الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق في مذكرات وزير البلاط الملكي اسد علم(دراسة نقدية) الحلقة الرابعة والأخيرة

سيف عدنان ارحيم القيسي

2014 / 5 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


الحلقة الرابعة والأخيرة
اتفاقية الجزائر 1975
في ظل تصاعد حده المواجهة بين الحكومة العراقية والحركة الكردية والتي أخذت بعداً أخر من خلال تداخل قوى خارجية في ذلك الصراع الذي ترك أثاراً جانبية على الطرفين لكون ذلك الصراع مثل استنزاف للطرفين فوجد العراق ان مفتاح الحل يكمن في الدعم الايراني للكرد وهذا ما تحقق في قمة الجزائر عام 1975 عندما تمكن الرئيس الجزائري هواري بومدين من تحقيق ذلك التقارب وتوقيع الطرفين على اتفاق الجزائر في الخامس من اذار 1975 والذي تنازل العراق بموجبه عن نصف حقوقه في مياه شط العرب وهو ما كان يطمح بتحقيقه الايرانيون مقابل وقف الدعم الايراني للكرد.
فيشير اسد علم بعد عودة الشاه من الجزائر في السابع من اذار 1975،أن الشاه كان مفعماً بالرضا والتفاؤل،وهو أمر مستحق بسبب الانتصارات التي حققها،فقلت للشاه ان هذه الرحلة كانت في رأيي أنجح رحلة على الاطلاق،أجاب هي كذلك فعلاً رغم أنها قد استنفذتني تماماً،فأشار الشاه أنه قال"كان علي التعامل مع مشكلتين مزعجتين ورثتهما عن أبي الأولى مدة لاتفاقية النفط،والثانية المعاهدة التي وقعها حول شط العرب ولا أستطيع في الحقيقة ان ألومه على ذلك،فربما لم يكن امامه خيار آخر ولهذا أحمد الله على الوصول إلى حل جذري لمشكلة النفط كما أصبح بمقدوري الآن أن أمزق اتفاقية شط العرب "،كانت اتفاقية شط العرب موقعة بين ايران والعراق تعود الى عام 1937 والتي تنص على أحقية العراق في مياه شط العرب،وقد كان للعراق الدور الأرجح في المفاوضات بين الطرفين هذا يعود الى الضعف في موقف ايران نتيجة لصراعاتها الداخلية وللدعم الولي للعراق في احقيته في مياهه الاقليمية.

الحركة الكردية بعد اتفاقية الجزائر
يبدو ان الكرد تناسوا ان الهدف الحقيقي من الدعم الايراني لحركتهم هو من اجل الضغط على الحكومة العراقية من اجل تقديم تنازلات حدودية او اقليمية وهذا ما حدث بعد اتفاقية الجزائر فقد اعلن نائب رئيس مجلس قيادة الثورة صدام حسين انه سيضطر لتقديم تنازلات كبيرة مقابل انهاء ملف الكرد وهذا ما تحقق عندما خسر العراق مياهه الإقليمية في ذلك التصرف المتسرع.
وفي ضوء أنهاء ذلك الدعم الايراني للكرد والذي ترك أثراً سلبياً على الكرد لأن الايرانيون لم يخبروهم بذلك الاتفاق الذي سيبرم في القريب العاجل وهو ربما كان رداً على توقيع الكرد لبيان اذار 1970 دون موافقة شاه ايران في ذلك الوقت،فأشار اسد علم من جانبه ان اتفاقية الجزائر 1975 قد تسببت في عواقب وخيمة بالنسبة للقوات الكردية التي كانت تقاتل من اجل الاستقلال عن بغداد،فبسبب حرمان هذه القوات من الدعم الايراني عجزت تماماً عن الصمود في وجه جيش أقوى منهم بكثير مثل الجيش العراقي.
وفي ظل التحولات التي أصابت الحركة الكردية يشير اسد علم سألت الشاه عن المصير الذي ينتظر مقاتلي الكرد وكان قد أصدر أوامره للجنرال ناصري(رئيس جهاز السافاك)بأن يمنح لهم ملجأ في إيران،وسألت أيضاً عن فكرة إقامة كردستان ذات الحكم الذاتي،قال جلالته"كلام فارغ لقد قاسوا الهزيمة تلو الهزيمة وبدون معونتنا ما كانوا ليصمدوا في وجه العراقيين أكثر من عشرة أيام،لقد أمضيت أربع ساعات ونصف مع صدام حسين الذي أعترف لي أنه في مرات عديدة كان وجود قواتنا ومدفعيتنا هو العامل الوحيد الذي يحول بين العراقيين وتحقيق النصر الكامل"،غير انني قلت أن المزاعم الكردية قد تكون مفيدة يوماً ما فرد:"ربما ولكن لن أندهش إذا أصبحت اتفاقياتنا مع صدام حسين دائمة،فقد تختار بغداد أن تقيم علاقات أوثق معنا وتتخلص من النفوذ الأجنبي،وخاصة النفوذ السوفيتي"،عقبت عليه قائلاً: "ولكن العراقيين يا صاحب الجلالة كانوا على وشك قبول المطالب الكردية في العام الماضي،وفي حقيقة الأمر أن الكرد قد رفضوا العرض العراقي بناء على نصح جلالتكم أجابني"كلا الطرفين يعرف أن العراق لم تكن لديه نية صادقة للوفاء بوعده كانت مجرد لعبة رخيصة أكثر منها وعداً"،وهذا الموقف كانت الحكومة العراقية ومن خلال مفاوضيها طرحت مبادرة لتوقف القتال على ان تتبعها مفاوضات لحل القضية الكردية ولكن وفق منظورهم ومن جانب الضعف وسرعان ما ينقلبوا على ذلك التفاوض عندما يكونوا في جانب أقوى وهذا ما شهده حكم البعث وسياسته المتذبذبة.
ومثلت اتفاقية الجزائر في حقيقتها طعنة كبيرة للحركة الكردية بسبب التعويل الكردي على المساعدات الإيرانية التي كان مغزاها اضعاف العراق من الداخل وإجبار الحكومة العراقية على تقديم تنازلات لهم وهو ما تحقق بالفعل فيشير اسد علم ان الشاه في 12 آذار 1975،فقد كان قلقاً من استقبال الزعيم الكردي مصطفى البارزاني،وبالطبع كان لديه قليل من الحرج من مقابلة الرجل وجهاً لوجه،على الرغم من أن الكرد كان من الممكن أن يقضى عليهم تماماً لو لم ينالوا دعمنا".
ولم يقتصر الأمر على الحرج بل طالب الشاه من الحركة الكردية باسترجاع جميع الأسلحة التي أمدهم بها الايرانيون وهو ما أكده بأنه يوجد تحت القيادة الإيرانية في كردستان مائة قطعة من مدفعية الميدان،بالإضافة إلى عدد هائل من صواريخ سام والصواريخ المضادة للدروع،ويجب استعادة كل هذه الأسلحة خلال الوقت المتاح وهو ضيق للغاية"،ونتيجة لموقفنا الجديد من الكرد أتهمنا المجتمع الكردي بالخيانة على أي حال فإن استقلال كردستان لم يكن بالنسبة لنا أمراً طيباً جداً".
وفي ظل ما ألت اليه الحركة الكردية من انتكاسة جديدة على أيدي الإيرانيون ومن ضمن شروط اتفاقية الجزائر على ان يمنح الشاه القوات الكردية خيار العيش في ايران وهذا ابسط ما قدمه الشاه للكرد وما حل بهم من انتكاسة في حقيقتها هي متوقعه من حليف يغدر بحلفائه حسب مصالحه،فطلب الكرد بدورهم منحهم المزيد من الوقت للعبور بأسرهم عبر الحدود الى ايران وان البارزاني يخشى على أصدقائه وأقاربه الذين سيتركهم وراءه،الا أن جلالته كما يشير اسد علم يصر على أن يسمح باللجوء للمقاتلين فقط وقال ان العراقيين لن يؤذوا النساء والأطفال،عقبت بأنه بينما قد يكون هذا الكلام حقيقاً فأنه يمكن بصعوبة أن تتوقع من الكرد تصديقه وأن يتركوا أسرهم ويرحلوا،أقترح جلالته وضع هذه الأسر تحت حماية الصليب الأحمر الدولي وعد بأن يرتب ذلك وهو لا يرى أمامنا أي خيار آخر إذا أردنا أن نحترم أتفاقنا مع العراق.
وبالرغن من ذلك فإنه تم قبول أكثر من ستين الفاً من المقاتلين الكرد وأقاربهم عرض الشاه بالبقاء في الأراضي الإيرانية والحصول على الجنسية الإيرانية،وقد عوملوا معاملة كريمة،وعين الكثير منهم في المصالح الحكومية،وتقلى زعماؤهم مرتبات تماثل مرتبات نظرائهم في الجيش الإيراني،ووضع أربعمائة منزل بالقرب من طهران تحت تصرف الزعيم الكردي مصطفى البارزاني وأقاربه المقربين،ورغم هذا كله شعر الكرد بخيبة أمل مريرة.
وبالرغم من الشاه كان قد وعد بان يضع الأسر الكردية تحت رعاية الصليب الأحمر الدولي ولكن يبدو أن ذلك لم يتحقق بسبب قيام الحكومة العراقية بعميلة ديموغرافية ونقل الأسر الكردية الى مناطق في الجنوب والغرب.

ابعاد اتفاقية الجزائر
يبدو ان التقارب العراقي-الايراني كانت له أبعاد أخرى هو لأبعاد النفوذ السوفيتي عن العراق لكونه الأخير كان يعول على الدور السوفيتي في التسليح للحرب الكرد وبعد انتفاء الحاجة بدأ العراق هو الآخر يغير من سياسته الداخلية الخارجية فداخلياً بدأ ينفض من غبار تحالفه مع الشيوعيين وخارجياً بدأ بإقامة علاقات مع بعض دول الغرب وهو امر عد مناقضاً للاشتراكية التي بشر بها،وفي ظل تقاربه من المعسكر الإشتراكي .
وهذا التقارب الجديد سرعان ما القى بظلاله في الاتفاقية العراقية-الايرانية الجديدة بعد ان أخذت العلاقات بين الطرفين تأخذ منحنى أخر بعد رفع الحكومة الايرانية يدها من مساندة الحركة الكردية ففي لقاء الشاه بصدام حسين في 29 نيسان 1975 والذي دام اكثر من ساعتين حول الاتفاقية المشتركة بشأن الأمن المتبادل في الخليج وضرورة أبعاد النفوذ الأجنبي بكل صوره كانت استجابة صدام حسين مؤثرة جداً.
وموقف العراق هذا من محاولته الابتعاد عن التأثير السوفيتي تعود الى عام 1974،عندما استقبل الشاه في الثاني من آيلول من نفس العام كمال ادهم رئيس المخابرات السعودي والأمير سعود الفيصل ووزير الخارجية السعودي واحمد زكي يماني وزير النفط السعودي،وممثل مصر الخاص محمد اشرف مروان يحمل خطاباً خاصاً من السادات وكان الثلاثة مصممين أن"العراق يكافح من أجل تخليص نفسه من الاحتلال السوفيتي وقد أكدر الامريكيون ذلك"،وهو أمر يثير الاستغراب في ظل وقع الدول السالفة الذكر في فلك الدول الغربية ومنها ايران على وجه التحديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى