الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فوضى مفهوم - الشرعية - ما بعد الربيع العربي

نضال الابراهيم

2014 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


الحديث عن الشرعية والمشروعية ، في عهد ما بعد " الثورات العربية او الربيع العربي " ، كما اطلق عليه البعض ، اصبح اسير للفوضى ، وهي فوضى ليست خلاقة ، بكل المعايير ، فلم يبقى احد بدء من رجل الشارع العادي ، مرورا بمختلف النخب الاجتماعية والسياسية والإعلامية ، وصولا الى الاحزاب و التنظيمات ، التي وصلت الى السلطة في دول الربيع العربي تحديدا ، او التي لا زالت تقاتل للوصول اليها ، النموذج السوري مثلا ، إلا واستخدم هذا المفهوم ، بإشكال مختلفة لخدمة اهدافه وتوجهاته .
هذه الفوضى ، اتخذت اشكال مختلفة ، منها الخلط بين مفاهيم ، لها مجالاتها التي لا يجوز ابتداء ، الخلط بينها ، وهو خلط مقصود احيانا ، وغير مقصود في احيان اخرى ومنها ( الشرعية ، والمشروعية ، والدولة ، والسلطة السياسية ، والثورة ، والدولة العميقة ، ... الخ ) .
وقد تجلت هذه الفوضى ، بشكل بارز ، بين ثلاث فئات ، هي على التوالي المؤسسات الاعلامية ، وخصوصا مقدمي برامج ( التوك شو ) ، في مصر وغيرها ، والفئة الثانية هي تيار الاخوان المسلمين والفئات المؤيدة له ، وفي المقابل منهم التيارات العلمانية والليبرالية ، حيث قام كل منهم بلي عنق كل مفاهيم الشرعية ، وما يرتبط بها من مفاهيم الدولة الحديثة ، خدما للأهداف السياسية لكل فئة .
يقول الدكتور سيف الدين عبدالفتاح اسماعيل ، استاذ النظرية السياسية بجامعة القاهرة ، بمقال له تحت عنوان ، ( مفهوم الشرعية - تبدو فكرة الشرعية من أهم الأفكار والمفاهيم داخل المنظومة الفكرية ذات التأثير في الحياة الثقافية والفكرية وكذلك السياسية ، خاصة أن مفهوم الشرعية برز كترجمة لكلمة Legitimacy، وبرز في الاستخدام العربي كصفة للأفعال والأمور مثل السياسة الشرعية ، والمقاصد الشرعية وغيرهما. وتُعرِّف الموسوعة الدولية الاجتماعية مفهوم الشرعية بأنه " الأسس التي تعتمد عليها الهيئة الحاكمة في ممارستها للسلطة. وتقوم على حق الحكومة في ممارسة السلطة وتقبُّل المحكومين لهذا الحق " . ويجب التفرقة بين مفهوم الشرعية "Legitimacyالذي يدور حول فكرة الطاعة السياسية، أي حول الأسس التي على أساسها يتقبل أفراد المجتمع النظام السياسي ويخضعون له طواعية ، ومفهوم المشروعية " legality" بمعنى خضوع نشاط السلطات الإدارية ونشاط المواطنين للقانون الوضعي. أي أن الشرعية مفهوم سياسي بينما المشروعية مفهوم قانوني . الأصل اللاتيني لكلمة " Legitimacy " هو "Legitimus" واستخدمه الرومان بمعنى التطابق مع القانون ، ولقد أصبح خلال عصر النهضة يعبر عن العقل الخلاق والوعي الجماعي ، ويعتبر " جون لوك " أول من استخدم مفهوم الشرعية كأساس لتحليل ظاهرة السلطة . وتطور المفهوم في العصور الحديثة بحيث أصبح يُعبّر عن اختيار وتقبل المحكومين للحكام والنظام السياسي ، وهكذا برز عنصرا الاختيار والرضا كعناصر أساسية لمفهوم الشرعية ، ولقد طرحت العديد من التعريفات لمفهوم الشرعية ... ) .

و يقول الدكتور سربست نبي ، في محاضرة له بعنوان " في مفهوم الدولة المدنية " ،
في توصيف الحالة الايديولوجية ، لتيارات الاسلام السياسي ، ( ... كما لا يمكنها قط أن تعلن بصراحة إن شرعية الدولة وشرعية كل سلطة سياسية هي دنيوية وإنسانية , وليست سماوية مفارقة , طالما أنها لا تزال على اعتقادها العتيق بمفهوم ( الحاكمية ) و أن الإسلام دين ودنيا . إن كل فكر سياسي ديني يتعارض مع تحديث الدولة ودمَقرَطة النظام السياسي , لأنه يتعارض في الأصل مع القول بالمصدر الدنيوي - البشري للسلطة وشرعيتها. والسلطة والأيديولوجية الدينيتان ترفضان النظر إلى رعايا الدولة على قاعدة المساواة في المواطنة , وفي الحقوق الطبيعية التي تفرضها الطبيعة البشرية. من هنا يغدو الحديث عن دمقرطة الدولة وتعدديتها من دون إعلان ضرورة عَلمَنَتها لغواً فارغاً وتضليلاً سياسياً وخداعاً ... "

والذي يجب بيانه هنا ، من خلال الاقتباسات السابقة ، ان الامر ليس مجرد اراء شخصية ، لكتاب في مجال الفكر السياسي والقانوني ، وإنما يتجاوز ذلك ، الى حالة اتفاق ، بين المختصين في المجال السياسي والقانوني ، على تضمين مفاهيم ( الشرعية ، والدولة ، والسلطة السياسية ، والثورة ) مضامين محددة ، لا تصل الى حد النسق الفكري الكامل والمغلق ، وإنما مفاهيم اتخذت شكل محدد ، ضمن سياق تاريخي وفكري وفقهي قانوني ، يندرج اولا ضمن التشكيلة المؤسسة للفكر السياسي والقانوني ، للدولة الحديثة او المعاصرة ، وذلك بسبب الارتباط التاريخي بين نشأة هذه المفاهيم ، ونشأة الدولة القومية الحديثة في الغرب ، ( الوطنية ) في الشرق العربي ، ما بعد مرحلة افول الاستعمار العثماني .
لذلك لا يجوز ، ان يتم التلاعب بهذه المفاهيم ، بشكل يخدم المصالح المتعارضة ، لإطراف الصراع ، خصوصا مفهوم ( الشرعية الثورية ) ، فليس كل خروج لعدة الالاف او ملايين من البشر ، الى الشوارع والميادين يعد ثورة ، وليس نتائج صناديق الانتخاب ، وحدها في دول لم تألف النظام الديمقراطي بعد ، ولم تؤسس ابتداء لمؤسسات هذا النظام ، يعد شرعية لا يمكن تغير موازينها ونتائجها .
ولكن يبدو ان المشهد في دول الربيع العربي ، لا زال ملتبسا ، يستعصى على ادوات التحليل والنقد التقليدية ، توصيف مسار الاحداث ، وتحركات القوى الاجتماعية والسياسية بها ، ولكن كل ذلك ، لا يبرر فوضى استخدام مفاهيم الشرعية ، في غير موقعها ، وسياقها السياسي والقانوني ، الذي درج على استخدامه ، في المسار التاريخي للديمقراطيات الحديثة .
ومن جانب اخر ، لا بد من الاتفاق ولو نظريا ، على ان مفهوم الشرعية ، وان لم يكن حديث من حيث المضمون ، في العالم العربي ، فالصراع عليه وحوله قد بدء تاريخيا من " سقيفة بني ساعدة " ، حول شرعية من له الاحقية بحكم الدولة الاسلامية الوليدة ، في المدينة المنوره بين المهاجرين والانصار بعد وفاة النبي محمد ، واستمر بإشكال مختلفة ، في مختلف مراحل الحضارة العربية الاسلامية ، حتى نهاية الخلافة العثمانية .
والمختلف في الامر الان ، ان مفهوم الشرعية المتصارع حوله ، في العالم العربي دخل في مرحلة " انقطاع تاريخي " ، عن مفهوم الدولة والخلافة في الاسلام ، لذلك لا يمكن رده او ربطه بقضية الدولة الاسلامية ، وفكرة " الحاكمية " ، لان هذه المفهوم ، من حيث الشكل والمضمون ، ارتبط بولادة الدول الوطنية ، في العالم العربي ، التي تشكل اغلبها بنهاية حقبتين ، هما الخلافة العثمانية ، والاستعمار الغربي ، تلك لدولة التي تشكل بعضها ، بفعل استعماري ، في بدايات القرن العشرين ن مثال ولاية سوريا التي اصبحت بعد اتفاقية سايكس – بيكو خمسة دول وطنية ، هي العراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين .
فلا يمكن وهذا الحال ، ان يتم اغراق مفهوم الشرعية ، في صراع تاريخي ، سابق لوجوده ، وارتباطه بالدولة الوطنية الحديثة ، التي ارتبط بوجودها ، مفاهيم لم تكن موجودة قبل ذلك مثل مفاهيم المواطنة وسيادة القانون والسلطة للشعب وغيرها من مفاهيم الدولة الحديثة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار