الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أوبهر
أنس مصطفى
2014 / 5 / 13الادب والفن
أُوبْهَـر
[والطُّيُورُ أجملُ مَن آمَنَ، والبحرُ أمَل].
هُوَ البَحرُ إذَاً
لَكنِّي لا أَعرِفُ كيفَ يُكْتَبُ البَحر..
البَحرُ حُزْنٌ، أَو هُوَ مَلجَأُ الحُزْنِ كُلِّهِ في الأَكوَانِ كُلِّهَا، يُسْلِمُهُ أوَّلَ اللَّيلِ الطُّيورَ، تُسْلِمُهُ آخِرَ اللَّيلِ الكَائنَات، وَالطُّيورُ أَجمَلُ الحُزن، لأنَّهَا آمَنَت، لأنَّهَا أَجمَلُ مَن آمَن، لَكنِّي لا أَعرِفُ كيفَ يُكتَبُ الحُزنُ، كمَا لا أَعرِفُ كَيفَ تُطْوَى الحَيرَة، كمَا لا أَعرِفُ لِمَ لَسنَا طُيورَاً؛ مَحْضَ جَنَاحٍ وَعُذُوبَة، نَقطَعُ زُرْقَةً إثْرَ أُخرَى، لَكِنيِّ أَعرِفُ الحُزنَ؛ أَعْرِفُهُ اليتيم، هُوَ حُزنٌ فَقَط، هُوَ لا يُشْبِهُ أَحَدَاً سِوَاه، وَلا يُشبِهُهُ سِوَاه، لَكنيِّ لا أَعرِفُ هَل الأرضُ وَحدَها أمِ الأكوَانُ كُلُّها حُزْنٌ، وَالحُزنُ مَاء، أَينَمَا كَانَ مَاءٌ يُبْصَرُ الحُزنُ نقيَّاً وطيِّباً، لذَا فَالمطرُ حُزْنٌ، وَالبَحرُ حُزْنٌ، وَالحنَانُ حُزْنٌ، وَالفِرَاقُ حُزْنٌ، وَالدَّمعُ حُزْن، وَلولا الدَّمْعَةُ لانْتَهَى الحُزنُ بِالكَائِنَاتِ؛ الدَّمْعَةُ النَّبِيَّة، تَدْعَكُ الحُزْنَ في القَلْبِ ولا يُسْلِمُ نَفْسَه إلاَّ إليهَا؛ لأنَّهَا مِثْلُه، لأنَّهَا مِنْه، من حَشَاه، وَلأنَّها بحرٌ أيضَاً، أَو هيَ نُطفَةُ البَحرِ في النَّاس..
والبَحرُ مَقطُونٌ، يَقْطُنهُ العَارفُون، فَالعَارِفونَ غَرقَى، وَكلَّمَا تَوَغَّلتِ الأشياءُ في مَعَارِفِها كُلَّما قَطَنَتِ البَحرَ؛ لأنَّها غُربَةٌ، وَلأنَّهُ سَكَنٌ، وهوَ سُكُون، وَمَن أَهْدَرَ سُكُونَهُ فَقَدْ تَوَغَّلَ في يَابِسَةٍ، فَقَد رَحَل، هَكَذَا فَالسُّفنُ سَاكِنَةٌ، وَالموجُ ساَكِنٌ، وَالفَوَانِيسُ في البَحرِ سَاكِنَةٌ، وَالنَّجمُ سَاكِنٌ، وَالزُّرْقةُ سَاكِنَةٌ، وَالأمُومةُ سَاكِنَةٌ، وَالَّليلُ سَاكِنٌ، وَاللَّيلُ لمن فَاتَهُ اللَّيلُ قِطعَةٌ مِن البَحرِ أَيضَاً..
إذاً لا يأسَ بَعْد، فَوَرَاءَ اليَابِسَاتِ بَحْرٌ، فَمَن انتَوَى العَودَةَ لِزمَهُ أَن لا يَلْتَفِت؛ أَن يُغمِضَ عَينَيهِ وَيمضِي بحُلمٍ أَزرَق، مَهمَا اليَابِسَةُ تُجْهِش، لأنَّ الدُّمُوعَ ليْسَت لهَا..
مَا أظُنُّه:
أَنَّ السَّفِينَةَ رَاسيَةٌ، وَأنَّها مُطمَئنَّةٌ، وَأنَّ فَوَانِيسَهَا تَرتَاحُ بِصِدْقٍ عَلَى المِيَاه، وَأنَّ الرَّصِيفَ خَالٍ مِن المارَّة، وَأنَّ الطُّيورَ حَطَّت، تُغدِقُ الحَنَانَ وَالأُلْفَة، وَالدُّنيَا؛ الدُّنيَا تَهْدَأ..
وَأنَه بَحر..
وَأنَّهُ الآنَ أَيضَاً..
..
أنس مصطفى/الخرطوم
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. VODCAST الميادين | مع الشاعر التونسي أنيس شوشان | 2024-03-27
.. إصابة نجل الفنان الراحل فؤاد المهندس إثر حريق داخل شقة
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب