الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نص الدواعش : احفاد التتار

سعدي عباس العبد

2014 / 6 / 18
الادب والفن




نص الدواعش : احفاد التتار

___________________________
• .. داعش مفردة طفقت تتردّد على نحو مخيف , عبر الفضائيات ولسان العرب , ممن يلوذون بكنف
• المذهب , تلك المحمية المستحدثة !! لم تألف اسماعي تلك الكلمة ولا اعرف ما تعني ولا افقه
• معناها او مدلولها او شيفرتها ولا جذورها او اشتقاقاتها او جنسها ولونها ورائحتها , بيد إني
• علمت في وقت متأخر من هذه الايام العصيبة , إنها تعني على نحو ما , التتار او احفاد التتار
• ... التتار بملامح اشد تشويها من اسلافهم , .......... التتار الاسلاف , يحفرون في ذاكرتي
• مذ كنت صبيا في ريعان الخوف والاوهام .. رأيتهم للمرة الاوّلى على الورق , ورق تاريخ
• الخامس او الرابع الابتدائي , في مدرسة نهاوند الابتدائية للبنين , رأيتهم يركضون على السبورة
• متسربلين بالغبار وفتات الطباشير , يتدفقون من لسان المعلم , كأنهم يخرجون من جيوب جاكتته
• السوداء , ويهرعون في الحال , ناحية السبورة .. يهرعون او يجرون محمولين على اصابع
• يد المعلم .. كانت تلك المشاهد المطبوعة على السبورة , هي اوّلى ملامح التتار , الملامح التي
• ستبقى تحفر في ذاكرتي زمنا مديدا , قبل انّ يمسخوا إلى اشكال وملامح اشد بشاعة , قبل انّ
• يتحولوا إلى اشكال احفاد معاصرين .. كانت تلك بداية التعارف , البداية التي ستتطور وتتمدّد
• فيما بعد , وتغدو حقائقا متجسدة على الارض , ارض الرافدين المحمولة على قرون الافاعي ..
• رأيت احفاد التتار لاحقا , يتربّعون على كنوز ورقاب العراقيين .. لمحتهم بعيون الصبي الحالم
• يعيثون بارضنا خرابا . حدث ذلك في مطلع السبعينات , الفترة التي لم يكشروا فيها عن مخالبهم
• او انيابهم , تلك الانياب الباشطة الرهيفة , التي ستتفتح عن انصال ذات بريق شديد اللمعان للغاية
• في اوّل طلائع العقد الثمانيني من القرن الماضي .. ثم حدث الطوفان , وتوالى الاحفاد التتارين
• في زحام من المواكب , موكب يعقب موكب , ولكلّ موكب بيرقه ورايته ولونه وعلامته , غير
• انهم في نهاية الامر , متناغمين في وئام حميم في مشترك لا يحيدون عنه قيد انملة , وهو الوفاء
• روحا وسلوكا لوصايا وشعارات وتعاليم اسلافهم التتار او الدواعش الاوّائل .. كانوا متشابهين
• حد التطباق في النبرة والرائحة , تألف بين قلوبهم . قلوبهم التي لا قلوب لها , الكراهية والجشع
• .. فايقنت او اتاني اليقين على نحو ما .. انّ الارض التي مرّت فوق خصوبتها وثرائها , جياد التتار
• الاسلاف , ستبقى تلاحقها اطماع الغزاة الاحفاد , ستبقى تغويهم خصوبة وكنوز , هذه الارض
• لحقب طوال .. والآن التاريخ يعيد نفسه , او يعيد احفاد الاسلاف , للارض ذاتها التي كانوا مرّوا
• عليها فيما مضى .. عاد الاحفاد بمسمّيات متقاربة في الشكل والمعنى الرمزي .. لكنهم خرجوا
• هذه المرة ليس من جيوب جاكتة المعلم , بل من معطف التاريخ المعاصر , من جيوب الراسمالية
• . الرأسمالية الوريث الشرعي لهولاكو .. الراسمالية منتجة الشر , وصانعة الطواغيت او التتار
• الاحفاد .. وداعش التي خرجت ذات يوم من لسان المعلم , بمسمى التتار , ورسمت حروفها
• على السبورة . عادت الآن لتطبع حروفها على سبورة الوطن او بلاد الرافدين ..عادت ليس لنهب
• او سلب الكنوز المدفونة في مناجم العراق , فحسب , بل لاحالته الى اوطان منشطره , الى
• دويلات منكمشة لا يعتد بها , الى بلدات وضواحي متباعدة , .. هذا مايدور بخلد الدواعش .
• وما كان يدور ايضا بصنيعتها الراسمالية الاميركية , اقصد من جائت بهم وانتجتهم ولقنتهم
• من يحكمون الان , ويديرون شؤون خرابنا .. هولاء المتنفذون في بلادنا لايقلون شأنا وسادية
• عن الاحفاد والاسلاف ..فهم من اوعز لدخلاء الدواعش , انّ اقدموا فالارضية والمناخ محفزة
• والاجواء مهيئة للخراب ..
• الآن وانا استعيد تلك الايام , ايام المدرسة الابتدائية والمعلم والصبا والسبورة , ومفردة التتار
• المطبوعة اعلى السبورة .. ازداد يقينا بحكمة التاريخ , وبدوراته المتكرّرة .. ازداد يقينا بان
• الفكر الراسمالي ضارب جذوره بعيدا في تربة التاريخ .. وما التتار الاّ الشكل الغابر او
• الراسمالية في طور النشؤ والانتشار وان كان ثمة تباين في الملامح ... بيد إنهم مشتركون
• في العلامة الفارقة .. فالسلب والنهب والقتل وكل ما يمت بوشيجة للخراب , هي من سمات
• الراسمالية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في


.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/




.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي