الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخاب المشؤوم : تمديد عمل منظومات الإفساد والفساد والجريمة لدى نظام حكم الأسد الطائفي

سفيان الحمامي

2014 / 6 / 3
مواضيع وابحاث سياسية



هذا اليوم مشؤوم ، لأنه سيفضي بحكم القوة القاهرة إلى تمديد عمل مظومات الإفساد والفساد والجريمة المنظمة العائدة لنظام عائلة الأسد على سوريا. ما هي تلك المنظومات وآليات عملها ؟
مع كل الشعارات التي طرحها بشار الأسد خلال سلطته الموروثة لمدة 10 سنوات قبل اندلاع الثورة السورية لم تتم محاسبة فاسد أو مجرم واحد من كبار الفاسدين الذي تولّى حمايتهم ودعمهم وتسهيل كافة نشاطاتهم ، بل بالمقابل دفع الأجهزة الفاسدة في مؤسسات الرقابة والقضاء لإتهام أشخاص مشهود لهم بالنزاهة والصلاح ظلما وعدوانا ليظهر بأنه يحارب الفساد ، وبذلك أعاد طريقة حكم أبيه حافظ الذي استحضر الفساد إلى سوريا ورعاه وضخّمه إلى أقصى درجة ليعزّز سلطات حكمه من خلال الفساد والمفسدسن والفاسدين والمجرمين طيلة فترة 30 عاما من حكمه .
لقد عملت سياسة نظام الحكم الطائفي بعد انقلاب 1963 على ترسيخ أمراض الإفساد والفساد والجريمة المنظمة بحق الوطن وثرواته وثروات الشعب السوري ، التي كان لها نتائج وخيمة على التطور السياسي والإقتصادي والإجتماعي والعلمي والتربوي والثقافي لسورية.
عموما ، لا تبدو سورية في ظل البعث وأسرة الأسد خروجاً عن القاعدة في دول العالم الثالث التي ينخرها الفساد والجريمة المنظمة بإستغلال ثروات البلاد, إلا أن "الفساد في سورية" له خصوصية لا يماثلها أحد في دول العالم , كون الفساد يأخذ بعداً عائليا وطائفياً وعقائدياً, حيث يحكم سوريا عائلة الأسد وقادة الطائفة العلوية منذ إنقلاب حافظ الأسد سنة 1970, واعتبار ممارسة الفساد سلوكا حلالا من أبناء تلك الطائفة يحق لهم القيام به طالما هم يمسكون بالسلطة.
يعود تكريس الفساد والجريمة كنهج في نظام الحكم من أبناء الطائفة العلوية بحق الشعب والمجتمع والدولة إلى نشأة كثير من أبناء الطائفة العلوية في قرى معزولة ومناطق جبلية وعرة مما أدى إلى شعور غالبيتهم بعقده النقص والحرمان والإحتقار من الغير جراء تلك المعاناة وهذا يفسر لجوء الكثيرين منهم إلى الجيش وأجهزة الأمن والوظيفة العامة للدخول سريعا إلى الثروة من خلال السلطة تعويضا عن عقدة نقص مستدامة. لكن ذلك ينطبق على جل أبناء الشعب السوري الذي افتقر إلى قادة تاريخيين بإمكانهم نقل بلدهم إلى مستويات الدول المتقدمة .
جعل نظام الحكم الطائفي لأل الأسد الإفساد والفساد والتخريب وتدمير بنى المجتمع والدولة منهج عمل وحياة في سوريا عبر بناء مؤسسات الإفساد والفساد مثل أجهزة حزب البعث والرقابة والقضاء التي سهلت لابناء الطائفة العلوية العمل على المكشوف دون حياء أو خشية من المحاسبة في يوم من الأيام نتيجة الطغيان والغطرسة والتعسف في ممارسة السلطة،بالرغم من وجود سلطة تشريعية وتنفيذية التي بقيت شكلية دون صلاحيات يمثلها مجلس الوزراء ومجلس الشعب .
كان نظام آل الأسد يضع في واجهة حزب البعث وأجهزة الدولة المدنية دائماً شخصيات سنّية تمثل الأغلبية في البلاد, بينما يستأثر أبناء الطائفة العلوية من خلف الستار بمقاليد الحكم في سوريا في أجهزة الجيش والأمن صاحبة السلطة الفعلية , وبهذا الصدد كتب ( ديفيد هيرست ): "إن البعثيين لا يحكمون البلاد بأي حال, بل بعض العلويين هم الحاكمون الفعليون, فهم يديرون البلاد نظرياً من خلال الحزب, لكنهم يديرونها عملياً من خلال تضامنهم السري داخل الحزب والمؤسسات الهامة الأخرى, فخلف الواجهة نجد أن صلة القرابة بالرئيس العلوي هي أعظم الصفات لتقلّد السلطة وذلك عن طريق الأواصر العائلية أو الطائفية أو العشائرية".
مؤسسات الإفساد والفساد والجريمة لتخريب وتدمير المجتمع والدولة في نظام الحكم الطائفي ؟
1-الجيش: تعود ظاهرة الفساد والجريمة ضد الوطن في الجيش السوري إلى مشكلة الطائفية منذ الفترة 1920-1945 ،عندما قام الفرنسيون بتشكيل "جيش الشرق" الذي تكوّن من وحدات عسكرية ينتمي أفرادها إلى الأقليات الدينية ليقوم أفراده بقمع المظاهرات وضرب المقاومة الشعبية وتكريس سياسة فرق تسد بين مكونات المجتمع .ونظراً لهيمنة العائلات السنّيّة على العمل السياسي بعد الإستقلال ، فقد وجد أبناء الطوائف داخل المؤسسة العسكرية مجالاً واسعاً لتحقيق طموحاتهم وبسط نفوذهم, مما أدى إلى إنقسام الجيش على أسس طائفية وتعدد الولاءات, وإنتشار الفوضى التي أسهمت في هزائم 1948 و 1967 و 1973، ويبرر هذه الهزائم المتتالية كون المؤسسة العسكرية تستهلك حوالي 60% من الميزانية السنوية, ويزيد تعداده عن 400 ألف عنصرا, ولا تخضع حساباته لأية رقابة أو تفتيش حكومي, بل يخضع مباشرة لرأي قائد الجيش من الطائفة العلوية.وفي ظل نظام الحكم القائم على قادة الطائفة العلوية ،يلاحظ على واقع الجيش أمران هما:
الأول: تولّي القادة العلويون معظم المناصب القيادية ، بحيث تزيد نسبتهم بين ضباط الجيش عن 90%, وتحقق ذلك لهم بالتدريج عن طريق تصفية العناصر السنيّة ثم الدرزية والإسماعيلية.
الآخر: تضخم هذه المؤسسة التي صارت تمارس السيطرة على الشؤون السياسية والإقتصادية، وتفرض سياساتها على الحكومات بدلاً من أن تخضع لها. لا يخفى على أحد في سوريا حياة البذخ والثراء التي يعيشها ضباط الجيش السوري من أبناء الطائفة العلوية,وإستغلال مناصبهم, وإبتزاز الجنود والمواطنين الأمر الذي حوّل الجيش إلى جهاز ضخم يمتص خيرات البلاد والشعب السوري .
2-أجهزة الأمن: تعد الوسيلة الوحيدة التي تستطيع بها أقلية نسبتها 10 % من المجتمع لتحكم سيطرتها على الحكم ومؤسسات الدولة بتطوير أجهزة القمع وإمتلاكها. لذلك ، أسس حافظ الأسد 15 جهازاً أمنياً مرتبطاً برئيس الجمهورية منذ بداية سلطته, وتكون المناصب العليا فيها حكرا على أبناء الطائفة العلوية , وتتراوح التقديرات عن عدد الموظفين في هذه المؤسسة القمعية الرهيبة بين 200 و 300 ألف عنصر (أي بمعدل عنصر أمن واحد لكل 75 مواطناً) ويستخدمون 17 ألف سيارة, واستطاعت إحدى منظمات حقوق الإنسان أن تحصي أكثر من ثلاثين سجناً رئيساً تابعاً لأجهزة الاستخبارات في مدينتي دمشق وحلب فقط , وتتسع أروقة المخابرات في دمشق وحدها التحقيق مع أكثر من ألف شخص في وقت واحد.
3- حزب البعث وملحقاته من المنظمات والأحزاب الحليفة : كان حزب البعث مع تسلّمه السلطة سنة 1963 وعاءً يضم الإنتهازيين والمنتفعين والمتسلقين الطامحين للسلطة, ومن أجل بسط هيمنة الحزب على المجتمع بدأت مرحلة من التنسيب غير المنظم, التي أدّت إلى ضم أعداد كبيرة من أبناء الطوائف العلوية والطوائف الأخرى الذين ركبوا موجة البعث، وتحوّل بعد ذلك مع المنظمات التي تتبعه والأحزاب الملحقة به إلى جهاز تستخدمه السلطة الخفيّة من أبناء الطائفة العلوية لتحقيق المكاسب والإثراء والنهب والتخريب والتسلّط.
4- وزارة الأوقاف ودوائر الإفتاء ورجال الدين : مارس موظفو وزارة الأوقاف ودوائر الإفتاء ورجال الدين الذين يعملون في ظلهم اقذر الأدوار في تاريخ سوريا لكونهم يعرفون نظريا الحق من الباطل ولأن دورهم ورسالتهم الوعظ والإرشاد لبناء مجتمع الحق والعدالة والمساواة . هؤلاء في تلك الأجهزة الدينية كانوا يشاركون أجهزة الأمن وقادة الجيش في تأجير ممتلكات الأوقاف هائلة العدد إلى المتنفذين بالسلطة لقاء أجور زهيدة ويقدمون الفتاوى والمواعظ لطاعة أولي الأمر من المجرمين والفاسدين لقاء بعض الأموال والمكاسب ومراكز الوجاهة ودعوات الغداء والعشاء .
5- الكسب والإرتزاق الدولي: تمّ تحويل المواقف الرسمية والفرق العسكرية والأجهزة الأمنية إلى مادة أوليّة وسلع يبيعها نظام آل الأسد لمن يدفع له، وشكلت هذه السياسة مصادر دخل للميزانية الخفية التي تذهب لعائلة الاسد وملحقاتها, ومن الأمثلة على ذلك:
أولا- بيع الجولان: حيث أدّى سقوطها في ظروف مشبوهة إلى حصول نظام حافظ الأسد على مليارات الدولارات سنوياً تحت ستار تحقيق التنمية ، ودعم وتعزيز صمود سوريا المفترض.
ثانيا- العلاقة مع الولايات المتحدة والغرب : سعت الولايات المتحدة دوما لإبعاد سوريا عن الإتحاد السوفييتي, وشجعتها على تبنّي سياسة عدائية ضد الفلسطينيين والعراق, والتوجّه نحو حلف سعودي مصري شكلي ,وكانت المساعدات الأمريكية تتدفق على آل الأسد في سوريا بمعدل 60-100 مليون دولار سنوياً بموجب اتفاقيات تم إبرامها في 27/2/1975 ناهيك عن المساعدات الأخرى.
ثالثاً- الحرب العراقية-الإيرانية 1980-1988: وقف نظام آل الاسد في صف إيران ضد العراق على عكس بقية الدول العربية التي ساندت العراق, واستطاع بذلك الموقف الحصول على هبة نفطية سنوية مقدارها 200 مليون دولارمن ايران, , وقروض ميسرة بمبلغ خمسة مليارات دولار .
رابعاً- حروب الخليج (الثانية 1990 والثالثة 2003 ): سارع حافظ الأسد إلى الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة وتحالفها ضد العراق مستفيداً من مبلغ 500 مليون دولار سنوياً منذ سنة 1991,وتعهدت الدول الخليجية بدفع ملياري دولار لسوريا جراء موقفها من هذه الحرب،وسعى بشار الأسد بعد وراثة السلطة إلى تقديم كافة المعلومات الإستخباراتية للولايات المتحدة بعد إحتلالها العراق مع إعلانه أنه ضد غزو العراق ظاهريا .
6- تجارة المخدرات من قبل الجيش السوري وأجهزة الأمن وحالش : تورّط عدد من الضباط السوريين في الجيش والأجهزة الأمنية المختلفة بالتعاون مع حزب الله اللبناني الشيعي في تجارة المخدرات ،حيث يتم زراعة الأفيون في سهل البقاع اللبناني, ويتولّى المسؤولون السوريون تسويقه لدى شبكات التجارة العالمية, إذ نقلت مجلة الإكسبرس الفرنسية عن إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية DEA أن تجارة الأفيون وحدها وفّرت للمسؤولين السوريين مكاسب تقدر بمليار دولار في عام 1986, ونتج عن ذلك تضاعف إنتاج هذه المادة إلى خمسة أضعاف في المناطق التي تخضع للقوات السورية وسيطرة حزب حالش في لبنان, وصارت الأرباح التي تقدر بمئات ملايين الدولارات تقتسم بين المزارعين والمنتجين والمسوّقين وحالش والقوات العسكرية السورية.
منطقيا ، هناك علاقة وطيدة بين تدهور الإقتصاد والمجتمع وإنتشار الفساد المالي والإداري, لذلك يفيد تتبع مسيرة إنحراف المؤسسات الاقتصادية التي أعيد توجيهها لتشكل عصب حياة السلطة الحاكمة. كانت الباحثة الفرنسية (اليزابيث لونغونيس ) أول من لاحظ الإزدواجية في التطبيق الإشتراكي والرأسمالي بين المجتمع والسلطة بقولها : ( يتم تجيير القطاع العام لصالح القائمين عليه, ويتم تحويل الإنتاج عن مساره الصحيح إلى العملاء في القطاع العام الخاص ليسوقوه بأسعار السوق الحرة, ونتج عن ذلك تدهور القطاع العام الحكومي, ونشوء اقتصاد "شبه خاص" مرتبط بضباط الجيش والأمن وكبار المسؤولين ) .
سفيان الحمامي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا زادت الجزائر إنفاقها العسكري بأكثر من 76 في المئة؟


.. لماذا تراجع الإنفاق العسكري المغربي للعام الثاني على التوالي




.. تونس: هل استمرار احتجاز المتهمين بالتآمر على أمن الدولة قانو


.. ليبيا: بعد استقالة باتيلي.. من سيستفيد من الفراغ؟ • فرانس 24




.. بلينكن يبدأ زيارة للصين وملف الدعم العسكري الصيني لروسيا على