الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جعيدى: درس من التاريخ

نصارعبدالله

2014 / 5 / 19
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


جعيدى: درس من التاريخ د/ نصار عبدالله
"رغم كل ما كان يقوم به يوسف الشافعى أفندى مأمور البدارى من الأفعال الشنيعة فى حق المواطن أحمد جعيدى عبدالحق ومن أمثلتها: حلق شواربه وربطه بزرائب الخيل وإلجامه بلجامها وإدخال عصا فى دبره وغير ذلك من الأفعال التى ما هى فى جوهرها إلا إجرام فى إجرام،...رغم ذلك كله فإن هذا لا ينفى أن مقتل الشافعى على يد جعيدى هو جريمة قتل عمد مقترن بسبق الإصرار والترصد وبالتالى فإن الحكم بالإعدام فى هذه الجريمة هو حكم سليم من الناحية القانونية حتى وإن كان مجافيا لروح العدل والإنصاف، ولهذا السبب فإن محكمة النقض إذ تؤيد هذا الحكم على مضض فإنها تناشد أولى الأمر أن يعملوا على تدارك الخلل القانونى الذى أدى إلى صدور مثل هذا الحكم ".. السطور السابقة هى خلاصة الحكم الذى أصدرته محكمة النقض برياسة عبدالعزيز باشا فهمى عام 1932فى الطعن الذى تقدم به أحمد جعيدى عبدالحق الشهير بالضرس والذى كان قد صدر حكم بإعدامه بعد أن اعترف بأنه قد كمن فى أحد الحقول الملاصقة للطريق الذى كان يسلكه يوسف أفندى الشافعى فى زيارته اليومية إلى صديقه مهندس الرى فهيم أفندى نصيف ثم قيامه بإطلاق النار عليه...أما السبب فى قتل المأمور فهو حملة التنكيل التى كان يقوم بها ضد ( الخارجين على القانون!)، وبوجه خاص أنصار حزب الوفد المعارضين لدستور1930 الإستبدادى الذى أصدره إسماعيل صدقى (والذى يذكرنا فى بعض جوانبه بالإعلان الدستورى الذى أصدره الدكتور محمد مرسى بعد ذلك بثمانين عاما!)، وقد استجاب الملك فؤاد للمناشدة التى تضمنها حكم محكمة النقض فاستخدم صلاحياته الدستورية وقام بتخفيف حكم الإعدام على الضرس إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، ثم أفرج عنه بعد قضائه نصف المدة، و قام الضرس بعد ذلك بمصاهرة العائلة التى ينتمى إليها العمدة ( محمد بك نصار) الذى كان قد أقنعه بتسليم نفسه إنقاذا للبدارى بأكملها من حملة التأديب والترويع التى كانت وزارة الداخلية قد بدأت تشنها والتى أعلنت أنها لن تتوقف إلى أن يقوم القاتل بتسليم نفسه، وأكد العمدة الوفدى لجعيدى حينذاك أنه سوف يشهد لصالحه وأنه سوف يفضح الفظائع التى ارتكبها المأمور فى حقه وأنه واثق من أن القضاء المصرى سوف يأخذ هذه الشهادة بعين الإعتبار (وهذا هو ما تحقق بالفعل وتجلى فى حكم محكمة النقض سالف الذكر الذى قدم يومها درسا بالغ الأهمية من حيث الإمتثال لحكم القانون والدعوة إلى تطبيق روح العدل فى آن واحد)، وفى أواخر عام 1975قام الروائى الكبير يوسف القعيد (الذى احتفلت دار الهلال مؤخرا ببلوغه السبعين، كما احتفلت به كذلك وزارة الثقافة)، قام بزيارة إلى مركز البدارى وأجرى حوارا مع الضرس جعيدى (هو الحوار الوحيد الذى أجرى معه فى حدود ما أعلم)، نشره فى مجلة المصور التى كان يعمل بها فى ذلك الحين، كما قام الفنان محمد صبرى (زوج الفنانة الراحلة نادية لطفى) بالتقاط عدد من الصور التذكارية والتوثيقية لهذه الشخصية التى حولها الخيال الشعبى بعد ذلك إلى بطل أسطورى ما زالت تتناقل سيرته الأجيال إلى اليوم...كم أتمنى أن تكون تلك الصور التى التقطتها عدسة الفنان صبرى ما زالت محفوظة فى أرشيف دار الهلال، وكم أتمنى أن تعيد المصور نشرها فى أحد أعدادها التذكارية التى تؤرخ فيها بين الحين والحين لانفراداتها على مدى تاريخها الطويل .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل