الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النساء المهاجرات بين فكي العمل والعوز

منى حسين

2014 / 5 / 5
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


عندما يحاصرنا الاضطهاد وعندما تغلق كل الابواب ويبقى باب واحد، وعندما تموت الخيارات ويبقى خيار واحد، وعندما يطول الطريق بنا كنساء قبل اي شيء اخر، كنساء يطاردهن التاريخ والدين وكل عصور الامتهان والاذلال، عندما تجف بنا منابع العطاء ولا يبقى امامنا الا العمل وسط ظروف معكوسة بالكامل, قادتني الصدفة للقاء ثلاث فتيات مغتربات يقمن في تركيا هربن من التعسف والظلم والانفجارات.. تعالوا معي لنعرف قصتهن مع الحصول على عمل وعلى قوت يومهن ويوم عائلاتهن.. ثلاث فتيات يعملن في مطعم باثنا عشر ساعة عمل تتخلله استراحة غذاء لنصف ساعة فقط.. (ت) كانت اكبرهن ذات الثلاثة وعشرون عاما تعمل نادل اي كرصون كما يسمونها بالتركي، والأخريتين كانتا اصغر سنا (ن) و(ش) يقاربن الخمسة عشر عاما من العمر وعملهن غسل الصحون في مطبخ احد المطاعم، وعند الدخول الى عالم مبني على الاستغلال والامتصاص مبني على استثمار العامل واستنزافه وامتصاصه وخصوصا المراة العاملة، فالنظام الراسمالي المبني على الربح والمستند على الاستهلاك البشع والمسيس، اضاف المراة ضمن خطة عمل ربحي كمنتج وكمستهلك وكسلعة لاستنزافها بشكل مطلق وكامل، ولندخل الان الى عالم عمل المغتربات او المهاجرات او اللاجئات تتعد الاسماء والاشكال والمعاناة واحدة.
كل منهن لديها قصتها التي ترويها (ت) قالت انها فارقت بلدها العراق منذ ثمان سنوات عاشت في الاردن ثم بعد انفصال والدتها عن والدها سافرت الى سوريا، ونتيجة لظروف سوريا الحالية أضطرت هي ووالدتها للهجرة الى تركيا، قالت أنها تعمل في المطعم وتتحمل كل ما يصادفها يوميا من أمتهان وتحرش لكون عملها هو المعيل الوحيد لها ولوالدتها.. كم مؤلم ما يحدث مع هذه البنت ترحال دائم وغربة وقسوة ولا تزال تنتظر المجهول، مع وضع اقتصادي شحيح واكثر من هزيل ومع فرض الظروف عنايتها بوالدتها التي ليس لها الا هي وعملها هذا..
أما (ن) التي تلخصت قصتها بعنف الاديان وما تصب من لعنة وتحكم بحياة الانسان، فهي من ام مسيحية واب مسلم وهذ ا ما ادى الى هروب والديها من الموت بسبب اختلاف الانتماء الديني لهما، وبسبب التمييز والقتل الذي اجتاح بلد مثل العراق مستندا على العرق والانتماء الديني، (ن) فتاة ذكية جدا وجميلة وذات نشاط استثنائي لا تخشى التعب ولا تعرف الملل، تقف على قدميها اثنا عشر ساعة ويديها مبتلة بالماء لغسل الصحون، كل ما يهمها هو العمل والحصول على مبلغ يجنب والدتها الوقوف في طابور الحصول على الخبز المجاني الذي يوزع كل صباح لمن لا يمتلك ثمن شراء الخبز.. قالت انا على استعداد لفعل اي شيء والعمل باي عمل مقابل ان لا تقف والدتي على طابور الخبز هذا.. اكره جدا أن اراها واقفة تشحذ الخبز بهذه الطريقة المهينه، (ن) تمتلك سرعة البديهية وسرعة ردع التحرش مهما كان شكله او اساسه..
واخير (ش) الفتاة البصراوية التي كانت تقيم هي وعائلتها في سوريا لكنهم غادروها بفعل ظروف الاضطرابات السياسية الاخيرة متوجهين الى تركيا، (ش) فتاة هزيلة ومريضة لا تتمتع بصحة جيدة بسبب العنف الذي تتعرض له من قبل والديها وبالذات ابيها.. كانت مجروحة في معصمها جرحين عميقيين وعندما سالتها ما هذه الجروح، قالت: والدي حاول قطع شرياني لولا تدخل الجيران والاتصال بالامن التركي لكنت الان ميتة، سالتها: عن السبب الذي دعاه لفعل ذلك، قالت: انه راني اتكلم مع زميل لي وفي مكان العمل، لا يمكن تجنب التحدث والاختلاط في مكان العمل لكني تفاجئت بمراقبته لي من خارج باب المطعم الذي اعمل فية ، كنا انا وزميلتي نتحدث بخصوص نقل الصحون والشاب الذي يعمل معنا طلبت منه نقلها حينها راني والدي، وعند عودتي الى المنزل فاجئني بالضرب المبرح وحاول قطع شراييني وقتلي غسلا للعار كما كان يصرخ بي لولا اتصال الجيران واستنجادهم بالامن التركي لكان قتلني..
اما التي روت القصة فلا زالت تتقطع كل يوم باقسى الالات القطع والتدمير اللاانساني مبعثرة ومشتتة.. تركت حياة هناك وماتت هنا وماتت هناك.. فلا فرق بين القسوة الماضية والقسوة القادمة.. الامر صار لديها سيان وواحد.. قالت: انها تشعر بالضياع واللاجدوى بسبب النصب والاحتيال الذي تعرضت له لقد احتال عليها احدهم.. واوهمها بحياة جديدة فقدت بسبب ذلك حياتها واسرتها وكل شيء.. ورصيدها الان صفر من كل شيء حتى واجهت الحظر الكامل والشامل.. وتحولت الى انسان سميك فقد الاحساس باي وجود..
الفتيات الثلاثة كن جزء صغير من نموذج ما تعانيه المراة العاملة المهاجرة.. علما ان قوانين الهجرة في تركيا تجرم وتحاسب قانونا عمل المهاجرين، نظام قمعي بوليسي احاط بالنساء المهاجرات وما تحمله ظروفهن من الالام عميقة.. ليالي طويلة تمر مع الانتظار والخوف وعدم الاستقرار.. مصير مجهول داخل عقارب الزمن وكل ما يحتويه هو غصة كبيرة ستبقى تحتل ذكريات نعيشها في الهجرة, عمل المراة المهاجرة من اجل عدم الانزلاق والضياع اشد ضياعا وافتك واصعب.. والكلام ليس حصرا بالفتيات الثلاثة فمعاناة المراة المهاجرة لا تستوعبها رواية او كتاب, ستواجه عمل ممنوع قانونا وستساوم على الكثير وبالدرجة الاولى سيحاولون استغلالها جنسيا او اي شكل اخر من اشكال الاستغلال, لا زال الطريق طويل امام العمل وبالذات عمل المراة.. ولا زالت القوانين مخمورة ونائمة تعاني غيبوبة مقصودة.. تجتمع في وطن او ملعب اسمه (الاستغلال في النظام الراسمالي)
سنبقى نسير باتجاة هدفنا وحلمنا الكبير باتجاة تحرر المراة ومساوتها.. وباتجاه انهاء العمل الماجور الذي سينهي كل اوجاع الجماهير وكل ازماتها.. سنبقى نسير باتجاة تحقيق المساواة التامة وانهاء الطبقية واقتلاعها من كل المجتمعات..
وبوضوح تام سنبقى نطالب بعدم استمرار الاستغلال للنساء الاجيرات وفي كل مكان بالعالم.. ولا بد من مقاومة العمل الماجور والحيلولة دون تفاقم ويلاته واستمرارها.. و كما كتبت كلارا زيتكن (بفضل دعوى الاشتراكية، اصبحت البروليتاريا الواعية تتصور المشكلة تصورا ذا دلالة تاريخية وحقيقة هو تحرير المراة والبروليتاريا على حد سواء)..
فانهاء العمل الماجور ليس له خيار الا بانهاء عبودية المراة واعادة ملكيتها الى نفسها كانسان كامل ومنتج وحيوي واساسي..
الطبقة العاملة ونضالها سيكتمل وصولها الى اهدافها بتحرر المراة ومساواتها ومشاركتها العمل والانتاج..
*****************
الامضاء
قلم التحرر والمساواة
لكل نساء العالم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية طيبة عزيزتي منى
فؤاده العراقيه ( 2014 / 5 / 5 - 22:26 )
هكذا اتمنى ان تستمرين في كشف المستور والذي لا يعرفه الغالبية من عوز وفقر وتشرد
اكثر ما لفت انتباهي علاوة على الباقيات هي الثالثة التي حاول والدها قطع شريانها مع كل هذه المعاناة ! الا يكفيه فقرها وعوزها ومرضا ليحاول قطع شريانها لمجرد ان رآها تتحدث إلى زميل لها ؟
نحن شعوب مغضوب عليها
تقديري ومودتي دوما


2 - تحيات اعمق للصديقة العزيزة فؤادة
منى حسين ( 2014 / 5 / 6 - 13:06 )
سنستمر وانت معنا بكشف كل ما هو تحت وما بين وفوق وابعد من ذلك .. هؤلاء النسوة في كل مكان يعانين ولن تنتهي المعاناة الا بانتهاء العمل الماجور واستقلال المراة استقلال اقتصادي كامل ومعك حق برؤيتك الثاقبة وحدسك المتين بامر الفتاة الثالثة كان وضعها مؤلم
وطلبت منها ان تاتي للعيش معي وما زالت كلما صادفتني تناديني بامي قالت شعرت بحبك كام لي هذه الفتاة تلقت قسوة كبيرة من والدها بالاضافة لقسوة الظروف المحيطة بها
نحن شعوب ارتهنت حياتنا بمجموعة ساسة لا هم لهم الا حماية مراكزهم وكراسيهم وتثبيتها فوق ظهورنا وبالذات اضطهاد المراة اكثر من يدفع الثمن يا عزيزتي هن النساء
لكن سنواصل فضح كل مستور كما ذكرت سلفا
واخيرا ودائما اقول اشتقت لك اين انت
محباتي واعتزازي

اخر الافلام

.. رنا.. امرأة جريئة بادرت وطلبت يد ابن صديقتها


.. حديث السوشال | اعتقال امرأة بسبب عدم التزامها بالحجاب في إير




.. دراسة جديدة تُشير إلى ارتفاع معدل وفيات النساء تحت رعاية الأ


.. صباح العربية | سر غريب.. دراسة تفسر سبب صدق الرجال مع النساء




.. روان الضامن، المديرة العامة لمؤسسة إعلاميون من أجل صحافة إست