الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صفحات من تاريخية نضال الحزب الشيوعي العراقي صور من مقاومة الشعبية لانقلاب شباط 1963 (2-2)***:

عقيل الناصري

2014 / 4 / 5
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


بمناسبة الذكرى الثمانين

صفحات من تاريخية نضال الحزب الشيوعي العراقي
صور من مقاومة الشعبية لانقلاب شباط 1963 (2-2)***:

وفي البصرة قادت الطبقة العاملة المقاومة ضد الانقلابيين وسيطرت على جميع مرافق الإدارة المحلية واستمرت المقاومة حتى مساء 12 شباط... كما جرت محاولات للقيام بعمل مسلح في وحدات الموصل والديوانية... ].
كما نجح السجناء السياسيون في سجن الكوت والذين قدر عددهم بـ 150 سجيناً بالتحشد داخل السجن مطالبين بفتح أبواب السجن وإطلاق سراحهم للمساهمة في قمع الانقلاب، وعلى ضوء ذلك تجمهرت مظاهرة من مواطني المدينة، أمام السجن تضامناً مع السجناء السياسيين، مما أدى إلى استجابة العاملين في السجن وفتحوا الأبواب وانضم هؤلاء السجناء إلى التظاهرة المدنية التي سارت في شوارع المدينة مستنكرة الانقلاب.
لقد عمت المظاهرات السلمية المناهضة للانقلاب الغالبية العظمى للمدن والحواضر العراقية صباح ذلك اليوم بدون استثناء، سواءً في الجنوب أو الوسط، في الفرات الأوسط أو كردستان العراق. وكان أشدها في العاصمة بغداد وضواحيها. كما خرجت مظاهرات سلمية في بعض الحواضر التي سيطرت على شارعها السياسي القوى السياسية المؤيدة للانقلاب وتحديداً في المدن الواقعة شمال مدينة بغداد وأعالي الفرات.
وفي معسكر الوشاش، قامت مجموعة من العسكريين الشيوعيين بقيادة الملازم فاضل عباس بالهجوم على مشاجب الأسلحة في البطارية التي يقودها بمساعدة عدد من ضباط الصف بغية إيقاف القوة القادمة من أبو غريب والحبانية، ومحاولة التصدي لها ودحرها. لكنه لم يستطع تحقيق ذلك المخطط، نظراً لتطويقهم من قبل بعض العناصر الانقلابية من داخل المعسكر وخارجه إذ طوقتهم الدبابات القادمة من أبو غريب قبيل خروجهم واعتقل كثير من منتسبي هذه البطارية.
في الوقت ذاته قامت مجموعة من الضباط وضباط الصف الشيوعيين ( ضابطان و19 من المراتب) وبعض عناصر الخط المدني في بَعْقُوبة بالسيطرة على مقر الفرقة الثالثة في معسكر سعد، وتمكنت من السيطرة على بعض مشاجب الأسلحة التي وزعت على العناصر المؤيدة لحكومة الزعيم قاسم، ولكنهم اصطدموا بقوى الانقلابيين، وفشلت محاولتهم بسبب التردد في اتخاذ الموقف المناسب بسرعة وحزم من الموالين الذين تلحفوا بالخوف وإطاعة الأوامر الكاذبة التي كانت تبثها الإذاعة.
لقد"... توجه البطلان صلاح وعبد المجيد إلى الرئيس الاول ( الرائد ) عبد الكريم حسن، وهو من أهالي البصرة وكان معروفاً بوطنيته وحسن أخلاقه وإيمانه بشعبه وحبه لعبد الكريم قاسم، لاخذ الاوامر بالسيطرة على كتيبة دبابات الفرقة السادسة والتوجه إلى بغداد لمساندة عبد الكريم قاسم، إلا إن الانقلابيين الجبناء أستطاعوا قتل هذا الضابط الوطني قبل وصول صلاح وعبد المجيد.. وحدثت معركة كبيرة بين المنتفضين والانقلابيين أستمرت حتى الليل،وأستطاع الثوار قتل سالم الدباغ أمر البطرية الاولى.
وقد وصلت إلى المعسكر قوة كبيرة بقيادة العميد عبد الجبار شنشل ضابط ركن الفرقة السادسة والفريق الركن نصيف جاسم السامرائي أمر كتيبة هندسة الفرقة، أستطاعوا تطويق المعسكر وإعتقال اللواء الركن عبد الكريم محمد قائد الفرقة الثالثة، وهو أحد الموالين للزعيم عبد الكريم قاسم، قطع طريق الجنود الذين كان عددهم بالمئات خارج المعسكر والذين كانوا يريدون الالتحاق بانصار ثورة 14 تموز.. كما إن الحرس القومي المجرم أستطاع سد منافذ بعقوبة المؤدية الى بغداد... "..
وبعد فشل المقاومة تم احالة المنتفضين إلى المجلس العرفي العسكري الأول برئاسة العميد شمس الدين عبد الله، الذي تولى محاكمة المقاومين و "... كانت حصيلة مقاومة الضباط ومراتب وجنود معسكر الوشاش في بغداد ومعسكر سعد في بعقوبة القاء القبض على 3 ضباط صغار و2 عرفاء 13 نائب عريف و3 جندي أول و5 جنود و1 مدني ... وصدرت احكام بالاعدام رمياً بالرصاص بحق الممقاومين في معسكر سعد... ". وقد وبلغ عدد الذين نفذت بحقهم احكام الاعدام 26 عسكرياً ونفذ الحكم بهم يوم 13/3/ 1963 .

وفي معسكر أبو غريب قامت، مساء يوم الانقلاب الثامن من شباط، مجموعة من العناصر الشيوعية والقاسمية بمحاولة، هي الأخرى لم يكتب لها النجاح، بالسيطرة على كتيبة الدبابات الرابعة ذاتها، مركز الانقلابيين، وأغلب القائمين بها هم من مراتب ضباط الصف والجنود، حيث هجموا على مقر آمر الدروع المعين من قبل إذاعة الانقلاب (خالد مكي الهاشمي)، لكن عناصر حمايته حالت دون ذلك وتمكنت منهم وقتلتهم جميعاً، كما تعترف بذلك المصادر الرسمية الحكومية في السبعينيات.
أما في معسكر الرشيد، فقد بدأت منذ بداية الانقلاب تحركات مضادة له من قبل الضباط الشيوعيين والقاسمين، يؤرخها أحد الطيارين الثلاثة الذين بدأوا في القصف الجوي وهو الطيار فهد السعدون، الذي أحبط هذا التحرك، الذي لو قدر له النجاح، لما استطاع الانقلاب السيطرة على الحكم والفوز به. يقول الموما إليه: [ شاهدنا الآن تحركات واضحة للطائرات إذ:
1 - تحركت الطائرات على الأرض باتجاهات مختلفة، بعد أن خرجت من الأوكار.
2 - أخذت المشغلات تلتحق بالطائرات لتشغيلها.
3 - أخذت السيارات تنقل الطيارين والمراتب.
يقوم بهذه التحركات السرب الخامس بقيادة الرائد الطيار خالد ساره (ميك 19)، وبدأت الطائرات تشتغل. نادينا على المسيطر الجوي فأجاب، وطلبت منه أن يوقف تشغيل الطائرات والكف عن محاولتهم الطيران، وعلى الطيارين الأبتعاد عن الطائرات، وإلا فسوف نقصفها، فأجاب: إننا نستلم أوامرنا من وزارة الدفاع، من الزعيم عبد الكريم قاسم. من أنتم؟ وطلب معرفة أسمائنا ووحداتنا، وبعد دقائق اتصل ثانيةً وطلب منا أن ننزل في المطار للاستسلام... فأجبته لك مهلة نصف دقيقة لترك البرج وإلا قصفنا البرج. فما كان منه إلا الهروب مع الآخرين... وأخذنا نتصل بالطيارين والطيارات التي كانت تدرج على ممرات المدرج حيث شاهدنا اثنتين تتجهان إلى المدرج الرئيسي فانقضضنا عليها أنا وواثق... فاشتعلت النار بالطائرتين وكانت محملة بالصواريخ التي أخذت تنطلق منها تلقائياً بعد احتراقها إلى جميع الاتجاهات.
وأخذنا ندور حول المعسكر وأدرت الطائرة نحو وكر السرب التاسع ففتحت النار عليها وشاهدت الانفجار الهائل الذي حدث بالوكر بأجمعه. وفي هذه الأثناء التحق منذر وشاهد النار تشتعل في الطائرات والوكر يحترق، استفسر منا وأخبرناه بما نقوم به وسببه وأعطيناه صورة واضحة لما يحدث وشاهد بنفسه انتشار الطائرات أمام الوكر فانقض منذر وضرب نفس الوكر وكذلك الطائرات أمام الوكر فاشتعلت فيها النيران، ثم قصفت أنا وواثق نفس الوكر بالتعاقب وأكملنا نسف الوكر للسرب التاسع، أي تم تدمير الوكر بأكمله حيث اشتعلت النيران بجميع العجلات والأبنية وهرب المراتب إلى جميع الاتجاهات... وأخذنا نشاهد العتاد المعبأ بالصناديق ينفجر والصواريخ تنطلق من جراء الحريق، فزادت الحرائق اشتعالاً وهب لهب كبير في جميع الاتجاهات، وهكذا تمت السيطرة الكاملة على سماء بغداد ولم يعد هناك تهديد بإمكانية التحليق... ] .
كما حاول الطيار خيري كاظم حميد، من نفس القاعدة الجوية في معسكر الرشيد، من التسلل إلى إحدى الطائرات الرابضة في القاعدة، بغية قصف مقرات الانقلابيين، لكنهم اكتشفوا ذلك في اللحظات الأخيرة وأنزلوه من طائرته واعتقل، مع العديد من الطيارين الذين كانوا خفراً في تلك الليلة. بعد ذلك تم الاتفاق بين الطائرات المغيرة وآمر القاعدة الجوية المقدم عزيز أمين، الذي أعلن عدم تصديه للحركة الانقلابية وسهل السيطرة الكاملة على القاعدة بعد أن أغلق مدرج المطار بالسيارات المغيرة وحاملات الوقود وحرك ما لا يقل عن ستة عجلات ووضعها في بداية المدرج ونهايته، بناءً على طلب طياري الطائرات المغيرة.
كما جرت العديد من المحاولات والتي عمت مختلف المعسكرات منها في معسكر الشعيبة بالبصرة، والتي لم يُسلط الضوء عليها من قبل السلطة وكُتابها، حتى لا تتضح الصورة الحقيقية لحجمهم القليل؛ ولا الواقع الحقيقي لنظام تموز ومؤيديه من وطنيين و مستقلين وشيوعيين؛ ولا سعة عدم التأييد والمقاومة لهم.
هذه التحركات قد أُخمدت لأسباب عديدة منها:
صغر حجمها؛ عفوية بعضها غير المنظمة؛ وخضوعها لمتطلبات الانضباط العسكري وقواعده؛ كما أن صغر رتب القائمين بها كان عامل فشل للبعض الآخر؛ وعدم تحرك قوى مساندة ووصول امدادات؛ أو وحشية القمع الذي جوبهت بها مما أثر في اتخاذ قرار المشاركة؛ وأخيراً دور أخبار الإذاعة الملفقة.
أيضاً قد يضاف إلى ما سبق مسألة اتساع جماهيرية الحزب الشيوعي، هذا الاتساع رغم أنه يشكل عامل قوة لكن له جوانبه السلبية المتمثلة في أن العمق والثبات التي تتطلبه الأوقات الصعبة لم يكونا حقيقيين وهذا ما جعل الخوف يثني الكثيرين من رفاق الحزب ومؤيديه عن التحرك الجدي لإجهاض الانقلاب والأهم من كل هذا من وجهة نظرنا الإدارة الناجحة لمقاومة الانقلاب ونعني بالإدارة هنا القيادة التي تمسك بكل القوى المتاحة وقدرتها على تحريكها حسب متطلبات الموقف في الزمان والمكان والطاقات.
من هذا يتضح أن خطة الطوارئ، التي وضعتها قيادة الحزب الشيوعي لم تطبق.. وقد اعتمد الحزب على المبادرة الذاتية والفردية لقواه في الجيش، لكنها لم تتحرك بالشكل الكامل والمطلوب منها في الوقت المناسب.. في حين كانت الجماهير العزلاء في المدن والأرياف تنتظر تحرك هؤلاء العسكريين. وقد ضاع في هذا الترقب والانتظار والتردد في اتخاذ القرار وقت ثمين للغاية، كان بإمكانه تغيير موازين القوى آنذاك.
الهوامش:
*** مستل من كتاب الانقلاب التاسع والثلاثون، عبد الكريم قاسم في يومه الاخير، في طبعته الجديده المنقحه والمزيدة ، سيصدر قريبا بمجلدين عن دار الجمل في كولونيا.
1 - زكي خيري وسعاد خيري، دراسات في تاريخ، مصدر سابق، ص 381.
12 - عبد الكريم جعفر الكشفي، انتفاضة معسكر سعد الخالدة في بعقوبة، موقع الحزب الشيوعي العراقي، في 9/2/2014.

13 - مستل من شامل عبد القادر، الاغتيال، ص. 134، مصدر سابق.
14- ادناه بعض أسماء الذين تم إعدامهم الحياة برميهم بالرصاص يوم 13/آذار/1963 في معسكر سعد هم:-
"... نائب عريف تركي جابر عمره 25 سنة.، نائب عريف صلاح عطية عمره 25 سنة.؛ جندي أول جمال علي عمره 22 سنة.؛ نائب عريف حديد تانا عمره 25 سنة.؛جندي مكلف حسن عبود عمره 22 سنة.؛نائب عريف حميد نجيب عمره 25 سنة؛ نائب عريف خالد عبد الرزاق عمره 25 سنة.
• نائب عريف داود سليمان فتوحي من الموصل وهو من مواليد 1934؛ نائب عريف راضي محمد عطية تولد 1941 من العمارة.؛ نائب عريف رستم مجيد عمره 25 سنة.؛جندي مكلف رشيد أحمد عمره 22 سنة.؛ نائب عريف رشيد بندر عمره 25 سنة ؛ نائب عريف زكي جلوب موسى من مدينة العمارة تولد 1935 تطوع في الجيش العراقي عام 1958.؛ جندي مكلف صافي عبود عمره 21 سنة؛ نائب عريف ناجي رحيم عمره 25 سنة؛ الملازم البطل صلاح محمد جميل بطل الانتفاضة وهو من مواليد الديوانية 1938؛ نائب عريف عدنان رستم 25 سنة ؛ نائب عريف عبد الحسين حسن عمره 25 سنة ؛ الشهيد البطل عبد المجيد محمد جان الرجل الثاني في الانتفاضة، من مواليد بغداد 1929، كان مهندساً في وزارة البلديات وتطوع في الجيش العراقي؛ نائب عريف عطشان هاشم 26 سنة؛ جندي أول علي عزيز حسون 21 سنة.؛جندي أول عمر علي مردان تولد 1941 من أهالي كركوك؛ نائب عريف قاسم عبد الله عمره 24 سنة.؛جندي محمد حسن عمره 20 سنة.هذا ما امكن جمعه من عدة مصادر ومن ذاكرة المعايشين للانتفاضة، وربما أغفلت بعض الاسماء فمعذرة....". مستل بتصرف من: عبد الكريم جعفر الكشفي، مصدر سابق.
15- خليل إبراهيم حسين، الموسوعة، مصدر سابق، ص 361 - 363








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل | المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: هذا ما سنفعله خلال الس


.. عاجل | الجيش الإسرائيلي يحذر: مطار بيروت سيكون هدفا في هذه ا




.. الجيش الإسرائيلي يدعو إلى إخلاء أحياء في ضاحية بيروت الجنوبي


.. إعلام إسرائيلي: الهجوم الأخير على الضاحية الجنوبية لبيروت سي




.. النرويج.. مظاهرات تضامنية مع لبنان في أوسلو ضد العمليات الإس