الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نص الاسكافي : نبذة عن حياة الأحذية

سعدي عباس العبد

2014 / 6 / 19
الادب والفن




• .. تعبر الحذاء , فناء الدار . تمشي فوق الشارع المعبّد بالحفر , .. تمرُ الحذاء
• على دكان الاسكافي منهكة الجلد , غزيرة الثقوب .. متلفعة بمعطف من الوحل المجفّف
• .. تقف متسربلة بالغبار والفتوق .. فيما كان الاسكافي , ينظر بقدمين حافيتين ..
• حافيتين جدا ..يحدّق بالوجه الحافي الذي يرتديه الزبون , الزبون الذي يمتهن الكديه
• او ملاحقة الفلس في جيوب العابرين .. كان الزبون ساحق الاحذية , جنديا في فصيل ابي
• الركاع , الفصيل الملحق في لواء الزعيم عبد الكريم قاسم , .. لم ار في دكان ابي في
• ذلك الضحى .. الضحى الذي تعطّلت فيه عن الذهاب للمدرسة , غير غابة من الاحذية
• تلتحم , او تمشي بكامل عاهاتها على جانبيّ اصابع ابي , تمشي بجلودها المشققة على
• سندان الركاع , احذية رثة , كانت تمشي رشيقة انيقة , فيما مضى , قبل انّ يخرّبها
• المشي , المشي بلا معنى , المشي الذي ترك حلوق الاحذية مفتوحة على اتساع الشوارع
• مفتوحة على درجات السلالم , مفتوحة على اروقة البنايات الحكومية .. على باحات البيوتات
• .. دائما الاحذية كانت ضحايا المشي وهي تصعد الحافلات وهي ترتقي السلالم مسرعة
• وهي تركض , وهي تركل مؤخرات مشاكسين , او فقراء , او عاهرات , او ايّ شيء من هذا
• القبيل .. وعلى الدوام تتحلّق الاحذية حول سندان الركاع , وعلى الدوام اسمع بكاء الاحذية
• تحت ضربات المطرقة .. ورغم ذلك , كانت لاتمسك عن النمو .. كانت تنمو مثل غابة جرداء
• ... حشود وارهاط من الاحذية , بالوان مختلفة , وبعاهات متباينة , احذية باطوال واحجام
• متفاوتة , بارقام مختلفة , رقم لا يشبه رقم , ولون لايشبه لون , .. امبراطورية من القنادر
• العتيقة , تملآ دكان أبي الركاع , . امبراطورية من امهات القنادر , قنادر لا زالت رغم الفتوق
• والعاهات , تحتفظ بآثار اناقة غاربة ..قنادر تقتعد الرفوف , رفوف الدكان منكمشة الجلود
• وبعضها يطلق انينا فاترا .. انين مخلّفات المشي .. انين يتسرب من بين اصابع الركاع
• انين يتدفق من انكماش الجلود , وعنف المسامير السادية ...
• الاحذية ذات الجلود السود , في حداد مزمن . تنعي الشوارع التي هرّبت المشي إلى
• الفتوق , سواد القنادر , احتفاء , بالجنائز .. جنائز الاحذية المشاءة, .. عاهات الاحذية
• مصدر رزق ابي ..الاحذية لا يشغلها سوى القدم . في دورة الحياة القصيرة .. كم هو
• قصير عمر الحذاء , اقصر من شارع السعدون مشيا ذهابا وايابا .....احذية الفقراء لا تعمّر
• شاحبة , عمرها شحيح , يناهز 2 كم في الشوارع الوعرة .................
• .. الركاع يعوّل في الرزق على قنادر الفقراء .. الرزق قفل صدىء , مفتاحه عالق في القنادر . او
• .. باب الرزق , بابا من الاحذية , ........ لو يكن ابي ركاعا لفتوق الاحذية , لكان شيئا اخر بالتأكيد
• .. ربما حلاقا .. او بستاني , كلا المهنتين , تتطلبان .. تمشيط اللحى .. لحى الاشجار والانسان
• .. بيد انه , على نحو ما , سيبقى اسكافي بساتين , يشذب عاهات الاغصان , او يرمّم نهايات الجذوع
• بالمقص يشذب لحى الاشجار , وبالاشجار يشذب لحى الفقر ..
• على كلّ حال , لاتجدي الامنياتي .. فهو الان محض ركاع سكير , عبثا تذهب الامنيات والاحلام
• .. الاحلام لها تأثير ومفعول العرق , لا تستغرق معها السعادة , او لاتستقيم طويلا , او لا تقيم إلاّ
• لوقت معلوم ومؤقت وشحيح , سعادات السكر , طمأنينة قلقة , واكاذيب شبيه بالحبّ من طرف
• واحد .. مثلما الحبّ العابر شبيه , بنشوة العرق , النشوة ذات الأخطاء المتلاحقة , التي تكون
• باستمرار على عجلة من امرها , نشوة العرق , لا يعتد بها ولا يعوّل عليها , نشوة تحترف الخدعة
• تحيلك في لحظة , إلى اسعد رجل في العالم , تصنع منك وزيرا للمالية في حكومة فاسدة , لا يعوّل
• عليها .. حكومة اقرب ما تكون إلى حانة , يديرها رئيس وزراء سكير .. مهنته ترميم احلام الشعب
• او الفقراء , بمزيد من جرعات العرق , ....... والندل وزراء عاطلون او سكارى على طول القمع
• والسلب والنهب .. يعني كما ابي الركاع , الشبيه بالوزير , مع فارق لا يعتد به في حسابات الاحلام
• فالوزير على نحو ما , ركاع , ركاع بنوك وسبائك ذهب , مطرقته , النصب والاحتيال والحيّل
• والاكاذيب .. فالوزير , في ذروة ثمالته , وزير في بريق الذهب . او يتلاشى ضميريا في
• قبضة المال والسلطة ,,








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما


.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة




.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير