الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التدمير الذاتي للثورة السورية و غياب بناء المؤسسات والقدرات البشرية من قبل الائتلاف والحكومة السورية المؤقتة

سفيان الحمامي

2014 / 4 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


التدمير الذاتي للثورة السورية

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق ومنظومته الشيوعية أو ما كان يسمى الاشتراكية ، تداعى المختصون لتحليل أسباب ذلك الزوال السريع بعد حكم تسلطي إجرامي دام سبعين سنة .
وفجأة ظهر أحد الشخصيات الخفية في الاستخبارات السوفياتية ( ك ج ب ) قائلا ، كنا نعمل على تدمير تلك المنظومة بشكل ممنهج عبر وجود مكاتب في أجهزة الأمن الحاكمة فعليا ومكاتب أخرى تتبع لها في الحزب الشيوعي أو مسمياته النظيرة في تلك المنظومة ، وكانت مهمة تلك المكاتب ترشيح الأشخاص غير المختصين لوظائف قيادية هامة تتطلب التخصص الدقيق والكفاءة العالية وبذلك يسهل إدارة هولاء الاشخاص بالشكل الذي تريده أجهزة الأمن والحزب لأن هؤلاء طالما هم غير مختصين فلا يهمّهم سوى البقاء في مناصبهم بأي وسيلة كانت مع تنفيذ أية تعليمات تملى عليهم لتخريب المؤسسات والإدارات التي يديرونها مقابل الحصول على بعض المزايا والمكاسب التي ستفيدهم وورثتهم بعد إزالتهم من مواقعهم الوظيفية .
هذه الأعمال الممنهجة وتلك الآليات التخريبية مارسها النظام في سوريا من خلال أقسام التربية والتعليم والعمال في فروع الأمن ونظيراتها في فروع حزب البعث منذ 8 آذار عام 1963 وحتى اليوم / مستفيدة من تجارب المنظومة السوفياتية ومكرّرة أفعالها بعد زوالها تحت مبرر أن الظروف في بلادنا مختلفة وشعوبنا غير الشعوب الأخرى فالشعب السوري مستكين لا يتطلب سوى الخبز والماء والجنس .

في التراث العربي ، نتوارث حكمة مشهورة ( الحكيم من اتعظ بغيره ) ، لكن منظومة التفكير والعقلية السائدة في سوريا لا تقارب تلك الحكمة عملا بمقولة مدرسة النظام السوري ( ظروفنا مختلفة عن الغير وشعبنا مطواع يقبل أي شخص لقيادته مهما كانت صفاته ) .

هذا الواقع، ينطبق على من يسمّون قادة الثورة السورية في الخارج حاليا ، خاصة في المجال السياسي والإداري والمالي منذ بداية انطلاقها حتى اليوم ، إذ تتعاظم الأخطاء القاتلة التي ستقود إلى وأد تلك الثورة من داخلها ، لأن غالبية من يقودها غير قادرين على قيادة أنفسهم نظرا لضعف كفاءاتهم وبعد تخصصاتهم عن المجالات التي يديرونها ، وباستثناء بعض الأسماء اللامعة التي ينظر الجميع لها باحترام على المستوى الشخصي والتأهيل العلمي مثل (الدكتور برهان غليون والدكتور نجيب الغضبان والدكتور ة بسمة القضماني والدكتور عبد الباسط سيدا والدكتور منذر ماخوس وميشيل كيلو وقلة من أمثالهم ) فإن جلّ من يظهر في قيادة تلك الثورة حاليا تمّ جلبهم وتعيينهم بالطريقة نفسها التي كانت تحصل من قبل أجهزة ( ك ج ب ) السوفياتية والحزب الشيوعي وأقرانه في عصر المنظومة السوفياتية المدفونة ، وما زالت تحصل في زمن حكم النظام السوري حتى اليوم من قبل أجهزة الأمن وفروع حزب البعث .
ربما ، هناك ميزة تنافسية كما يقال في علم الإدارة وباختصاص التسويق ، وهي لتجنب انتظار 70 سنة كالمنظومة السوفياتية أو 50 سنة كمنظومة الحكم السوري ، وبذلك يتم اختصار المدة الزمنية لعدة سنوات فقط ، ومن يقوم بتلك الأدوار حقوقه محفوظة ( انظروا إلى ثروات من ساهم في إدارة أجهزة الدولة في العصر السوفياتي والحكم السوري فإنهم من أصحاب النعم والشركات وأبناهم رجال أعمال ونجوم عالمية في الإستثمار وعالم الأموال ) .
وفق ذلك ستتكرر التجربة مع من يدير ويتابع أمور الثورة السورية الإدارية والمالية والإغاثية حيث سيصبحون في المستقبل القريب رجال أعمال وأبناؤهم وجوه الاستثمار ومدراء الشركات المستقبلية جزاء لهم على ما فعلوه وعلى أدوارهم التي أدّوها طالما تمّ اختيارهم وتعيينهم وفق آليات المنظومة السوفياتية ونظام الحكم السوري ، وسيكونون أوفياء للمهمات التي ستوكل إليهم تبعا للتعليمات التي ستعطى لهم لأن المدرسة واحدة.

كي لا يكون مقالنا جزافيا ، تعالوا للتدقيق في أسماء ومواصفات من تمّ اختارهم وتعيينهم لإدارة الأجهزة السياسية والإدارية المتعددة للثورة السورية في الخارج :
1- أحمد الجربا / رئيس الإتلاف : إجازة اقتصاد من جامعة بيروت العربية ، لم يسبق له العمل في المجال الإداري مطلقا ، والجميع يعرف كيف يتم الحصول على شهادة من جامعة بيروت العربية .
2-أحمد طعمة /رئيس الحكومة: طبيب أسنان ، لم يسبق له العمل في إدارة أو مؤسسة حكومية طيلة حياته ، ولم يتبع دورة في علوم الإدارة مطلقا ، وهو لا يدرس سوى فمّ الإنسان.
3- نائب رئيس الحكومة / إياد القدسي : إجازة جامعية في الحاسوب ، عمل في الشركات والاستثمارات الخارجية فقط ، ولم يعمل في الإدارة بسوريا قط .
4- اسعد مصطفى / وزير الدفاع والداخلية : إجازة أدب عربي ، مسؤول حزبي عن حماه في زمن مجزرة 1982 وكوفئ بوظيفة وزير الزراعة بعد ذلك بتزكية من محمود الزعبي الذي سكن في بيت أهله حين كان الزعبي مدير استصلاح حوض الغاب .
5- ابراهيم ميرو / وزير المالية والاقتصاد : إجازة في الاقتصاد، عمل في شركات هولندية ولم يعمل قط في سوريا .
6-محمد ياسين النجار / وزير الاتصالات والتقانة : مهندس ميكانيك ، والمعروف أن هندسة الميكانيك لا علاقة لها مطلقا بالاتصالات والتقانة وتهتم بالمحركات والقوى والتدفئة والتكييف .
7- عثمان بديوي / وزير الادارة المحلية : صيدلي ، لم يعمل سوى في قطاع الصناعات الدوائية الذي تشرف عليه بشرى الأسد بالتعاون مع الدكتور زهير فضلون وزوجته فوزة منعم ومافيا تلك الصناعة التي تدر مليارات الدولارات نتيجة التلاعب بالمواد الفعالة والتحكم بالأسعار الدوائية .
8- فايز الضاهر / وزير العدل / إجازة حقوق وعمل قاضي تحقيق جنائي ، والمعروف أن قاضي التحقيق هو أسفل درجة في العمل القضائي الجزائي .
9- الياس وردة / وزير الطاقة والثروة المعدنية / مهندس نووي ، وكأن سوريا لم يتبق لها حاليا سوى الطاقة النووية وهي لا تعرف سبل تأمين المازوت والحطب لشعبها .
10- وليد الزعبي / وزير البنية التحتية والزراعة والري / مهندس مدني ، عمل في القطاع الانشائي في الخليج ، وسعى للعمل كمستثمر في ذلك المجال في سوريا لكن حصة آل محلوف منعته .
11- تغريد الحجل / وزيرة الثقافة والأسرة : لم تكتب أو تؤلّف عملا ثقافيا واحدا في حياتها بل هي تعيش في لندن ولا تعرف الأسرة السورية إلا من خلال الحكايات الشعبية .
12- بدر جاموس / أمين عام الائتلاف ورئيس الهيئة السورية للتربية والتعليم : طبيب أسنان ، لم يعمل في اي عمل إداري أو تربوي أو جامعي سابقا .
13- إلى ما هنالك من نواب وزراء ونواب روساء هيئات ومستشارين .........

بالمقابل ، هناك قادة في دول متقدمة أو في طريق التقدم أو متخلفة يشغلون وظائف غير مختصين بها ، لكن يعرف كل ذي دراية أن هؤلاء حصلوا على ماجستير في إدارة الأعمال ليسهل عليهم إدارة العمل في ميادين أخرى غير تخصصاتهم أو أنهم تدرجوا في عملهم بخبرات عالية ، أما من يدير أمور الثورة السورية في الخارج فلم يتضح أن أحدا منهم حصل على شهادة إدارية ، لكنهم وكما يقولون في أحاديثهم بأنهم قادة بالفطرة وهم مختصون في كل شيء ويعرفون كل شيء .
طبعا ، لا ننتقص من اختصاص وكفاءة هؤلاء في مجالات تخصصاتهم ، لكن أن يديروا قطاعات لم يعرفوا عنها شيئا ولم يمارسونها أبدا فهذه الطامة الكبرى ، إلا إذا كانت الغاية كما فعل خبراء منظومة ( ك ج ب ) والمدرسة التي تدور في فلكه ، وهذه هي حقيقة تعيينهم في وظائفهم .
وما يثير الريبة أن هؤلاء الذين يديرون شؤون الثورة السورية لا يقبلون أي صاحب كفاءة أو اختصاص عالي المستوى في أي مجال ، وهم يقابلونه إما بإسلوب التسويف والمماطلة حتى يقرف من هذا الأسلوب ويبتعد عنهم ومن يدير تلك الثورة أو يقابلون أصحاب الكفاءات بعدائية كبيرة كي يترك أصحاب الكفاءات الميدان لهم لأنهم يعتقدون بأنهم أولى بالمناصب الحكومية بعد الوصول إلى الحكم وهم يستحقّون السلطة لأنهم من كان يدير شؤون الثورة .
الأمر الغريب أنهم يديرون أعمالهم من تركيا ، التي يشهد الجميع بكفاءة ونجاعة المرحلة التي يقودها السيد أردوغان وفريق عمله ، الذي ضاعف الناتج الوطني التركي 4 أضعاف خلال عدة سنوات فقط ، وأصبحت بلدهم في مصافي الدول العشرين الكبرى في العالم ,ونقول لهم : ألم يشاهدوا أشخاص وكفاءات فريق السيد اردوغان كالسادة (عبد الله غل ، أحمد أوغلو ، علي باباجان ، والفريق الإعلامي المميز مثل سمير صالحة ومحمد زاهد غل ) وأمثالهم المتميزين في الإدارة والقيادة ، الم يدرسوا تلك التجربة ليستفيدوا منها ، ألم يطلعوا على آليات العمل التي تم اعتمادها لاختيار وتعيين تلك الشخصيات ؟؟؟.
ألم يتسفيدوا من تجارب دول الخليج التي أضحت مثالا يحتذى للدول الأخرى في التنمية والتطوير الإداري والمالي والفني ، ألم يشاهدوا في زياراتهم التي لا تنقطع الرياض وجدة والدمام ودبي وأبو ظبي والكويت والدوحة والمنامة وغيرها ، أم يهمهم خدمات الفنادق التي ينزلون فيها فقط ويتجولون بسيارات نوافذها غير مرئية ؟؟؟
هنا ، نتوجه للدول الداعمة للثورة السورية قائلين لقادتها : مشكورين أيها السادة على دعمكم للثورة السورية ، لكن هل ترضون أن تدار مؤسساتكم من قبل غير المختصين ،نتمنى عليكم اشتراط الكفاءة والتخصص حين تقديم الدعم لأن دعمكم سيذهب هدرا في النهاية .

غريب أمر العقلية السورية وأشخاصها ، لم تخرج عن ما تعلمتّه في مدرسة النظام ، وهي لم ولن تستفد من عبر الغير ودروسهم وتجاربهم سواء الناجحة أو المتعثرة .

لذلك أقول للأخوة الثوار والقوى العسكرية التي تقاتل في الميدان من كافة الأطياف ، لن تحققوا ما تبذلون دمائكم من أجله ، لأن نزعات التخريب الذاتي مغروسة في أذهان وعقول وأفعال من يديرون أموركم في الخارج ، أنتم في واد وهم في واد آخر .
أنتفضوا أيها الشجعان ، وافرضوا من يمثلكم في الخارج ، واعتمدوا على أصحاب الكفاءات الحقيقية ، والشخصيات التي لم تتلوث بأفكار وممارسات النظام ومدرسته التي دامت 50 عاما.
قد يتوفر لديكم بعض الوقت حاليا ، لكن إن تأخرتم في قراركم ، فلن تحصدوا من ثورتكم سوى الأسى والمرارة والدم الرخيص .

سفيان الحمامي


غياب بناء المؤسسات والقدرات البشرية
أفعال ممنهجة لرئاسة الإئتلاف والحكومة السورية المؤقتة

امتلك الإنسان المقدرة على تنظيم حياته وأعماله منذ أن خلقه الله سبحانه وتعالى، وتجلّت تلك المقدمة في تأمين مستلزمات معيشته وأمنه والدفاع عن نفسه في مواجهة الأخطار المختلفة.
ومع ازدياد مطالب الإنسان المعيشية والاجتماعية والاقتصادية كان يبتدع طرقاً جديدة تُحسِّن ما كان يقوم به وتقرِّبه من بلوغ أهدافه.
لذلك ، تدرجت أشكال تنظيم العمل والمؤسسات وبناء القدرات البشرية عبر مراحل عديدة تواكب كل منها درجة التطور الصناعي والتعقيد الفني ومستوى تأهيل العناصر البشرية وتوجهات القادة الإداريين والتشريعات القانونية ومدى تأثير البيئة المحيطة.
واتخذت الأشكال التنظيمية مظاهر هيكلية، ومكونات بنيوية ، وظروف مادية فيزيائية، وعلاقات وظيفية، ومستويات إعداد وتأهيل مهني، وأنماط قيادة متباينة بدأت من الشكل البسيط الذي يوافق الورشة الصغيرة إلى الشكل المركزي البيروقراطي الذي يناسب المكننة إلى تشكّل اللامركزي، المصفوفي/ الشبكي الذي يسهّل أعمال الأتمتة إلى الأشكال الجديدة المتطورة التي تتفق وعصر المعلومات، ورافق ذلك التطور تغيرات هائلة في عقليات القادة الإداريين ومدى الاهتمام بعلوم الإدارة والتنظيم واستخدامها ونتائجها.
تدّل تلك التطورات المتلاحقة إلى أن القادة وأصحاب القرار كانوا دائماً في إطار التغيير سواء أقصدوا ذلك أم لم يقصدوه، وكانوا يسبحون فوق أمواج الحركة التطورية التي تخص ميادين نشاطهم وأعمالهم، وهذه الحركة هي تعبير حتمي عن سنة الكون والحياة التي تتصف بالتبدل والتغير المستمرين.
قديماً، قال الفيلسوف الإغريقي (بترونيوس أربيتر عام 66م): «كنا نتدرب بقسوة، لكن يبدو أننا كلما أوشكنا على أن نصبح فرقاً متماسكة يعاد تنظيمنا من جديد، وقد قدّر لي فيما بعد أن أعلم أن الإنسان حين يتقدم به العمر يميل إلى مواجهة أي وضع جديد بإعادة التنظيم».
يحمل ذلك القول دلالات كثيرة تغطي ضرورة التنظيم وأهميته قبل البدء بالعمل، ولايغفل القول آثار البيئة الخارجية على الواقع والتغيرات التي تحصل أيضاً في البيئة الداخلية الأمر الذي يستدعي اللجوء إلى التنظيم وإعادة التنظيم باستمرار لمواكبة التغيرات المتعددة التي تفرض نفسها على الواقع.
علميا ومنهجيا ، يتم تنظيم المؤسسات وإعادة تنظيمها مع الأخذ بالاعتبار عوامل عديدة تطورت خلال الحقب الماضية وتعبّر عنها ثلاثة ملامح هي:
ـ الأول: هو تجلي الوعي بالأهمية الاستراتيجية لحياة المؤسسات والإدارات.
ـ الثاني: يتعلق بالأفكار التي تخص السلوكيات الفردية وسلوكيات الجماعات و شخصيات القادة.
ـ الثالث: هو سمة التطور الذي يتعلق بالنظرة الملقاة على سير عمل المؤسسات في سمتها التنازعية.

بالعودة إلى واقع الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة وحكومته المؤقتة ، نجد أن كل ما خلصت إليه علوم التنظيم الإداري وبناء المؤسسات وإدارة الموارد البشرية غائبة تماما في ممارساته وافعاله ، وذلك الغياب منهجي متعمد من قبل من يقود ذلك الائتلاف والحكومة المؤقتة لأن وجود المؤسسات وتكريس إدارة الموارد البشرية يعرّي الممارسات العشوائية لمن يدير ذلك الائتلاف والحكومة المؤقتة ويظهر الخلل الفاضح في أفعالهم وسلوكياتهم واتجاهاتهم الإدارية .
يلاحظ المتتبع لواقع ذلك الائتلاف وحكومته المؤقتة غياب كامل لأي تنظيم مؤسسي في كافة مسمياته الإدارية إذ لا يوجد تنظيم هيكلي لأي وحدة إدارية من أصغر تسمية بنية إدارية إلى أكبر مسمى إداري ، وبالطبع يتيح ذلك الغياب الكلي للمؤسساتية الى سهولة الممارسة الاعتباطية والمزاجية والشخصانية وما يتلوها من الشللية والعشائرية والإقليمية والمناطقية في العمل مما يدفع الممارسات الى تعزيز التزلف والاستزلام لقاء الحصول على المزايا التي يغدقها من يدير ذلك الائتلاف والحكومة المؤقتة ، طالما لا يوجد من يحاسبهم وفق منطق المؤسسات وآليات العمل المؤسسي التي تحكمها بنى هيكلية وقوانين وأجهزة مراقبة ومحاسبة وعقوبات تردع الممارسات والسلوكيات الخاطئة .
يظهر من تعمد غياب المؤسساتية التي تعززها ممارسات عدم بناء المؤسسات ( التنظيمية والهيكلية والقانونية والعلاقاتية ) شاخصة وبجلاء في ما يسمى وحدات ادارية تابعة لذلك الائتلاف والحكومة المؤقتة ، وهذا لا ينم فقط عن جهل من يدير تلك الأجهزة الإدارية بأسس بناء المؤسسات بل يتعداه الى سلوكيات ممنهجة من قبلهم برفض قبول أي طابع عمل مؤسسي للاجهزة التي يديرونها ، وذلك كي يتاح لهم فعل ما يريدونه وفق أجندات شخصية بالاستثار والتحكّم بمواقعهم وإبعاد كل مختص وصاحب كفاءة عن المواقع التي يشغلونها ، وما يهمهم هو ديمومة تلك الكراسي الوهمية التي يشغلونها لأنهم ما يزالون في طور عيش وهم السلطة كون سلطاتهم لا تتعدى عدة أشخاص من مرافقين وحراس ينعمون عليهم بالرواتب من حساب عيش نصف الشعب السوري الذي يصارع في سبيل إيجاء الخبز ليبقى على قيد الحياة .
والأخطر من غياب بناء المؤسسات هو تعمّد هؤلاء الذين يديرون الائتلاف والحكومة المؤقتة، إبعاد أي شكل من بناء القدرات البشرية للسوريين الذين هم إما في بلاد اللجوء أو في حالة عيش النزوح أو في مدى الاستهداف بالقتل من طائرات وصواريخ وقذائف النظام ، لأن بناء القدرات البشرية يهددّهم في وجودهم الوظيفي الوهمي لأن بناء القدرات البشرية يكشف بسرعة الكفاءات الحقيقية للبشر ، وهذا سيظهر ضعف كفاءات من يدير الائتلاف والحكومة المؤقتة وما سيتبع ذلك من المطالبة بترحيلهم من مواقعهم الوظيفية التي يشغلونها ولاحقا محاسبتهم ومعاقبتهم على ما فعلوه من عمر الثورة السورية التي يغمس الثوار دمائهم بتراب الوطن ، بينما يتنعم من يدير أجهزة الائتلاف والحكومة المؤقتة بالسفريات الخارجية والرحلات والنزهات والعيش في مكاتب وبيوت مكيّفة بعيدين تماما عن الواقع الأليم الذي يحيط بالثوار والشعب السوري الثائر .
ويتجلّى تعمّد غياب بناء القدرات البشرية من قبل من يدير الائتلاف والحكومة المؤقتة بحالة رفضهم المطلق لأي صاحب كفاءة من السوريين الذين يشهد لهم الجميع بالكفاءة والوطنية والمصداقية وباستخدام ذرائع متنوعة وعبر ممارسات المماطلة والتسويف مع أصحاب الكفاءات العالية أو عبر اتباع السلوك العدواني معهم مما يولّد لدى أصحاب الكفاءات بأنهم سيتعاملون مستقبلا مع زعران الثورة السورية والمعارضة الذين لا يقلّون زعرنة عما يمارسة أزلام النظام ، وهؤلاء الذين يديرون الائتلاف والحكومة المؤقتة يحيطون أنفسهم بالمطبّلين لهم والمادحين بما ينمّي لديهم النشوة بالسلطة وغطرستها وممارساتها القاتلة ، ويدرك كل ذي بصيرة بأنهم لا يمتلكون سلطة حقيقية بل وهمها لأنهم في سلطتهم غرباء عن وطنهم وضميرهم وإحساسهم الإنساني والمجتمعي .
يعرف أصحاب الفكر الاستراتيجي والمختصون بالقيادة الإدارية بأن كافة الثورات التي نجحت في تاريخ العالم ، ارتكزت إلى عدة مرتكزات مثلت عناصر نجاح خلال عمر الثورات وتلك العناصر هي :
- بناء المؤسسات التربوية والتعليمية ، لأنها هي المولّد الحقيقي للعناصر البشرية التي تحارب وتبني وتدير كل شيء ( والجدير بالذكر بأنه لم يتم بناء أي مؤسسة تربوية وتعليمية للإتلاف والحكومة الموقتة بل ما بني هو تسميات كرتونية لا صلة حقيقية لها بالتربية والتعليم والأنكى من ذلك أن من يقود ما تم تسميته المؤسسات التربوية والتعليمية يحملون شهادات في طب الأسنان والهندسة ويرفض هؤلاء دخول أي مختص بالتربية والتعليم لبناء تلك المؤسسات ) .
- بناء المؤسسات الصحية بجوانبها الوقائية والعلاجية وغير ذلك ، التي تتولى علاج واستشفاء الثوار والشعب الثائر (والجدير بالذكر بأنه لم يتم بناء أي مؤسسة صحية تتبع الائتلاف والحكومة المؤقتة وكأن الثوار والمواطنين الذين يقاتلون ويتعرضون للقتل والإصابات والجروح لا حاجة لهم بالمؤسسات الصحية وخدماتها ) .
- بناء المؤسسات ذات الحكم المحلي كي تحكم الثورة سيطرتها على مناطق تستلزم بناء تلك المؤسسات اداريا وقانونيا وماليا ( ويذكر بأنه لم يتم بناء أي مؤسسة بشكل علمي ومنهجي لها طابع الحكم المحلي وفق أسس الحوكمة الصحيحة ، وما تم هو اجتهادات أفراد مشكورين على ما قاموا به بتواضع معرفتهم وخبراتهم لتسيير مجتمعاتهم المحلية بالقدر المتاح لهم ) .
- بناء المؤسسات العسكرية والأمنية التي تحافظ على البنى الأخرى وتدافع عنها وتقاتل عصابات الحكم وتواجه الجرائم التي يمارسها أفراد تلك العصابات الحاكمة ( لم يتمكن الائتلاف والحكومة المؤقتة من بناء تشكيل عسكري وحد له طابع التنظيم الإداري العسكري الصحيح الذي يتطلب وحدة الهدف والقيادة والأمر وغير ذلك ، بل إن ما قام به الائتلاف والحكومة المؤقتة هو التفريق بين الوحدات العسكرية وخلق الفتن والصراعات فيما بينها ، ويكفي النظر الى التشكيلات العسكرية للحكم على الواقع العسكري الأليم ) .
هنا نبيّن ، عبر نظرة فاحصة بسيطة لركائز نجاح الثورات ضد الإنظة الظالمة ، واسقاطها على ما قام به من يدير الائتلاف والحكومة المؤقتة فيظهر التالي :
• المؤسسات التربوية والموارد البشرية : لا توجد وزارة أو بنى مؤسسية تتولى المهام الحقيقية لتحقيق أهدافها بل هناك هيئة تربية وتعليم يديرها طبيب أسنان ومهندسين لم يعملوا قط في الحقول التربوية والتعليمية ويوزعزن الأموال التي بحوزتهم على الأتباع ، وهذا تعمّد منهجي في تخريب منظومة التربية والتعليم والأجيال القادمة في سوريا المستقبل .
• المؤسسات الصحية والاستشفائية والتأهيلية : لا توجد وزارة أو هيئة صحية واحدة مع العلم أن تقارير الأمم المتحدة أظهرت للعالم أجمع أن أكثر من نصف المؤسسات الصحية السورية قد دمرت، ونوجّه الشكر الى المنظمات الدولية والخيرية التي تقوم بذلك لصالح الثوار والمواطنين ، وهذا عمل ممنهج لاستكمال أفعال النظام الإجرامية في القطاع الصحي .
• مؤسسات الحكم المحلي : توجد وزارة إدارة محلية يديرها صيدلي كان يعمل في قطاع الصناعات الدوائية بإشراف بشرى الأسد والمخابرات الجوية مهناك أقاويل بأنه مخبر يتبع لهما في الخفاء وتم إلحاقه بالإتلاف وترشيحه لهكذا وزارة للتخريب ، ولا يوجد معه أي مختص بالإدارة سوى بعض الاتباع المنتفعين من المزايا الذين يدّعون التخصص بالإدارة .
• المؤسسات العسكرية : توجد وزارة دفاع لا تمون على نفسها ولا يتوفر لها تنظيم هيكلي إداري كسائر الأجهزة العسكرية حتى البدائية في العالم ، ووزيرها يحمل شهادة في الأدب العربي ويشهد له تاريخه بالإشتراك في مجزرة حماة التي قتل فيها 40000 مواطن سوري حموي ، وسرق ونهب من حماه ووزارة الزراعة في سوريا حين كان يتولاها في فترة حكم حافظ الأسد مما جعله رجل أعمال وكذلك أبنائه في الكويت ، وهناك أقاويل بأنه مدسوس في القطاع العسكري لتدميره وما قام به من خلق الفتن والنزاعات بين الفصائل يشير لذلك .
قد يسأل سائل : لماذا لم يتم بناء مؤسسات للثورة السورية وبناء قدرات بشرية للموارد البشرية السورية ، نقول لهم بوضوح إنها سياسة متعمدة وممنهجة اتبعها من يدير الائتلاف والحكومة المؤقتة سيرا على نهج النظام الذي دام خمسين عاما وفحواها تغييب بناء المؤسسات والقدرات البشرية كي يستمر من يحكم للأبد سواء أكان النظام أو شخصيات الائتلاف والحكومة المؤقتة .

لذلك ، يدرك كل ذي بصيرة أن قيادة الائتلاف والحكومة المؤقتة تمثل الوجه الآخر للنظام ، هما عملة واحدة بوجهين .
أخيرا ، نقول للثوار ومواطني الشعب السوري الثائر ، اخلعوا هؤلاء عن قيادة الائتلاف والحكومة الموقتة ، ولا تقبلوا بهؤلاء الذين سيخرّبون حاضركم ومستقبلكم كما خرب النظام ماضيكم ، هؤلاء خريجو مدرسة النظام وامتداد لها بمسمى آخر هو الائتلاف والحكومة السورية المؤقتة .

سفيان الحمامي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة