الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق سفينة تطفوا فوق الخيرات ، ملاحوها لصوص

بطرس نباتي

2014 / 4 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



هناك مصطلح متعارف عليه عالميا يدعى خط الفقر يستخدم في وصف الدخل السنوي لشخص أو لعائلة لا تتمكن من تأمين متطلبات الحياة الأساسية. وبموجبه يحدد الدخل بأقل من دولار أميركي في اليوم الواحد للفرد. وحسب هذا التعريف أصبحت دائرة الفقر تضم 2 بليون فرد من سكان العالم البالغ أو المقدر ب (6) بليون فرد.
غير أن خط الفقر في العراق يختلف عما هو متعارف عليه حيث حدد الجهاز المركزي وتكنولوجيا المعلومات في وزارة التخطيط هذا الخط بسبعة وسبعين ألف دينار أي ما يعادل خمسة وستون دولارا في الشهر، أي أن الفقر لا زال يمثل تحديا كبيرا رغم ارتفاع دخل الفرد العراقي منذ 2003 مقارنة بالأعوام السابقة، وأهم ما يعني منه الفرد العراقي هو البطالة وخاصة بين الشباب حيث وصلت البطالة في هذا الوسط إلى أكثر من 30% حسب التقارير الرسمية ولكن الخشية من أن تكون هذه النسبة أعلى بكثير مما هو معلن، نتيجة افتقار العراق إلى أرقام إحصائية دورية، حيث أن آخر إحصاء سكاني جرى في العراق كان في عام 1997 وهناك انتقادات عديدة وجهة ولا زالت توجه لما جرى حينها، لكونه لم يقدم أرقاما دقيقة وحقيقية عن العديد من البيانات الإحصائية التي تتعلق بحياة الفرد العراقي ولم يكن شاملا لكافة مناطق البلاد.
وهناك تقارير عديدة صادرة عن منظمات دولية تابعة للأمم المتحدة ، تعمل في العراق تشير على أن لا يزال ربع سكان العراق يعيشون دون خط الفقر أي أن دخلهم اليومي لا يتجاوز الدولارين ونسبة الفقراء تقترب من 40% من مجموع سكان العراق، علما أن نسبة الفقراء في الريف العراقي تفوق هذا الحد ولا يوجد تقارير يمكن الاعتماد عليها لمعرفة نسبة الفقراء في المناطق الريفية لوحدها ليتم مقارنتها مع المناطق الأخرى.
أما الأمر الذي يخشى منه والمتفاقم حقا هو الوفيات بين الأطفال وخاصة أطفال حديثي الولادة حيث أن العراق لا زال يمثل ثاني دولة بين دول المنطقة حيث تتراوح نسبة الوفيات فيه بين هذه الشريحة بمعدل 45 حالة وفات لكل 1000ولادة، لقد أوردت هذه الإحصاءات مستعينا بتقرير الجهاز المركزي للإحصاء الصادر في 2010 وتقرير آخر معد من قبل منظمة الأمم المتحدة بعنوان (الأهداف الإنمائية الألفية في العراق) .
وغرضي من هذا العرض ليس سوى تقديم ملخص عن الحالة المزرية التي يعيش فيه شعب تحسده شعوب العالم على خيرات أرضه وهو المهد الأول لجميع الحضارات، سواء تلك التي قامت على ارضه او تلك التي جاورته ، قد يتصور البعض أن ثروات العراق تقتصر على ما يستخرج منه من النفط ، وهذه الثروة رغم أهميتها لكنها تحتسب من الثروات الطبيعية الناضبة، ولكن العراق قبل أن يعرف العالم استخراج النفط كان مخزنا للحبوب زود جيوش الفتوحات الإسلامية وجيوش الدولة العثمانية، بالغذاء والمؤن، كان ولا يزال نتيجة ما يتمتع به من ثروات وطاقات بشرية وأراضي خصبة مركزا تحوم حوله كافة الأطماع للدول الكبرى وشهدت أراضيه غزوات متفرقة من الشرق والغرب، ولولا تمتعه بهذه الصفات والخيرات لكان كإحدى البلدان المهملة على خارطة العالم، العراق إضافة إلى تمتعه بأراضٍ شاسعة سهلية خصبة ترويها الروافد والأمطار فهو يمتلك أكبر ثروة من النخيل إضافة إلى ما موجود من ثروات طبيعية في باطن أرضه غير مستغلة لحد الآن، كالحديد والفوسفات والكبريت وغيرها من المعادن .
أما الامر الأكثر أهمية التي يفتقر إليه العراق هو وجود حكومات صالحة تعمل من اجل شعبها هذا ما لم يجده هذا البلد طيلة تاريخه ولحد اليوم ، الحكومات القديمة والملوك والأمراء كانوا إما من غير العراقيين أو من المشبوهين المرتبطين بالأجنبي، أما في العراق المعاصر من تولى على حكم العراق، إما كانوا لصوصا جاءوا من أجل تحقيق ثروات، و سرعان ما أطيح بهم بانقلاب عسكري، وبإرادة أجنبية، أو أفقروا العراق وشعبه بحروبهم المجنونة وإشباع نزواتهم السلطوية بإذلال الشعب وإرهاقه، تحت يافطة الأحكام العرفية والظروف الطارئة، ونحن في زمن الحرب، وغيرها من التسميات اللعينة.
بعد الإطاحة بالنظام الديكتاتوري الذي تسلط على رقاب شعب العراق أستبشر العراقيون خيرا بالتخلص من الديكتاتورية، ولكن قراءة بسيطة للتقارير الصادرة عن حالة الفقر في العراق بعد 2003 تؤكد بأن الحكام لما يدعى ( بالعراق الجديد) لا يختلفون مطلقا عمن سبقوهم في الحكم من حيث إهدار ثروات البلد وسرقة موارده.
كان في السابق حكام العراق ينهبون ثروات العراق تحت يافطة اقتناء السلاح و التحضير للمعارك المصيرية وغيرها من الأكاذيب متشدقين بأن تلك الترسانات من الأسلحة التي كانت تكلف العراق مبالغ خيالية سوف تحفظ كرامة العراق وشعبه ، واليوم بعد أن داسوا على هذه الكرامة وأذلوها وأصبحت ترساناتهم مجرد حديد خردة، جاء من يسرق أموال العراق ويحولها إلى المصارف والاستثمارات في دول الغرب، والغريب في الأمر أن هؤلاء ( المافيا) الذين يحكمون العراق يتصارعون علنا على النهب والسرقة كل فئة تريد أن تستحوذ على الثروة والجاه والسلطة أكثر من أخرى و الجهة التي يكون نصيبها أقل تسمي نفسها بالمعارضة، لتعارض من كانت حصته أكثر ، إنهم يتصارعون ويتصالحون حسب مصالحهم ومقدار ما يسرقونه ، تاركين الشعب يعيش في الصرائف ودور
الصفيح ويكسب قوته بجمع ما يرمى في المزابل ويبقى هكذا تحت خط الفقر لقرون أخرى قادمة، وهو يعيش على أغنى بقعة في خيراتها في العالم ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إسرائيلية ضد إيران في أصفهان.. جيمس كلابر: سلم التصعيد


.. واشنطن تسقط بالفيتو مشروع قرار بمجلس الأمن لمنح فلسطين صفة ا




.. قصف أصفهان بمثابة رسالة إسرائيلية على قدرة الجيش على ضرب منا


.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير تعليقا على ما تعرضت له




.. فلسطيني: إسرائيل لم تترك بشرا أو حيوانا أو طيرا في غزة