الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التأملات الثانية في الفلسفة الأولى 2

سيد القمني

2014 / 5 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


التأملات الثانية فى الفلسفة الأولى
( 2 )
هل للوجود هدف ؟
إن الملحظ الأهم والمشترك بين جميع الأديان خاصة الديانات الإبراهيمية الثلاث : اليهودية ، المسيحية ، الإسلام ، أن عبادة البشر للإله فيها سر خفى عظيم ، يجعل جميع الآلهه تسعى للفوز بهذه العبادة ، لذلك يدعى كل إله أنه الوحيد الحقيقى والأجدر بعبادة البشر دون غيره من آلهه مزيفة ،هذا بينما الإنسان هو من يقوم بالاختيار والمفاضلة بين الآلهة فيقبل هذا ويرفض ذاك ، ولايبالى فهو يسب الأرباب التي لا يحبها بتغطرس المُغتاظ ،لأنه الذى ينتقى ويبدل ويرفض ويلعن ، وعلى العكس من ذلك نرى الأرباب كلا منها يقوم بتحسين صورته أمام الإنسان وتقديم الرشى له والغوايات ، وجميع الأرباب تغازله وتخطب وده طلبا لهذه العبادة .
ومطالعة قصة مثل قصة الخلق والتكوين فى الكتب الدينية المقدسة ، تُحيل إيجاد الوجود كله وتكريسة لتحقيق رغبة الإله فى أن يكون معبودا ، فيخلق من يحقق له هذه الرغبة فيعبده ويسجد له .
لابد أن نفهم هنا أن رغبة الإله فى تلقى العبادة موجودة لدية من الأزل وسابقة على إيجادة للوجود ، فى اشتياق لأن يمارس الوجود المخلوق عبادة الخالق الذى أوجدة ، فالأرباب تخلق الوجود لإشباع تلك الرغبة .
ويترتب على هذه المقدمة نتيجة حتمية وهى أن تكون تلك العباده قد تمت يوم خُلق الوجود ، ولأن خلق الإنسان الذى سيقدم للخالق العبادة قد تأخر طويلا عن لحظة خلق الوجود ، فقد حل الدين الإسلامى هذه المشكلة بإعتقادة أن كل الوجود جمادا أو حيوانا أو نباتا يسبح الله ويعبدة لكننا لانفقة تسبيحهم .
ولأنه لم يكن على الكوكب الأرضى من كائنات حية ، وأن بداية الحياة كانت الخلية الأميبية الأولية ، فوفق الإعتقاد الإسلامى ستكون الخلية الأميبية هى أول العابدين ، وبتغيير منظومة الحياة وتغيرها تغير العابدون ، فظهرت الأسماك لتعبد ثم البرمائيات لتعبد ثم الزواحف لتعبد ثم الطيور لتعبد والديناصورات والحشرات والخنازير والعناكب والقوارص والقوارض كلها لتعبد ، كلها كانت سابقة فى الوجود على العابد الأهم والمستهدف الذى هو الإنسان بأربعة عشر مليار من السنين ، حتى ظهرت السلالات البشرية فى تتابع تطورى وصل بها إلى الإنسان الحديث .
هنا لابد أن يظهر السؤال : طالما أن العبادة قائمة من الساعة الأولى للخلق ، بالشكل الذى أراده الخالق وبالكيفية التى أرادها ، زمنا ومكانا وموجودات عابدة ، وطالما أن رغبتة قد تحققت من الوهلة الأولى فلماذا يكون الإنسان هو المستهدف الأكبر كعابد ؟ رغم أنه لم يظهر إلا بعد مليارات السنين وبعد عدد هائل من الموجودات والكائنات العابدة ؟ فهل لم تكن عبادة الموجودات السابقة كافية لإشباع الرغبة الإلهيه ؟ مما إستلزم إيجاد الإنسان لتحقيق الشبع والكفاية ؟ وإذا كان هذا صحيحا فلماذا كان كل هذا التأخير الطويل لإستكمال هذا النقص؟ ثم لماذا بدأ الله خلقة غير مكتمل وغير محقق لرغبتة الأساسية المُستهدفة من عملية الخلق كلها؟
الإنسان العاقل ظهر قبل مئتى ألف سنة وسبقتة سلالات بشرية تطورية إستمرت أربعة ملايين سنة ، ولأنة لايصح فى مفهوم الإيمان القول : إن الله خلق الوجود منقوصا ، ربما يكون الحل أن الله لم يقصد من خلق البشر أن يعبدوة ،وإلا كان علية إيجاد الإنسان من البداية طالما الهدف هو : ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ، وحتى لايتم اتهام الإله بالقصور يجب ألا يكون الخلق قد حدث بقصد العبادة . لكن هذة النتيجة حتى تكون صادقة لابد أن يكون تفكير الخالق مماثل لما لدينا ، أما إذا كان منطقة وتفكيرة كإله يختلف عما لدينا سيكون كل ما إستنتجناه هنا باطلا ، لإنه ستكون لله مبررات وإستنتاجات تختلف عما لدينا ، ويكون منطقة وتفكيرة غير منطقنا وتفكيرنا ، فسيترتب على ذلك أن ماينتج عن فكرالله ومنطقة غير مُستوعب لنا ، وهو مايعنى إستحالة التواصل والتفاهم بين الرب وبين البشر أو بين الله والأنبياء ، ومن ثم يستحيل القول بنزول وحي إلهى بكتب سماوية إلى البشر، ويكون الإله قد خلق الوجود والكائنات لأسباب نجهلها ، ومرجع جهلنا بها أن تكون عقولنا غير مطابقة للعقل الإلهى ، مما ينتج عنه عدم إدراكنا للإله ولا رسم صورة له فى أذهاننا ولا فهم غاياتة ولا توقع مقاصدة من عملية الخلق جميعا . وهو ما يترتب عليه أن يكون البحث عن الإله والأديان لا معنى له ، ويلزم السكوت لأن مجرد التفكير فى هذا الشأن سيكون غباءاً ،تأسيسا على مقدمة إستحالة التواصل بينهما أصلا.
إحتمال أخير أن يكون الخالق خلق الوجود لأسباب لم يعلنها لنا ، وهو مايستوجب على الإنسان البحث بعقلة عنها ، وهو مما لا يمكن للعقل إستيعابة وفهمة ، وهو ما يتوجب إرسال تلك الأسباب من العقل الخالق إلى عقل المخلوق فى تمام واضح دون أى غموض أوتشويش ، وتتفق عليها كل العقول البشرية وتظهر فى هيئة واحدة للجميع كالأسماء التي علمها لآدم ،وللأسف هذا الفرض لم يحدث بل حدث عكسة فالله مُختلف علية بين الناس ، ومبررات خلقة للوجود غير متفق عليها من الناس ، ولا يبقى من سبب أو غرض لخلق الله للوجود ، سوى أن لاقضية والمسألة هي تفسيرات وظنون البشر . وكان الاعتقاد " أن الوجود قد تم خلقة بواسطة خالق " سببا في تعدد الخالقين بتعدد الأفهام ، وهو فرض وهمي مختلق بدليل أن ما حديث هذا الدين عن الإلة يختلف عما تحدث به دين أخر ، حتى بين الأديان القريبة والنسيبة : الإبراهيمية الثلاث .
الوهم مهما إختلقت لة قضايا ووضعت لة فلسفات وقياسات واستنتاجات يظل وهما ، وهم من النوع الذى يقتل العقول ويقضى على الأمم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 5 / 12 - 21:35 )
تم التعليق في خانة الفيس بوك , تحت مُعرّف (أبو بدر الراوي) , و السبب : سعة مساحة الكتابة .


2 - العقل
محمد بن عبد الله ( 2014 / 5 / 12 - 22:44 )
يا عمنا انت بتتكلم بالعقل مع ناس لا عندها عقل ولا ضمير


3 - تعليق من نادر
Nader ( 2014 / 5 / 13 - 01:05 )
ياللا أديك انت كدة بتضرب فى المليان. ربنا يستر
بس ملحوظة سريعة هى إن البكتريا الأولية يُعتقد انها بدأت فى الظهور من ٣-;- إلى ٤-;- مليار سنة يعنى مش أربعة عشر مليار سنة (إلا إذا كنت تقصد عمر الكون كله من لحظة مايسمى بال ).
Big bang
ملحوظة تانية سريعة هى خطأ الآلة الكاتبة المتكرر فى الهاء المربوطة
وكتابة تاء مربوطة بدلاً منها
اما فيما عدا ذلك فانت دلوقتى دخلت فى نطاق كُتّاب زى برتراند رسل وريتشارد دوكنز. ياللا أهو آن الأوان إن الفكر ده يوصل بلاد الشرق السعيد. نادر


4 - الإجابة هي السؤال
عماد عبد الملك بولس ( 2014 / 5 / 13 - 13:20 )
لو لم يكن هناك عقل لما كان هناك سؤال، و لو لم يكن هناك سؤال لما حاولنا الإجابة، و لأننا مختلفة إراداتنا فهناك إجابات كثيرة

و لو لم يكن هناك إرادة لما كان لنا إرادة

من كان له الإرادة الأولي؟

نحن السؤال و الإجابة

تحياتي لكم لهذه التمرينات الذهنية الروحية مع عظيم تقديري


5 - العقل لايعرف العقل ولايحدده
عبد الله اغونان ( 2014 / 5 / 13 - 22:54 )

ليس هناك عقل مجرد بل عقول تتعدد بتعدد العقلاء حتى اليونان اختلفوا من سقراط وأفلاطون وتلميذه أرسطو
ماتعتبره عقلا وبديهة قد اعتبره جهلا وحمقا وتحريفاجل الاستدلالات لغوية لامنطق لها
الفلاسفة والمفكرون لم يصنعوا قط دينا بل نجد أن منطلقاتهم كلهم دينية
اسطورة حي بن يقظان ذات الأصل اليوناني والتي تدعي قدرة الانسان المتوحش بعقله على المعرفة تثير السخرية منذ بدايتها بزعم أن الانسان خلق من مستنقع أو من شجرة تحمل رؤوسا ادمية. وزعم ابن طفيل أن حي بن يقظان قد توصل بعقله الى كل المعارف
الاجتماعية والشرعية

عقل لايعقل

اخر الافلام

.. لابيد: كل ما بقي هو عنف إرهابيين يهود خرجوا عن السيطرة وضياع


.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #




.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع


.. #shorts yyyuiiooo




.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #