الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو منظور العقل لاالفلسفي و العقل النصي للمرأة (1)

عبد الله عموش

2014 / 6 / 17
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف


إن النقد في مجتمعات العقل النصي هو جريمة من جرائم الإنسانية المعاقب عليها ؛ و التسليم عند أهله مرادف للإيمان و الإيمان مرادف الثبات على الموروث المرادف للتدين .
وفي المجتمع المعلمن (لا أقصد المجتمع العلماني ) فالنقد هو مرادف السؤال المرادف للحركة العقلية التي ترادف بدورها التغيير و المرادف للتقدم المعرفي . هكذا و لأجل إنتاج أية نظرية جديدة لابد و نقدنا للنظرية القديمة وتعرية قصورها ؛ لكن نقدا معرفيا ممنهجا نقدا قائما على أسس معرفية ـ طبعا ـ بغير هدف الوصول إلى اليقين ، و إنما بهدف المساهمة في بناء و في إطار اشتراكية الحضارة الإنسانية بدلا من أنوية منشئها هنا أوهناك في المجتمع الإنساني ، ومن هذا المنطلق يبدو بديهيا أن صراع النزعة النقدية و التسليمية هو صراع قديم ـ أنخرط فيه بهذا المقال ـ و باق ؛ و هو يرادف صراع القديم و الجديد ، اليقين و الشك ، الإتباع و الإبداع ، النقل و العقل ، العقل النصي و الفلسفي . و دون التسرع في تحرير صك الإتهام الذي يجرمني بالتحامل على العقل النصي لصالح االعقل الفلسفي و التحيز لهذا الأخير و جب تهمة تاريخ الحضارات الإنسانية لما سيأتي من ملاحق هذا المقال ، ذلك أن تاريخ الحضارة الإنسانية يعتبر العقل الفلسفي وراء نهضة البشرية في كثير من مواقع إنتاج الحضارة الإنسانية على اختلاف بنى هذه المواقع المجتمعية ـ وهذا بمنظورنا إلى كونية واشتراكية الحضارة الإنسانية ـ أيضا لأن العقل الفلسفي هو منتج الأفكار و المعرفة على أنها أفكار بشرية محتمل خطؤها ، الشيئ الذي يؤهل هذا العقل الفلسفي ليراجع باستمرار و ينقد بصرامة منتوجه الفكري و المعرفي من غير خوف و لا تحذير ، و القيام بجبر الخلل ـ أين حدث و متى حدث ـ و إصلاح كل فساد في الفكرة المنتجة . و العقل الفلسفي بهذا المعنى يطور و يغير ما يدعو إلى التغيير من الأفكار المنتجة تلافيا لإعاقة نهضته و تقدمه إلى الأمام ؛ بالموجز فإن كينونة الأفكار من قيمتها المعرفية الذاتية ، و إذا ما ثبت عكس هذا في الأفكار المنتجة بواسطة العقل الفلسفي زالت و حلت محلها أخرى أقوى ، الشيئ الذي يؤدي إلى التطور الفكري و المعرفي في المجتمعات البشرية و ينعكس على التطور الإجتماعي و السياسي و القانوني ووو . غير أن الأفكار في العقل النصي تكسب كينونتها من شيئ خارج عليها ، من النص الذي يسندها ، لأجل ذلك فإن العقل النصي يمنع نقد هذه الأفكار و تطويرها و تغييرها بحجة كونها مقدسة و مستخرجة من نص مقدس ما يقف حجر الزاوية أمام التغيير و التطوير في تطور الأفكار عند دعاة و أهل العقل النصي و باروناته و أباطرته إن لم نقل إمبريالييه و إكليروسه ، ومما يعنيه هذا المنع من طرف امبريالية العقل النصي ؛ منع عملية النهضة المعرفية ، و عيا من ـ دركيي ـ العقل النصي أن النهضة هي دعوة للتغيير و التطوير و ثورة ضد الثبات و حركة في الفكر ، حركة يفوح منها عطر و رائحة التحرر من التحجر و الجمود و نداء للمستقبل ضد التمسك بالماضي و الثبات فيه ، ، و لذلك اعتبرت عندهم المعرفة المستخرجة من تلك النصوص المقدسة ثابتة ، صالحة لكل زمان و مكان ما يدخلها في باب حرمة الخروج عنها و يدخل التغيير و التطوير و النقد في أحكام الجريمة و سن العقاب .
و المفارقة بين العقلين الفلسفي و النصي تكمن في أن الأول يكون ثقافته و تصوراته حول الكينونة الشمولية اللامبالية و الواعية منها من خلال أسس عقلانية ومن خلال معرفة هو منتجها ، في حين يوجد ـ بكسر الجيم ـ العقل النصي ثقافته و معرفته من وسيط ـ النص ـ باعتبار أن النص عقل ؛ في ذات الوقت يعتبر العقل البولوجي ذي دور ووظيفة هامشيين منحصر دوره في كونه مجرد أداة توصل لمعرفة ما يعنيه النص على عكس العقل الفلسفي الذي يجعل للعقل دورا رئيسيا لكونه ينتج المعرفة بنفسه .
فالعقل النصي ينظر مما ينظر إليه ، إلى قضيةو المرأة لا في وجودها وواقعها التاريخي ـ الذي يختزله النص كما سيتضح لاحقا و كما أسست له النظريات الفلسفية قبل ظهور الأديان ـ و الإجتماعي و الإنساني ، و إنما ينظر إليه من خلال النص ومن داخله ، إنه يفعل عبر استقراء النصوص و مقولها ليخرج بصورة ذهنية بناء على مخرجات النص ـ جاهلا بمدخلاته الحضارية عبر العصور في تفاعل مع الثقافات الإجتماعية و سيطرة الأنظمة البطريريكية و الأمومية في إنتاج هذا الموروث الماقبل ظهور الديانات ـ ليبني على ضوء هذه الصورة الذهنية سلوكه و تعامله مع المرأة و يصدر القوانين و التشريعات المتعلقة بتاريخها .
إننا و إذ نقرأ جدل العقلين الفلسفي و النصي لنلمس و نقبل بغلبة العقل النصي حيث البية ميالة إلى الخضوع لسلطة الثبوت و منع التطور والتغيير و سلطة النص المقدس ـ في الأديان الثلاثة المشهورة ـ ، و هي كذلك ـ البر ية ـ على عجزها تعرية هذا الخطاب والوقوف على حيله ، و موزاة مع هذا فلأنها بعقلها البسيط تعجز كذلك على فهم العقل الفلسفي و ما ينتجه من معرفة ونظريات تحتم الحاجة إلى تأمل و نضج فكري يفتقده كثيرون ، لذلك اشتهر هذا العقل الفلسفي بمعاداته الدائمة ، و الناس أعداء ما جهلوا . ففي تاريخ الفلسفة كثير ممن تبنوا العقل الفلسفي اتهموا بالزندقة و منهم المعتزلة وفلاسفة العرب من أمثال الكندي و الفارابي و غيرهم و منهم من قتل ـ سقراط ـ و من شرد و نكل به و عذب وهجر و اضطهد من أمثال ابن خلدون و ابن رشد حتى اشتهرت قولة ـ من تمنطق تزندق ـ و اليوم يتم تكفيرهم من طرف الغلاة و المتشددين و دعاة التطرف من دعاة العقل النصي ومنهم الشعراء أمثال ابي العلاء المعري الذي قال :
يرتجي الناس أن يقوم إمام ناطق في الكتيبة الخرساء
كذب الظن لا إمام سوالـ عقل مشيرا في صبحه والمساء
فإذا ما أطعته جلب الـــ رحمة عند المسير و الإرشاد
إنما هذه المذاهب أسبـــا ب لجذب الدنيا إلى الرؤساء
فانفرد ما استطعت فالقائل الصا دق يضحي ثقلا على الجلساء . الأبيات لأبي العلاء المعري .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث السوشال | اعتقال امرأة بسبب عدم التزامها بالحجاب في إير


.. دراسة جديدة تُشير إلى ارتفاع معدل وفيات النساء تحت رعاية الأ




.. صباح العربية | سر غريب.. دراسة تفسر سبب صدق الرجال مع النساء


.. روان الضامن، المديرة العامة لمؤسسة إعلاميون من أجل صحافة إست




.. لينا المومني منسقة منظمة سيكديف بالأردن