الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة النهضة وقضية تطبيق الشريعة

صلاح الصادق الجهاني

2014 / 6 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


موقف حركة النهضة التونسية من تطبيق الشريعة
يمكن تقسيم موقف حركة النهضة التونسية إلى موقف في فترة السبعينيات، والتي كانت تسمي فيها باسم" الحركة الاتجاه الإسلامي"، ومرحلة الثمانينات وعلى لسان أهم منظريها، وهم راشد الغنوشي، وعبد الفتاح مورو، فيقول راشد الغنوشي: " إن تنفيذ أحكام الله وإقامة حدود الشريعة الإسلامية تأتي في المرحلة الثانية من الدعوة والبناء والتي تليها مرحلة قيام المجتمع المسلم، والتي يمكن فيها تطبيق الحدود، وأنه لا يمكن إقامة الحدود، إلا بعد هذه المراحل، وهى الدعوة والبناء للمجتمع من جديد، ومن ثم إقامة المجتمع الإسلامي، الذي تتوفر فيه الاشتراطات المطلوبة لتنفيذ الشريعة الإسلامية".
والموقف الثاني من تطبيق الشريعة للحركة، يأتي في أواخر الثمانينات، وهى توضح مدى التغير والنضج الذي مرت به الحركة في هذه الفترة، والتي تعتبر خروج الحركة من طوق التيار الإسلامي الإخواني السائد، وتعبيراً عن بيئتها، والتي يعد أكثر انفتاحاً من ظروف وبيئة الحركات الإسلامية في المشرق، يقول عبد الفتاح مورو بخصوص تطبيق الشريعة: " إنه يجب تأجيل مسألة تنفيذ تطبيق الشريعة الإسلامية، إلى أن يتم إعداد جيد للرأي العام للمجتمع وتعبئته بالكامل. ويرى مورو أيضاً أن توفير الشروط وهي واجبة وضرورية لتطبيق الشريعة، كما أن يرى بتعطيل تطبيق الحدود لحين معين يزيل أسباب الجريمة، وتتوفر شروط التطبيق".
الرأي الثاني يعتبر دليلاً للكثير من الحركات الإسلامية المعتدلة، وخاصة في المغرب العربي، فرغم أن قضية تطبيق الشريعة من القضايا المحورية لدي كل حركات الإسلام السياسي، إلا أنه يواجه الكثير من الصعوبات والرؤى المختلفة، وتختلف من دولة لأخرى، فوجود جماعة متميزة مسيحية في مصر يجعلها في عدم تطابق مع المجتمع المدني، وخاصة في انتخابات الرئاسية للمسيحيين وللمرأة، بينما تختلف في دول مثل تونس ودول المغرب العربي، والتي لا توجد بها الأثينية الدينية بشكل واضح، وتعتبر شبه موحدة دينياً ومذهبياً مع وجود أقليات مندمجة.
ويقول راشد الغنوشي" إن حركته لا تسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في تونس، وإنما التخلص من " نظام الحزب الواحد " مشدداً على أن " كل ما تحتاجه تونس اليوم هو الحرية ". ويقول أيضاً عندما كان لاجئاً سياسياً "أنا قبل كل شيء مواطن تونسي يريد العودة إلى بلاده"، معرباً عن أمله في أن تتم هذه العودة قريباً جداً. ورداً على سؤال حول تطلعاته، قال الغنوشي: " لست الخميني (الزعيم الإيراني الراحل آية الله روح الله الخميني، قائد الثورة الإسلامية)، وتونس ليست إير1ان، نريد تقديم مساهمة فكرية في هذا المنعطف التاريخي، الذي يخرج تونس من عهد القمع إلى الديمقراطية ". وأردف قائلاً: " إننا لا نريد نظام الحزب الواحد مهما كان، ولا فرض الشريعة علي أحد إن كل ما تحتاجه تونس اليوم، هو الحرية وديمقراطية حقيقية".
في سؤال آخر حول دور تطبيق الشريعة الإسلامية في المرحلة القادمة، قال "إن نظام بن على وأتباعه الفاسدين، جعل نظام الحكم في تونس لعبة كبيرة لجمع الأموال، واللعب بمقدرات الشعب التونسي، ولكن منهجنا ونظامنا الإسلامي مبنى على التعددية وعلى التنوع وتطبيق تعاليم الإسلام السليمة، وهذا يتنافى مع القمع واللعب بمقدرات الشعب التونسي داعياً " كل الشباب التونسي إلى المحافظة على لهب الثورة، والسير على طريق الحرية، والتحرر من النظام القمعي الفاسد ، وهذا ما حدث في تونس بالفعل، فقد قامت الثورة التونسية، أو ثورة الشباب، التي أطاحت بالنظام التونسي، فبعد رحيل بن على، وعودة زعيم حركة النهضة إلى تونس من الخارج كانت من أبرز التحديات الرد على الاتهامات أو التخوفات من العلمانيين والديمقراطيين.
بخصوص ما يسمونه (أسلمة المجتمع)، وهو الطرح الذي يشكل تناقضاً مع الديمقراطية والمجتمع المدني في تونس، وتخوفاً من تمسك الحركة ببرنامج أسلمه المجتمع، وعدم التوافق، والعمل من خلال المنظومة الديمقراطية والتعددية التي تعتبر من مطالب أغلب مكونات المجتمع التونسي، فكان رد الشيخ الغنوشي قاطعاً، في لقاء مع قناة الجزيرة، في مداخلته لقناة الجزيرة، والتي أكد فيها، " إنه ليس من المهم في أهداف تمسكها بتطبيق الشريعة، أو عدم اعترافها بالمجتمع المدني، وأنه سوف يقوم بالعمل تحت إطار النظام المعمول به في المجتمع التونسي، وأنه يؤمن بالديمقراطية والتعددية، وأنه شخصياً، لا يفكر في طرح نفسه للترشح في الانتخابات المقبلة".
وربما هذه التصريحات، هي عبارة عن تأكيد لمواقف قديمة بخصوص التعددية والديمقراطية والمجتمع المدني وتطبيق الشريعة، قد قام الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإسلامية في تونس بطرحها وتوضيحها، إلا أن الأحداث الأخيرة المتمثلة في ثورة الشباب، والطرح المقدم من الأطياف الأخرى بخصوص المرحلة القادمة، وموقف كل تيار منها وخاصة التيار الإسلامي، المتمثل في حركة النهضة التونسية، والتي تتبنى الفكر الديني، والذي يعتبره البعض مغايراً ومتناقضاً مع توجهات المجتمع، والنظام في الدولة المدنية، واعترافه بهذا النظام، وعدم طرحه تصوراً مغايراً، هو الذي دفع بالشيخ راشد الغنوشي، لتأكيد مواقفه بخصوص تطبيق الشريعة، وقضايا أخرى، المتخوف منها التيار العلماني المتجذر في المجتمع التونسي.
وليست هذه مواقف جديدة، إذا استثنينا فقط عدم الرغبة في الترشح لمنصب الرئاسة في الانتخابات المقبلة، وهذا ما أكده أيضاً عبد الفتاح مورو في مداخلة لقناة المستقلة، حيث قال: " إنه ليس من أهداف الحركة طرح تطبيق الشريعة الإسلامية في الوقت الحاضر وأن الهدف الآن هو العمل من خلال النظام الديمقراطي والتعدادية الديمقراطية، والعمل على إقامة انتخابات نزيهة، يقرر فيها الشعب التونسي صاحب القرار ما يريد، من خلال هذه الانتخابات وفي ظل ديمقراطية تؤمن بالتعددية الحزبية، وتعبر عن كل الأطياف السياسية في المجتمع التونسي. والأمر ليس متروك لحزب واحد؛ ليقرر أو يُعطي شهادة ميلاد أو وفاة للأحزاب الأخرى وأنهم بهذه الثورة قد تجاوزوا هذه المرحلة التي كان يعبر عنها الحزب الدستوري الذي كان الحاكم الواحد في ظل أحزاب صغير، ومعارضة مصطنعة، وانتخابات غير نزيهة، لا تعبر عن المجتمع في تونس".
والحقيقة أن الحركة تعتبر من الحركات الرائدة، وصاحبة رؤيا مستقبلية واضحة، إذا قورنت بالحركات الإسلامية الأخرى، وخاصة في المغرب العربي، وخاصة بعد طور التجديد الذي مرت به، وخروجها من إطار فكر الإخوان المسلمين، وتكوين فكر ورؤية خاصة بها.
ويتكلم الغنوشي في وصفه للتدين العقلاني، الذي بدأ يحد من غلوائه، ويخفف من تطرفه، " فلم يعد يطرح قضية التخلي عن الحدود، واتخذ تناوله لرجال الحركة الإسلامية، وأقطاب السلفية المعاصرين والقدامى، طابعاً أكثر جدية، كما تخلى عن مقولة اليسار الإسلامي، واستعاض عنها باسم أقل إثارة للحساسية السلفية ( الإسلاميون التقدميون )، ولكنه ظل يحتفظ برؤيته الأساسية حول أولوية العقل على النص، وإن صاغ هذه العلاقة صياغة جديدة العلاقة بين العقل والنص، وهى صياغة لا تغير من العلاقة السابقة شيئاً كبيراً، جل ما في الأمر أنها تجعلها في منزلة واحدة، مما لا يكفي للأصولية قبولها، وظل هذ التيار محافظاً على موقفه من تطوير الشريعة، بما يتلاءم مع تطور الواقع دون تمييز بين مجال التطور والثبات في الشريعة، حتى وإن أدت مقتضيات التطور إلى تجاوز ظواهر النصوص القطعية، وتعطيلها تحقيقاً للمقاصد، كما هو الشأن في مسألة تعدد الزوجات، " والذي اعتبره نظام بورقيبة مكسباً تحررياً".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح