الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحرير - ماسبيرو - رابعة

رامي رفعت

2014 / 5 / 16
المجتمع المدني


اعلم ان العنوان قد يكون مستغربا من قبل البعض كون ان الثلاثة اماكن لها ذكريات مختلفة ، فالبعض قد يرى ان الواقعة الاولى والثالثة هي استمرار لخط واحد والبعض الاخر يرى الواقعة الاولى والثانية فقط هي الثورة والثالثة تغرد خارج السرب . لكني تعمدت ان اذكر الثلاثة لما لهم من بصمة مهمة في سير الاحداث ولما تمثله كل حادثة منهم من حيث انها نقطة محورية في تطور التعاطي مع ما اسميناه بالثورة .

التحرير وما سمي وقتها بالثورة
بدات احداث التحرير يوم 25 يناير باعداد بسيطة وزات زيادات طفيفة بعد ذلك ، لكن مع العنف الامني في فض تلك التظاهرات جاء الينا يوم الجمعة 28 يناير حاملا عنوان جمعة الغضب ليكون نقطة فاصلة ومهمة تم على اثرها اعلان حظر التجوال ثم استمرت مظاهرات التحرير حتى تخلي الرئيس السابق حسني مبارك عن منصبه . لن ازعجكم بسرد الاحداث لان الجميع تقريبا على دراية بها ومتوفرة على شبكة المعلومات ، لكن اود فقط ان اذكر ملاحظاتي على تلك التظاهرات وما تلاها .
كانت الهتافات في البداية هي عيش حرية عدالة اجتماعية وهي حقوق اي مواطن في دولة محترمة وليست امتيازات تحتاج لقبول الحاكم ، وهو بالفعل ما كانت تعاني منه مصر وقتها ولازالت تعاني منه وهي سبب مبرر تماما لغضب الافراد ودافع كافي لخروجها الىالشارع . الا ان هذه الهتافات التي اضيف اليها الهتاف الشهير ( الشعب يريد اسقاط النظام ) –وهو الشئ الذي لم يحدث–اصبح بجوارها هناك هتاف اخر هو ( ارحل ) و ( لو بتحب مصر سيبها قبل العصر ) مما يعني ان الامر اصبح ليس غضبا من نظام فاسد انما غضب من شخص بعينه وهو مبارك ، وتقريبا نشطت الهتافات الكارهة للرئيس السابق تزامنا مع نزول الاسلام السياسي بكثافة – وابرزهم كان الاخوان المسلمين– مما حول الامر الى تصفية حسابات لجماعة محظورة تتكون من افراد نصف اسرها في المعتقلات ، ولا ننسى بالطبع الاشاعات التي اشيعت حول ان ثروة حسني مبارك تقدر بسبعين مليار جنيه مما ازاد من الغضب الشعبي على الرئيس السابق . الا ان هذا الكره كانت نتيجته تحويل الاهتمام من اسقاط نظام الى اسقاط رئيس وهو الامر الذي تم بالفعل بتخليه عن السلطة وتسليمها للمجلس العسكري ، وهو ايضا ما اتضح بعد مرور الايام ان النظام لم يسقط انما فقط قام بالاستفادة من شخصنة الاحتجاجات وتحولها الى ثأر شخصي من الرئيس من تغيير الوجوه القديمة المكروهة واستبدالها باخرى مع الحفاظ على النظام الديكتاتوري ، في نفس الوقت الذي شعرت فيه غالبية من شاركوا بتلك التظاهرات بنشوة النصر لان الرئيس قد رحل لانه ترسخ لديهم ان رحيله يعني رحيل النظام وهو ما ثبت خطائه لاحقاً .
بعد ذلك صك تعبير ( ثورة 25 يناير ) بعد رحيل مبارك وكثر الحديث عن ( سلمية الثورة ) و ( الشرعية الثورية ) وغيرها من المصطلحات التي كانت جديدة على مسامعنا ، وهي اكثر المصطلحات التي استخدمت بكثرة بعد وذلك وحتى الان واصبحت تارة تعطي ( الشرعية ) وتارة اخرى هي ( خروج على الشرعية ) وخروج على دولة القانون . لذا اود ان انقل لكم رايي في هذه المصطلحات معناها بالنسبة لي :
لا يوجد تعريف قانوني او دستوري للثورة ، بمعنى انه لا يوجد مادة في الدستور تلزم الحاكم بالتخلي عن حكمه في حالة قيام ثورة عليه ، ولا يوجد تعريف في القانون يشرح ما هي الثورة ومتي يمكن ان نطلق عليها ثورة ومتي نطلق عليها انقلاب شعبي ، الثورة في الاساس هي خروج على القانون لعدم صلاحيته في عزل الحاكم او عدم قدرة المعترضين على استخدامه لعزل الحاكم .
لا يوجد تعريف محدد لمصطلح ثورة شعبية او شرعية ثورية ، فهذه المسميات تستخدم للاستهلاك الشعبي للتاثير على الافراد . الادق هو ان هناك معارضين للحكم يقومون بمظاهرات رافضة للحاكم توافق هوى لدى القادرين على ازاحة الحاكم من منصبه – الاجهزة الامنية او الجيش او الدول المتحكمة في اقتصاد هذه الدولة او جميعهم – مما يؤدي الى استخدام نفوذهم في عزل الحاكم وهو ما حدث في 25 يناير . او قد يتم الامر باثر رجعي حيث تشعر القوى القادرة على ازاحة الحكام بالخطر من بقاء الحاكم او تستشعر ان قاعدته الشعبية غير مستقرة فتستغل ذلك في القيام بالاطاحة به ثم الحصول على مباركة الراضين عن ذلك –ثورة 1952 – او دعوة المعترضين للخروج للحصول على مظهر اقرب الى الثورة لتخفيف الوضع – ما حدث في 30/6 – وفي الحالتين يتم استغلال الشعب وايهامه انه صاحب الكلمة العليا في بقاء حكامه او عزلهم ، اما مصطله الشرعية الثورية فهو مصطلح فاشي من الدرجة الاولى حيث يصدر احكامه بالخيانة او الوطنية على الاشخاص حسب مواقفهم من ( الثورة ) او الداعمين لها او المعترضين عليها دون عناء البحث عن تهم قانونية او ادلة تاخذ بها المحكمة .
الثورة السلمية هي مصطلح افلاطوني نوعا ما ، فالمتظاهر السلمي هو شخص لا يحمل السلاح ويتلقى الموت بصدر مفتوح دفاعا عن قضيته . لكن ما نراه من اشخاص يدعون السلمية وهم يحملون بقنابل المولتوف او الاسلحة النارية او الاسلحة البيضاء بحجة انها للدفاع عن النفس فهذا لا علاقة له بالتظاهر السلمي ، بالطبع من حق الشخص ان يحمل معه ما يحميه في حالة تعرضه لاعتداء لكنه في تلك الحالة لا يصبح متظاهر سلمي لانه سيكون مستحيلا معرفة اي طرف هو البادئ باستخدام العنف وستكون النتيجة هي مجزرة بين الطرفين .
نعود الى ما حدث في 25 يناير وفقا لتلك التعاريف ، نجد في البداية انها حصلت على دعم الجيش لها وهو هنا القوة القادرة على ازاحة الرئيس فعليا . وما كان لها ان تنتصر الا لان ما طالبت به وفق هوى لدى القيادات وقتها ، ثم اصبح المجلس العسكري يحمل ( الشرعية الثورية ) هذا السلاح السحري الذي يمكنه من تجميد الدستور والقانون وتحديد ما يصلح وما لا يصلح سواء بالسؤال الشعب والاخذ برايه او اتخاذ القرار بغض النظر عن راي الافراد .
الرئيس السابق حسني مبارك كان وقتها رئيسا منتخبا في انتخابات لم يثبت القانون زيفها او تزويرها ، وكان الحل القانوني هو تقديم الادلة على فساد النظام وفساد الرئيس نفسه للمحكمة واذا ثبتت تلك التهم يتم عزله وحبسه كما ينص القانون . ولكن لعوامل كثيرة من اهمها يأس البعض من القانون يمكن ان ينصف المعارضين ولعدم توافر ادلة حقيقية على فساد الرئيس حسني مبارك ونظامه ، كان الحل الامثل هو القفز على القانون والدستور والنزول الى الشارع واستخدامه كورقة ضغط ، مما يعني ان النزول في تظاهرات 25 يناير كان خروجا عن الشرعية . اعلم جيدا ان نظام مبارك رسخ لدى الجميع انه نظام فاسد – وهذه قناعتي الشخصية ايضا – الا ان الحكام لا تترك مناصبها من اجل القناعات والشكوك وسوء الظن ، لقد ارتكنت الغالبية للاسف الى ايمانها بفساد النظام ولم تجهد نفسها لتوثيق هذا الفساد بالمستندات والادلة طالما ان ازاحته لا تتطلب ذلك انما تتطلب فقط حشد جماهيري ومغازلة من في يدهم القدرة والرغبة المستترة .

ماسبيرو .. الفتنة بمفهوم اخر
بدات احداث ماسبيرو بمكان اخر بعيد عن القاهرة في اقصى جنوب مصر ، حيث كانت قرية الماريناب في اسوان هي مسرح الاحداث لقصة تتكرر بصورة شبه دورية . مبنى يتم الشك في كونه كنيسة او يستخدم من قبل مسيحيي القرية ككنيسة ثم يثار الشك على كون المبنى غير مرخص لذلك . بعض الغوغاء ممن يعتبرون وجود كنيسة في قريتهم وصمة وعار وخطر دامي لابد من مواجهته وبذل الغالي والنفيس للقضاء عليه ، يقوم هؤلاء الغوغاء بالقيام بنصب محاكمة واصدار الاحكام بالهدم وتنفيذ هذا الحكم بانفسهم وكان الدولة ليست موجودة او تفضل ان تبقي بعيدة ، يظهر المحافظ او المسئول مدافعا عن الغوغاء بان المبنى غير مرخص بالفعل مثلا مع اصراره على عدم تقديم اي بادرة من جهته بانشاء كنيسة اخرى غير التي هدمت . وبالطبع كانت نتيجة تلك الممارسات غضب بين صفوف المسيحيين وانصار المساواة والمواطنة ، الا هنا كانت غالبا تنتهي هذه القصة داخل مصر وتبدا حلقة اخرى خارجها على يد اقباط المهجر لنشر هذه القصة ، الا ان بعد احداث يناير ورحيل مبارك جعل بعض المسيحيين يخرج عن الغضب المكتوم الى النزول الى الشارع للتعبير عن رايه الرافض لما حدث . هذا التغيير الجديد نتيجة اختفاء رهاب النزول الى الشارع ومعارضة الحكام شجعت مجموعة من الشباب من المسيحيين والمسلمين على النزول للتعبير عن غضبهم ، الى هنا وكل شئ يبدو مقبولا في ظل هوجة التظاهرات التي شهدتها البلاد وقتها والتي لا زلنا نجني اثارها السلبية . قامت تلك التظاهرات بالذهاب الى مبنى الاذاعة والتليفزيون بماسبيرو الذي كان الجيش يقوم بتامينه ، ثم تحولت ( المظاهرات السلمية ) الى مجزرة اودت بحياة ما يقارب 27 شخص من المتظاهرين .
ايضا تلك الحادثة اود ان اسلط الضوء على بعض النقاط بها :
حالة الشحن التي سبقت هذه التظاهرات كانت مريبة ، فكانت المرة الاولى التي تري فيها شخصا من المفترض انه كاهن يدعو الشباب الى اقتحام مبنى ماسبيرو اذا لم يتم الاستجابة لمطالبهم ، قابلتها حالة من الشحن المضاد من مذيعة مصرية تناشد المصريين لانقاذ جيشهم الذي يتم الاعتداء عليه على يد الاقباط . حالات الشحن المتبادلة وشعور كل طرف ان وجوده مرهون باختفاء الطرف الآخر ادت الى اشتباكات بين افراد شاركوا في التظاهرات من جهة وافراد من الاماكن المجاورة وقوات التامين الخاصة بالجيش من ناحية اخرى .
اختيار مبنى الاذاعة والتليفزيون تحديدا ليكون هدف التظاهر مع التلميح الى اقتحامه كان اختيارا غير موفقا في رأيي ، فالمبنى بما له من معنى رمزي بانه الصوت الاعلامي الرسمي للدولة يجعل اي محاولة او تلميح او دعوة بدخوله تقابل بمنتهى الجدية والقوة .
كان المتظاهرين يدافعون عن حقوق المواطنة وكانت قضيتهم نبيلة ومحترمة لكن للاسف تاثروا بما كان سائدا من عدم احترام القوانين ومحاولة القفز فوقها خصوصا اذا كنت الضحية المغلوبة على امرها ، وهنا اعود وانبه الى ان احترام للقانون امر لابد منه وانه لا يمكن السماح للضحية بخرقه كنوع من التعاطف لان هذه الطريقة تفتح الباب على مصرعيه لكل من كان مظلوما – سواء كان ذلك حقيقة ام لا – ان يخرق قوانين الدولة واتلاف ممتلكاتها مثل تلك المدرعة التي تم اشعال النار بها ويلجأ الى اساليب ووسائل لا تتماشى مع نبل رسالته .
اخر نقطة اود ان اشير اليها هو العنف الذي واجهت به قوات الجيش المتظاهرين وما رايناه في وسائل الاعلام من دهس للمتظاهرين اسفل المدرعات ، هذا العنف هو امر ليس في مقدور الجيش تجنبه طالما وضع في المواجهة لاختلاف عقيدته عن عقيدة قوات الشرطة . فالشرطة التي من مهامها التعامل مع المدنيين يكون اطلاق الرصاص الحي اخر خيار لها ويكون اطلاق الرصاص بغرض القتل جريمة اذا لم يكن هناك داعي قوي له ، وتدريباتهم على مواجهة التجمهرات والاحتكاكات مع المدنيين تمكنهم من تنفيذ استارتيجيات متنوعة للوصول الى افضل النتائج باقل الخسائر ، بالطبع هذا الكلام المقصود به ما يفترض ان تكون عليه قوات الشرطة وليس تقريرا لواقعها . اما الجيش فان اول خيار له هو القتل وهو مدرب على مواجهة عسكريين على قدر من التسليح والتدريب القتالي يجعل عمليات الحفاظ على الارواح صعبة نسبيا ، والخسائر بالنسبة له هو ان يخسر موقعه وما عدا ذلك من خسائر في الارواح والمعدات ياتي في المرتبة الثانية دائماً .
ان السعي الدائم الى ان يكون الجيش هو القائم باعمال الشرطة ظنا من البعض ان هذا افضل للجميع هو امر غير صحيح ، لان ما يستخدمه الجيش لتحقيق ما يطلب منه نسميه عنف غير مبرر . لان درجة تسليح المتظاهرين واعدادهم لم تكن تستدعي هذا العنف في التعامل لكن في نفس الوقت هذا العنف الغير مبرر في نظرنا هو الطريقة المثلى في نظر العقيدة الحربية التي لا تقبل بانصاف الحلول ، فاذا كان هناك احد يتحمل نتيجة هذا فهم طرفان ، الطرف الداعي الى تلك المظاهرات لما تعنيه من مواجهة شبه حتمية مع قوات الجيش ، والطرف الذي نادى بنزول الجيش الى الشارع للقيام بمهام ليست مهامه . طبعا هناك البعض قد يقول ان هذا التظاهر كان سلميا وانهم اضطروا لاستعمال المولوتوف وغيره للدفاع عن انفسهم فهذا كلام لا يليق برجل يفترض انه على دراية بالسياسة ويدرس كافة احتمالات قبل ان يشجع انصاره على الاقدام على اي خطوة .

رابعة ... رمز الغباء السياسي
بعد الثورة تم انتخاب الرئيس السابق محمد مرسي من جماعة الاخوان المسلمين كاول رئيس لمصر بعد الثورة ، ولم يمر عام حتى تعالت الدعوات من قبل المعارضين لحكمه ايدولوجيا وسياسيا بانهاء فترة حكمه وعدم الانتظار الى ان ينهي مدته القانونية ، وساعد في ذلك تاييد الاجهزة القادرة على ازاحة الرئيس او احراجه كالجيش والشرطة وانتهى ذلك باعلان الجيش انه قد تم الاطاحة بالرئيس السابق والحديث عن خارطة طريق تتضمن تجميد الدستور واعداد دستور اخر ثم عمل انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة .لكن انصار الرئيس رفضوا ذلك واعتبروه انقلابا على الشرعية واعتصموا بميدان رابعة العدوية ، وظل الاعتصام مدة حتى تم فضه من قبل قوات الامن ونتج عنه عدد من القتلى ليس محددا ويتراوح من 726 الى 3000 قتيل .
ناتي الى الملاحظات حول تلك الواقعة الشهيرة والتي تباينت بشدة بين مؤيد لها واعتبارها رمز الصمود واخرون اعتبروها رمز الارهاب .
وعلينا ان نبدا بما حدث اولا مع الرئيس السابق محمد مرسي ، ما حدث كان انقلابا بالفعل على شرعية قد اخذها من صناديق الاقتراع . نفس ما حدث تقريبا في 25 يناير 2011 وان اختلف تعاقب الادوار حيث كان التظاهرات هي البادئة في احداث يناير ثم تولى الجيش الباقي وفي 30 يونيو كان الجيش والشرطة هم اصحاب المبادرة وقامت التظاهرات باضفاء اللمسة الشعبية ، لكن تبقى النتيجة في النهاية متشابهة الى حد كبير . ثارت ثائرة المعارضين على محمد مرسي وارتفعت الاتهامات بالعمالة والخيانة وضياع البلاد على يديه ، وكالعادة بدلا من جمع الادلة وتقديمها للمحكمة كان النزول الى الشارع هو الحل الاسهل على الرغم من القضاء وقتها كانت احكامه في غير صالح جماعة الاخوان في اغلب الاوقات واذا كانت هناك ادلة قوية كانت ستتم المحاكمة ويتم منعه من ممارسة عمله بناءا على امر المحكمة كما تنص على ذلك العملية الديمقراطية .
اعتصام رابعة كان مثالا للغباء السياسي في رايي ، فالاخوان الذين كانوا يصرحون بان ما حدث انقلاب عسكري كان عليهم التصرف على هذا الاساس . فالانقلابات العسكرية لا تعترف باعتصامات او تظاهرات سلمية بل تتعامل معها بقسوة وعنف ، لذا محاولة تشجيع المؤيدين على التظاهر في مكان ما وايهامهم ان هذا كفيل بعودة الرئيس نوعا من الخيال الذي لا يمكن لاي رجل سياسي ان يعتمد عليه في تخطيط مستقبله . فلو ان الاخوان المسلمين كانوا على دراية كافية بالسياسة وبانها فن الممكن لما دعو لمثل هذا الاعتصام لعلمهم المسبق بفشله وكانوا قد انسحبوا بهدوء كما فعل انصار الرئيس السابق حسني مبارك ، وعدم التفكير في ان احتمالية فض هذا الاعتصام بالعنف الذي سوف يؤدي الى موت الكثيرين يعتبر نوعا من عدم الاكتراث بدماء الاشخاص .
اصرار الاخوان على تحميل الجيش ومؤيدي الانقلاب ذنب من ماتوا في فض اعتصام رابعة نوع من قراءة الاحداث بعين واحدة ، فكما لا ننكر العنف غير المبرر لفض رابعة لا يمكن ان ننكر او نتصور ان الاخوان قد فوجئوا بهذا التصرف وانه كانوا يعتقدون انهم يتعاملون مع ملائكة وليس قوات قامت بالانقلاب على رئيسهم على حد تعبيرهم .
اللهجة العدائية لمعتصمي رابعة وتهديداتهم بعودة الارهاب والسيارات المفخخة كان لها تاثيرا سلبيا على نوعية الانتماءات الفكرية التي تؤيد عودة الرئيس ، وبالطبع تصريح احد اهم قيادات الاخوان في بداية الاعتصام بان الاعمال الارهابية التي تتم في سيناء سوف تتوقف في اللحظة التي يعود فيها مرسي للحكم اعطت صورة رسمية لما اشيع وقتها بان الاخوان جماعة تتبنى الارهاب .
التركيز على ظهور شخص البابا تواضروس الثاني في لحظة اعلان خارطة الطريق – مع اعتراضنا الكامل على هذا الظهور – واهمال ظهور شيخ الازهر واحد ممثلي حزب النور وذلك لتصوير ان ما يحدث حرب على الاسلام لم يكن له التاثير المطلوب من جذب المزيد من المؤيدين ، بل ازاد المؤيدين وهما وبعدا عن المنطق والغرق في قضايا كونية لا علاقة لها بعزل رئيس عن الحكم وجعل المتارجحين بين تاييد ومعارضة يتراجعون خطوة الى خلف خوفا مما قد يحمل هذا الخطاب الطائفي من نتائج .
نعود لطريقة الفض التي وصفت بانها وحشية ، لا انكر انني ارى ان طريقة الفض كان يمكن ان تتم بطريقة تعطي خسائر اقل في الارواح لكن اعود واذكر القارئ عن ما قد كتبته بالاعلى هو اختلاف مفهوم العنف الغير مبرر لدى المواطن العادي ولدى الاجهزة الامنية .

في النهاية اجد ان هناك خيط رفيع بين تلك الاحداث الثلاث ، الخروج عن الشرعية بدأ في عهد الرئيس حسني مبارك وليس في عهد الرئيس محمد مرسي واذا كان يتم اعتبار ما حدث بعد رحيل مرسي باطل لانه مبني على باطل فبالاولى اعتبار وجود الاخوان في سدة الحكم باطل هو الاخر لانه بني على باطل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة اعتقال فتاة فلسطينية من بلدة كفر مالك شرق رام الله


.. مفوض عام وكالة الأونروا يحذر من مجاعة بعد تردي الأوضاع في غز




.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - مفوض عام الأونروا يحذر من أن المج


.. اعتقال رئيسة وكالة مكافحة الفساد في الجبل الأسود بتهم تتعلق




.. لازاريني: المجاعة -تحكم قبضتها- على قطاع غزة • فرانس 24