الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتماء إلى الوطن في روايات اليهود العراقيين

بطرس نباتي

2014 / 4 / 10
الادب والفن


الانتماء إلى الوطن في روايات اليهود العراقيين

بطرس نباتي

تتسم روايات الكتاب اليهود العراقيين بالشعور العميق بالانتماء الوطني وبتعلقهم المستميت بما اكتنزت ذاكرتهم من رموز وأحداث استمدوها من خلال عيشهم في المدن والقرى التي كانوا جزءً منها لحين فراقهم لها وعلى مضض ، وهذا إن دل على شيء فأنه يدل على بقائهم مخلصين لهذا الوطن الذي لم يقدم أبناءه للأسف ما كان يجب أن يلاقيه هؤلاء الموطنين الأصلاء .
التاجر شليمو الكتاني الكردي بطل رواية( شلومو الكردي ،انا والزمن) للروائي سمير النقاش ،لا يتذكر لا هو ولا اجداده القدامى متى سكنوا في موطنهم هذا .
ويقول على لسان بطل الرواية " لربما نحن هنا قبل ان تخلق هذه الجبال" ويقول ايضا في موضع اخر " بيد اني كردي وعنيد ،ان جسمي الفارع الهائل سروة منتصبة نشأت على ارض كردستان بلوطة لن تقصمها اعتى زوابع الكون وجناني قد من صخر بلد نشأت في احضانه فهو ليس برعديد انه لا يخفق خوفا بل حنقا على هذا الظالم المعتوه الجالس على عرشه يتلاعب برقاب رعيته ويطوح بها بغير حق"
ألا يكفي بعد هذا الاعتراف الضمني بالانتماء إلى الوطن والتعلق به أن نفكر ولو قليلا بإنصاف من نعتهم بعض السياسيين والمؤرخين المؤدلجين بأنهم كانوا خونة للوطن وجواسيس وغيرها من التهم .
يعمد النقاش إلى أسلوب تقديم ما يحيط بشخوص روايته بأسلوب الكشف التدريجي سواء عن طريق الحوار أو المنلوج الداخلي ، ليكتشف المتلقي بنفسه ما يحيط بحياة اليهود ومدى تفاعلهم مع المحيط الاجتماعي والبيئي لهذه الشخوص .
فعن حياة بطل روايته التاجر شليمو الكتاني فهو شخص يهودي يشتغل بالتجارة بين أيران والعراق والهند مشاركا أحد التجار الكورد الأيرانيين بكافة أعمال التجارة وما تقتضيه من السفر والترحال سواء عبر البر أو البحر ، شليمو كتاني بطل الرواية يدعوه الراوي ب شليمو كتاني الكردي يتقاسم في وطنه العيش و السكن مع أخيه الكردي المسلم في صابلاخ(ايران)إلى حين تركها لها و تهجيره منها قسرا بعد سلسلة من المعارك الشرسة بين روسيا القيصرية والجيش التركي أبان الحرب العالمية الاولى ، لوقوع هذه المناطق في سلسلة حلقات التآمر الدولي وعندما نزوحه عنها مرغما مع أفراد عائلته يتجه صوب بغداد ليتخذ منها ملاذا امنا له ولعائلته الى حين يضطر الى هجرها هو وأقرباؤه ،بفعل المذابح التي نصبها بعض سكان الريف عندما استباحوا بغداد للتنكيل باليهود.
يتناول الرائي في رواية شليمو الكردي تلك الأحداث التي وقعت في شهر ايار عام 1941 وما اطلق عليه ايام الفرهود ، والتي دفعت بأبناء هذا المكون العراقي ، تحت وطأة الاضطهادات تارة وبالأغراء بالهجرة إلى الوطن قومي الموعود تارة أخرى إلى الهجرة وترك وطنها.
أحداث ما دعي ب الفرهود يتناولها روائي آخر هو اليهودي العراقي نعيم قطان في روايته (وداعا بابل) حيث يقدم وبأسهاب تفاصيل وحيثيات هذا الحدث.
يقول على لسان بطل روايته نسيم " سمع البدو النداء وكانوا على اتم الاستعداد وهكذا اخلى القانون المكان للغريزة كل شيء مسموح به الان وهاهم يعودون الى طقوسهم القديمة" ويذكر في ذات الحادث "زحفوا على المدينة المباحة المسلمة الى رغباتهم الدفينة " ومن الضحية ياترى يقول" سيكون اليهود ضحية الجوع المكبوت وهذا الظمأ المدمر من بعيد كنا نسمع طلقات النار تقترب وكان الحريق يحتل مساحات جديدة " وعن تقدمهم لأستباحة بغداد بدأ من حي ابو سيفين الاكثر الاحياء فقرا ثم سوق حنون والشورجة وعقد النصارى حيث تم عبوره بسرعة، وشارع الرشيد وحي السنك والبتاوين والباب الشرقي وغيرها من محلات بغداد التي يصف ما يحدث فيه من مجازر وحشية بحق هؤلاء والذنب الذي يعاقبون عليه فقط لكونهم يهوداً، وفي هذا الفرهود أستثني المسيحيين منها تلك المرة ،لأسباب لم يتناولها في الرواية.
هل فكرنا يوما ،من هم السكان الاصليون لهذا الوطن ، المؤرخون يقولون حسب التسلسل التاريخي ، أنهم السومريون ، ثم البابليون ثم الاشوريون ،ولكن المخفي من التاريخ والذي يخشى معظم المؤرخين، من البوح به حتى مع أنفسهم وهو القول أن اليهود الذين جلبهم ملوك بابل في السبي الاول والثاني ، هم السكان الاصلاء لهذا البلد هؤلاء اليهود يرجع تاريخهم الى اكثر من 4000 سنة قبل الميلاد ومن هؤلاء انبثق بعض الانبياء كنبي يونس ونبي ناحوم ، الا يستحقون اذن التفاخرفي كتاباتهم ورواياتهم بأنهم على الأقل ، من سكان العراق القدامى وان أمتدادهم التاريخي يعود الى بابل واشور؟ فأيام السبي الاول يعود الى تلك الفترات التاريخية ، وأن المؤامرات الدولية هي التي فصلتهم عن وطنهم الأصلي العراق ، رغما عنهم، ليسكنوا في وطن بديل ، وهذا الوطن البديل لم يقدم لهم سوى تفجير مشاكل دولية وإقليمية ، كانت نتائجها حروب عديدة مدمرة للمنطقة بأسرها ولكن ما يحير الانسان المتابع الذي يستقريء الحالة العراقية ، وقوع هذه الجرائم أي جرائم تهجير وتقتيل المسيحيين والصابئة واليزيدين وغيرهم (ممن يطلق عليهم الاقليات)، نسبة الى تناقص عددهم نتيجة عدم تقبل القوميات والقوى المحيطة بهم لمبدأ التعايش السلمي والتعدد القومي والمذهبي وغيرها من مباديء الديموقراطية ، أذن من حدة الاحداث التي نشهدها ومن تراكم التجارب التي مرت ، يظهر باننا سنشهد تهجيراً جماعياً اخر أكثر قسوة مما حدث في الماضي ،ولكن مع ذلك يمكن ايقافه أو الحد من اثاره لو أستطاعت القوى العلمانية وبعض القوى القومية والاسلامية غير السياسية سواء من الشيعة او من السنة، في توحيد جهودها للحد من الاثار السيئة التي خلفها التيار الاسلامي السياسي المتشدد داخل المجتمع العراقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | 200 فنان يتضامنون لإنقاذ العالم من موسيقى الذكاء ا


.. أبرزهم شقو وعالماشي واحدهم وصل 38 مليون .. 4 أفلام تتنافس ف




.. شبيه عادل ا?مام يظهر فى عزاء الفنانة شيرين سيف النصر


.. وصول نقيب الفنانين أشرف زكي لأداء واجب العزاء في الراحلة شير




.. عزاء الفنانة شيرين سيف النصر تجهيزات واستعدادات استقبال نجوم