الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعرفة العلمية: مفهومها، بنائُها وسماتها 4/4(*)

حسني إبراهيم عبد العظيم

2014 / 5 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


المعرفة العلمية: مفهومها، بنائُها وسماتها4(*)

تناولنا في المقال السابق أربع سمات للمعرفة العلمية، وهي الصياغة الدقيقة، والتنظيم، والنسبية، والموضوعية، وسوف نكمل في هذا المقال الأخير من هذه السلسلة السمات المهمة الأخرى للمعرفة العلمية، وهي التراكمية، والحتمية، والتعميم.

5ـ التراكمية: accumulation

العلم معرفة تراكمية accumulated knowledge, ولفظ "تراكمية" يصف بدقة الطريقة التى يتطور بها العلم, ويعلو بها صرحه، بل ويفسر أيضا الفرق بين العلم والفلسفة, وكذلك الفرق بينه وبين الفن, وفي نفس الوقت يجيب عن التساؤل لماذا لا يحقق التفكير الفلسفي تقدماً يوازي تقدم العلم.(فؤاد زكريا 15 – 16، وبدوي عبد الفتاح97)

يقصد بالتراكمية أن يبدأ العالم بحثه العلمي من النقطة التى انتهي عندها العلماء السابقون فى نفس المجال, ومن ثم تكون النتائج التى توصل إليها السابقون بمثابة المقدمات التى يبدأ منها اللاحقون, والأمر في مجملة يشبه البناء الذي يعلو طابقا فوق طابق ,وكلما ارتفع البنيان طابقا أعلى انتقل إليه سكان الطابق الأسفل, وهكذا باستمرار, فالعلم بناء فكري متصاعد لا يكرر نفسه أبداً, ولا يعود ليبحث ما سبق أن انتهى منه من موضوعات, وعلى العكس من ذلك, يوصف التفكير الفلسفي بأنه تفكير أفقي لا تراكمي بمعنى أن كل مذهب جديد يظهر في الفلسفة لا يبدأ من حيث انتهت المذاهب السابقة أو يكون مكملا لها، وإنما يبدأ عادة ناقداً لها، وغالباً ما يتخذ لنفسه نقطة بدء جديدة. (بدوي عبد الفتاح 97) ومن هنا فإذا استخدمنا التشبيه السابق، نقول إن البناء الفلسفي لا يرتفع إلى أعلى، بل إنه يمتد امتدادا أفقياً، وفضلاً عن ذلك فإن سكان هذا البناء لا يتركون طوابقه القديمة بل يظلون مقيمين فيها مهما ظهرت له من طوابق جديدة، وبالتالي فإن انتفاء التراكمية في الفلسفة يجعل المشتغلين بها يجدون في تياراتها القديمة أهمية لا تقل عن أهمية التيارات الحديثة، ومن ثم تظل موضوعا دائما لدراستهم. (فؤاد زكريا 16)

وما يُقال عن الفلسفة، يُقال أيضاً عن الفن، فالفن ينمو أفقياً، بمعنى أننا نظل نتذوق الفن القديم، ولا نتصور أبداً أن ظهور فن جديد يعني التخلي عن أعمال الفنانين القدماء، أو النظر إليها بمنظور تاريخي فحسب، وبطبيعة الحال فإن هذا النمو الأفقي لا يعني أن أي اتجاه جديد في الفن كان يمكن أن يظهر في أي عصر سابق، إذ أن ظهور الاتجاهات الفنية مرتبط ارتباطا وثيقا بمجموع الأوضاع الإنسانية، أي مجمل الظروف الاجتماعية والثقافية والروحية والمادية . . . إلخ لتلك الفترة، بحيث لا يمكن أن يُفهم هذا الاتجاه حق الفهم إلا في سياقه التاريخي الذي ظهر فيه، ولكن الذي يعنينا في هذا السياق هو أن تذوقنا لفن معاصر لا يمنعنا من أن نتذوق فنون العصور الماضية، وأن الروح الإنسانية التي تجد متعة في أعمال فنية حديثة تجد متعة مماثلة في أعمال السابقين، ولا تحاول أبداً أن تنسخ (أي تلغي) القديم لأن هناك جديداً ظهر ليحل محله. (فؤاد زكريا 16- 17)

أما في حالة المعرفة العلمية، فإن الأمر يختلف، إذ إن كل نظرية علمية جديدة تحل محل النظرية القديمة، والوضع الذي يقبله العلماء في أي عصر هو الوضع الذي يمثل حالة العلم في ذلك العصر بعينه، لا في أي عصر سابق، والنظرية العلمية السابقة تصبح بمجرد ظهور الجديد، شيئاً (تاريخياً)، أي أنها تهم مؤرخ العلم لا العالِم نفسه، ومن هنا فإن سكان البناء العلمي كما قلنا هم في حالة تنقل مستمر، ومقرهم هو أعلى الطوابق في بناء لا يكف لحظة واحدة عن الارتفاع. (فؤاد زكريا17)

والحقيقة أن العلم يعد أكثر الأنساق الفكرية إتاحة للتراكم, حيث تُبتكر المفاهيم الجديدة لتحل محل المفاهيم القديمة التي عجزت عن متابعة متغيرات الواقع, ويؤكد ذلك, ما يذهب إليه "وايتهيد" من أن العلم الذي يتردى في نسيان رواده يفقد ذاته, وفي ذلك يختلف العلم ـ كما سبق أن ذكرنا ـ عن الفلسفة التى تضم بناءات فكرية لا ينفي أيا منها الآخر, وإنما تتواجد في نوع من التتابع التاريخي غير المتفاعل. (علي ليلة)

وبهذا المعني, نستطيع أن نفهم ما يقال من أن تاريخ الفلسفة هو أيضا فلسفة, بمعنى أننا نجد الآن من بين الفلاسفة المحدثين والمعاصرين من يعيد طرح القضايا الفلسفية التي سبق إليها من قبل أفلاطون أو أرسطو وغيرهما, أما تاريخ العلم فهو ليس بعلم , وإنما هو جزء انتهى من العلم بعد أن قام بوظيفته كحلقة انتقال من مرحلة لمرحلة أخرى في تطور العلم, ولم يعد يثير اهتمام العلماء ,بقدر ما يهتم به المؤرخ او فيلسوف العلم, هذا المعنى للتراكمية العلمية تجسده عبارة "إسحق نيوتن" حينما سُئل يوماً "كيف استطعت أن تحقق كل هذه الإنجازات العلمية الرائعة؟ فأجاب قائلا: ذلك لأنني كنت أقفُ فوق أكتاف أناس عظماء سبقوني" (بدوي عبد الفتاح98)

وتكشف لنا سمة التراكمية التى تتسم بها المعرفة العلمية عن صفة أساسية للحقيقة العلمية وهي أنها حقيقة نسبية (راجع السمة الثالثة للمعرفة العلمية في المقال السابق) بمعني أنها حقيقة ناقصة دوما لا ينبغي لها يوما ان تصل إلى حد الاكتمال , فالحقيقة العلمية لا تكف عن التطور، ومهما بدا في أي وقت أن العلم قد وصل في موضوع معين إلى رأي نهائي مستقر, فإن التطور سرعان ما يتجاوز هذا الرأي ويستعيض عنه برأي جديد. وهكذا بدا للناس في وقت معين أن فيزياء نيوتن هي الكلمة الأخيرة في مجالها، وأنها تعبر عن حقيقة مطلقة، ودام هذا الاعتقاد ما يقرب من قرنين من الزمان، ثم جاءت فيزياء أينشتين فاستوعبت فيزياء نيوتن وتجاوزتها، وأثبتت أن ما كان يعد حقيقة مطلقة ليس في الواقع إلا حقيقة نسبية، أو حالة من حالات نظرية أوسع منها وأعم. (فؤاد زكريا 17)

بقيت نقطة أخيرة عن التراكمية وهي عن الاتجاه الذي تسير فيه, والواقع أن التراكمية تسير فى اتجاهين مختلفين ولكنهما متكاملان, وهما الاتجاه الرأسي والاتجاه الأفقي, بالنسبة للاتجاه الرأسي يقصد به أن يعود الباحث لبحث نفس الظاهرة أو الظواهر التى سبق بحثها, ولكن من منظور جديد يتيح لنا الكشف عن أبعاد وأعماق لم تكن معلومة من قبل, فالبحث في طبيعة المادة ـ على سبيل المثال ـ كان أول ما لفت انتباه الإنسان على الأرض, ولكنه تناولها كما نتعامل معها فى حياتنا اليومية, وكما ندركها بحواسنا, فهذا ماء, وذلك هواء, وتلك جبال وأشجار...الخ, أما اليوم فقد أوصلتنا التراكمية إلى البحث فى المادة ليس على المستوى الجزيئي والذري فحسب, بل وما دون الذري كذلك, أما بالنسبة للمستوى الأفقي فنعني به غزو العلم لآفاق ومجالات جديدة من المعرفة استعصت على المنهج العلمي في الماضي, والمثال على ذلك هو العلوم الإنسانية التى ظلت لقرون طويلة أسيرة التأملات الفلسفية, فمع أن الفلسفة قد أمدتنا بحقائق عظيمة عن الإنسان وعلاقته بالكون, ولكنها كانت أقرب إلى الاستبصارات الفذه منها إلى النتائج المحققة منهجيا, ويرجع السبب فى تأخر انضمام هذه العلوم لزمرة العلوم الدقيقة إلى الاعتقاد الذي ساد فترة طويلة بأن العلم لا يستطيع الاقتراب من مجال الانسان, فهو مجال له قدسيته التي لا ينبغي أن "تُنتهك" بالدراسة العلمية. (بدوي عبد الفتاح 100ـ101)

6ـ الحتمية: determinism

تمثل الحتمية سمة جوهرية للمعرفة العلمية, ويعد مبدأ الحتمية من الموضوعات الأساسية التى تهتم بها فلسفة العلوم, وعلم الاجتماع المعرفي وغيرهما. من الناحية اللغوية, تعنى الحتمية في اللغة العربية الحكم النهائي المطلق الذي لا رجعة فيه, وكلمة "حتم" معناها قضى بحكم ما, ومنها تم اشتقاق لفظ "الحاتم" أي القاضي, وفي التنزيل الحكيم:" كان على ربك حتماً مقضياً" سورة مريم الآية رقم71, أما في اللغات الأوروبية فقد اختلط معنى الحتمية بالجبر أو الاعتقاد بالقدر المحتوم ومع ذلك فثمة اختلاف واضح بينهما.

فالحتمية تعني الضرورة المشروطة Hypothetical بمعني أنه إذا توفرت مجموعة معينة من الشروط المعلومة بالنسبة لظاهرة طبيعية فلا بد أن تقع تلك الظاهرة, وهي بذلك ترتد لفكرة النظام الشامل, أي أن الظواهر الطبيعية موجهة ومحكومة بقوانين ثابتة, أى أنها تحدث بطريقة اطرادية, وان هذا الاطراد هو نتيجة لأسباب موضوعية ضرورية, وضروريتها تكمن فى موضوعيتها, بمعنى أن هذه الأسباب كامنة فى الطبيعة ذاتها, وتمثل ماهيات الأشياء أو خواصها الأساسية, ومن ثم إذا استطعنا معرفة هذه الأسباب وقمنا بصياغتها على هيئة قانون علمي, فإن الطبيعة لا تستطيع سوي أن تطيع التنبواءت التى يطرحها هذا القانون. (بدوي عبد الفتاح 102، 338)

أما القدر المحتوم fatalism أو الجبرية فيختلف كلياً عن الحتمية, فالحتمية ـ كما ذكرنا ـ تعبر عن ضرورة مشروطة, أي أنها نتيجة ضرورية لازمة عن مقدماتها أو شروطها, فالجراثيم أو الميكروبات ـ مثلا ـ تعد شرطاً حتمياً لبعض الأمراض, ووقوع القمر بين الأرض والشمس شرط حتمي للكسوف, أما القدر المحتوم أو الجبر هو نوع من الضرورة المطلقة أو غير المشروطة, هذه الضرورة تنصّب على الحدث نفسه بصرف النظر عن علاقاته أو سوابقه, فالجبر أو القدر المحتوم هو قضاء لابد من وقوعه ولا راد له, حتى لو عرفنا به مقدما, والمثل الذي يُضرب على ذلك عادة هو عقدة "أوديب" التى تمثل صراعاً فاشلاً بين الإنسان والقدر المحتوم, ومهما يحاول الإنسان الهرب من مصيره, فإنه يقترب منه بقوة ميتافيزيقية رغماً عنه, وهو ما عبر عنه "كوكتو" بقوله إن الجبر أو القضاء المحتوم يشبه "الآلة الجهنمية" التى تؤدي دورها في اللحظة المحددة مهما قاوم الإنسان. (عبد الفتاح بدوي 102)

إن الحتمية إذن هى أن الظواهر لا تحدث هكذا اعتباطاً, وإنما هناك مجموعة من الشروط أو الأسباب اللازمة لحدوثها, وينبغي أن نؤكد أن الحتمية العلمية تختلف عن الحتمية الميتافيزيقية, فالأولى تبحث عن الأسباب في عالم الطبيعة, أما الثانية,فإنها تبحث عن هذه الأسباب في عالم ماوراء الطبيعة, والواقع أن البحث عن الأسباب يمثل مهمة أساسية للمعرفة العلمية, فالعلم يهدف إلى فهم الظواهر وتعليلها, ولا تكون الظاهرة مفهومه بالمعنى العلمى, إلا إذا توصلنا إلى معرفة أسبابها, والبحث عن الأسباب يحقق هدفين, الأول هدف نظري من أجل إشباع الميل الفطري للإنسان لمعرفة كل شئ وفهمه, والثانى عملي تطبيقي , حيث يُستفاد من الفهم النظري بعض النتائج العملية والاختراعات التى تفيد الانسان.

من أجل هذين الهدفين كانت المعرفة العلمية الحقيقية مرتبطة بالبحث عن أسباب الظواهر، وإذا كان كثير من المؤرخين يتخذون من آراء الفلاسفة اليونانيين القدماء نقطة بداية للعلم، فما ذلك إلا لأن هؤلاء الفلاسفة قد تفوقوا على غيرهم في التساؤل والبحث عن الأسباب، صحيح أنهم لم يجدوا إجابات إلا على القليل من الأسئلة التي طرحوها، وأن كثيرا من إجاباتهم كانت قاصرةً، ولكن المهم أن يُطرح السؤال، وهذا الطرح هو في ذاته الخطوة الأولى في طريق العلم. (فؤاد زكريا 32)

7ـ التعميم: Generalization

التعميم هو روح العلم, لا جدال في ذلك, فالمعرفة العلمية لا شأن لها بالظواهر فى صورتها الفردية, حتى لو كانت هذه المعرفة تبدأ من الخبرة اليومية العادية, وإنما تتميز المعرفة العلمية بانها شاملة وكلية وعامة, بحيث يسري القانون العلمي على كل مفردات الظاهرة التى يفسرها (بدوي عبد الفتاح 84)

إن المعرفة العلمية معرفة شاملة، بمعنى أنها تسري - كما أسلفنا - على جميع أمثلة الظاهرة التي يبحثها العلم، ولا شأن لها بالتجليات الفردية للظاهرة، حتى ولو كانت هذه المعرفة تبدأ من التجربة اليومية المألوفة، مثل سقوط جسم ثقيل على الأرض، فإنها لا تكتفي بتقرير هذه الواقعة على النحو الذي نشاهدها عليه، وإنما تعرضها من خلال مفاهيم ذات طابع أعم مثل فكرة الجاذبية والكتلة والسرعة والزمن . . إلخ، بحيث لا تعود القضية العلمية إلى الحديث عن سقوط هذا الجسم بالذات، أو حتى مجموعة الأجسام المماثلة له، بل عن سقوط الجسم عموماً، وبذلك تتحول التجربة الفردية الخاصة على يدي العلم إلى قضية عامة أو قانون شامل، على أن شمولية العلم لا تسري على الظواهر التي يبحثها فحسب، بل على العقول التي تتلقى العلم أيضاً. فالحقيقة تفرض نفسها على الجميع بمجرد ظهورها، ولا يعود فيها مجال للاختلاف بين فرد وفرد، أي أن العلم عام وشامل بمعنى أن قضاياه تنطبق على جميع الظواهر التي يبحثها، وأن هذه القضية تصدق في نظر أي عقل يلم بها. (فؤاد زكريا 37- 38)

ولما كان العلم يعتمد على الاستقراء الذي لا تتيسر فيه ملاحظة كل مفردات الظاهرة, فإن الباحث يكتفي بملاحظة بعض النماذج, ثم يحاول الكشف عن القوانين العامة التى تخضع لها جميع الحالات المشابهة, والتى لم تدخل فى نطاق البحث, وتفيد هذه التعميمات فى الانتقال من المعلوم إلى المجهول, وفي التنبؤ بما يمكن أن يحدث للظواهر تحت ظروف معينة.

وثمة تساؤل هام وهو ما الأساس المنطقي الذي يعتمد عليه التعميم فى العلم؟ أو بعبارة أخري, ما الذي يجعلنا مطمئنين إلى أن نفس الأسباب ستؤدي بالضرورة إلى نفس المسببات, وأن المستقبل سيكون صورة مطابقة للحاضر والماضي؟ تتحدد الاجابة علي تلك الأسئلة فى أن هناك مبدأين وراء التعميم وهما: المبدأ العام للسببية law of universal causality ومبدأ اتساق أو اطراد الطبيعة uniformity of nature أما المبدأ الأول فالمقصود به أنه لا شئ يحدث دون سبب, وهذا ينفي المصادفة والعشوائية واللامعني , أما المبدأ الثانى فيراد به أن العلاقات السببية بين الظواهر الطبيعية تنطوي على نوع من الضرورة أو الحتمية, أو هو الاعتقاد بأن الطبيعة ستظل محافظة على نظامها، وثابتة علي قوانينها فى المستقبل .(بدوي عبد الفتاح 85,84)

ويرتبط التعميم بمفهومين أساسين وهما: الصورية Formality والتجريد abstraction أما الصورية فيقصد بها نفس معناها فى المنطق, والذي وُصِف بها ( أى كون المنطق صوريا) أى صورة أو هيكل القضية من حيث علاقاتها لا مضمونها, وكذلك الأمر بالنسبة للتفكير العلمي, غير أن صورية العلم لا تعني ابتعاده أو تجاهله للخبرة الحسية أو التجارب الفعلية, وإنما تعني أن العلم لا يُبقي من المعرفة بالظواهر إلا على بنيتها المنطقية, أو شبكة العلاقات الرياضية التى تربط بينها, وكلما أمعن العلم التجريبي فى الصورية كلما اتسع مجال التعميم أمام قوانينه (يدوي 85)

أما فيما يختص بالتجربد , فيراد به استبعاد الصفات الجزئية للأفراد, والإبقاء فحسب على ما هو مشترك بينها، ومن الواضح أن التجريد بهذا المعنى لازم للصورية ومرتبط بها , فكلما قل ما هو خاص كلما زاد ما هو عام بين الظواهر، فالمادة مثلا كنا ننظر إليها فى الماضي كما تبدو لنا في تنوعاتها وتبايناتها التى لا حصر لها, ومن خلال عمليات التجريد التى يقوم بها التفكير العلمي, تحول ذلك الخضم الهائل اللامتناهي من "أنواع المادة" إلى ثلاثة فقط هي الحالة الصلبة والسائلة والغازية من المادة, وبمزيد من التجريد انتهي مفهوم المادة إلى جزئيات, ثم ذرات وإليكترونات وبرتونات ونيوترونات, وأخيرا انتهت كل هذه المكونات إلى مفهوم واحد هو الطاقة, فالمادة ضرب من ضروب الطاقة. (بدوي عبد الفتاح86)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*) ) هذه المقالات كانت في الأصل مجموعة محاضرات ألقيتها على طلاب قسم علم الاجتماع والفلسفة – كلية الآداب والعلوم – جامعة المرقب في ليبيا الشقيقة خلال العام الجامعي 2009/2010.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟


.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟




.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل


.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي




.. بلينكن يؤكد أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عملية هجومية