الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا أُحبُ النصيحة ، لا تقفز أبداً ...

عباس داخل حبيب
كاتب وناقد

(Abbas Habib)

2014 / 4 / 27
المجتمع المدني


هذه ليست نصيحة موجهة لأيٍّ مِنّا ، أرجو أن لا تُفهم خطأً في إطار مَنْ أخذته العزة بالإثم . بل هي خوفٌ من شدة النصح والذي يسمى لغةً: شفق - جدير يوضح حدود الواجب لمقاصدي وفق إشتغال حيثيات العمل الوظيفي في إطار وطنيتها المفعم بالنظم الإجتماعية والقوانين . فالوطنية حسب علماء الإجتماع هي من تجعل الإنسان إنسانا أي كائن منظم في سياق وطنه . ولأنني نازلا في فوضى حياتي من مسرحك الى حيث ما افتقدته كعراقي منذ الطوفان الأول لنوح الى الآن ومثله كما في قوانين المجتمع المدني المتحضر المعاصر رجوعا لحمورابي قديم السمعة لتعديل هذا الحوار المفترض عبر سياقه الوطني غير عابئا إذا كنتَ تصرُّ على فهم ما اريد توضيحه في إطار نصيحة أم لا ، بإعتبار إن للمسرح حياة في الحوار تحسده عليها باق التقنيات وبغياب القوانين أو بالأحرى إنعدام تفعيلها يعشعش اليوم في عروش حواراتنا نصائح عفنة سببا لكتابة هذا المقال.
إن الإكثار من الوعظ دليل يوغل باستهجان الواجب وثوبا. أي إن هنالك أناس يتركون ماهو مناط بهم بشكل رسمي لمتطوعين آخرين غير رسميين ينطّون دائما باسم النصيحة للتدخل بشوؤن حياة غيرهم عنّوة . ومادمتم وإيايّ بين هذا وذاك فاحَكِّمون ، فإن خطوط الفصل بيننا أصبحت واضحة وكأنك بها وثّاب وكأنني بها شفق لذا لا نُصْح ولا انتصاح . وللفرق بينهما قولهم بلسان العرب : لا أُريد منك نُصْحاً ولا انتصاحاً أَي لا أُريد منك أَن تنصحني ولا أَن تتخذني نصيحاً ، وأرى في قولهم سدادة رأي يرسم طريقا للصواب ، فعلام وآبلك الحاد من اللوم المبطن بمواعظ حسنة تكاد بها ترديني بلا ذراع يقيني شر من أحسنت إليه .
في الأزمان الخرقة تكثر مثل هذه الأمثال .
والفرق شاسع أيّها الجالسُ قبالتي - في المقال - بينما تروم لنصيحة فتقبلها على انها ضمن حدود الواجب كإستشارة معافية من طبيب مثلا أو توجيه سديد من موظفي الإشراف والتقييم إذا كنت معلم في مدرسة أو عامل في مصنع وبينما تأتيك نصيحة عنوة وإن صحّتْ فترفض بها نطاطي زمننا الممرغ بوساوس الإدعاء . غريب إنك تلتقي كل يوم بمثل هؤلاء ولم تنبس ببنت شفة فتحتملهم صبرا غير ان صبرك يذهب نصرة للنفاق . تجدهم في كل مكان في حياتك العملية سواء هي مهنية أو شخصية في البيت والشارع والمصنع ، يحطُون من قدرك ويسيئون لعقلك ويفتحون لك ثغرة تلج منها دسائس من لا يراعي المعنى اللائق للإحسان .
كما إنني مثلك في المعنى اللائق للنصح قال الله تعالى : وأنْصَحُ لكم. أي أخلصت لكم وصدقت. والمراد هنا هو الله الكامل ، الشاكين له نحن نقصنا وليس العكس ، المريدين منه لنا من فوضانا نظام فهو المشرف والمطلع على القلوب . ولأنك واثب دائما فإنك مهيئ ٌّ للقفزِ . والقفزُ في لسان العرب هو الوثوب ولأنني خائف من شدة نصحك أراك دائما في الإستعمال غير اللائق للقفز شرطيا من مواليد القلعة لاتتجاوز سنواتك في الخدمة السنتين وقد عُيّنت في هذا السلك عبر المسلكية والرشوة أو مدمجا في الخدمة أراكما تجادلان إماماً في المسجد حول الفروض الخمسة . ورجل للدين في دنيا الأردن تُبَسِّطُ لمعماري في المقهى خارطة المبنى وتلحُّ بإن الحمّام لابد له أن يتموقع في واجهة المنزل . ولشاعر في القرنة تعمل مستشارا في البلدة تريد جسورا وتعبيد شوارع حسب المعلقات السبعة وتؤنب وزيرَ الدولة لأنه كان صديق الدربونة الصغرى لم يأخذ رأيك في الحملة الإنتخابية حين تسيّد النخبة . ورئيس للدولة أراك تعظ المارقين على سيادتك في الجملة وتؤدبهم حين تمرق أنتَ من قدامِهم بسرعتك القصوى بأنهم لا يقفون لشارات المرور الجمّة إلا أنك تعضّهم فردا فردا. ويا أسفي رأيتكم أيها الناطّون برّه مثلما رأيتكم جوّه . والقفز هنا بمثابة الغش على المنصوح له والناصح هو بمثابة الغشاش . غير أن النصح لغةً نقيض الغش . وهذا خلط في التقييم يقود لوهم يحرج المعنى العام لصالح الذات الدنيا لا الدين . وفي الحديث: إِن الدِّينَ النصيحةُ لله ولرسوله ولكتابه ولأَئمة المسلمين وعامّتهم ؛ وكيفما فسر هذا الحديث فإنه يعدد المنابع التي يلجأ إليها مَنْ يريد النصح وليس العكس . قال ابن الأَثير: النصيحة كلمة يُعبّر بها عن جملة هي إِرادة الخير للمنصوح له ، فليس يمكن أَن يُعبّر عن هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناها غيرها. وأَصل النُصْح لغةً: الخلوص . والواجب: من الوجوب إي الإستحقاق (والقفز في المصطلح العراقي الدارج هو: التچفيص وعذرا لسوقيته غير إنه تماما يغطي المعنى – فالعراقيون دائما يرددون للزجر والتوبيخ عبارة - لاتچفص - بكثرة)
وحين لاتنمو النفوس في بلد ما تسؤ الأمور طبعا فيهَرَجُ الناسُ فيه ومن ثم فإنهم يَهْرِجونَ فيقعون في فِتْنَةٍ واخْتِلاطٍ وقَتْلٍ مثلما يحدث بين ظهرانينا نحن أمة العرب الواحدة (والوحيدة في مايجري عليها طبعاً). ولو قفزتَ أنتَ بحسن النوايا الضئيلة من جمِّ واقع حياتك المزرية - من دون زعل ها - الى حياة افضل . فإنك حتما لن تقفز في عملك الوظيفي لوظيفة أخرى وستحترم نفسك وعليه ستجد نفسك تنمو وتتطور فتؤدي واجبك المناط بك أو ما أنت تستحقه وتتقاضى به راتبك الشهري لتعيل عيالك كشرطي يحاسب ولدي حين يخالف تعاليم السير ، ومعلم ينير دربه بالمعرفة والعلم ، ورجل دين في المسجد يقص عليه الحكمة ، ورجل دولة يسعى لإقناعه كسياسي ولا يروضه كسايس . هذا إبني هو إبنكم فراعوه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف إسرائيلية من مغبة صدور أوامر اعتقال من محكمة العدل الد


.. أهالي الأسرى الإسرائيليين لدى -حماس- يغلقون طريقاً سريعاً في




.. غضب عربي بعد -الفيتو- الأميركي ضد العضوية الكاملة لفلسطين با


.. اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق




.. أربك الشرطة بقنابل وهمية.. اعتقال مقتحم القنصلية الإيرانية ب