الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على الراعى وهوية المسرح العربى

ابراهيم حجاج

2014 / 5 / 8
الادب والفن


يعتبر د. على الراعي مثالاً فريدا، ليس للناقد الأدبي فحسب، ولكن للناقد الثقافي عموماً، فهو موسوعة ثقافية متنقلة، حيث تضمنت كتاباته رغبة عارمة في توسيع دائرة الثقافة إلي نطاق أبعد من دائرة النخبة الضيقة. وقد ساعدته فى ذلك ظروف النشأة والتربية فقد وُلد في محافظة الإسماعيلية في عام 1920 في بيئة كانت تعيش فيها العديد من الجنسيات المختلفة التي تعايشت مع بعضها البعض، الأمر الذي ساعده في صنع صداقات مع شخصيات ذات ثقافات واتجاهات وديانات أخرى.

وقد انتقل دكتور على الراعى إلى القاهرة والتحق بكلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة الإنجليزية في عام 1939 ثم تخرج منها عام 1944، وحصل على منحة دراسية في جامعة برمنجهام حيث حصل على درجة الدكتوراه في موضوعه برنارد شو . ومن هنا انطلق "على الراعى" ليحقق هدفه الذى طالما حلم به وهو تثقيف الشعب وتعميق وعيه وإثراء ذوقه، ، لذا اختار علي الراعي في كتاباته طريق البساطة، وبعد عن الألفاظ المعقدة والمفاهيم الغامضة والمصطلحات الغريبة.
عمل الراعي فى بداياته كمقدم برامج في الإذاعة المصرية وقام بتدريس الأدب المعاصر في كلية الآداب جامعة عين شمس.

كما شغل رئاسة هيئة الموسيقى والمسرح التي كانت تتبع وزارة الثقافة والمسئولة عن المعاهد الفنية للوزارة، وكان من ضمن إسهاماته إنشاء أول فرقة شعبيه وعدداً من الفرق الموسيقية.
في مارس 1959 تولى الدكتور على الراعى رئاسة تحرير مجلة المجلة المصرية .. واستطاع الدكتور "الراعي" أن يطور من أدائها، وشخصيتها من خلال اهتمامه بفنون الشعوب، بالإضافة إلى إبداعات المفكرين والأدباء
في عام 1968 قدم الراعي استقالته في العديد من المناصب الحكومية ليتفرغ الى مهنته المحببة إلى نفسه وهى الكتابة، حيث كتب الراعي للمسرح حوالي 51 كتاباً اثري بهم التراث الثقافي والأدبي المصري خاصة في مجال السياسة والمسرح والنقد، فكان له فكره بان للأدب دور اجتماعي.، وكانت كتاباته كلها دعوة إلى التجريب، والانفتاح علي ثقافات العالم.

وبالنسبة للمسرح ألف اثني عشر كتاباً عن المسرح وترجم كتباً كثيرة لمشاهير الكتاب العالميين مثل تشيكوف وابسن، ومن أهم مؤلفاته :فى مجال المسرح، كتاب المسرح فى الوطن العربى الذى يعد أول محاولة توثيقية للمسرح العربي في مجمله ، ويتناول فيه البداية الحقيقية للمسرح العربى على يد مارون نقاش وهو تاجر من مدينة صيدا بلبنان شاهد خلال رحلاته التجارية الى إيطاليا المسرح فقرر نقله الى بلاده وبنى مسرح أمام منزله على غرار المسرح الذى رآه فى أوروبا حتى أنه بنى كمبوشة الملقن والأنوار الأمامية دون أن تستخدم وقد قدم مارون نقاش مسرحية البخيل لموليير سنة ( 1847- 1848 ) ثم مسرحية أبو الحسن المغفل سنة 1849 ثم الحسود السليط سنة 1853 ، وتوفى مارون النقاش عام 1855. كما يعرض الراعى فى كتابه ظهور المسرح العربى فى سوريا لاول مرة سنة 1870 على يد أحمد أبو خليل القبانى وكان منشدا ومغنى لذا اعتمد مسرحه على الموسيقى والأغانى بالاضافة إلى السخرية والهزل وأيضا يتناول الكتاب بداية المسرح العربى فى مصر فى نفس القترة تقريبا على يد يعقوب صنوع اليهودى الأصل والذى قدم أول مسرحية على مقهى الازبكية وقد لقب بموليير مصر وأستدعاه الخديوى اسماعيل ليقدم اعماله فى دار الأوبرا ، ويستمر الكتاب فى عرض بدايات المسرح فى غالبية الدول العربية ويوثق لرواد المسرح فى كل دولة. كما عرض الدكتور "على الراعى" رأيه فى قضية "هوية المسرح العربى" من أشهر كتبه فى هذا الموضوع كتاب «الكوميديا المرتجلة في المسرح المصري» (1968)، و«فنون الكوميديا من خيل الظل إلى نجيب الريحاني» (1971).– مسرح الدم والدموع ، وفيهم تناول علي الراعي مسيرة مسرح الارتجال وفنون الملهاة وفي هذه الكتب الثلاثة تحديداً تتجسد رؤية الراعي وعمله النقدي التأصيلي، فقد عاد الى الأشكال والصياغات والأساليب الاولى للمسرح في مصر - على نحو غير مسبوق - وأعاد اكتشاف البدايات. "قدم الراعي فكرة الارتجال علي المسرح" كوسيلة اساسية لتأصيل المسرح العربي، فقد طالب الراعي بهدم فكرة المؤلف الاوحد والاعتماد علي المسرح الحي، قاصدا بذلك ان يشارك في العرض جميع العاملين به، فدعا لما نعرفه الان باسم "العرض الورشة" او فرق الورشة، فقد دافع الراعي عن حق المبدع في ان يرتجل لانه حاول ان يؤصل للمسرح المصري والعربي، وان يقول اننا نملك مادة نستطيع ان نقدم من خلالها مسرحا عربيا كاملا، غير ان الراعي الذي امتاز بقدرة كبيرة علي مراجعة رؤاه اصدر كتابه "مسرح الشعب" 1993 ـ ليعيد التنظير لما سبق وكتبه بمقدمة بعنوان "كشف حساب" ويؤكد انه لم يكن يقصد ارتجال الممثل الذي يخرج عن النص، بل يقصد الارتجال المقنن والذي يتم في الترتيب للعرض، فعندما نمنح كل ممثل حق الارتجال يؤدي هذا الي تفتيت العرض. كما قدم كتابا بعنوان ( توفيق الحكيم فنان الفرجة وفنان الفكر) ، وكانت أخر إبداعاته من الكتب مذكراته وتأملاته "هموم المسرح وهمومي"

ومن إنجازاته، أنه له الفضل في إنشاء مسرح العرائس عام 1959 ، وإنشاء الفرقة القومية للفنون الشعبية عام 1963 - إنشاء المسرح التجريبي (مسرح الجيب ) ليكون مشعل التجارب المسرحية ، و إنشاء هيئة المسرح وضم مسارح التليفزيون الكوميدي والحديث

وفي عام 1973، استدعت الكويت د. على الراعى عام 1972 للإشراف على الحركة المسرحية:
وتدريس الدراما المعاصرة، ومن أهم مجهوداته لتطوير المسرح الكويتى ،رفع مرتبة معهد المسرح من الثانوية إلى مرتبة المعهد العالى المناظر للكليات والجامعات. كما أوصى بوضع مادة المسرح فى مناهج اللغة العربية بالكويت.
وعاد من الكويت في عام 1982 ليلتحق مجلة روزاليوسف ثم بعد ذلك مجلة المصور ثم بدا يكتب في جريدة الأهرام وكانت له ابداعاته في مجال القصة والرواية رغم انغماسه في العمل الصحافي اليومي يجد الكاتب والصحافي علي الراعي من حين إلى آخر فسحة لكتابة النص الإبداعي فيخوض في القصة القصيرة ويصدر مجموعتيه «كومة رماد» و»كمواويل» كما انه ترك حصاداً كبيراً واستطاع أن يشد قارئ "الأهرام" إلي الأعمال الأدبية والمواهب الجديدة التي يكتب عنها، ففي مقالته الأسبوعية بالأهرام كان القارئ يستطيع أن يري النقد، ويري النص، ويضع أصابعه علي مواطن الفرح والجمال فيه، ويسعد بالأضواء الباهرة التي يسلطها الكاتب علي البراعم والزهور الأدبية التي تتفتح.
وقد حصل الدكتور "على الراعي" على جائزة الدولة التقديرية سنة 1992 وجائزة التقدم العلمي الكويتية.

وفي يوم 18 يناير 1999 أفل نجم الدكتور على الراعي ورحلت عنا هذه الشخصية المصرية العريقة في مجال المسرح، التي اثرت التراث الثقافي والأدبي المصري بابداعات لا تقدر بثمن فى كافة المجالات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي


.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و




.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من


.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا




.. كل يوم - -الجول بمليون دولار- .. تفاصيل وقف القيد بالزمالك .