الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
العقل الاستراتيجي الغربي و التقطيع الترابي لشمال افريقيا
بودريس درهمان
2014 / 5 / 18مواضيع وابحاث سياسية
العقل الاستراتيجي الغربي لازال كما كان ابان فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية يغلب عليه الطابع الترابي للمناطق و حاليا هنالك تقطيع ترابي واضح للقسم الشمالي و الغربي للقارة الافريقية تعمل الدول الغربية المتصارعة حول الثروات الافريقية على رعايته. و هذا التقطيع الترابي هو كالتالي:
التقطيع الأول يخص تحديد المنطقة الاولى التي هي منطقة شمال افريقيا المشكلة من خمس دول و هي مصر شرقا، ليبيا و تونس في الوسط و الجزائر و المغرب في أقصى غرب القارة الافريقية. و كما يلاحظ ذلك القارئ دولة موريتانيا التي كانت دائما مصنفة ضمن هذه الدول تم الحاقها بالمنطقة الدولية المتواجدة جنوب المنطقة المغاربية,
التقطيع الثاني يخص تحديد المنطقة المحادية جنوبا للمنطقة المغاربية و التي هي منطقة تماس مشكلة من خمس دول و هذه الدول هي: دولة السودان التي تتواجد جنوب مصر، و دول تشاد، النيجر و مالي الذين يتواجدون في الوسط جنوب دولة ليبيا و الجزائر، بالاضافة الى دولة موريتانيا التي توجد جنوب المملكة المغربية. هذه المنطقة المحادية جنوبا للمنطقة المغاربية هي منطقة تماس و هي عبارة كذلك عن منطقة عازلة تقع ما بين دول شمال افريقيا و باقي الدول الافريقية.
أما التقطيع الثالث فيتعلق بالمنطقة المشكلة من اثنى و عشرون دولة هذه المنطقة هي منضوية في تجمع جهوي افريقي معروف و يمكن تسميتها بـ"الولايات المتحدة الإفريقية"
هذه المناطق الافريقية الثلاثة المرعية من طرف الدول الغربية، تعيش حاليا صراعا مريرا من اجل ايجاد نموذج سياسي موسع يواكب اكراهات التحولات الدولية. هذا النموذج السياسي هو الآن يتأرجح ما بين النموذج الأنكلوساكسوني و النموذج الفرنكفوني. النموذج الأنكلوساكسوني يغلب عليه طابع النظام الفدرالي سواء على شاكلة دولة الولايات المتحدة الأمريكية أو على شاكلة دولة البرازيل أو المكسيك؛ والنموذج الفرنكفوني يغلب عليه طابع المركزية و اللاتمركز.
هذا التحديد المناطقي لشمال و غرب القارة الافريقية حصل عليه إجماع من طرف الولايات المتحدة الأمريكية و الجمهورية الفرنسية، الاثنتان معا متفقتان على السياسة المناطقية للقارة الإفريقية و لكنهما غير متفقتان على النموذج النهائي لهذه المناطق. التقسيم المناطقي لغرب و شمال إفريقيا هو تقسيم علمي عسكري و جغرافي و ليس تقسيما وفق التراكمات السياسية التاريخية مما يجعل من هذا التقسيم تقسيما علميا مجردا. هو تقسيم علمي عسكري لأنه يخضع لتقاسيم خطوط الطول و خطوط العرض ولا يخضع بتاتا لتقاسيم التاريخ. خطوط الطول قسمت دول شمال و غرب افريقيا الى ثلاثة مناطق هي على الشكل التالي:
1. المنطقة الأولى التي سبق ان حددناها في منطقة شمال إفريقيا هي التي توجد ما بين 30° درجة و 45° درجة فوق مدار السرطان.
2. و المنطقة الثانية هي المنطقة التي توجد بين 23° و30° درجة فوق مدار السرطان و هي المنطقة المسيجة لشمال إفريقيا.
3. أما المنطقة الثالثة المسماة ب"الولايات المتحدة الإفريقية و المشكلة من إثنان و عشرون دولة فهي المنطقة الواقعة في تقاطع خط الطول 15 و خط العرض 15 كذلك.
هذا التقسيم الجغرافي العسكري تم اعتماده لمواجهة مخاطر تنظيم القاعدة و كما سبق أن وضحت في مقال سابق تنظيم القاعدة هو فقط أداة اجرائية لاستباحة الأوطان و اعادة تشكل الدول.
هذا التقسيم يمكن اعتباره عامل عدم استقرار سياسي و عامل مساهم في تفكيك الدول القائمة حاليا من دولة ليبيا في المنطقة الأولى أي منطقة شمال إفريقيا إلى دولة السودان و دولة مالي في المنطقة الثانية المسيجة لمنطقة شمال إفريقيا.
أصحاب تصميم المناطق الجغرافية الإفريقية يؤمنون فقط بالعقل الامني الاقتصادي المجرد، أي بالعقل المشتغل خارج التاريخ، و هؤلاء ككل انصار العقل المجرد، يعتقدون بأن الخريطة تسبق الواقع و تطوعه لهذا يعملون جاهدين في تطويع الجغرافية خارج معطيات التاريخ. أما لماذا يقومون بتفضيل الجغرافية على التاريخ، فإنهم يقومون بهذا لأنهم يعلمون جيدا كمية و نوعية الثروات الكامنة في بطن إفريقيا.
ذكاءات العقل المجرد للدول الغربية المشرئبة للمستقبل و الذكاءات الإفريقية الموروثة من الماضي الاستعماري تصطدم في ما بينها بواسطة استعمال صراع الهويات المؤدي إلى تحلل الأوطان سواء كانت هذه الهويات عقائدية، لغوية أو اثنية. و عملية استعمال صراع الهويات سبق اعتماده كوسيلة في جميع المناطق التي انتهت الى حالة التفكك و الانهيار. سبق اعتماده في أفغانستان، و في دول البلقان و في دولة العراق و ها هو يحصل حاليا في دول شمال و غرب إفريقيا و الضحايا هم مناصروا الهويات المتناحرة و بدون أن تكون لهم القدرة على فهم السياقات الدولية الكبرى المحددة للاستراتيجية و المتصارعة من أجل الإستحواذ على الثروات.
التقاطيع المعتمدة على تقاسيم خطوط الطول و خطوط العرض لا تكاد تنفلت من خلفياتها الايديولوجية القائمة على التمييز العنصري الموروث من الماضي. لان المنطقة الإفريقية الموجودة ما فوق خط الطول ثلاثون درجة -فوق خط مدار السرطان- التي هي منطقة شمال افريقيا كل بشرة ساكنتها بيضاء و كل المناطق التي توجد جنوب هذا الخط بشرة الساكنة هي سوداء لهذا السبب فكر اصحاب التقطيع الترابي العنصري في خلق منطقة عازلة مابين المنطقة البيضاء و المنطقة السوداء يتعايش فيها ذوو البشرة السوداء مع ذوو البشرة البيضاء و هذه المنطقة هي نوع ما منطقة البيظان.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الحملة الانتخابية لبايدن تجمع أموال أكثر من حملة ترامب |#امي
.. 33 قتيلا من المدنيين والعسكريين بينهم 5 من عناصر حزب الله ال
.. فيديوهات متداولة على منصات فلسطينية لاقتحام منطقة جبل النصر
.. حرب غزة.. محادثات مبكرة لتمويل مهمة قوات حفظ سلام في القطاع
.. هل فقدت الشهادة الجامعية أهميتها؟ |#رمضان_اليوم