الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في بعض مفاصل الحكم في العراق

بطرس نباتي

2014 / 5 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


الوضع السياسي العراقي منذ أن خروج العراق من الاحتلالين العثماني والبريطاني مرورا بالعهد الملكي وبعده عبد الكريم قاسم وجميع من حكم العراق برهنوا بأنهم يحكمون مستنقعاً هائجا تتصارع فيه مجموعات من الكبار يغتصبون الحكم عن طريق انقلاب عسكري أو مؤامرة تقف خلف مدبريها أجندات أجنبية أو إقليمية ، العنصر الغائب أو المُغيب فيها هو الشعب العراقي وخاصة طبقاته الكادحة، قد يهدأ هذا المستنقع لفترة من الفترات ولكن الهدوء الذي يشهده ،نسبي ولمدة معينة ولفترات متفاوتة ، سرعان ما يتهيج عندما تظهر بوادر ظهور كتلة أو قائد يعجبه تعكير هذا المستنقع وإثارته .
ونتيجة جميع التجارب مع من حكم في العراق ،الذين يتولون الحكم فيه يجعلون من الشعب مطايا لأجندتهم المشبوهة ، يضعونه خلف ظهورهم ، أتدري لما؟ لكون منذ أن وعينا والعسكر يحكم العراق بقوة المؤامرات والانقلابات التي يفجرها العسكر ، وعندما تتولى العسكرتارية الحكم أول إجراء تقوم به هو تسلطها على البلاد وإقامة حكم دكتاتوري غاشم ، بعد إضعاف حكم صدام بدفعه للحرب المجنونة مع ايران ودخوله الكويت ، بعد اجتماعه المطول طبعا مع السفيرة الأمريكية في بغداد وتنفيذه للسيناريو الامريكي القبيح في 2003 ، تدخلت أمريكا ودول تحالفت معها لإنهاء الفصل الثاني من السيناريو ألا وهو حل الجيش العراقي أعقبها نهب وسلب مبرمج للمؤسسات الرسمية وغيرها في العراق وتفريغ العراق من إرثه الحضاري والتاريخي ، وتحطيم بنيته التحتية ، ثم كان من احد الفصول الصغيرة لتنفيذ السيناريو هذا مجيء بول برايمر إلى العراق ووقوع العراق رسميا تحت الاحتلال الامريكي وما صاحبه من سياسات خاطئة أولها كانت تكريس الطائفية كما تفضلت عن طريق تشكيل مجلس حكم من نسبة معينة من شيعة وسنة واكراد وكلدو اشوريين وتركمان ، وهذا التقسيم في الظاهر له إيجابياته لكونه يمثل واقع الشعب العراقي ، ولكون هذه الشرائح والأثنيات كانت مغيبة طيلة حكم العسكرتارية بل كانت مسحوقة كما كان حال الكورد والكلدو اشوريين ( في فترة من الفترات) والشيعة بالممارسات اجهزة القمع البعثية في محاربة شعائرهم وطقوسهم وأحزابهم، إلا أن هذه المعادلة أي تقسيم المجتمع العراقي على ممثليه حسب أديانهم وطوائفهم وقومياتهم ، أنتج وضعا قلقا ومشحونا سرعان ما تحول إلى صراعات داخلية بين السنة والشيعة تارة ولم يسلم منها حتى الكورد فقد ابتلوا هم أيضا بالاقتتال الداخلي بين الحزبين الرئيسيين ، بيد هؤلاء الذين ترشحوا لمجلس الحكم حسب الاصطفاف الطائفي هم من كتبوا الدستور لكونهم هم ذاتهم من تولوا أول مجلس منتخب في العراق بعد جلاء القوات الامريكية ، الدستور الذي كتب وفق اصطفاف طائفي أعطى لكل مكون ما كان يتمناه أن يتحقق له في الماضي ، وما استطاعوا الحصول عليه في الحاضر لذلك قاموا بسن دستور جامد من الصعوبة تغيره أو تبديل مواده بأخرى .
التجربة العراقية الجديدة اليوم هي استنساخ مشوه للحالة الطائفية في لبنان ، كما أن الوضع السياسي في لبنان يتعرض إلى هزات داخلية وتدخلات من دول إقليمية وغيرها كذلك بالنسبة للوضع في العراق ، والتجربة الفاشلة في لبنان تلاقي نفس الفشل في العراق ، مع فارق هناك تدخلات أكثر عنفا في الوضع العراقي ، فلأول مرة بتاريخ العراق يفقد سنة العراق الحكم فيه ، ولأول مرة يتحول الحكم إلى شيعة العراق ، ولكون العراق يقع أصلا ضمن منطقة تشهد وشهدت صراعات دولية حادة وأطماع توسعية ، فلا بد أن يكون الوضع العراقي اليوم متأثرا بما يشهده حوله من صراعات مريرة من الشرق الغزو الصفوي للعراق وأطماع توسعية تاريخية ومن الشمال الدولة العثمانية وهيمنها على العراق لقرون خلت واليوم يتكرر ذات المشهد تحت مسميات آخر، إلى جانب الشيعة هناك قوى تعمل على المكشوف في ايران وقد خصص جيش القدس ليمثل هذا التدخل السافر ،وفي تركيا هناك دفع لجماعات سنية تعمل في الجهة الغربية وبمباركة خليج وعلى رأسهم السعودية وقطر والكويت مؤخرا.
وفي نظري سيبقى المستنقع العراقي هائجا حتى لو تشكلت حكومة أغلبية لكون هناك من يقف معارضا لها ليس بالوسائل السلمية فحسب وإنما باستخدام السلاح والوسائل العنفية الأخرى ولو تشكلت حكومة بمشاركة القوى والتيارات الأخرى فإنها ستكون في المحصلة ذات القوى التقليدية التي دمرت العراق منذ 2003 ولحد الآن ، وسيبقى من يتولى الحكم محتفظا بالقوة والهيمنة وذلك بالاستحواذ على وزارتي الدفاع والداخلية والمالية وقيادة الجيش والقوى الأمنية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران