الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-يهودية الدولة- قانون عنصري بامتياز!

دوف حنين

2014 / 5 / 9
القضية الفلسطينية




أعلن رئيس الحكومة اليميني، بنيامين نتنياهو، مؤخرا، عن اعتزامه تقديم اقتراح قانون أساس يقر بأن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي، كما أعلن أن هذا هو مشروعه الأهم، علما أن نتنياهو يتجاوز بقانونه هذا خطًا أحمرًا متعارَفا عليه في كل العالم، ويفصل ما بين الحق بتقرير المصير ومنع التمييز القومي.
وهنا يسأل السؤال: ما الذي جعل نتنياهو يتذكر هذه القضية الآن تحديدا، فإسرائيل قائمة منذ 66 عاما، وتعتبر تجسيدًا عن حق الشعب اليهودي بتقرير المصير، فما الذي جد؟ هذا جزء من "لبرمنة" الخطاب السياسي في إسرائيل، ومن التحول الجذري الذي شهده اليمين الاسرائيلي منذ أكتوبر 2000، إذ ان التشديد انتقل من المحور الجغرافي إلى المحور الديمغرافي، وهذا لا يعني طبعا أن اليمين قبل ذلك لم يمارس العنصرية أو أنه توقف اليوم عن سلب الأراضي وضمها، إلا ان التغيير الأوضح اليوم بإلقاء الثقل والتشديد أكثر من أي وقت مضى على الخطاب الديمغرافي العنصري.
يهدف نتنياهو من خلال "قانون الدولة القومية" إلى تمرير رسالة داخلية للمواطنين العرب بأن هذه الدولة ليست لهم وأنه لا مكان أو حصة لهم فيها وهذا جزء من سياسة "الانفصال عن أم الفحم" التي يتحدث عنها ليبرمان والتي لا تهدف إلى الانفصال عن أم الفحم فقط إنما إلى إخراج الجماهير العربية من السياسة والمجتمع في اسرائيل، ونتنياهو يتحدث عن ذلك بشكل واضح جدا. أذكر النقاش الذي نشب بيني وبين نتنياهو أمام الهيئة العامة للكنيست، في آخر مرة حضر بها إلى الكنيست، حيث أنه قاطعني حينها خلال خطابي وتساءل بسذاجة: إن كانت لأعضاء الكنيست العرب انتقادات شديدة على اسرائيل فلماذا لا يريدون أن يكونوا جزءا من الدولة الفلسطينية؟ وقد قلت له ان إرسال العرب إلى العيش في الدولة الفلسطينية لا يقل خطورة عن دعوة النواب اليهود إلى مغادرة البلاد. للعرب ولأعضاء الكنيست العرب، الحق الكامل بالانتقاد كما لأي مواطن يهودي أيضا دون أي انتقاص.
هذا القانون جزء من عملية استراتيجية خطرة تستهدف المواطنين العرب وبقاءهم ويتم استغلالها بشكل تكتيكي ضد أي مطالبة بالتغيير الاجتماعي في اسرائيل. إننا نرى في السنوات الأخيرة بأن العنصرية تتدفق من رأس الهرم، من القيادات السياسية وخطابها وشعاراتها لتصل إلى القاعدة الجماهيرية، وهنا علينا أن ننظر إلى الظواهر الخطرة القائمة في الواقع، فمؤخرا هنالك موجة من العمليات الارهابية ضد المواطنين العرب وممتلكاتهم، ضد المساجد والكنائس، وصحيح أنه يقف من ورائها نشطاء لليمين المتطرف إلا انه لم يتم حتى الآن اتخاذ أي خطوة عملية بهذا الصدد أو اعتقال هؤلاء المجرمين مع أنه قد تم تصويرهم في حالات معينة.
كارمي جيلون، رئيس الشاباك السابق، كشف سبب ذلك حين قال قبل أسبوع: "لا يوجد شيء لا يتمكن الشاباك منه، بل هنالك ما لا يريد الشاباك تنفيذه." وبهذا فإنه يلقي مسؤولية استمرار هذه العمليات على التعليمات التي يتلقاها الشاباك من القيادات السياسية. والأمر المقلق هنا هو بأنه في هذا الموضوع أيضا، يقوم اليمين المتطرف في الحكومة باستخدام اليمين المتطرف خارج الحكومة من أجل إشعال المنطقة ولانتاج موجة خطرة من العنصرية ضد المواطنين العرب في اسرائيل، والهدف السياسي من كل ذلك هو الزج بالمواطنين العرب إلى الزاوية، عزلهم وقطع صلاتهم بالجمهور التقدمي اليهودي، وإخراجهم من الحلبة السياسية، تمهيدا لإخراجهم من حلبة التأثير الاسرائيلية نهائيا. والخطر الأكبر هنا هو بأن تحظى هذه العملية بتعاون من جهات معينة بين الجماهير العربية والتي قد تتجاوب مع دعوات الترانسفير السياسي لليبرمان بتنفيذ ترانسفير سياسي ذاتي وطوعي.
بالامكان طبعا تفهُّم الاحباط الذي تعيشه الجماهير العربية على ضوء النتائج المتواضعة لنضالها من أجل المساواة لكن هذا يجب الا يؤدي إلى التنازل أو الخنوع، إنما عليها التمسك بالحق بالبقاء والتأثير، ليس فقط لأن هذا هو الأصح على المستوى المبدئي إنما لأن هذا الخط الذي قاده الحزب الشيوعي في البلاد أدى أيضا الى نتائج ملموسة لا يمكن شطبها او الاستهتار بها. استراتيجية حزبنا في البلاد تقول بوضوح ان المعركة ليست مع المجتمع الاسرائيلي إنما عليه بوجه ما يتعرض له من سطوة للحركة الصهيونية وفكرها وممارساتها العنصرية.
وفقًا لهذه الاستراتيجية قامت الجماهير العربية – بقيادة حزبنا الشيوعي- بخوض النضالات، وهنا أورد بعضها على عجل، للمثل لا الحصر: الناصرة في الأول من أيار عام 1958، خرجت الجماهير العربية دفاعا عن الحق المدني الأساسي بالتظاهر وإيصال رسالتها القومية والوطنية والاجتماعية وقد نجحت منذ ذلك الوقت بفتح الحيز العام أمام تظاهراتها واحتجاجاتها، وكان هذا الانجاز الأول. الانجاز الثاني كان باسقاط الحكم العسكري، عقب حملة احتجاجية قادها الشيوعيون من خلال المبادرة إلى بناء تعاونات واسعة بين قوى عربية ويهودية مختلفة. يوم الأرض في العام 1976، كان المحطة الثالثة والتي أوقفت الموجة الكبرى لمصادرة أراضي المواطنين العرب في المثلث والجليل. انجاز آخر، كان بتمكن القوى الممثلة للجماهير العربية من تشكيل كتلة مانعة، اعتمدت عليها حكومة رابين مع بدء عملية الحوار مع الشعب الفلسطيني والاعتراف بمنظمة التحرير. محطة هامة أخرى، هي ما شهدته الكنيست والمؤسسات الحكومية في السنوات الأخيرة من اعتراف بالتمييز بتشغيل المواطنين العرب وابداء الاستعداد على تصحيح ذلك، وأما آخر الانجازات، فقد كان بالتمكن من خلال النضال الجماهيري والبرلماني من تجميد التنفيذ الرسمي لقانون برافر الترحيلي العنصري.
هذه الانجازات، هي ما يغيظ المؤسسة الصهيونية، وكلما كانت المعارك ذات بعد أكثر قومية كانت الانجازات فيها أقل والهجمات الحكومية عليها أشرس، وإحدى الوسائل لمنع التقدم نحو المساواة هي التمييز العنصري البنيوي في المؤسسات الاسرائيلية، كالوكالة اليهودية ودائرة أراضي اسرائيل، وهنا أريد أن أذكر بأنني أقدم في الكنيست اقتراح قانون لتأميم دائرة أراضي اسرائيل وأراضيها والغاء صلاحياتها. في السنة الأخيرة كانت لدينا عدة انجازات فقد طرحنا الموضوع بقوة حول فساد المديرية وانعدام الشفافية فيها.
عندما نتحدث عن هذه النضالات، فلنا كحزب شيوعي الكثير من التأثير، إن كان بالانجازات أو بالاخفاقات التي علينا مراجعتها إلى العمق، وبخاصة، نقاط الضعف في مجال النضال الطبقي الذي علينا أن نطور عملنا فيه بشكل كبير ليرتقي إلى المستوى المطلوب.
أمام كل هذه التطورات، يكون التحدي الأساس أمامنا هو أن نقوم بما هو مناقض لسياسات عزل الجماهير العربية: تقوية مكانة الجماهير العربية كقوة ديمقراطية داخل اسرائيل وتعزيز الشراكة وتوسيعها إلى دوائر إضافية. إننا قادرون على قاعدة النضال من أجل المساواة أن نشكل حولنا قوة سياسية حقيقية بين الجمهور العربي واليهودي. وعندما نتحدث عن المساواة فإننا نقصدها بالصعد كافة: السلام العادل والشامل المبني على فكرة المساواة بين الشعبين، والنضال من أجل المساواة القومية والمدنية التامة للجماهير العربية في إسرائيل والمساواة الاجتماعية من خلال العمل على تقليص الفجوات الطبقية في المجتمع.
إن الرد الأبلغ على قانون الدولة اليهودية لا يمكن إلا أن يكون من خلال تعزيز الأمل والثقة بوحدتنا الكفاحية الأممية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يهودية الدولة
ناس حدهوم أحمد ( 2014 / 5 / 9 - 19:05 )
نحن العرب لا نريد لليهود أن يكونوا صهاينة
ولا نريد لليهود أن يكونوا في دولة قومية
إذن ما ذا تريدون لهم أن يكونوا
أليس من حقهم أن يقرروا مصيرهم
في الحقيقة هم لم يفكروا أبدا من قبل أن تكون لهم دولة يهودية وفضلوا أن تكون دولتهم ديمقراطية
لكن عندما رأوا العرب كلهم يريدون بناء دولا إسلامية حينئذ فكروا هم أيضا في دولة يهودية
طيب حلال علينا وحرام عليهم
من هو العنصري الحقيقي هم أم نحن

اخر الافلام

.. دعوات في بريطانيا لبناء دفاع جوي يصُدُّ الصواريخ والمسيَّرات


.. جندي إسرائيلي يحطم كاميرا مراقبة خلال اقتحامه قلقيلية




.. ما تداعيات توسيع الاحتلال الإسرائيلي عملياته وسط قطاع غزة؟


.. ستعود غزة أفضل مما كانت-.. رسالة فلسطيني من وسط الدمار-




.. نجاة رجلين بأعجوبة من حادثة سقوط شجرة في فرجينيا