الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
استذكارات : خيون دواي الفهد : ذاكرة الشوارع والبارات
سعدي عباس العبد
2014 / 5 / 5الادب والفن
** معسكرات الحياة ...
استذكارات : خيون دواي الفهد : ذاكرة الشوارع والبارات ح 1
• غادر خيون قبل حلول عام الفيل ...قبل انّ نغدو كعصف مأكول .. كانت الفيلة على الابواب
• عندما كان خيون يرزم بقايا العمر وبقايا الاحلام المؤجلة
• يدسها في حقيبة الموت .. انها نفس الحقيبة , التي سبقه في حملها عبد الامير الحصيري
• الشاعر الصعلوك المتمرد .. كان خيون قبل الرحيل بسنوات يردّد باستمرار: الحياة ليست
• هنا .. ويعقبها بعبارة شهيرة كان يتداولها على نحو ساخر تهكمي ..العبارة او الجملة المقتضبة
• كانت تختزل رؤيته للحياة : .... بالجحله .. اي الكحلاء .. والمفردة التي كانت تسبق مفردة
• الجحلة تتعلق بالنجاسة او فضلات الانسان ... وكان يختزل عبر تلك الجملة قذارة الحياة
• او كان يشير إلى انّ الحياة ليست هنا ..خيون اغلق ابواب الحياة في وقت مبكّر
• اغلقها بروح طفل ادرك قبل الآوان مدى قوّة العاصفة التي سوف تهب لاحقا .. فاثر الرحيل دون نوايا او فكرة اوقصدية مضمرة . تضامن معه القدر في تحالف حميم وآزره في رحيله المبكّر
• قبل انّ ينحني .. كانت العاصفة التي اجتاحت كل شيء من القوّة بمكان .....
• كان الشِعريتدفق من من ينابيع روحه ناعما مموسقا ..تلقائيا .. كانت روح الطفل تخترق
• داخلة ودودة عذبة .. تسيل من نبرة صوته الخفيض .. من تلك اللكنة الجنوبية
• الاليفة التي تشمّ خلالها رائحة دخان المواقد في ليالي الشتاءات الطويلة .. رائحة الادغال
• والتراب المبلول الرطب في نهارات القيظ ... كان خيون عبارة عن جنوب بكامل انهاره
• واحراشه وقصبه ونهاراته المشمسة .. جنوب يقيم في روح العاصمة ..إقامة مزمنة
• فكانت رائحة ذلك الجنوب الاليف تضوع من شِعره ومن بدنهِ الضامر .. ومن
• ذلك الطفل الغافي على وسادة من الريش ورائحة الشط وحكايات العجائز او الجدّات
• الودودات الساحرات ..
• كانت تجمعنا البارات والشوارع .... واحلام صغيرة لا يعتد بها .. عند كلّ إجازة دورية
• من الحرب ..كنت التقيه .. كان يعرف مواعيد حلول إجازاتي الدورية
• واذا ما افتقدته ابحث عنه في بارات السعدون وعند ابي نؤاس ..كانت بغداد في نظره
• عبارة عن بطل عرق .. ارباع من زجاجات العرق مصفوفة على رف طويل في مخيّلته
• بغداد في مخيّلته وذاكرته واحلامه عبارة عن ازقة وشوارع متداخلة وبارات ..كانت البارات
• هي بغداد وبغداد هي البارات .. بغداد دون حانات صحراء مجدبة .. ارض قاحلة بلا ماء ولا
• اشجارة ...زينة حياة بغداد البارات والشوارع ..خيون كان جزء حميم من بغداد الحانات ..
• بات علامة من علامات الشوارع ..علامة لاتمحى من ذاكرة البارات .. غالبا ما كنت اراه في
• النهارات القائظة يطوي الشوارع مشيا .. كان يهوى التسكع .. كانت الشوارع تؤمه ..
• نصفة الحميم .. كان هو من يسبغ جمالا على فضاءاتها .. الشوارع الممتدة من باب
• الشرقي حتى تخوم الميدان لا تكون هي نفسها دون خيون .. تغدو كلّ شيء , عدا انّ
• تكون شوارع .. اذ كان يشكّل علامة مضيئة من معالمها ..او كان روحها النابضة
• كما لكل مكان روح .. فكان هو روح المكان ..بمغادرت خيون فقدت الامكنة الاليفة
• روحها .. الامكنة التي كان يرتادها ..لا اظن انّ احدا تالف مع رائحة الامكنة كما فعل
• ذلك الطفل .. الطفل الذي لم يتدرج في النمو الروحي ..غادر وهو لم يزل الطفلا
• رحل بكامل طفولته وشوارعه وجنوبه تشيعه غابات من القصب والقصائد
• والشوارع ..الشوارع التي باتت بلا خطوات .. الشارع دون ايقاع الخطوات
• يكف عن كونه شارع .. وقع الخطوات , نبض قلب الشارع .. الشارع بلا نبض
• يعني على نحو ما , جثة بلا روح .. سكون يتمدّد في الفراغ .. خطوات خيون كانت
• نبض وحياة ورائحة وعلامة والفة وديمومة الشارع .. فضلا عن الشوارع
• كانت هناك البارات , ذاكرة الصعاليك والحالمين .. ذاكرة تؤرخ للخطوات
• وهي تطوي الزمن .. وهي تطوي سنوات العمر خطوة خطوة ..البارات تاريخ
• .. تاريخ مطبوع في ذاكرة اولئك الحالمين .. خيون طفل حالم ..ترك ابواب الحانات
• مشرعة على آخرها واستقل حانة تشبه الصندوق او هي الصندوق على هيئة تابوت
• تابوت يشبه الحانات .. الحانات التي تنتشر هناك , في الاعماق السفلى
• الندماء هناك في قاع الظلام اشباح يحلّون ضيوفا غير منظورين , ياتون في
• اوقات متباعدة كما الريح والظلام ..انا سوف اكون في وقت ما غير معلوم احد
• اولئك الرواد او الضيوف الاشباح ..سوف اتسلل خفيفا كالهواء , لما يحين موعد المغادرة او
• الرحيل .. ساكون نديما في حانة الاعماق السفلى
• نديما ضيفا على شرف الروح .. روح الامكنة الرطبة .. روح خيون الذي كان نديمي
• فوق الارض . نطفو على سطح بلقيس والروابي الخضر وليالي بغداد والقندية والغابات
• وسرسنك و بحمدون وآسيا .............. نقتعد الاركان المشغولة بالصمت على مقربة من الواجهات
•
• المطلّة على ابي نؤاس الشارع .. ساكون ضيفا تحت الارض على شرف الروح
• .. روح الطفل .. لكن ليس كما جرت العادة .. سوف لن اكون في إجازة دورية من
• العسكرية او الجبهة .. ساكون حينها في إجازة ابدية من معسكرات الحياة ...............
•
•
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي
.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل
.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج
.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما
.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا