الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النازية ... الفاشية أصل كل الشرور

جاك جوزيف أوسي

2014 / 5 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


يوم الثلاثين من نيسان عام 1945، رفع جنود الجيش الأحمر راية النصر السوفيتيية فوق مبنى البرلمان الألماني في برلين مؤذنين ببدء نهاية حقبة من أكثر الحقب دموية في تاريخ أوروبا والعالم في العصر الحديث والمعاصر. حقبة سيطرت عليها نزعتان ... أيديولوجيتان من أكثر النزعات عداءً للإنسان: الفاشية والنازية.
فما هي هذه الأيديولجيتين؟
مصطلح "النازية" يصف الأيديولوجية التي اتخذها الحزب القومي الاشتراكي العمالي الألماني بقيادة أدولف هتلر في الفترة الممتدة بين العقدين الثاني والرابع من القرن العشرين. وهي مبنية على العنصرية والتشدد ضد الأعراق الأخرى، وتقوم على مفهوم علوّ أجناس بشرية معينة على أجناس أخرى. وقد آمنت النازية بقمع وحتى بإبادة الأعراق الدنيا، بهدف الحفاظ على "طُهّرِ" الأعراق العليا.
وصل الحزب النازي إلى الحكم في ألمانيا عام1933 بقيادة أدولف هتلر، وشرع منذ اللحظات الأولى باستعمال القوة لتحقيق أيديولوجيته، وكان اليهود والغجر والأفارقة والسلاف الذين وضعهم هتلر في أدنى سلّم الأعراق البشرية أول ضحاياه.
بدأ هتلر بتنفيذ برنامجه بإبادة شعوب ومجموعات عرقية ودينية في عملية إبادة أُطّلِقَ عليها اسم "المحرقة" أو "الهولوكوست". كما وُضِعت خطط لاحتلال المناطق التي يسكنها السلاف شرق ألمانيا، وجعلها مستعمرات ألمانية ضمن ما سمي "المجال الحيوي الألماني"، واستعباد شعوبها الأصليين لدعم الاقتصاد الألماني.
أما الفاشية فهي وصف لشكل راديكالي من السلطة، تمثلت تاريخياً في تجارب لحركات سياسية قومية أو وطنية، ونُظم أسستها تلك الحركات، تبلورت عبر تجارب سياسية خاضها عدد من بلدان أوروبا في فترة ما بين الحربين العالميتين لتصل إلى شكل أيدولوجي واعي بذاته. سعت الحركات الفاشية لتوحيد الأمة التي ينتمون لها عبر الدولة الشمولية وتميزت بالحركات الهادفة إلى إعادة تنظيم المجتمع بحسب مبادئ متسقة مع المبادئ الفاشية. اشتركت الحركات الفاشية بملامح مشتركة تتضمن تبجيّل وتقديس الدولة، حب شديد لقائد قوي، وتشّديّد على التعصب الوطني والعسكرة. وترى الفاشية في العنف السياسي والحرب والسيطرة على الأمم الأخرى طريقاً لبعث وتحقيق النهضة الوطنية. ويُقِّرُ الفاشيون برؤيتهم أن الأمم الأقوى لها الحق في مد نفوذها وإزاحة الأمم الأضعف من الخارطة السياسية والاجتماعية الدولية. كانت إيطاليا أولى البلدان التي تأسس بها نظام فاشي. وتستخدم كثيراً لتمثل النموذج الذي تقاس عليه التجارب اللاحقة.
اصطلاح الفاشيّة "fascism" مشتق من الكلمة الإيطالية fascio، وهي تعني حزمة من الصولجانات كانت تُحمَل أمام الحكام في روما القديمة دليلاً على سلطاتهم.
استخدم موسوليني مصطلح الفاشية عام 1919 لوصف حركته السياسية التي جمعت بين التعصب القومي والعداء لكلًّ من اليسار والحركات المحافظة في إيطاليا. وبعد ثلاث سنوات، تولى موسوليني مقاليد الأمور في روما بعد أن شكل ائتلاف سياسي مدعوم من القوى المحافظة والتقليدية في إيطاليا. وفي عام 1926 بدأ يؤسس لديكتاتورية واسعة النطاق مُسّتبعِّداً حلفاء الأمس، بعد أن أصبحت الفاشية محط إعجاب لعدد كبير من الشخصيات السياسية والأدبية في أوروبا.
وفي هذه الأثناء ضربت النازية في ألمانيا، بقيادة هتلر، ضربتها، مُسّتغلة فترة الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي عصفت بالمجتمع الألماني عام 1929، نتيجة الكساد الكبير الذي أصاب العالم إثر انهيار بورصة وول ستريت في نيو يورك في الفترة نفسها. وعن طريق العملية الديمقراطية تمكن هتلر من السيطرة على زمام الأمور في برلين عام 1933.
وفي الوقت الذي بدأ فيه موسوليني بتأسيس مجتمعاً شمولياً في إيطاليا، وشرع هتلر في بناء مدينته الفاضلة العنصرية، بدأت تظهر حركات فاشية في شتى أصقاع العالم وخصوصاً في أميركا اللاتينية والشرق الأوسط تحاكي الفاشية والنازية وتقتبس الكثير من تعاليمها وتقاليدها وتسعى لتحقيق أهدفها بالوسائل نفسها.
السمات العامة للأيديولوجية النازية – الفاشية
1- الزعيم- الإله
للزعيم في صلب العقيدة النازية-الفاشية موقع متميّز يقترب إلى “تأليهه” ووضعه في مصاف الأنبياء، مما يترتّب عليه وجوب العبادة، فهتلر لم يكن ينظر إلى نفسه رئيساً لدولة، بمقدار ما كان يصرّ على اعتبار نفسه مرشد الشعب الألماني. ولم تكن عبادة الزعيم ووضعه في مصافّ الأنبياء والآلهة أقل قوة لدى موسوليني، بل اتخذت هذه العبادة أشكالاً من الفظاظة، انطلاقاً من أنّ موسوليني كان ينظر إلى الشعب الإيطالي نفسه بشيء من الاحتقار، لذا فتّش في ماضي روما عن العظمة التي يفتقد إليها الشعب الإيطالي في عصره الراهن، وجعل من شخصه المنقذ الذي يعيد لإيطاليا ذلك المجد الروماني القديم.

2- الدولة التوتاليتارية
قامت الدولة الفاشية-النازية على نمط من الديكتاتورية المطلقة، حيث تركزت السلطة في يد حزب وحيد قائم على زعامة تتجسّد في رئيس أقرب إلى “الربّانية” يقع على عاتقه هداية وإنقاذ الأمة، تغذّيه أيديولوجيا تمثل الحقيقة الكاملة، وهو منبثق من صلب الشعب الجرماني أو صلب الأسلاف المؤسسين لورما العظيمة، بفضل ما يتمتع به من شخصية متميزة، مما يبرّر أن تكون كلمته تمثل القانون لأنها الحقيقة نفسها، وعلى النفخ المتواصل بالروح العسكرية للشبيبة بشكل خاص وللمجتمع ككل. فالدولة التوتاليتارية الفاشية لا تكتفي بالاستيلاء على السلطة، بل إنها لا تعتبر سلطتها مكتملة إلاّ بعد قلب المجتمع والثقافة رأساً على عقب، لذا “فإنّ الحزب الاشتراكي – الوطني من حيث كونه أيديولوجيا لن يتخلّى عن الصراع قبل أن تنطبع حياة كل ألماني بقيمه الأساسية” وفق ما يقول هتلر في كتابه “كفاحي”، بحيث تندمج الدولة والمجتمع السياسي في الحزب الذي وحده يتكلم باسم هذا المجتمع والشعب.

3- الدين الفاشي
لم تتوان الفاشية طوال عهدها عن نبش الشعور الديني، ليس لتعبئة الجماهير حول طروحاتها، وإنما أيضاً لتمجيد الزعيم الذي يمثل رجل العناية الإلهية، ممّا جعل من موسوليني “نصف إله” ومن هتلر شخصية كونية استثنائية الوجود حيث “ما من مجال للنشاط الإنساني إلاّ ويتجلى فيه”. ولأنّ الرجلين يتمتعان بهذه الصفات “النبوية-الإلهية”، فإنهما معصومان عن كل خطأ، وما يصدر عنهما يمثل الحق والحقيقة في آن. يشدد نيكوس بولنتزاس في كتابه “الفاشية والديكتاتورية” على طابع الأيديولوجية الفاشية الخاصة بتأليه الزعيم والدولة على أساس اندماجهما في مقولة واحدة، وعلى كون قيادة الزعيم تمثل القانون والقواعد التي تحكم الأمة مجموعاً وأفراداً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة