الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحيل أحد علماء مدرسة الإسكندرية اللاهوتية

مجدى خليل

2014 / 5 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


رحيل أحد علماء مدرسة الإسكندرية اللاهوتية
ماهر كامل(3 اكتوبر 1918-5 مايو 2014)
مجدى خليل
فى شيوخة هادئة وصالحة رحل فى سلام وهو نائم على سريره يوم الأثنين 5 مايو 2014 العالم الكبير والرجل البار الأستاذ الدكتور ماهر كامل وذلك عن عمر يناهز 96 عاما قضاها فى محراب القراءة والفكر والتدريس والتأليف فى مجالى الدراسات الدولية والدراسات اللاهوتية، وفى الخدمة العامة لكل محتاج من المهاجرين للولايات المتحدة.
هذا الرجل العلامة يعتبرا امتدادا لعلماء مدرسة الأسكندرية اللاهوتية العظام،الذى كان يسميهم المؤرخ العالمى الكبير القديس أرميا "عظماء الأسكندرية". تخرج الدكتور ماهر كامل من جامعة القاهرة عام 1941 وحصل على دبلوم معهد التربية العالى عام 43 ودبلوم الدراسات العليا عام 44 وماجستير فى علم النفس بأمتياز عام 45 ودكتوراة من فرنسا فى علم النفس بدرجة الشرف الممتازة عام 53 ثم دكتوراة فى الدراسات الدولية من سويسرا عام 56. قام بالتدريس فى كلية المعلمين العليا بالقاهرة،وأشترك فى تأسيس الكلية الأكليريكية بالقاهرة عام 1956. بعد هجرته للولايات المتحدة أسند اليه منصب أستاذ ورئيس قسم المواد الاجتماعية بجامعة نيوجيرسى ثم مديرا عاما للدراسات الدولية بنفس الجامعة لمدة 26 عاما. كما قام بالتدريس فى جامعة نيويورك وجامعة بنسلفانيا فى فيلادليفيا،وكلية سان بيترز بجيرسى سيتى. كما أستدعى ليكون مستشارا للكونجرس،كما تولى رئاسة الجمعية المصرية الأمريكية لعدة سنوات،وأشترك فى تأسيس أول كنيسة بالمهجر،وهى كنيسة مارمرقس بجيرسى سيتى عام 1970.
ولتأسيس الكلية الأكليريكية ومعهد الدراسات القبطية حكاية تروى. لقد كانت مدرسة الأسكندرية اللاهوتية أبرز المدارس الفكرية واللاهوتية فى العالم كله،وكما يقول دكتور ماهر كامل "استمرت الدراسات فى مدرسة الأسكندرية على أعلى مستوى حتى دخول الإسلام مصر،بل واستمرت فى كفاحها ثلاثمائة سنة بعد ذلك، ولكن اخذت تخبو تدريجيا تحت ضغوط دينية.اختفت المدرسة رغم محاولاتها التدريجية لإعادة الانبعاث ، ولكن الإضطهادات كانت تزداد على الأخص فى القرن الثانى عشر حتى اعيد تكوينها رسميا عام 1956،حيث أمر قداسة البابا كيرلس السادس بإعادة انشائها على مستوى الدراسات لخريجى الجامعات..وأمر بتكوين مجلس تأسيسى لها،وكان المجلس بالأمر البابوى يتكون من الدكتور عزيز سوريال عطية عميدا،والدكتور سامى جبرة استاذا للتاريخ القديم للكنيسة وعلاقته بالفرعونية،والدكتور مراد كامل استاذا للغات العبرية والقبطية والأمهرية والفارسية وغيرها،والدكتور راغب مفتاح رئيسا لقسم الموسيقى، والفنان إيزاك فانوس للفن القبطى، والأنبا صموئيل أستاذا لعلم المجتمع والكنيسة، والقمص صليب سوريال أستاذا للاهوت الكنسى والتقاليد الكنسية،والقمص بولس باسيلى للوعظ،والدكتور ماهر كامل أستاذا لعلم النفس والكنيسة "،وها هو الدكتور ماهر كامل يرحل كأخر شخص فى هذه الكوكبة المتميزة. ولكن المدرسة التى سميت معهد الدراسات القبطية ما لبثت أن خبأت بسبب نقص الأمكانيات المادية وضغوط الدولة وعدم تشجيع قداسة البابا شنودة فيما بعد لها.
يعوزنى الوقت للحديث عن فضائل د. ماهر كامل كشخصية متواضعة محبة شديدة الثراء الإنسانى قدم خدماته لمئات المهاجرين الجدد وعشرات الدارسين.. ولكنى اتوقف بانبهار شديد أمام العمل المثمر فى حياته الذى استمر حتى أنفاسه الأخيرة، فبعد وفاة رفيقة حياته دكتورة ليلى يوسف كامل عام 2006 تفرغ للتأليف وانتج ما يربو عن خمسة عشر كتابا قيما بالعربية وقد بدأ رحلة العمل فى هذه المجموعة وعمره 89 عاما ولم ينته كتابه الأخير عن القديس لوقا الأنجيلى وهو على فراش الموت.أنه عمل يشبه المعجزة أن يبدأ باحث بهذه الكثافة من التأليف المتقن وهو فى هذه السن المتقدمة،وأذكر من هذه الكتب القيمة التى كتبها فى هذه السن ، "المؤرخون للعصور الأولى للكنيسة"،" إكليريكية وعلماء الإسكندرية"،" الأديرة القبطية حول العالم"،" القديس أثناسيوس ونظرياته فى اللاهوت"،" "الملائكة جند الرب"،" السيكولوجية والكنيسة"،" القديس يوحنا الذى أحبه الرب"، ".....الخ،وهى كتب مكتوبة بطريقة اكاديمية رفيعة المستوى وسهلة الإستيعاب فى نفس الوقت. الجدير بالذكر أن دكتور ماهر كامل الف 41 كتابا منهم 20 وهو فى مصر بالعربية والفرنسية،و 21 كتابا فى أمريكا بالأنجليزية والعربية منهم هذه المجموعة الأخيرة. المدهش كيف لرجل أن يبدأ جولة جديدة من التأليف بهذه الغزارة المعرفية والأنتاجية بعد عامه التاسع والثمانون؟،والشئ المدهش أيضا أن تلميذته الأستاذة الدكتورة جانيس فان آلن ظلت تخدمه وتجمع له المراجع حتى أخر أيام حياته،وبالمناسبة هى أيضا سيدة كبيرة فى السن ولكنها تفرغت كل هذه السنوات لخدمته الشخصية والعلمية تقديرا لمكانته العلمية وشخصيته الإنسانية فائقة العذوبة. وعندما سألتها بأستغراب كيف له أن يكتب كل هذه الكتابات وهو فى هذه السن قالت لى يبدو أنك لا تعرف شخصية ماهر كامل المدهشة. وقد خصص جزء من ما تبقى له من أموال فى طباعة هذه المجموعة من الكتب وتوزيعها مجانا على الكنائس القبطية فى أمريكا،والجزء الآخر خصصه لجمعية مساعدة الأيتام فى بنى سويف التى ساهم فى تأسيسها منذ سنوات طويلة.........لقد صعدت روحه الطاهرة إلى بارئها وهى محملة بالعمل والسيرة الحسنة ومتحررة من كل ما يعوق الإنسان عن الكمال المسيحى.
واخيرا كلمة اهمس بها فى آذان من يتخيلون أن القديسين فى الصحارى فقط..أنظر حولك وستجد هؤلاء فى عطاءهم وبساطتهم وسلامهم وتسامحهم وتواضعهم وعملهم المثمر يصنعون المعجزات كل يوم ويقدمون أعظم الأمثلة عن القداسة الحقيقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في


.. ماذا تضم منظومات الدفاع الجوي الإيرانية؟




.. صواريخ إسرائيلية تضرب موقعًا في إيران.. هل بدأ الرد الإسرائي


.. ضربات إسرائيلية استهدفت موقعاً عسكرياً في جنوب سوريا




.. هل يستمر التعتيم دون تبني الضربات من الجانب الإسرائيلي؟