الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
إسرائيل العدو، الند، إلى الحليف
عبد المجيد إسماعيل الشهاوي
2014 / 3 / 26مواضيع وابحاث سياسية
قد بدأت الحكاية العربية مع إسرائيل منذ أعلنت الأخيرة تأسيسها كدولة يهودية مستقلة عن الانتداب البريطاني عام 1948 بعداء مطلق غير قابل بأقل من مسح هذا المغتصب الأجنبي من على وجه الخريطة العربية، مرة واحدة وإلى الأبد. وفي سبيل ذلك، قد حشدت دول الجوار مدعومة من جميع الدول العربية الأخرى قوات قتالية كبيرة العدد لكن تفتقر إلى التنسيق وأنظمة التسليح والتدريب والتخطيط الحديثة، مقارنة بقوات الدولة الناشئة. وكانت النتيجة المنطقية دحر كل هذه القوات العربية المهاجمة على جميع الجبهات، والمزيد من توسيع رقعة الدولة الجديدة وتثبيت شرعية وجودها بقوة الأمر الواقع، فضلاً عن التداعيات السلبية الأطول أمداً على جميع أنظمة الحكم العربية المهزومة بوجه عام وعلى المحليين الفلسطينيين بوجه خاص.
وقد تكرر هذا السيناريو مرة أخرى في عام 1967 وأفرز عواقب أشد كارثية على كلا الأمدين القصير والطويل، لا تزال آثارها ماثلة بقسوة وألم حتى اليوم. ولم تفلح محاولة أخرى في 1973 في إبراء آثار النكسة، عدا بشكل جزئي لبعض الدول مثل مصر والأردن. ومن هذه المكاسب العربية الجزئية انفتح الباب أمام شكل آخر من أشكال المواجهة مع إسرائيل- المفاوضات. أغلق فصل العداء المطلق.
كانت مصر السادات، رغم الرفض والغضب العربي الشديد في بادئ الأمر والذي كلف أنور السادات نفسه حياته، هي التي طويت صفحة العداء المطلق ضد إسرائيل وفتحت معها برعاية أمريكية فصل المفاوضات، وهو ما يعادل أول اعتراف عربي- ولو من دولة عربية وحيدة لكنها الأكبر- بالكيان الإسرائيلي كدولة مستقلة على قدم المساواة مع أي دولة أخرى عضو في الأمم المتحدة، والندية لدولة قديمة مثل مصر. بمرور الزمن، ثبت أن السادات كان قائداً وزعيماً سابقاً لعصره، بعدما انتهى المطاف بجميع الدول العربية- وكذلك الفلسطينيين أنفسهم- إلى الدخول في مفاوضات بشكل أو بآخر مع العدو الصهيوني الأول، وهو ما يعادل أيضاً الاعتراف التام بوجود وشرعية دولة إسرائيل، وإن رفضت يهوديتها حتى الآن. انتصر السادات على جميع القادة العرب الذين وقفوا ضده وناصبوه العداء قبل نحو أربعين عاماً، وحتى على الذين قتلوه من تيار الإسلام السياسي، الذين قد أصبحوا هم أيضاً يرتبطون بشكل أو بآخر باتصالات وتفاهمات ومفاوضات بالعدو الصهيوني السابق، مثل الإخوان المسلمين في عهد مرسي وحركة حماس الفلسطينية طوال الوقت.
نحن الآن لا نزال في المرحلة التفاوضية- الندية- مع دولة إسرائيل، لأنه لا يتصور أن يتفاوض المرء مع العدم. وفي ذلك خطوة مؤكدة للوراء من مرحلة العداء المطلق الأولى، حين كانت إسرائيل والعدم سواء في الذهنية العربية. جميع الدول العربية، وحتى أغلب الحركات والفصائل الفلسطينية- تتعايش الآن في مرحلة ’الاعتراف المتبادل‘ مع الدولة الإسرائيلية، وما عاد هناك أي إنكار عربي ’رسمي‘ لحق دولة إسرائيل في الوجود. رغم لغتها العبرية، إسرائيل الآن هي إحدى دول المنطقة العربية المعترف بها مثل السعودية ومصر وسوريا والعراق والمغرب والسودان...الخ.
ثمة مرحلة ثالثة- التحالف. عبر رحلتها مع المنطقة العربية حرباً وهدنةً وسلماً، دولة إسرائيل قد أصبحت تقف الآن على أعتاب مرحلة جديدة تماماً- الحليف العربي. وقد انطلقت المؤشرات الأولى لهذه المرحلة مطلع التسعينيات، تحديداً مع الغزو العراقي لدولة الكويت العربية المستقلة والعضو في الأمم المتحدة. في هذه الواقعة المفصلية، لأول مرة في التاريخ العربي الحديث تصبح دولة العراق العربية عدو مشترك لدول عربية أخرى- لاسيما السعودية- إضافة إلى إسرائيل. في قول آخر، لأول مرة يصبح لبعض الدول العربية وإسرائيل معاً ’مصلحة مشتركة‘ في التصدي لخطر ما، والمصيبة كونه نابع من دولة عربية شقيقة أخرى!
أخيراً، بحكم ’الجغرافيا المشتركة‘ قد ظهرت، وكان لابد أن تظهر في وقت ما مهما طال الزمن، ’مصلحة مشتركة‘ بين دولة إسرائيل اليهودية من جهة ودول عربية أخرى في المقابل. هذه ’المصلحة المشتركة‘ قد تعمقت أكثر في سخونة مواجهة الخطر الإيراني الشيعي، وتحديداً البرنامج النووي وتمدد النفوذ الإيراني على تخوم المنطقة العربية ذات الأغلبية السنية. علاوة على ذلك، قد حققت دولة إسرائيل نجاحات وتقدماً رائعاً في مجالات تنظيمية وعلمية شتى، وبالأخص الزراعة الصحراوية وتحلية مياه البحر المالحة. حتى الدول العربية الأعلى صوتاً ضد العدوان الإسرائيلي لم تستطع مقاومة إغراء المصالح والمكاسب المادية المتأتية من التعاون مع إسرائيل. ’المصلحة المشتركة‘ قد أصبحت ’مصالح مشتركة‘ متشعبة، في مجالات وعلى مستويات شتى.
قد تكون إسرائيل بالفعل ومنذ زمن طويل ’حليفاً رسمياً‘ لكثير من الأنظمة العربية الرسمية، لكن لا أحد يجرؤ على الإقرار بهذا الواقع الجديد؛ لا زال لا أحد يملك شجاعة السادات، أو لعلهم يخافون مصيره.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
عدلي جندي
(
2014 / 3 / 26 - 16:40
)
بعيدا عن الصراع المذهبي دولة اسرائيل تثبت منذ نشأتها قيمة العمل الجماعي رغما عن قلتهم العددية مقارنة بأمة المليار ويزيد.... والمجهودا التقني والعلمي رغما كل ما عاني منه يهود الحروب الكونية من مصادرة لثرواتهم وأملاكهم والقضاء علي علمائهم ....والنهج الديمقراطي في في تقدم وتحضر الامم رغما عن كونها اقدم ديانة إبراهيمية اي بحسب التسلسل أكثرها انغلاقا وتخلفا
السؤال لماذا تقدموا رغم انهم عانوا الأمرين ولا يمتلكون المادة الخام بل وأكثر بكثير مما عانته خير أمة ولماذا تأخرنا برغم الإمكانات الهائلة والتعداد الملياردي؟
.. صحف فرنسية : -العرجاني من تهريب أسلحة عبر الأنفاق إلى احتكار
.. السعودية.. تنظيم عملية خروج ملايين الحجاج من الحرم المكي تثي
.. غارات إسرائيلية على حلب تقتل أكثر من 40 عسكريا سوريا.. ما ال
.. المرصد السوري: أكبر حصيلة من القتلى العسكريين السوريين في غا
.. شاهد حيلة الشرطة للقبض على لص يقود جرافة عملاقة على طريق سري