الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نوري السعيد ويهود العراق

سيف عدنان ارحيم القيسي

2014 / 6 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


نوري السعيد ويهود العراق

مثلت شخصية الباشا نوري السعيد رئيس الوزراء العراقي السابق جدلاً واسعاً في سياسته التي من خلالها وجهت حولها الكثير من التسأولات فبين سياسته الداخلية التي عرفت بالصرامة والموالاة للغرب لكونه يعتقد ان العراق يحتاج لمساندة تلك الدول لتكون له خير نصير في التقدم.
إضافة الى ذلك فعرف الباشا الذي واكب تشكيل الدولة العراقية منذ بدايتها عام 1921 بكونه الشخصية السياسية المرموقة وصاحب الكلمة المسموعة بين الأوساط السياسية فهو ان لم يكن على رأس الحكومة فهو وزيراً للدفاع او للخارجية وان لم يكن فهو يبقى صاحب الكلمة المسموعة لدى السياسيين.
وفي السياق ذاته،فأن نوري السعيد بالرغم من سياسته التي عرفت بكونها تنم عن الواقع وتصب في مصلحة العراق في الباب الأول فطفت على السطح في نهاية الاربعينيات وبداية الخمسينيات مسألة هجرة اليهود العراقيين الى اسرائيل والتي تزامنت مع اعلان دولة اسرائيل والحرب العربية الاسرائيلية في 1948 والتي عبر فيها عن رفضه لمفاوضات الهدنة مع اسرائيل وأعلن ان الحكومة العراقية لن تجرِ مفاوضات مع اسرائيل ولن توافق على أية اتفاقية للهدنة معها كما امر بسحب الجيش العراقي من ارض فلسطين.
ونتيجة ما الحقته الحرب من ظروف اقتصادية وتوقف ضخ النفط في انبوب حيفا وما شكله ذلك من ضرر على العراق فيشير السياسي العراقي محمد فاضل الجمالي في كتابه"ذكريات وعبر"عن الظروف التي مر بها العراق نتيجة لتوقف النفط عبر خط حيفا ان "نوري السعيد استدعاني في مصيف صلاح الدين في صيف 1949 ليخبرني عن اضطرار الحكومة العراقية على ان تسمح بضخ النفط الى حيفا نظراً لحاجة الخزينة الى المال وعدم توفر الرواتب لموظفي الدولة في اخر شهر،قلت له انني لا استطيع المشاركة في حكومة تسمح بضخ النفط الى حيفا وتساعد على تقويم الاقتصاد الاسرائيلي فأرجو أعتباري مستقيلاً من الوزارة،تأمل قليلاً وقال انه سيشاركني الرأي وانه هو بدوره يفضل الاستقالة على ان يسمح بجريان النفط الى حيفا".
ومن جانب أخر بدأ اليهود من جانبهم بالهجرة الى اسرائيل عن طريق مكاتب الهجرة اليهودية بطرق غير شرعية والتي سببت تلكؤ في الاقتصاد العراقي كون اليهود يشكلون شريحة واسعة في مجال الاقتصاد العراقي،فطرح نوري السعيد مشروعاً لتسوية القضية الفلسطينية كان أهم ما ورد فيه تطبيق قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1947 ونزع سلاح اسرائيل ووضع القدس بكاملها تحت السيادة العربية تحول مدينة حيفا ومينائها الى منطقة دولية وإعادة اللاجئين العرب الى اراضيهم.
ليطرح السعيد بعد ذلك فكرة أثارت جدلاً واسعاً واهم ما جاء فيها بطرد اليهود من العراق والبلاد العربية الى الحدود مع اسرائيل وإرغامهم على اجتيازها وقال موضحاً فكرته أن الاسرائيليون سيرفضون السماح لليهود بدخول اسرائيل بأعداد كبيرة واذا سمحوا لهم سيتسبب ذلك بضائقة اقتصادية.
وهذا الاقتراح لقى صدى لدى البريطانيين لكون نوري السعيد بقى يردد مشروعه واهم ما جاء في برقية وزارة الخارجية البريطانية في تموز 1949 الى السفير البريطاني في العراق حول الاقتراح"يبدو ان تهديد نوري السعيد بطرد يهود العراق يستحق الدراسة من جديد اذا كان بالامكان ازالة هذا التهديد بتسوية يتم في اطارها نقل يهود عراقيين الى اسرائيل على ان تعوضهم حكومة اسرائيل عن ممتلكاتهم وبنفس الوقت يتم إسكان لاجئين عرب في بيوت اليهود في العراق فسيكون ذلك امراً يستحق الثناء...،يجب ان نوقف بالطبع تنفيذ أية فكرة تدعو الى طرد اليهود من العراق ان اقتراحاً منطقياً لتبادل السكان مع ترتيب للتعويض،سيكن مناسباً ويستحق التشجيع،وابلغت السفارة البريطانية في العراق وزارة خارجيتها في 29 ايلول 1949 بأن نوري السعيد يرغب في فرض اجراء عملية تبادل سكاني تحت اشراف الأمم المتحدة ونقل (100)الف يهودي من العراق مقابل اللاجئين العرب الذين غادروا المناطق التي احتلتها اسرائيل وستتم مصادرة ممتلكات اليهود او جزء منها مقابل ما فقده اللاجئون العرب في فلسطين مقابل تعويض اسرائيل لليهود العراقيين.
لكن هذه الفكرة سرعان ما اصطدمت بالمسؤولين في لندن وعدوها فكرة"فجة وغير قابلة للتطبيق،وان طرحها بالذات من شأنها المساس بمكانة بريطانيا في المنطقة،وعندما تسربت تلك الاخبار الى الصحافة العالمية ومنها صحيفة "نيويورك تايمز" ارسل عبدالله البكر المفوض العراقي في السفارة العراقية في واشنطن ينفي نفياً قاطعاً طرح تلك الفكرة وعدها بأنها تنبع"من مصدر صهيوني إنني أنفي باسم الحكومة العراقية بشدة كل هذه الأشياء"،فأن صحت تلك الرواية فأن السعيد يعد رجلاً اكثر واقعية في دراسة مستجدات الأحداث لكون الأمر اصبح اكثر واقعية والدعم العالمي لإسرائيل،وان نفي المفوضية العراقية في واشنطن ربما ينم عن رفض الفكرة من قبل بريطانيا كونها تضر بسمعة العراق وان هذه الفكرة بعد رفضها ستضر بسمعة السعيد كذلك.
ولينفي ذلك الاقتراح ما ذكره محمد فاضل الجمالي مندوب العراق في منظمة الأمم المتحدة في مقابلة صحيفة نشرت في شباط 1950"أننا لم نفكر أبدأ بأي تبادل سكاني بين يهود وعرب"، وهكذا أسدل الستار عن هذه اللعبة الدبلوماسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي