الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انهيار الاتحاد السوفيتي بسلاح الغذاء : هل ستنهار العرب

محمد خضر خزعلي

2014 / 6 / 8
السياسة والعلاقات الدولية


ادرك خرتشوف في فترة حكمه للاتحاد السوفيتي , ان بعض القطاعات الاقتصادية لبلاده قد قاربت على الانهيار , لكنه كانوا يقول مهددا الرأسمالية الغربية نحن سنقبركم , ومن هذه القطاعات المهمة كان القطاع الزراعي قد وصل حد الانهيار , ليتحول الاتحاد السوفيتي قبل عقد الخمسينات من المصدر الاول للقمح والحبوب الى المستورد الاول لها بعد الخمسينات.
وعلى الرغم من المساحات الشاسعة للاتحاد السوفيتي والجودة المشهوره لتربته مقارنة مع تربة الولايات المتحدة او الصين , الا ان الصين كانت تنتج ضعفي ما ينتجه الاتحاد السوفيتي في الهكتار الواحد تقريبا, اما الولايات المتحدة فكانت تنتج في الهكتار ما يقارب الثلاثة اضعاف.
يعود هذا التدني في الانتاج الى عدة عوامل منها:
1- ادراك بعض السوفيت ان الاقتصاد الااشتراكي لابد له من استعارة بعض جوانب الرأسمالية للاستمرار , ولكن مع هذا كانت برامج تبادل الخبرات بين الجانبين تركز على الموضوع التقني , وتعنت السوفيت بادخال اي اصلاحات قيمية للنظام الاشتراكي.
2- ان اجرة العامل والفلاح لا تدفع على مقدار الانتاجية كما حدث في الصين , مما ادى بالفلاحين عموما الى التقاعص لانه مطمأن على دخله , حيث ادركت الصين هنا بضرورة ادخال بعض اليات النظام الرأسمالي للعب على طموح الانسان بالملكية وجمع المال.ومن ناحية اخرى فأن المشتريات من الفلاحين كانت باسعار بخسة مما ادى الى عزوف الفلاحين عن الزراعة والبحث عن مصدر رزق اخر.
3-وضع افضل العلماء من اي قطاع كان ليعمل في الجانب العسكري , مما ادى الى فقدان القطاعات المختلفة في الاتحاد السوفيتي الى عقول تعرف كيف تديرها لأجل امور الدفاع , الامر الذي ادى الى تخلف القطاعات الاخرى , الامر الذي ادى الى استنزاف المواد الخام والصلب لمنتج ما او سلعة ما , فالسلعة التي تحتاج الى 25 كيلو من الصلب في سويسرا مثلا او الى 38 كيلو في بريطانيا , فأنها في الاتحاد السوفيتي تحتاج الى 125 كيلو غرام بسبب التخلف .
4- اسراف الاتحاد السوفيتي في توزيع المعونات على بلدان افريقيا واسيا الفقيرة طمعا بالترويج للاشتراكية , حيث ان عمله هذا كان ذو نزعة ايديولوجية اكثر منه براغماتية.
السؤال الحالي هو من اين غطى الاتحاد السوفيتي بعدما اصبح المستورد الاول للقمح حاجياته منه لاطعام شعبه؟
يجيبنا عن هذا السؤال المسؤول عن صفقات القمح بين اميركا والسوفيت بوريس رونوف , الذي كان طالبا في الولايات المتحدة في برنامج تبادل طلابي لاكتساب كل طرف خبرات الطرف الثاني , وكان رونوف احدهم الذي اهتم بالجانب الزراعي , ويجيب عن السؤال بأن المزود الرئيسي لنا كان الولايات المتحدة وكندا , ويقول ما حيرني في ذلك الوقت هو ان الولايات المتحدة هي التي تطعم الاتحاد السوفيتي رغم الحرب الباردة , بل حتى اثناء ازمة الصواريخ الكوبية كانت شحنات القمح تصل الى موسكو من واشطن.
حيث يقول رونوف : ان وزير الزراعة في اميركا في ذاك الوقت قد قال لي : ان هناك قوتين في العالم , الطاقة والنفط , والغذاء , ونحن نتحدث مع العالم قبل كل شيء بقوة الغذاء .
ويقول رونوف انني اكتشفت خلال وجودي في الولايات المتحدة ان الايراد الذي تجنيه الولايات المتحدة من بيع الغذاء والقمح كان يساوي ضعفي ايراد بيع السلاح الى العالم , ويقول ان الاتحاد السوفيتي في تلك الفترة لم يستنبط او يلتفت الى هذا الامر , والمفارقة ان السوفيت يستميتون لبيع السلاح حتى يشترون به القمح من الولايات المتحدة , مما يعني تحقيق فائدتين للولايات المتحدة , الاولى بيع الغذاء وجني الارباح وانتعاش اقتصادها , ومن ناحية اخرى عدم استثمار الاتحاد السوفيتي عائدات بيع سلاحه على تطوير الاقتصاد بقطاعاته المختلفة , مما يعني خنق الاتحاد السوفيتي بيد الامريكين , بسبب التدهور التقني الزراعي والقطاعات المختلفة لصالح تحقيق الامن في فترة عدم جدوى انتاج السلاح نظرا لتوازن الرعب.

ان الفكرة التي يريد رونوف ايصالها هي , ان العسكرين السوفيت لا يستطيعون العيش بلا عدو كما كل العسكرين في الغالب , ولهذا كانوا يكثفون نشاطاتهم وقت اقرار الميزانية ليقولون بان عدونا بات اقوى , ولهذا نريد المزيد من المال للقطاعات الدفاعية وبالتالي تحقيق الامن القومي .
اما على الجانب الاخر من العالم فقد كان الامريكيون يعون جيدا ان الامن الغذائي لا يقل اهمية عن الامن بصفته التقليدية , ولهذا اهتمت بمختلف القطاعات الاقتصادية , ولو ان الولايات المتحدة امتنعت عن تزويد الاتحاد السوفيتي لاصبح لها دافع قوي لتبني ساسات مختلفة لتأمين القمح والغذاء بدلا من اسراف الميزانية كلها على القطاعات الدفاعية , لكن تمت محاربة الاتحاد السوفيتي بسلاح الغذاء ولهذا لم تمتنع الولايات المتحدة عن تزويد موسكو بالغذاء.
وانهار الاتحاد السوفيتي وكان لديه الالاف من الطائرات والدبابات والقنايل والصواريخ , في حين لم يجد رغيف خبز واحد , والناس كانت تصطف طوال النهار للحصول على وجبة غذائية في نهايات الاتحاد السوفيتي.

الواقع العربي:
لو نظرا الى واقعنا ورأينا كم هي نسبة العمل على تطوير قطاع الغذاء , او مدى جدية العرب من موضوع الامن المائي مع دول المنبع او سرقات اسرائيل من ماء العرب.. لصدمنا , فما زالت الدول العربية تتصاعد في الانفاق العسكري على مدى السنوات الاخيرة , بل السعودية والامارات هي اولى الدول في الانفاق , لكن لم يحظى القطاع الزراعي في السعودية في مجال تطويره واستصلاح الاراضي الى اكثر من 8% في الحد الاقصى , وهذا الرقم مخصص للاستيراد لا للتطوير , حيث تستورد السعودية 70% من غذائها ,في حين افردت للقطاع العسكري حوالي 33% لعام 2014 هذا في السعودية , صاحبة اكبر اقتصاد عربي , لكن حال الدول الاخرى اشد قتامة منها .
هل نقوم باستغلال النفط لتطوير الامن العربي بكافة مجالته غير التقليدية بدلا من الهدر على الامن التقليدي؟
ام اننا مثل الاتحاد السوفيتي نستميت لبيع النفط لشراء الاسلحة من الولايات المتحدة فننعش اقتصادها مرة بشراء الاسلحة ومرة بشراء الغذاء؟
اذا قدر الاتحاد السوفيتي على الصمود لمدة لا تزيد عن الاربعين عاما وهو اعظم دولة في العالم , فكم سنصمد نحن العرب؟
سؤال برسم الاجابة لكن لابد من التنبه الى العالم يسير نحو تطوير ابحاثة لايجاد مصدر طاقة نظيف بدلا من النفط , ومن ناحية اخرى تتجه الدول لاستخراج نفطها كما الولايات المتحدة حاليا التي تطور النفط الصخري , ثم ان المدة الزمنية المتوقعة لانتهاء النفط ليست بالكبيرة مقارنة بعمر الدول والحضارات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي