقد ان أي من الفنانين العراقيين ممن اشتغلوا على هذا الفن لم يكن الاّ من الزوار او الزبائن الدائميين لسوق الصفافير في بغداد او في محافظات اخرى، من حيث كونه المدرسة الاولى لتعلم فن الطرق على النحاس كمهنة. هذا السوق الذي انشأه الخليفة العباسي ( المستنصر بالله ) إضافة الى أسواق لحرف أخرى مجاورة له.
حين كنا مارة دائميين، على شارع الرشيد أواخر السبعينات من القرن الماضي كان هذا السوق صومعة مقدسة تنبغي زيارته، وإذ نكون معا ( أنا و فهد الصكر ) كان فهد ،، الأكثر إنشداداً في مراقبة انهماك الحرفيين في العمل ،وتأملا للأدوات النحاسية المعروضة ، الأواني المنزلية وأباريق الشاي والكاسات والملاعق وإطارات الصور والفوانيس النحاسية ذات النقش عليها كانت المتدلية منها تتراقص على ايقاع طَرَقات مطارق الحرفيين المهرة التي لا تنقطع .
لم أكن اعلم بأن فهد الصكر كان ينمّي عشق حرفة العمل على النحاس كحرفة ، وليمتلك موهبة الفنان ممتزجة بها ، الاّ حين وجدته يعرض بضع لوحات ضمن ( بسطة كتب ) في شارع المتنبي في احد ايام اوائل الثمانينات ، وهي فترة كان فيها الحصول على رقائق النحاس نادرة جدا ، حيث احتكر النظام الديكتاتوري النحاس لأغراض التصنيع الحربي . في الوقت الذي كان يُوزّع على الحرفيين من خلال الجمعية التعاونية للحرف والصناعات الشعبية منذ عام 1959 بانتظام.
ان اشتغالات الفنان فهد الصكر على النحاس كان يمكن ان تكون مجازفة ، فهي حرفة تحتاج الى دربة ومهارة لابد من إتقانهما فكيف اذا امتزجت بالفن التشكيلي، ويبدو ان فناننا تجاوز أزمة المجازفة بنجاح.
في معرضة الأخير الذي أقامه في المنتدى الثقافي في شارع المتنبي يوم 21/3/2014 والفنان فهد الصكر لا يتوقف عند حد الموائمة بين الحرفة وجمالية التشكيل الرائعة ، بين الوظيفة الأساسية للفن وإتقان الحرفة بمعنى أخر ، من خلال تطويع مادة النحاس مستلهما ما تبقى من ارث الأمكنة المتداعي، الأمكنة البغدادية القديمة ذات الشناشيل، ويضمّنها بالحرف العربي من أبيات للشعر أو الآيات القرآنية،تلك الأمكنة التي ارتبط الفنان جدليا ، زمانا ومكانا ، وهي تومئ لنا بالرحيل او الغياب جراء تقادم الإهمال، لتولد من بين أصابعه الخشنة تشكيلات حرفية فنية تماهي روعة الأمكنة كما يحلم بها ان تكون ،
فهو لايخترع موضوعاته .. بل يعيد إنشاءها ،، خلقها ،، ويحاول بناء امكنتها من جديد. برؤية انطباعية وتجريدية ، في محاولة لإيقاظها من غيبوبة او موت يتهددها . انه يدق إسفين ذكرياته ورائحة صباه في اللوحة ، التي ارتبط بها حد العشق ،
انه حين يطرق على النحاس فانما ينقر على ابواب الذاكرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة


.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با




.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية