الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابن رشد ضالع في الإرهاب

عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

2014 / 4 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


"نحن إرهابيون والإرهاب فريضة في الكتاب والسنة، ليعلم الغرب والشرق أننا إرهابيون، وأننا مرعبون، {واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}، فالإرهاب فريضة في دين الله". [الشيخ عبد الله عزام، حاصل على درجة الدكتوراه في أصول الفقه بمرتبة الشرف الأولى من جامعة الأزهر بالقاهرة عام 1973].

عبد الله عزام مجرد مثال واحد لآلاف آخرين قد نشأوا في بيئات سياسية-اجتماعية وينتسبون لمؤسسات تعليمية مماثلة إلى حد كبير عبر المنطقة العربية ماضياً وحاضراً. على مدار التاريخ الإسلامي، هو لا يقدم حالة إيضاحية لعموم المسلمين العرب وغير العرب الذين قد يتجاوز تعدادهم مليارات المليارات حتى الوقت الحاضر؛ لكنه، في المقابل، يعطي مثالاً صريحاً وقوياً لعدة آلاف من نخب العلماء (الفقهاء) المسلمين الذين قد بقوا منذ قرون يقبضون فيما يشبه الاحتكار على مصير الثقافة (الحضارة) العربية والإسلامية. الشيخ والأستاذ الجامعي عبد الله عزام هو ’فقيه‘ مسلم يمثل امتداداً متصلاً لآلاف الفقهاء المسلمين قبله وبعده قد ظلوا يمسكون بقوة بنواصي الثقافة العربية والإسلامية، ويصرون حتى اليوم على عدم تركها تفلت من بين أيديهم حاضراً أو مستقبلاً.

الشيخ عبد الله عزام هو ’فقيه‘ بامتياز، أقوى وأصدق فقهاً حتى من فقيه علامة مثل ابن رشد. في فتواه الفقهية أعلاه، هو الأخلص والأصدق بلا شك لعلم أصول الفقه كما قد توارثها عن السلف من أبرز الفقهاء الأقدمين، ومنهم العلامة بن رشد نفسه. من ناحية أخرى، ثمة متغيران اثنان يميزان الفقه العزامي عن فقه السلف التقليدي سواء في نسخته ’الرجعية‘ كما يمثلها الإمام أبو حامد الغزالي أو ’التقدمية‘ كما يمثلها ابن رشد: (1) تركيز أكبر على الشق الحركي، العملي والتطبيقي؛ (2) تركيز أقل على الشق النظري، التفسيري والتأويلي. بتعبير آخر، يمكن القول بحذر أن الفقه الإسلامي، متأثراً بتطورات عالمية مثل الثورة الصناعية والاستعمار، قد شهد تطوراً نوعياً بداية من القرن التاسع عشر جعله يميل أكثر باتجاه التفاعل والتجاوب مع الواقع الحركي والعملي والتطبيقي، مع إهمال ملحوظ في الوقت نفسه للجانب النظري والتفسيري والتأويلي الذي كان يعد بمثابة العمود الفقري لفقه السلف التقليديين.

في هذا السياق، يمكن القول بحذر أيضاً أن فقهاء حداثيين حركيين وعمليين من أمثال أبو الأعلى المودودي أو حسن البنا أو سيد قطب أو عبد الله عزام أو أيمن الظواهري هم امتداد وتطور طبيعي لفقهاء تقليديين نظريين وتأويليين من أمثال أبو حامد الغزالي أو ابن تيمية أو أحمد بن حنبل أو الشافعي أو أبي حنيفة أو أنس ابن مالك، أو حتى ابن رشد كمثال لأبعد ما يستطيع أن يصل إليه هذا التوجه النظري التأويلي في الفقه. في الواقع، منذ مطلع القرن التاسع عشر لم ينجو من طوفان الحداثة أي من الركائز التقليدية للمجتمعات العربية الإسلامية، ولم ينجو أيضاً الفقه الإسلامي التقليدي؛ فكما تحدثت أبنية الحكم والعسكرية والاقتصاد والصحة والتعليم والفكر وحتى الأبنية اللغوية التقليدية، لم تستطع الأبنية الفقهية التقليدية الصمود أمام طفوان الحداثة في كافة المجالات وعلى جميع الأصعدة وتحدثت بدورها أيضاً، إلى ما يعرف الآن باسم الإسلام الشعبي أو غير الرسمي أو الحركي أو السياسي. في جملة مفزعة للكثيرين، ابن رشد القديم هو نفسه حسن البنا الحديث، وهو نفسه أيضاً عبد الله عزام الإرهابي.

ما يوحد بين ابن رشد وعبد الله عزام في الفتوى أعلاه، بصرف النظر عن مضمونها المرعب، هو التسليم المطلق من كليهما بمقدمتين جوهريتين: (1) أن الكتاب والسنة ’فرض‘؛ (2) أن الفرض المثبت، بصرف النظر عن طريقة إثباته ومضمونه، ’واجب التنفيذ‘ من وعلى الفرد المسلم. هذه هي بالضبط وظيفة ’الفقيه‘- أن يستنبط عبر التأويل أو خلافه فتاوى أو أحكام أو تشريعات أو قوانين من مقدمات ثابتة (نصوص قرآنية أو أحاديث نبوية أو سوابق فقهية) دون جرأة الخروج على تلك المقدمات أو حتى مسائلتها بتشكيك. وهذا هو ما يجعل ابن رشد، مثل عبد الله عزام، فقيه بامتياز رغم المسافة الشاسعة في مضمون الفتوى الفقهية بين التسامح والإرهاب لكلا الرجلين. وهذا أيضاً، على ما أزعم، هو ما يجعل ابن رشد أبعد من يكون عن وظيفة ’الفيلسوف‘ الأصيل- ذلك الذي يملك الشجاعة والجرأة لتصنيع وبناء مقدماته الفكرية بنفسه، لا استيرادها جاهزة حتى لو كانت ’صناعة إلاهية‘.

في النهاية، لو كان ابن رشد قد نجح في دحض مقدمة ’الفرض‘ الكامن في الكتاب والسنة، ووجوب تنفيذ الفرض المثبت من وعلى الفرد المسلم حتى لا يخرج من الملة ويعاقب بالإعدام، حينئذ كان سينسف من أساسها أصول الفقه الإسلامي ومن ثم يخرج من قاعة الفقيه الضيقة ويشرع الباب أمام آفاق أخرى. لكنه لم يفعل، ومن ثم لم يورثنا فلاسفة ومفكرين تنويريين أصلاء بقدر ما قد أورثنا تنويعاته الفقهية الحديثة الأكثر تطرفاً من أمثال حسن البنا وسيد قطب ويوسف القرضاوي وأيمن الظواهري وعبد الله عزام. في الحقيقة، ابن رشد قد أورثنا اليوم فقهاً حداثياً حراكياً لا يتورع عن استخدام حتى الإرهاب وسيلة لتحقيق غاياته الفقهية التي هي نفس غايات ابن رشد ولم يورثنا فيلسوفاً واحداً، لأنه نفسه لم يكن كذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ألغرب و ألأسلام
هانى شاكر ( 2014 / 4 / 27 - 03:35 )

ألغرب و ألأسلام
_________

أستاذنا كلامك يوزن بألذهب

ألتَخَبُط ألذى يعيشه ألغرب .. يتكون من جزئين ..

ألجزء ألأكبر هو نفاق و مُداهنة ( Hypocracy ) لحاجة ألغرب للنفط و أمواله . يزيد عليه مواكبة حقيرة ( Political Corectness ) ... حتى لا يغضب أحد .. و يأخذ ديناراته و حريمه إلى أسواق أخرى غير لندن و باريس و نيو يورك

ألجزء ألأصغر أهم و أخطر ... و فيه يتعاون أساتذة علوم ألأسلام ، من أخوان مسلمين - مصريين على ألخصوص - و أساتذة أنجليز و أمريكان و فرنسيين .. فى مراكز أبحاث فى أعرق ألجامعات - ديوك ، هارفارد ... ألخ - وهذه ألمراكز ممولة بسخاء بدولارات وهابية ... يتعاون هؤلاء و أولئك .. على تخريج جيل من ألدبلوماسيين ألغربيين ، مُشَبَع و مُبشر .. بألأختلاف و ألتباعد ، بين ألأسلام ألوسطى ( إبن رشد ) ، و ألجهاد ألأرهابى ( إبن لادن )

ليتهم يقرأوا مقالك و يستمعوا إليك

رائع أستاذنا

...

اخر الافلام

.. صحة وقمر - القرصان أكلة شعبية سعودية بطريقة الإيطالية مع قمر


.. صنّاع الشهرة - لا وجود للمؤثرين بعد الآن.. ما القصة؟ ?? | ال




.. ليبيا: لماذا استقال المبعوث الأممي باتيلي من منصبه؟


.. موريتانيا: ما مضمون رسالة رئيس المجلس العسكري المالي بعد الت




.. تساؤلات بشأن تداعيات التصعيد الإسرائيلي الإيراني على مسار ال