الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روليت الفقراء قصتان قصيرتان

سامي العامري

2014 / 6 / 10
الادب والفن


روليت الفقراء ـ قصتان قصيرتان
ـــــــــــــــــــــ
سامي العامري
ــــــ

روليت الفقراء
ــــــ

قبل أعوام نزلتُ من الباص حاملاً حقيبتي وكانت تحوي كتباً اتفقتُ مع صديق لي أن ألتقيه في مطعم تركي معروف في المدينة وأهديه هذه الكتب ثم نتعشى سويةً .
دخلتُ المطعم فإذا بصاحبه يخبرني بأن صديقي تلقى مكالمة عاجلة وسارع للسفر وهو يعتذر منك وسيتصل بك في أقرب فرصة .
كانت في المطعم زاوية خاصة
تتجاور فيها أجهزة لعب قمارٍ إليكترونية .
أنا لا أعرف هذه الألعاب ولا أعرف كيف يلعبونها
ولكني أشاهدهم أحياناً وهم يرمون في الأجهزة قطعاً نقدية صغيرة وأحياناً قطعاً ورقية , وبانتظار أن يحضر طعامي وبين الجد والمزاح رميتُ قطعة نقدية صغيرة فئة يورو واحد ثم ضغطتُ على أحد الأزرار عشوائياً فتحرك الجهاز مع موسيقى هادئة وراح يدور وحده .
إنتظرتُ دقيقة فلم يعطني أية إشارة ثم إن طعامي كان قد وُضع على الطاولة فتركتُ الأجهزة وذهبتُ لأتناول طعامي وبعد اللقمة الأولى صاح بي أحد اللاعبين : تعال واخرج نقودك .
إضطربتُ ولكني افتعلتُ اللامبالاة وسرتُ نحو الجهاز بهدوء معطياً الإنطباع بأن لي خبرة وباعاً طويلاً في مثل هذه الألعاب .
ضغطتُ على زر استطعتُ أن أفهم ما تعنيه الكلمة المنقوشة عليه
إذا بأربعمئة يورو تتساقط كقطع معدنية الواحدة تلو الأخرى مع قطع ورقية من خانة أخرى في مكان مخصوص ...
فكرتُ وأنا أجمع النقود أن هذا الشاب الذي نادى عليّ هو إنسان نبيل فلو شاء لوضعها في جيبه وانصرفَ دون أن أنتبه .
ذهبتُ إلى صاحب المطعم لكي يحول لي القطع المعدنية إلى ورقية فراح يُعدُّها وينظر لي بين لحظة وأخرى باستغراب ...
كانت نشوتي عجيبة ومفاجأتي كبيرة فهذا المبلغ يعادل مخصصاتي الشهرية وأكثر ثم أني كنت في نهاية الشهر تقريباً أي لم أكن أملك من النقود إلا القليل القليل .
وبعد أن تعشيتُ خرجتُ ثم اتصلتُ بصديقي الذي كنت على موعد معه فاطمأننتُ عليه ثم اتصلتُ ثانية بشخص عراقي أعرفه وكان مدمناً على هذه الألعاب وكان يخسر كثيراً فأخبرته بالأمر فقال لي مازحاً : إنَّ حظك حظ عاهرة ... اليوم إلاّ تعشّيني وتسكّرني !
وطبعاً لم ألعب بعدها فأنا أعرف أن حظي سيء ولكنها الصدفة فحسب
ثم إني تذكَّرتُ رواية ( المقامر ) لدستويفسكي فازدادَ رعبي !

ـــــــــــــــــــــــــــــــ


في انتظار المترو
ــــــــ

كنتُ جالساً في المحطة بانتظار المترو فإذا بشاب مهلهل الثياب يمرق من أمامي بصحبة كلبه وكنتُ أأكل بشهيةٍ سندويجة سمكٍ معمولةً على الطريقة الصينية فنتف الكلبُ وبلحظة خاطفة قطعةً من طعامي وسار وهو يمضغها بتلذذ كما خمنتُ ودون أن يلحظه صاحبه ، فشتمتُ الفقر ولم أشتم الكلب ولا صاحبه .
وضعتُ بقية السندويجة على مصطبة الإنتظار وأنا حائر فليس عندي وقت لشراء أكلة أخرى لأني كنت مرتبطاً بموعدٍ والطريق طويل .
جاء المترو الداخلي للمدينة فدخلته وجلستُ ثم تلفتُّ فرأيتُ كلباً آخر مقعياً وصاحبته تطعمهُ مما تأكل هي فكان يلتقط قطع اللحم من يدها بسرعة وروحه تترافل طرباً وامتناناً كما حدستُ ... فما العمل ؟
هل أطلب من صاحبة الكلب أن تطعمني أنا الآخر أسوةً بكلبها ؟
بالتأكيد إذا فعلتُ هذا فإن كلبها ـ وقد كان ضخماً ـ كان سيهرُّ عليه ويزمجر مهدِّداً .
وجدتُ صحيفة على المقعد المجاور فتناولتها وفتحتُ صفحة الفن والأدب .
كانت المواضيع والصور وبعض اللوحات شائقة بل شهية جداً !
فاستغرقتُ بها وحين وصلتُ إلى المكان المحدد وفي الوقت المحدد وجدتني لا أملك شهية للطعام ،
فقد شبعتُ من الفن والأدب ومن لُقيا صديقٍ قديم حميم !

ــــــــــــــــــــ
برلين
حزيران ـ 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبيه عادل ا?مام يظهر فى عزاء الفنانة شيرين سيف النصر


.. وصول نقيب الفنانين أشرف زكي لأداء واجب العزاء في الراحلة شير




.. عزاء الفنانة شيرين سيف النصر تجهيزات واستعدادات استقبال نجوم


.. تفاعلكم : الفنان محمد عبده يطمئن جمهوره على صحته ويتألق مع س




.. المخرج التونسي عبد الحميد بوشناق يكشف عن أسباب اعتماده على ق