الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقرير: هل تشكل الأسلحة النووية خطراً فعليا أم لا؟

عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)

2014 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


في إطار استعراضه للتقارير التي تحدثت، طوال السنوات الماضية، عن الخطر المتأتي من برنامج إيران النووي، خاصة على صعيد تطوير الأسلحة، يسأل الكاتب روبرت راولي في تحليل له في "وورلد بوليتيكس ريفيو" سؤالاً عميقاً رغم أن الجميع يضخم أهواله: "كم ستشكل الأسلحة النووية الإيرانية من خطر على العالم؟".

لا بدّ أنّ مثل هذا السؤال يرسم حدود المناقشة تجاه البرنامج النووي الإيراني في ما يجب اتخاذه من قرارات. ومن هنا يرى الكاتب أنّ لدى الدول في بعض الأحيان أسباباً ممتازة لتطوير أسلحتها النووية. فالبلدان التي تعتقد أنّها ستواجه مشاكل في ردع أعدائها المحتملين تعتبر الأسلحة النووية سياسة تأمين جيدة بمواجهة احتمالات الهزيمة الكارثية. ويمكن في هذا الإطار تحديد عدد من الحالات التي كان للسلاح النووي فيها تأثير كبير في نتائج الأزمات بين الدول. فالسلاح النووي منع حدوث حرب بين الهند وباكستان عام 1999، كما منع الهند من شنّ هجمة انتقامية رداً على هجمات مومباي عام 2009. اما بالنسبة لفترة الحرب الباردة فمن الصعب تحديد الحالات، لكن ومع نهاية الحرب الباردة ووراثة روسيا للسوفيات فإنّ الأسلحة النووية بينها وبين الولايات المتحدة قد تساهم في تقليص، أو على الأقل احتواء التوترات.

ويتابع الكاتب: بالإنتقال إلى الأمثلة الحديثة خارج إطار الدول النووية الكبرى نجد أنّ النموذج الكوري الشمالي لم يكن مفيداً لبيونغ يانغ بشكل واضح. فعلى الرغم من التحذيرات الشديدة من خطر سلاح كوريا الشمالية النووي، لم تشهد المنطقة إلاّ على هدوء البرنامج النووي الخاص ببيونغ يانغ. وقد يجادل البعض في أنّ الأسلحة النووية الكورية مكنتها من التصرف بشكل سيء، كما حصل خلال تجربتها النووية، لكن وعلى الرغم من التوقعات المهولة لخبراء منع الإنتشار النووي فإنّ البرنامج الكوري الشمالي لم يلهم طوكيو وسيول لحذو حذوها. فبرنامج بيونغ يانغ يمثل ضياعاً كبيراً للموارد والرأسمال البشري لدولة فقيرة.

ويتطرق الكاتب إلى منطقتنا العربية فيذكر أنّ إسرائيل تمثل نموذجاً آخر في غموض فوائد أسلحتها النووية. وعلى الرغم من أنّ إسرائيل تبنت سياسة الإلتباس حيال برنامجها النووي فإنّ معظم دول المنطقة تدرك أنّها تملك أسلحة نووية منذ أواخر الستينات. ولم تردع هذه الأسلحة سوريا ومصر من شن حرب أكتوبر عام 1973. كما لم تساعد إسرائيل في فرض سلطتها في لبنان عامي 1982 و2006. لم تحلّ الأسلحة النووية القضية الفلسطينية، وعندما وصلت الأمور إلى إنهاء حكم صدام حسين في العراق عام 2003 لم تكن أسلحة إسرائيل النووية من قامت بذلك بل الولايات المتحدة عبر الوسائل التقليدية. كما فشلت الأسلحة النووية الإسرائيلية حتى اليوم في تخويف إيران ومنعها من تطوير برنامجها النووي.

ويصل الكاتب إلى نتيجة أنّ المشكلة مع الأسلحة النووية أنّ هنالك ضغوطاً معيارية ومواداً قوية ضد استخدامها، ليس أقلها أنّ الدول التي قد تستخدم النووي تعرض نفسها في المقابل لخطر انتقام نووي أيضاً، ما يحول الأسلحة النووية إلى عديمة الجدوى. إذاً فالدول الجارة للدول التي تملك الأسلحة النووية سرعان ما تجد أنّ بإمكانها التصعيد متى ما شاءت دون الخوف من انتقام نووي. كما أنّ الأسلحة بحدّ ذاتها تكلّف غالباً أكثر بكثير من الأهداف التي وجدت لأجلها مع التذكر دائماً أنّها لن تستعمل.

ويتابع أنّه وبالنظر إلى كلّ هذا يمكننا أن نفهم تجنب دول كثيرة للبرامج النووية حتى لو كان من السهل عليها تحقيق هذا. فالبرازيل على سبيل المثال لا تحتاج إلى الأسلحة النووية لاختبار سلطتها في أميركا اللاتينية، او لتردع خصومها. كما انّ تركيا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية قد قررت منذ وقت طويل أنّ "المشكلة" النووية يمكن أن تحلّ بشكل أكثر فعالية عبر التوافق مع القوى النووية الحالية.

ويسأل: إذاً لماذا يقدم صنّاع السياسات والمحللون والصحافيون على المبالغة بشأن أهمية الأسلحة النووية؟ الجواب ببساطة أنّ كلاّ منهم يملك حافزاً قوياً للكذب بشان أهميتها. فالإيرانيون سيكذبون على العالم حول المدى الذي وصل إليه برنامجهم، كما سيكذبون على مواطنيهم بخصوص الإزدهار الذي سيحققه حصولهم على النووي. أما حلفاء واشنطن في المنطقة فسيكذبون عليها حول درجة الرعب والخوف لديهم من إيران النووية، منبهين إلى الحاجة لـ"إعادة تقييم استراتيجية"، كما يستخدمون الحجة الإيرانية لاستخدام العنف ضد مواطنيهم. أما دعاة منع الإنتشار النووي فسيكذبون حيال أهوال الإنتشار غير المقيد لأنّهم لا يريدون لأحد أن يركز على سهولة إدارة النووي من قبل إيران في مرحلة ما بعد الوصول إلى السلاح. أما الولايات المتحدة فستكذب على الجميع من أجل إعادة تأكيد الدورة الطبيعية للدبلوماسية.

ويأسف فارلي في ختام تحليله بخلاصة مفادها أنّه ما دام الخداع يشكل الأساس في الدبلوماسية النووية حول العالم، فإنّ التهويل المبالغ فيه سيكون بديلاً عن أيّ تقييم واقعي للمشهد السياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: مقتل مسؤول في منظومة الدفاع الجوي لحزب الله بغارة إسر


.. قبيل عيد الفصح.. إسرائيل بحالة تأهب قصوى على جميع الجبهات| #




.. مؤتمر صحفي لوزيري خارجية مصر وإيرلندا| #عاجل


.. محمود يزبك: نتنياهو يفهم بأن إنهاء الحرب بشروط حماس فشل شخصي




.. لقاء الأسير المحرر مفيد العباسي بطفله وعائلته ببلدة سلوان جن