الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المهمة المستحيلة لفرانكشتاين في بغداد

آريين آمد

2014 / 5 / 12
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


تحتاج رواية فرانكشتاين في بغداد للروائي المبدع احمد سعداوي أكثر من قراءة وأكثر من تحليل... إلا أنني سأتناول هذا اليوم جزئية مهمة من الرواية... وتحديدا ما جاء في كلام "الشسمة" في مسجلة محمود ألسوادي... لأنه كلام من العالم الآخر ... "فالشسمة" لا ينتمي لعالمنا إلا قسرا .. على أمل أن أتمكن من تفكيك بعضا من هذه الفنتازيا الجميلة التي أدخلنا السعداوي إليها بيسر وجعلنا متلهفين لتلقي جميع مفاجأته وكأنها حقائق، وهذه تحتسب للسعداوي بكل جدارة.
هادي العتاك الذي جمع أجزاء "الشسمة" من ضحايا التفجيرات في شوارع بغداد، لم يكن إلا ممرا ومعبرا لإرادة السماء، ليصبح هذا المخلوق المسخ والهجين، هو المخلص والمنتظر والمرغوب به والمأمول بصورة ما، فهو المولود من أحشاء العتمة، وهو الرد على نداءات المظلومين من اجل الاقتصاص من الجناة، والقصاص للأبرياء الذين لا ناصر لهم. ومنذ أن تلبس روح الحارس في تفجير فندق السدير الجثة التي حرص على جمع أجزائها هادي العتاك حتى وجد "الشسمة" نفسه أمام قائمة من الأسماء التي تستحق القتل استجابة لنداءات الضحايا الأبرياء، وبقاء "الشسمة" كان مرهونا منذ البداية بتحقيق العدالة، والتي إذا ما تحققت لاختفى "الشسمة" من الوجود، إلا إن المفارقة إن قائمة أسماء المجرمين الذين بحاجة إلى تصفية على يد "الشسمة"، ما أن تتقلص حتى تتمدد من جديد لتضم أسماء أخرى، مما جعلت مهمته تبدو أبدية، فدائرة القتل كانت تتسع باستمرار التي تعني في النهاية إنتاج المزيد من الضحايا والمزيد من المجرمين، لهذا فقد وجد "الشسمة" نفسه في وضع ملتبس، ومصدر الالتباس إن الأسماء لا تقبل أن تنتهي، ولأجل إتمام مهمته فهو بحاجة باستمرار إلى تبديل أجزاءه التالفة، بجلب أجزاء جديدة ووضعها في مكان الأجزاء التالفة أو الآيلة للسقوط، والحكمة كانت في سقوط الجزء العائد للضحية بمجرد تحقيق الانتقام من القاتل، الترميم المستمر لجسده وتبديل قطع الغيار التالفة أو الساقطة جلب انتباهه المبكر لحقيقة إن عمليات ترميم جسده بأشلاء غير معروفة يرجح تسلل أجزاء لمجرمين إلى جسده، فمهمته النبيلة بدأت تصطدم بحقيقة (ليس هناك أبرياء انقياء بشكل كامل مثلما لا يوجد مجرمين كاملين).
"الشسمة" وجد نفسه في ورطة ووضعنا معه أمام حقيقة كنا نهرب منها باستمرار فكلنا ضحايا وكلنا مجرمون!!!! أو هكذا وجدنا أنفسنا بعد 2003 وهكذا استمرت الأحوال لغاية الآن، وبدون إيجاد حلول جذرية لإيقاف دورة العنف، سيبقى أعداد المجرمين في ازدياد، مثلما أعداد الضحايا، بفارق بسيط ومهم للغاية، ليس هناك أبرياء انقياء ولا مجرمين كاملين، مما يعني ببساطة استحالة تحقيق فرانكشتاين للعدالة حتى وان كان مدعوما بإرادة السماء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم