الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


«العقاد» وتناقضات الليبراليين

فريدة النقاش

2014 / 4 / 23
الادب والفن


احتفلت الأوساط الثقافية فى الأسابيع الماضية بالذكرى الخمسين لرحيل الكاتب المفكر والشاعر «عباس محمود العقاد»، واتخذ الاحتفال طابعا تمجيديا لا نقديا فى الغالب الأعم، وغيب هذا التمجيد الواسع العناصر السلبية والرجعية فى فكر «العقاد» وأدواره، وهذا التغييب هو ناتج النزعة شبه الدينية التى تقول «اذكروا محاسن موتاكم»، وهى نزعة لا تراعى الفروق بين المواطن العادى البسيط والكاتب والسياسى والمفكر الذى يمارس أثناء حياته وبعد موته تأثيرا كبيرا على الحياة العامة بما فيها من صراعات وتوجهات متناقضة، وقد مارس العقاد أثناء حياته وبعد موته تأثيرا كبيرا على قراء العربية فى كل من مصر والوطن العربى عامة، واتخذ تأثيره اتجاهات متناقضة.

وباستثناء كتاب «رجاء النقاش» «العقاد بين اليمين واليسار» اتجهت غالبية الدراسات النقدية صحفية وأكاديمية إلى الإعلاء المبالغ فيه فى شأن «العقاد» بسبب غزارة إنتاجه، وتعدد الأجناس الأدبية التى تعامل معها، ومشاركته فى الحياة السياسية وبخاصة موقفه ضد عدوان الملك «فؤاد» الأول على الدستور، وهو الموقف الذى قاده إلى السجن، وجعل منه بطلا حينها.

وحتى نستطيع أن نؤسس لرؤية موضوعية لإسهام العقاد وأدواره، علينا أن نحلل كل المعطيات والإنتاج والوقائع، وفى ظنى أن مثل هذا المنهج سوف يقودنا إلى معرفة شاملة بتناقضات الليبرالية فى مصر و»العقاد» واحد من أبرزهم، فالليبرالية فلسفيا ومعجميا تعنى الحرية، وإذا ترجمنا هذا المعنى فى الميادين كافة: اقتصادية وسياسية وثقافية سوف يتبادر إلى الذهن على التو مبدأ حرية الفكر والتعبير، حرية الاقتصاد والإبداع، وكذلك مبدأ المساواة بين البشر الذى بلورته الثورة البورجوازية الفرنسية ضد النبالة والإقطاع وضد سلطة الكنيسة التى قسمت البشر على أساس الديانات والأجناس. ودأبت الليبرالية المصرية فى مرحلة التأسيس بدايات القرن العشرين، بعد أن كانت بعثات محمد على إلى أوروبا قد نقلت لها فى القرن السابق أفكار الإخاء والمساواة التى بشر بها رفاعة «الطهطاوي».. دأبت على الانتقاء من المنظومات المتكاملة وتجزئتها، واختيار مفردات منها على أساس عملى بحت، فحتى رفاعة الطهطاوى نفسه لم ينتقد فى أى من كتاباته نظام الجواري، ذلك رغم أنه دافع عن حق المرأة فى التعليم والعمل، ووقع لزوجته وثيقة تمنحها الحق فى تطليق نفسها إذا ما تزوج هو بامرأة أخري. أما «العقاد» فقد عبر عن احتقار شامل للنساء معتبرا المرأة هى سبب الخراب فى العالم، قائلا حتى إن الرجل أجمل منها، وهكذا قام بنفى نصف الإنسانية بعيدا عن جنته المبتغاة.

سلك «العقاد» فى موقفه ضد المرأة مسلك رائد آخر من رواد الليبرالية الاقتصادية وهو «طلعت حرب» الذى وقف بعناد ضد حق النساء فى العمل مستبعدا بدوره نصف السكان من ميدان الإنتاج رغم تطلعاته التنموية.

وفى ميدان الإبداع وحرية الفكر والتعبير والتنوع الثقافى اتخذ «العقاد» موقفا رجعيا ضد قصيدة التفعيلة وشعرائها، واتفق معه فى ذلك ليبرالى آخر هو «زكى نجيب محمود»، وشنا معا حربا على الشعراء الجدد.

وألف «العقاد» كتابا دعائيا بذيئا ضد الشيوعية، لم يتضمن أى تحليل أو نقد بل سلسلة من الاتهامات التى دأبت مخابرات الدول الرأسمالية على ترويجها باعتبار الشيوعية مرادفا للإلحاد والانحلال، وذلك دون أى نقاش – ولو حتى سجالى – مع المنظومة الفكرية الشيوعية، ولا الدور الذى لعبته الدولة السوفييتية لصالح التحرر العالمي. كان هناك ليبراليون أكثر اتساقا وتماسكا مثل «طه حسين» و»على عبدالرازق» و»منصور فهمي» وآخرون، ولكن هؤلاء جرت ملاحقتهم، بل وحتى تكفيرهم واستبعادهم لبعض الوقت وأحيانا طيلة الوقت من الساحة العامة مثل «منصور فهمي» الذى رفضت الجامعة الاعتراف برسالته عن «المرأة فى الإسلام». كما لاحقت الرجعية كتابا نقديا «لطه حسين» عن الشعر الجاهلى وصادرته، واجتمعت قوى المحافظة الدينية الملتفة حول الملك «فؤاد» الذى كان طامحا لتولى موقع خليفة المسلمين بعد سقوط الخلافة العثمانية، لتحاصر «على عبدالرازق» الذى كتب كتابا تأسيسيا عن الخلافة أثبت أنها ليست أصلا من أصول الحكم فى الإسلام، فصادروا الكتاب وطردوا الشيخ الجليل من هيئة كبار العلماء فى الأزهر.

جسد «العقاد» كل هذه التناقضات التى عبرت عن هشاشة البورجوازية المصرية وضيق أفقها الذى كان أحد أسباب إجهاض مشروعات النهضة الواحد تلو الآخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العقاد
ناس حدهوم أحمد ( 2014 / 4 / 23 - 13:52 )
لمجرد تهميش المرأة وتكريس دونيتها في أي فكر من الأفكار هو غباء خالص وجهل مركب فالمرأة إنسان قبل أن تكون أنثى أو شيء آخر . فالصراع هنا بين إنسان وإنسان وليس صراع بين الرجل والمرأة .
لأن مهاجمة المرأة وفصلها أو سلخها عن شقيقها الرجل يتم ذلك في أحيان كثيرة من نفس المرأة التي تتنكر لجنسها بسبب جهلها وغبائها . وحينما تدعو كل المواثيق الدولية إلى المساواة بين الجنسين لا يبقى هناك مجال حتى لمناقشة هذا الموضوع .

اخر الافلام

.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-


.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ




.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ