الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القطارات الصاعدة للسماء : رسائل الزمن المشفّرة

سعدي عباس العبد

2014 / 5 / 13
الادب والفن


القطارات الصاعدة للسماء : رسائل الزمن المشفّرة

_________________________________

• ........ القطارات أرواح ... كلّ مخلوق قطار , ينتظر بلوغ المحطّة .. المحطّات
• استراحة الاجساد المنهكة .... المحطّات ايماءات .. وتلوّيحات وداع .. وامكانية
• لأسترجاع ذكرى . ما .. الذكريات لن تغادر المحطّات , بل تتخفى وراء ظهر الزمن
• الزمان تابوت القطارات وربّانها وعزرائيلها وساعي بريدها .. القطارات رسائل الزمن
• المشفّرة ... والسكك خطوات الزمان , .. الزمان في رحلتهِ وأثاره المطبوعة على المكان
• السكك حمّالة ارواح .. وشاهدة على مرور الأرواح واوقاتها .. السكك دليل وبوصلة
• وعلامة وجادة وسهم ملتوي يؤشر ويشير ويقود ..............................
• المرة الاوّلى التي رأيت فيها القطار .. لااتذكّرها تماما ..بيد انّي لا زلت اتذكّر ملامح ذلك
• الزمن البعيد ..زمن الطفولة والجري في أثر القطارات .. وهي تمرّ على مبعدة من بيوتنا
• كانت منبهات القطارات , منبّهات لحلول طلائع البهجة .. وبشائر تعلن عن قدوم المسرّات
• الناعمة الصغيرة .. منبّهات لكسر الرتابة المخيّمة على طفولة تتوق للمغامرة والاكتشاف
• ...... صفير القطار كان بمثابة جرس تنبيه لايقاظ الروح من نومها الطويل على وسائد
• الرتابة , والتكرار في مزاولة طقوسنا التي لا تتعدى الهو وتزجية الوقت في دحرجت اطارات
• سيارات ثقيلة وتالفة على الارض
• حالما يتناهى لاسماعنا ذلك الصفير .. _ وكأنه يدعونا للاحتفاء باحزاننا القادمة في الطريق
• ونحن ساهين عنها في غمرة ذلك المرح الذي ما اسرع انّ توارى وراء زمن القطارات _ اوّل ما
• يتصاعد ذلك الخيط الطويل من الصفير .. نهرع جريا وكأننا نباري الريح
• تحملنا سيقان رفيعة سمراء لوحتها شموس البرّية المدغلة , البرّية قبل ان تصير مدينة مأهولة
• بالسكان يطلق عليها الآن مدينة الاورفلي ...
• تحملنا اقدامنا الحافية المطبوعة بندوب واثار جراح لم تنّدمل .. تقودنا في ركض متصل
• ينهك البدن ..ولكن كان حجم الفرح من السعة بحيث كان يغطّي ويطغي على طوفان ذلك الانهاك
• اللاهث .. كنا نضع عملة نقدية من فئة 5 فلوس على سطح السكك فتمرّ عليها عجلات القطار
• فتتسع مساحة تلك القطعة فتغدو قريبة إلى حد ما , لفئة 10 فلوس
• ما كنا نعلم انّ تلك العجلات , انما كانت توسع من مساحات ارواحنا , المتخفية وراء القطارات
• وراء ظهر الزمن ..توسع مساحات الخراب وهو في طوره الاوّل .. وهو في اوّل تدفقه من
• ذلك المصبّ الحديدي ... كنا نرى إلى الجنود المحمولين على ظهر القطار وهم يقذفون نحونا
• صمون الجيش .. كانت تلك اوّلى علامات الخراب .. اوّلى بشائر الشؤم .. كان ذلك الصمون اوّل
• العلامات اوّل شروق نقاط الدلالة .. اوّل السهم المشير للضالين والخائبين .. كان ذلك الصمون
• بمثابة اوّل الطريق المشفّر . الطريق الذي سوف يقودنا لاحقا إلى طبقات الجحيم ..
• كنا نرى إلى المدافع المحمولة على اكتاف القطارات ..فنصاب بالذهول وتتسع دهشتنا ..
• دهشتنا التي ستغدو فيما بعد , بسعة الخراب .. دهشة ستحيلنا إلى مخلوقات مدهوشة على
• الدوام .. مدهوشة من صعود القطارات إلى السماء
• ما كنا نعلم انّ القطارات .. توابيت تشحن بالمدافع والجنود .. وما كنا نعلم اننا سنعقّب المواكب
• العابرة .. موكب جنود القطار في رحلتهم نحو السماء .. ما كنا ندري همّ السابقون ونحن اللاحقون
• من اين لنا انّ نعرف اننا لاحقون في اثرهم نحو السماء ..او نحو الارصفة والشوارع .. مشرّدين
• معوزين مطاردين ...
• القطارات قبل تتخذ هيئة واشكال التوابيت المشحونة بالاحلام الميتة .. قبل انّ تتحول في مخيّلتي
• ......... وقبل ان تكون سفن للهلاك في بحور الحرب .. كنت اتصورها في ذهني المكتظ في وقت
• ما , بالاحلام الرومانسية .. إنها ذات وشيجة حميمة باحلام العشاق الرومانسين ..
• فمحطّات القطارات قبل انّ تتحول إلى عتبات تمهيدية , او خطوات اخيرة تقود الى السماء
• كانت مكانا اليفا للوداعات واللقاءات .. وداع العشاق في رحلاتهم الحافلة بحرارة التوق
• والدموع والهمس والآمال . وداع كثيرا ما يكون محفوفا بالشجن
• القطارات فضلا عن كونها مترعة بالرموز والشيفرات , في صلتها بالزمان والمكان .. كانت ترمز
• للزمن في تمدّده وتصاعده ...وما السكك إلا الزمن الملتوي في صعوده نحو الابدية ...
• الزمن الذي اطّلت عبر بابه المفتوح .. عاشقات .. وامّهات جنود .... وجنود في لحظة وداع
• وداع الحبيبات او الامّهات ... المحطات مرافىء مناديل . مناديل للتلويح .. والدموع
• المنديل ملمح او احد معالم المحطات .. وحاضنة رؤوم لتجّفيف ملح البكاء .. وحاضنة لديمومة
• الروائح .. الرائحة نظير وصنو ومبعث الذكرى .. الذكرى والرائحة احداهما يفضي للآخر ..
• لا ذكرى بلا رائحة .. ولا رائحة بلا ذكرى .. القطارات ينابيع ومصبّات الرائحة .. المحطات
• شاهدات منظورات على مرور الزمن والقطارات .. الزمان والقطار احداهما يؤدي إلى الآخر
• القطارت تشيخ .. قبل انّ تأخذ بعد وشكل الزمن الرمزي .. قبل انّ تلعب دور الزمن
• في مسرحة الوجود .. قبل انّ تتقمص ملامحه في اشد واعمق معالمه تراجيديةً .. التراجيديا
• علامة الزمن في تحولاته .. في الحقيقة الزمن غير متحول بل هو ثابت في عدم ثبوته
• المتحول هو الجندي والأمّ والحبيبة والطفولة والمكان .. المكان يتغيّير بفعل الخارج
• الخارج عن ارادته وخياراته ..فالقطارات وفقا لتلك الرؤية تشيخ لما يمتد بها العمر
• وتغدو اقرب ما يكون لشيخ طاعن بالانهاك والسنوات .. فيصيب عظامها او حديدها التلف
• والوهن وتمسك عن الحراك ..
• وعندما تغادر القطارات في رحلتها نحو الغياب المطلق او مقبرة النفايات .. فانما ترّحل
• معها ازمنة الجنود ورائحة الامهات .. اقصد البقايا من تلك الرائحة المنعكسة في صورة الحديد
• قبل انّ يصيبه التلف وتنال منه يد الغبار والنسيان
• النسيان محرك وعجلات الزمن .. الزمن في ملامح القطار الرمزية ......
• صمون الجيش نسيان والعملة المعدنية نسيان وحتى محمولات القطار في الذاكرة , ذاكرة الاطفال
• نسيان .. نسيان يحدث في المحطة الاخيرة .. المحطة المرموز اليها بالموت .. الموت الغاء
• وبعث ..يحيل القطار للنفيات .. ومن اعماق النفيات يبعثه على نحو مغاير .. ربما يبعثه على
• شكل باب او انبوب او نافذة حديدية .. بعد انّ تلمسه يد الانسان .. الموت يحي ويميت من نفاية
• إلى نفاية .. لكنه لا يموت .. يحوّل القطارات إلى اشكال اخرى بملامح مختلفة .. ينتجها
• من قاع النسيان والتلف ولكن بشكل مختلف .. شكل يمكن انّ يكون أي شيء .. عدا انّ
• يكون قطارا ...................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف


.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي




.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد