الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الذاكرة...

خديجة بلوش

2014 / 6 / 7
الادب والفن


كم كنت مجحفة ..نسيت ملامحك في متاهة الزمن المشاكس ونسيت نبرة صوتك..عكسك تماما ..ما إن لمحتني حتى هتفت بحماس طفولي..."أمل " مددت يدي بخجل لك أنت الغريب عني بفعل وقت امتد دهورا...متى كان آخر لقاء بيننا؟؟ تجيبني وأنت الذي تدرك ما يجول بأفكاري.._مر وقت طويل..لكنك كما أنت ..لم تتغيري..مازالت خدودك تحمر خجلا كلما همست باسمك... يمسك يدي ويقودني عبر الطاولات في المقهى المطل على البحر إلى ركن جميل...حيث زرقة السماء والماء تمتزجان لتشكلا أفقا بدون حدود..ونورس مخمور بدفء الشمس يصيح محلقا في دوائر على مقربة منا..جلست والتوتر رفيق...جلس أمامي وعيناه لا تفارقان وجهي... _مازلت كما أنت منذ آخر مرة... يعذبني وفاؤه لتفاصيلي..ويعذبني أكثر نسيان حشرته غصبا في ذاكرتي.. _هذا هو مكاني المفضل يقول بحماس..هنا كنت أصطحبك عقب انفصالنا المفروض علينا قسرا... يشرد والابتسامة لا تفارق ملامحه..وأشرد فيه بدوري..استكشف خطوط وجهه باحثة عن "عبد الإله" الذي كنت اعرفه في مراهقتي...شعره مازال كثا ..لكن سواده خالطه بياض جميل...تجاعيد خفيفة تحيط بعينيه..وفمه المبتسم دائما..ربما لم أنس أي شيء عنه لكني كنت أوهم نفسي... يستطرد قائلا..._كنت مع الرفاق نأتي هنا كل نهاية أسبوع ..كل منهم كان يختلي بصديقته على طاولة منفردة وكنت اجلس هنا..يرونني وحيدا لكنهم كانوا مخطئين..كنت أستحضرك دائما..اطلب من القهوة فنجانين..وأتهيب من تدخين سيجارتي بحضورك..أ عرف كم تكرهين رائحتها..كنت أراقبك تلثمين الفنجان وترتشفين صبري..كتبتك دون ملل..وشاركتك حزني وفرحي وحلما كنا قد بدأناه معا...كنت أجلس هنا لساعات ويأتي الليل وينفض الرفاق وهم يهمسون أن بي مسا من جنون...كنت أخبرهم أنني مع حبيبتي..لكنهم لم يستوعبوا ... يمسك يدي بين يديه ويصمت للحظات كانت كافية لتعيد لي شريط ذاكرة ظننته قد حذف....وقوفي كل مساء على مقربة من النافذة المطلة على الزقاق في انتظار مروره ..توقفه المقصود ليعيد ربط حذائه..وابتسامة لم يكن يبخل بها علي حتى ونحن على خصام...رسائله التي كانت زميلته في الفصل وهي ابنة الجيران تأتيني بها كلما طال غيابه عني...رجفتي وأنا أفتح الظرف..دموع تسبق السطور أمامي...لقاء وحيد..في ظل شجرة الأركان خلف المدرسة...جلوسنا جنبا لجنب لأول مرة..يده التي لامست يدي وبثت في دواخلي تمردا نمى بعد غيابه....صوته الذي اكتسحني كمد ساحر....ما يؤلمني الآن أني لم أكن أستطيع الاحتفاظ بكتاباته.. _ لم أنسى ولا لحظة نظرتك..صوته أعادني إليه... كيف أخبره أني بحثت عنه بعد رحيله..كيف أخبره عن هزيمة اكتسحتني وعن الأمل الجنين الذي ظل لسنوات قيد التكوين ...كيف أخبره أني مع الوقت صرت أخفي شوقي إليه..وأني امتنعت عن الحلم كي لاأراه...هو الذي كان يستحضرني لكل تفاصيله ..كنت أنا أقتله ببطئ في ذاكرتي... النورس الثمل ما زال يحلق في دوائر وصرخته تمزق السكون...التفتت حيث يجلس لأجد المقعد فارغا..وفنجانه كما وضعه النادل ... نتقمص رغباتنا في حضرة الذاكرة...ونستنسخ ذواتنا خارج الوقت...والحزن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبدالعزيز يجبر بخاطر شاب ذوى الهمم صاحب واقعة ال


.. غيرته الفكرية عرضته لعقوبات صارمة




.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة