الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امستقبل الاسلام السياسي (بين الواقع واليوتيبيا)

صلاح الصادق الجهاني

2014 / 6 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



تزامن ظهور ظاهرة الإسلام السياسي مع عصر النهضة في مصر،كذلك مرحلة الاستعمار الغربي الذي اجتاح المنطقة العربية والإسلامية، وظهر ذلك من خلال دعوة عدة مفكري مثل الأفغاني ، والكواكبي ، محمد عبده، رشيد رضا وصولا إلي البنا وسيد قطب. وكانت رد علي ظاهرة التغريب وسقوط الخلافة الإسلامية، تمثلت كدعوة لاستنهاض الأمة الإسلامية وإعادة دورها، ولكن الأهم في موضوعنا والذي يمكن رصده في هذه الظاهرة هي تدرجها الزمني منذ ظهورها حتى يومنا فظهرت متحررة تجديدية وأصبحت تميل نحو التشدد والانغلاق، فنجد محمد عبده أكثر تشدد من جمال الدين الأفغاني ورشيد رضا أكثر تشدد من محمد عبده وحسن البنا أكثر تشدد من رشيد رضا وسيد قطب أكثر تشدد وتزمت من حسن البنا وهكذا، وهذا يطرح تسأل مهم عن نهج هذه الحركات وما السبب ميلها إلي التشدد والانغلاق بشكل عام ؟ وعدم قدرتها علي التجديد رغم حاجتها إلي التكيف وتجديد وتطور مع حركة المجتمع. وانعكاس ذلك علي مستقبلها بشكل عام
المفارقة هنا نجد إن الدعوات الأولي ظهرت في عصر الاستعمار مثل الأفغاني وعبده، إلا أننا نجدها أكثر تحرر ودعوة لقبول الأخر ومواكبة للحضارة وروح العصر وتطور المجتمع، بينما نجد القسم الثاني والذي واكب موجة التحرر العالمي منذ الخمسينات وبعدها هي الأكثر تشدد وتطرف وانغلاق. فنجد سيد قطب الذي استقي من ابوالاعلي المودودي فكرة جاهلية المجتمع وتقسيمه إلي مجتمع جاهلي كافر ومجتمع مسلم، ظهرت في تلك الفترة والتي أخذت سمة التحرر بعد المرحلة الاستعمارية.وبعد مؤلفاته السابقة المصبوغة بصبغة ذلك العصر التي يهاجم فيها الإقطاع والرأسمالية.
بذلك أصبح الانحدار والانغلاق والرجعية هي السمة الغالبة علي تلك الحركات في أدبياتها وفكرها. والتي ظهرت أدبياتها من صحيفة العروة الو ثقي التي ظهرت أكثر مواكبه للعصر وانفتاح، ومن معالم علي الطريق لسيد قطب إلي كتاب الفريضة الغائبة لمحمد عبد السلام فرج مؤسس تنظيم الجهاد الأكثر تشدد وانغلاق. فنحن إما ظاهرة تنحوا نحو التقوقع والتشدد ورفض التكيف وتطور، وهذا يوضح قدرتها علي الاستمرار وسعيها إلي نهايتها الفكرية قبل نهايتها علي ارض الواقع.
لعل هذا ما شاهدته الظاهرة من تراجع وانكفاء في فترة المد القومي، الذي اجتاح المنطقة عندما قدم مشروع بديل يعبر عن قضايا المجتمع الحقيقية، ولم يؤذن لهذه الحركات بالظهور وتجدد نشاطها إلا بعد تراجع هذا المشروع بعد النكسة ورحيل زعيمه " جمال عبد الناصر. وتبني مصر في عصر السادات لسياسة مغايرة تمام وإعادة الحياة إلي هذه الحركات وخاصة في استخدامها لمحاربة التيار القومي واليسار الوطني.إلا أن حركات الإسلام السياسي المعاصرة منها وتقليدية الفكر والمنهج، عرفت حالة زخم سياسي متواصل فغدت خلال ستة عقود من الزمن، احد أهم حقائق المشهد السياسي في العالم العربي، كما حضت باهتمام دولي بالغ من انخراطها في الصراع الدولي والإقليمي في ظل الحرب الباردة، لصالح المشروع الرأسمالي الغربي، وهذا ما كشف عنه الدعم الغربي لثورات ما سمي بالربيع العربي الذي تصدره تيار الإسلام السياسي.في هذا الإطار نحاول أن نتناول مستقبل الإسلام السياسي كظاهرة عامة من خلال دراسة خصائص هذه الظاهرة، من خلال تسليط الضوء علي بعض هذه الخصائص وتحليلها ومعرفة انعكاساتها علي مستقبل الحركات التي تمثل هذه الظاهرة، وذلك لمعرفة الطريق التي تسير فيه حركات الإسلام السياسي إلي نهايتها المحتومة، وفقدانها دورها التي حضت به في صعودها للمشهد السياسي هذه الأيام، ولمعرفة بذور الفناء في ذلك الفكر من خلال تلك الخصائص والتي نستعرضها كالتالي.
أولا ــ الخاصية الأولي: إعادة الاعتبار لدور الدين الإسلامي.
هذه الخاصية تشترك فيها كافة حركات الإسلام السياسي بكافة تقسيماتها، وهي الدعوة والعمل لإعادة الاعتبار لدور الدين الإسلامي في المجتمع وإدارة شؤونه.
رغم هذا الشعار العريضة إلا أن هذه الحركات ليس لديها مشروع، ولم تستطيع إيجاد مشروع تتفق حوله، واقتصار دورها في ترديد شعارات فضفاضة مثل ـ الإسلام هو الحل ـ تلهب به مشاعر الجماهير بخطب رنانة لا يقابلها مشروع وآليات يمكن تطبيقها علي ارض الواقع. وكلك نجد معضلة حركات الإسلام السياسي من قضايا مجتمعية مهمة، مثل الديمقراطية، حقوق المرأة ودورها في المجتمع ،العنف، تطبيق الشريعة. وعدم وضوح موقف هذه الحركات بشكل عام . وتقدم خطاب مرتبك متناقض لهذه القضايا، ولا، تقدم بديل أو مشروع إسلامي يعبر عن طموح الجماهير ويتبني قضاياها، وهذا الاختلاف والتناقض بين الحركات ليس في المرجعية الثابتة وذلك لكون القران الكريم نص واحد وثابت. ولكن الاختلاف الحقيقي يعود لفكر هذه الحركات تجاه هذه القضايا وهذا يؤكد إن الإسلام السياسي هو تعبير عن أفكار المسلمين وليس تعبير عن الإسلام بشكل دقيق.
ثانيا ــ الخاصية الثانية : الوصاية علي المجتمع
وهي تنبثق من الخاصية الأولي وهي الوصاية علي المجتمع، وهذه الخاصية لا تكون مقتصرة علي هذه الحركات فقط، بل تستخدمها الأنظمة السياسية التي تحتكر إدارة المؤسسات الدينية وتوجه خطاب ديني يدعم شرعيتها ومصداقيتها، وكذلك حركات الإسلام السياسي التي بدورها تسعي إلي السيطرة علي مفاصل الدولة وتحكم فيها، كذلك سعيها إلي تغيير أنماط السلوك والعادات وفقا لرويتها في نمطية متكررة للمجتمعات والإفراد.لا يمكن تطبيقها مطلقا في عالم طبيعته التعدد وتماي، لإيمان هذه الحركات أنها الممثل للشريعة الدينية وإحساس أعضائها بالصلاح وإنهم يؤدون واجب ديني مقدس، وهذه الوصاية تقودهم إلي موقفهم من الدولة الوطنية وطعنهم في طبيعة المسلمة للمجتمعات التي يعيشوا فيها، مما يسبب اصطدام بالدولة والمجتمع بشكل كامل وكما حدث في مصر أخيرا، وبشكل لا يتوافق مع روح العصر الذي نعيش فيه، ويسبب رد فعل مضادة قد يتسبب في تراجع دور الإسلام السياسي أو التيار الديني بشكل عام وتحطيم هذه الوصاية.
خلل في ذلك أنها تقوم على قراءة وتفسيرات معينة للإسلام والنصوص القرآنية الكريمة تنظر من خلالها للأفراد والمجتمعات والدول من منظور صحة العقيدة فقط، في حين لا تلقى اهتماما يذكر إلى ما هو دون ذلك من مستويات ومصادر فقهية وشرعية. والقضية الرئيسية وربما الوحيدة بالنسبة لتلك الحركات هي إقامة التوحيد والعبودية من خلال المنظومة الأخلاقية كما تراها هي، وبالتالي فإن حقيقة الإيمان بالنسبة للأفراد والمجتمعات والدول يظل بالنسبة لها المبحث الوحيد الذي تتحرك ضمنه أفكار وأفعال تلك الفئة من الجماعات. بالإضافة إلى ذلك فإنها تقوم بتفسير تلك النصوص القرآنية والنبوية بطريقة حرفية ظاهرية، وتدفع تلك المنهجية ذلك الحركات بصفة عامة إلى التورط في أحكام متسرعة بكفر الدول وجاهلية المجتمعات والأفراد. وفضلا عن تلبس تلك الحركات في أسمائها و مصالحاتها وتشكيلاتها التنظيمية وسلوك أعضائها للموروث الإسلامي من حقبة النبوة والخلافة الراشدة التي تمثل المرجعية التاريخية الوحيدة لها، فهي تقوم بقراءة واقع مجتمعاتها المعاصرة عبر تجربة تلك الحقبة وتعيد تسمية فاعليه وقواه وتناقضاته بنفس المسميات التي كانت فيها. وبذلك فإن الهدف الرئيسي لتلك الحركات هو إعادة أسلمه المجتمعات والدول – وكذلك الأفراد بالنسبة للبعض منها – حيث أنهم جميعا حسب رؤيتها خارجون عن الإسلام بصور مختلفة
ثالثاــ الخاصية الثالثة: الانقسام والتشرذم
الخاصية هذه علي مستوي المرجعيات ومستوي الجماعات علي مستوي الجماعات " ان في المغرب العربي فقط مثلا تقدم اثنا عشر حزبا إسلامي بطلب نشاط قانوني وفي المغرب هناك ثلاثة وعشرون جمعية فيما تتحدث مصادر عن مائة وخمسين مجموعة سرية منفصلة والأرجح إن هذا الرقم الأخير يشمل جمعيات الدعوة والوعظ والإرشاد " ونحن نشاهد الانقسام وظهور تنظيمات جديدة كل يوم وهذه الانقسامات قد تنجو منها أي حركة أو جماعة فنجد حركة الإخوان المسلمين التي خرجت من تحت عباءتها الكثير من الحركات مثل الجهاد والتكفير وهجرة ناجون من النار والتي بدورها انشقت عليها جماعات أخري وبشكل متوالي.
إما علي المستوي المرجعية العقائدية والفكرية فتنوعها يشمل العديد فمنها السلفي من ابن تيمية إلي محمد عبد الوهاب وكذلك المدرسة الأفغاني ـ عبده الإصلاحية وكذلك فكر الجماعات بتفرعاته المنتمي لمدرسة البنا، والموودودي ، وقطب.
وهذه الخاصية كذلك تعتبر من أسباب ضعف هذه الحركات التي تنحوا نحو الانقسام والتشرذم إما من دافع المرجعية وخلافات فكرية أومن جوانب سياسية أو صراع بين افردها من جانب أخر.
وربما يمكننا تسليط الضوء علي الكثير من معضلات الإسلام السياسي منها وضوح الرؤية للمجتمعات الموجودة فيها، خاصة بعد وصولها للسلطة، والنماذج التي قدمها الإسلام السياسي من أفغانستان إلي صومال والسودان وجزائر ومصر وليبيا وغيرها من البلدان، إلا أن اقتصارنا في تسليط الضوء من خلال جزئية المتمثلة في خصائص هذه الحركات يمنعنا من الخوض في والتوسع في ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س