الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام السياسي سكين مسموم في الجسم العربي

عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

2014 / 4 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منذ وقائع ’الفتنة الكبرى‘ الجسام بين علي ابن أبي طالب ومعاوية ابن أبي سفيان، ودور الإسلام السياسي لا يقل عن وظيفة ’السكين المسموم‘ المغروس في لحمة الجسم السياسي العربي أياً ما كانت طبيعته. ولم ينقذ، في ذلك الزمان، الإمبراطورية الإسلامية الوليدة- كشكل من أشكال الأجسام السياسية المتعددة آنذاك- إلا نجاح الداهية معاوية ابن أبي سفيان في طرد المجادلات والاصطفافات الدينية خارج أصول لعبة السياسة والحكم وتطهير الجسم الغض من أثر فتنة كادت تعصف بمستقبله بعد سنوات قلائل من مخاضه. بعد هذا الترويض القاسي، اكتفى الإسلام السياسي طوال القرون اللاحقة بدور الخادم المطيع لكل من يعتلي سدة الحكم، بالإكثار من الدعاء له من فوق المنابر وتجييش مشاعر العامة في نصرة ادعاءاته وقضاياه.

ولم يجرؤ الإسلام السياسي على أن يُشهر سكينه مجدداً إلا من خلال ثغرة التعددية الليبرالية أواخر عهد الأسرة العلوية المالكة في مصر منذ عشرينات القرن الفائت. في ذلك الوقت عاد الإسلام السياسي بقيادة حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، يلعب نفس الدور القديم المفسد والمثير للفتن داخل الجسم السياسي القائم. في الواقع، حديثاً كما قديماً، ما كان الإسلام السياسي بأشكاله المتعددة يؤمن إطلاقاً بجدوى أو شرعية نظام الملكية الدستورية أو التعددية الحزبية، أو مبدأ الحريات العامة أو الخاصة. لكن كان يسعى بجهد دؤوب في سبيل مشروع آخر. في النهاية، من جملة عوامل هدامة أخرى، كان للإسلام السياسي بقيادة الإخوان المسلمين إسهاماً موثقاً في إسقاط النظام الملكي، بإيجابياته وسلبياته. لكن أمام هذه الجثة السياسية المصرية وقف الإخوان المسلمون عاجزون، لا يعرفون ماذا يفعلون بها، إلى أن خطفها منهم آخرون.

على جثة الملكية الدستورية البائدة، أقام جمال عبد الناصر ورفاقه من الضباط الأحرار نظاماً جمهورياً تسلطياً مستند إلى شرعية الفرد- البطل المخلص- الواحد. كعادتهم، لم يجد ممثلون الإسلام السياسي من الإخوان المسلمون وغيرهم لأنفسهم وظيفة بناءة في مثل هذا الجسم السياسي الثوري الجديد. كان طبيعياً أن يعودوا أدراجهم بعد سنوات قليلة من عمر النظام الجديد إلى إشهار ’السكين المسموم‘. ثم بعد عدة جولات من الهجوم والهجوم المضاد، أصاب نصل سكينهم المسموم أخيراً جسم الضحية السياسية، التي كانت من التأسيس مسكونة بكثير من الأمراض المزمنة والمستعصية. وظنوا أنها قد ماتت. ثم وقفوا، كعادتهم، لا يعرفون ماذا يفعلون. ولما طال بهم التردد والعجز عن الفعل الإيجابي، التقطت الفريسة بعض أنفاسها الخافتة واستجمعت بعض قواها المبعثرة لتنتفض فجأة واقفة في وجوههم مارداً مرعباً. ولا زال ممثلون الإسلام السياسي يجوبون أطراف الأرض فزعاً وهرباً من غضب المارد الذي ظنوا أنهم قد تخلصوا منه مرة واحدة وللأبد.

لا أحد عاقل يستطيع أن ينكر الدور البارز للإسلام السياسي بقيادة الإخوان المسلمين في إنجاح ثورة 25 يناير 2011 في مصر. لا شك هم قد لعبوا دور البطولة بامتياز ودفعوا أثمان ثقيلة في إسقاط النظام المباركي بعد أكثر من 30 سنة في الحكم. لكن حتى الآن هي عملية هدم فقط للنظام القائم، بصرف النظر عن طبيعته. ماذا بعد؟! ماذا عن البناء؟! السيناريو كان قد تكرر بتطابق عجيب في يوليو 1952. في ذلك الوقت، هم قد أبدعوا ودفعوا الأثمان أيضاً في خلخلة ثم إسقاط النظام الملكي القائم. وماذا بعد؟! لا شيء. في الحقيقة، كان الإسلام السياسي بقيادة الإخوان يلعب دور المفسد والهدام الأكبر داخل الجسم السياسي المصري الناشئ بعد 25 يناير. لكن هذه المرة بالذات كان هناك متغير جديد. لأول مرة في التاريخ الحديث، الإسلام السياسي يؤدي دوره المخرب والتدميري من داخل الملعب وليس من الخارج كالعادة. لذا، كان من المنطقي أن يكونوا أول المطرودين، وأن يهدروا فرصة قد لا تأتيهم ثانية أبداً.

يوجد الآن جسم سياسي آخر قد ولد من مخاض 30 يونيو 2013. وقد عاد اللاعبون إلى مواقعهم الكلاسيكية حيث يصطف الإسلاميون خارج الملعب، أو على هوامشه بعيداً عن المركز في أحسن الأحوال. ومن هناك، عادوا مجدداً لإشهار سكينهم المسموم إلى جسد النظام المتشكل، أياً ما يكون. لا هم ولا قضية للإسلام السياسي بقيادة جماعة الإخوان المسلمين الآن أعظم من إسقاط نظام 30 يونيو الذي لم تكتمل ملامحه الرئيسية بعد. في سبيل هذه القضية، هم مستعدين للتضحية بأنفسهم وزوجاتهم وأبنائهم وبناتهم، وبحاضر ومستقبل البلد كله. بل هم حتى على استعداد للتضحية بالعالم أجمع في سبيل نصرة القضية. وما هي القضية؟! المعلوم والموثق تاريخياً أنهم، على صعيد العمل السياسي، لم يضيفوا سوى الفتن الدموية أو طعن نظم الحكم القائمة بسكاكين مسمومة تحت جنح السرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نبوءة ديان عن الاخوان
رمضان عيسى ( 2014 / 4 / 1 - 08:05 )

في عام 1968، نشرت جريدة تشرين اللبنانية تصريحا لوزير الحرب الإسرائيلي موشي ديان يقول فيه:
-إذا استطعنا اسقاط عسكر عبد الناصر وتصعيد الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم في مصر فسنتنسم رائحة الموت والدماء في كل بقعة من أراضي مصر. فلتكن تلك هي غايتنا وحربنا بمساعدة اصدقائنا الأمريكان-.

هل قال ديان هذا عن جهل أم عن معرفة ماذا بعد ، أي ماذا سيحدث لمصر اذا ما صعد فيها الاخوان للحكم إنه يعرف حجم الدمار الذي سيفعله الاخوان في مصر ، انهم سيجعلوا الدماء في كل شارع ، وسيحاولوا بالارهاب والتخريب اعادة نظامهم الفاشل والمتحالف مع القاعدة ،
فأرى أن السادات ومبارك والاخوان دمروا مصر لخمسين سنة قادمة !!!





2 - رائع
nasha ( 2014 / 4 / 1 - 08:13 )
كتاباتك رائعة، تحليل منطقي وربط الاحداث ببعضها بذكاء وبدون مجاملة لاحد
تحياتي استاذ


3 - وبقي الشيعة يطالبون بالثأر الى قيام ثورة الخميني
عبد الله اغونان ( 2014 / 4 / 1 - 23:04 )

أسوأ مثل في تاريخ الاسلام معاوية بن أبي سفيان أول من انقلب على خليفة شرعي
ووزع الريع وبالغ في القتل وجعلها ملكل عضوضا وتركها للفاسق يزيد ابنه الذي حارب الحسين وقتله. وبقي الثأر الشيعي يتفاقم عبر العصور وقامت حروب ودول الى عصرنا هذا ولم تهدأ الضغائن وما زال اعتقاد كثير من الشيعة الى الان أن سبب الخراب والفرقة اصله معاوية

خذوا العبرة من التجربة التركية فالدكتاتورية والانقلاب الى زوال

ستبين الأيام القادمة اندحار الانقلاب اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وخلقيا

اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد