الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكرامة عند المهدي المنجرة و الاستعمار الثقافي

محمد خضر خزعلي

2014 / 6 / 22
مواضيع وابحاث سياسية



يجيب المهدي عن سؤال ما هو هدفك استاذنا العزيز من دراساتك وابحاثك , وخصوصا عن مثابرتك رغم عداء السلطة لك , وعن تقديم الباحثين العرب اسماء الاجانب على اسمك في اقتباساتهم البحثية فيقول : الكرامة , هدفي الكرامة ومثابرتي لأجل الكرامة .
يذهب المنجرة للقول بأن علينا ان نستفيد من التجربة اليابانية للنهوض من تخلفنا , فقد عايش اليابانيين وعرفهم جيدا , وعلى الرغم من ان التجربة اليابانية ليست برأيه تجربة مقدسة الا انها من التجارب الرائدة في تحقيق التنمية العلمية والاقتصادية والنهضة الحضارية.
يذهب المنجرة للقول بأن التجربة اليابانية انطلقت من اربعة محاور رئيسية : الانطلاق من القيم الأصيلة اليابانية , ومحو الامية , والنهوض باللغة اليابانية , ودعم البحث العلمي.
1- القيم العربية والاسلامية : في هذا يذهب الاستاذ الفاضل فاضل ربيعي للقول بأن: "اصرار المثقفين والباحثين العرب على النظرية الاستشراقية الغربية للاستعمار" , ولكن اين هو الاستعمار الفعلي ...طبعا غير موجود لكنه يعني تماما الاستعمار الثقافي , هذا المصطلح ظهر للوجود عام 1969 في كتاب شيلر "الاتصال الجماهيري والإمبراطورية الأمريكية " ويعني انه مجموعة من العمليات التي تؤدي إلى نقل مجتمع معين إلى النظام الغربي بحيث يتم جذب النخب الثقافية لهذا المجتمع , والضغط عليها وإجبارها وأحيانا رشوتها لتشكيل ومؤسسات اجتماعية لنقل قيم المجتمع الغربي وتركيبته إليها , وحث المجتمع على تبني هذه القيم , وهذا النحت للمصطلح جديد لكنه سابق بفترة كبيرة على معناه الفعلي , ولا يعني فقط ما سبق بل يعني ان تؤمن بما خطه لك غيرك من قيم مشوهه , وهنا يقدم فاضل الربيعي دراساته القيمية للخروج من هذا الاستعمار الذي يخص الصراع العربي الاسرائيلي في كتابه فلسطين المتخيلة عندما كشف ان اسرائيل قبيلة عربية بائدة , وما تفاصيل التوراة التاريخية والجغرافية الا في ارض اليمن القديم , حيث ان المرجعية الاستشراقية تلاعبت بالمعاني والمصطلحات والحقائق لتجعل من ارض التوراة هي فلسطين بدلا من اليمن , تلك الافكار المزورة هي من استندت اليها اسرائيل في نشوئها مع عدد كبير من الاشكاليات التاريخية والسياسية والجغرافية.
ليس هذا فحسب , فهناك الكثير من الاحاديث والفهم المغلوط الذي يكشفه عقليا الدكتور عدنان ابراهيم , لكن نؤمن بها وبصحتها لتعليل موقف جزئي نظن انه نصرة للإسلام , بدلا من التفكير بالنهوض بالإسلام ونهوضنا به من خلال التركيز على فلسفته بدلا من تأريخ حوادثه.
وهنا نكون امام الاستعمار الثقافي في ما يخص القيم , وهنا نفهم ما كان يقصد به المنجر من قوله الكرامة الكرامة وضرورة الحفاظ على القيم والخصوصيات التي تمايزنا عن غيرنا .
2- محو الامية :
في الاتجاه العام لظاهرة الامية في الوطن العربي فأن تقارير التنمية البشرية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة توحي بأن الظاهرة تسير الى الزوال , ففي عام 2006 بلغ عدد الاميين في كل من قارة اوروبا واميركا الشمالية واستراليا 9 مليون امي , بينما في افريقيا لوحدها 185 مليون امي , واسيا 546 مليون امي , واميركا اللاتينة حوالي 35 مليون امي , اما في الوطن العربي لوحدة فقد بلغت النسبة منذ عام 1970 70.7% , وفي عام 1980 بلغت 60% , وفي عام 1990 بلغت 48.8% , وفي عام 2000 بلغت 38.8% وعام 2010 بلغت 27% , وفي عام 2014 بلغت النسبة حوالي 19% , اي ان الاتجاه العام لظاهرة الامية في سيره للتراجع , ويقدر عدد الاميين في الوطن العربي بحوالي 90 مليون امي , مع ملاحظة ان الاناث الاميات ضعف عدد الذكور الاميين , والملاحظة الثانية ان نسبة الاميين في تراجع مستر لكن اعدادهم في تصاعد مستمر نتيجة التكاثر السكاني العالي.
والجهل عند المنجرة هو السوسة التي تقتل الامة , وما زال لدينا الكثير من الاميين الذي لا يعرفون القراءة والكتابة , وهذا على صعيد حسبان الامية بأنها عدم معرفة القراءة والكتابة , وتلعب القراءة والكتابة دورا محوريا في فلسفة المنجرة , اذ يعدان مدخلا هاما للتأثير الخارجي والامتداد الحضاري والتقدم والازدهار , لأن القراءة والكتابة مدخلا للعلم والمعرفة وبهما تستطيع اي امة ان تؤثر على غيرها وتصون كرامتها وتحفظ تقدمها.
هذا من جهة , فما زالت البلاد العربية غير قادرة على تخطي او ترقيع الفجوة بيننا وبين دول الشمال المتقدم , فكيف لنا ان نملأ الفجوة الرقمية , هل باستطاعتنا القضاء على الامية الثقافية والامية الحاسوبية والرقمية في حين ما زلنا نعاني من امية القراءة والكتابة ؟ وكيف لنا ان نتقدم ونزدهر اذا لم نتخطى الفجوات الرقمية التي اصبحت تساعد الدول على التقدم في شتى المجالات.
دعت تونس في عام 2005 لقمة عالمية لمجتمع المعلومات بعدما تحسست الفجوة الرقمية بين العرب ودول المتقدمة , حيث تهدف من هذه القمة للحصول على فرصة لتكون الدول العربية احد الاقطاب المعلوماتية في مجتمع المعلومات.
لكن من اسباب هذه التخلف الرقمي هو الامية الاولى اي امية الكتابة والقراءة , وهنا كيف لنا ان نبني سقفا قبل الاعمدة ؟ ومن الاسباب الاخرى هو الدخل المحدود واسراف الدول على التسلح من باب وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة , وهنا كيف لمن لا يقرأ ويكتب ان يتعامل مع الاجهزة والمعدات العسكرية الحديثة ؟ ومن الاسباب الاخرى هي الفجوة اللغوية التي تسببها امية القراءة والكتابة , ثم الجمود التشريعي لأجهزة الحكومية التي لا تقبل الانفتاح على الاخر فقادتنا كهول لا ترغب بالتغير , ثم من الاسباب الاخرى للفجوة الرقمية هو غياب الثقافة العلمية التكنولوجية وهنا كيف لنا ان نحصلها قبل العمود الاول وهو معرفة القراءة والكتابة؟
ارقد بسلام يا منجرة , فكلامك صعب علينا وهذا يكفينا مفخرة.
3- النهوض باللغة :
مضحك مبكي ما قاله ياسر العظمة في مسلسله مرايا عندما تحدث عن المجامع اللغوية العربية عندما تريد ان تقدم على التعريب والترجمة , فقد قال ياسرٌ : عندما اراد العرب تعريب السندويشة احتاروا بها , وفي اخر المطاف كان تعريبها هو ان يقول من يريد ان يشتري سندويشة من المطعم لصاحب المطعم : اريد شاطرا ومشطورا وبينهما الكامخ...!!!!
وتبدو هذه النكتة صحيحة ومنطقية , فعلى صعيد التعريب والترجمة فأننا نحتاج لمترجم يقوم بترجمة ما ترجمه المترجم الاول , والا لماذا لا نستعمل ما تم تعريبه من مصطلحات , الا يدل عدم استعمالنا لها على قصورها وصعوبتها على من يستعملها؟
لكن كيف استطاعت اسرائيل احياء لغة بائدة وتجديدها , والتدريس بها ؟ نحيل الاجابة على اللغوين والنحويين.
اللغة العربية عند المنجرة هي الوعاء الحاضن للهوية والضامن لاستمرارها , ومع ذلك فاهتمامنا بها لا يزيد عن اهتمامنا بالصينية , فأصبح من البرستيج ان يضع الوالد ابنه في مدارس اجنبية ليتقن لغة غيره دون ادنى اهتمام بتعليمه العربية , وفي الجامعات يتم التدريس في اغلب التخصصات باللغات الاجنبية كالفرنسية والانجليزية والالمانية حديثا , حيث يعد ان تدرس مقررا بلغة غير العربية من باب ان هذا التخصص اهم من التخصص الذي يدرس بالعربية , ويكون مفخرةً للطلاب انهم يدرسون بلغة غيرهم , مع العلم ان هؤلاء الدارسين يحفظون حفظا وتلقينا ولا يفهمون مجمل ما يعطى في الدرس , فحتى المامهم بلغات غيرهم عرضي , ومن باب الاتيكيت ان تتلفظ ببعض الجمل الاجنبية من باب ان المتكلم بها مثقف او منفتح ومتحرر ...!! هذا هو الواقع.
من ناحية اخرى كيف للغة ان تكون حاوية للفكر والعلم ومحافظة على الخصوصية والضامن لاستمرارها اذا لم نتقنها ؟ خصوصا اننا حاليا نشهد قوات لغوية اجنبية , ففي علم اجتماع اللغة يفترض ان الناس احيانا قد تتخذ من لغة اخرى قدوة لها , لتتشبه بأهلها او دفاعا عن قوتها والدفاع عن جبروتها للشعور بلذة وطمأنينة كمريض اصيب بعصاب ستوكهولم ..الخ , حاليا قدوتنا اللغة الانجليزية , فهي الاولى في العالم ويتكلم بها مغتصبنا ولهذا نتشبه بها لغويا , لكن المشكلة اننا لا نتقها بل نثرثر ثرثرة بها , فلا كسبنا لغتنا ولا كسبنا لغتهم.
يبدو ان الامر بسيط لكن نتاجاته مأساوية وكبيرة , فعدم معرفة لغتنا يقود مثلا الى فهم خاطئ لنصوصنا التراثية ولمفهومنا لآيات كثيرة من القرآن , ولهذا لا استغرب من اقدام العديد على القول باختلاف القرآن , هذا فضلا عن عدم فهمنا للمعاني التي ندرسها ونتعلم بها , والتي سببت لنا فجوة رقمية مع العالم المتقدم , ففي الانترنت اللغة الاولى هي الانجليزية , بينما العربية هي في المرتبة السابعة على صعيد المحتوى المقدم بها.
فعن اي وعاء تتحدث يا منجرة؟
4- البحث العلمي :
يفترض المنجرة في رؤيته للنهضة انها تقوم على رباعية محو الامية والحفاظ على اللغة و المحافظة على القيم واخيرا دعم البحث العلمي , حيث يعد دعم البحث العلمي في رؤى المنجرة اهم القطاعات التي تستثمر بها الدول التي تحفظ ماء وجهها من التخلف , والذي يقودها افرادا ومجتمعات الى التقدم والازدهار .
واذا ما ذهبنا لرؤية ما تم وسيتم انفاقه على البحث العلمي عربيا مقارنة بالإنفاق على البحث العلمي عالميا سندهش , فحسب احصائيات اليونسكو فأن نسبة الانفاق على البحث العلمي في الدول العربية يتراوح بين 0.0 - 0.4 من مجمل الناتج القومي لكل دولة , اي ان اعلى دولة في الانفاق كانت مصر في عام 1999 ولم تتجاوز 0.4من الناتج القومي , والسعودية صاحبة الاقتصاد الريعي المهدور على التسلح كانت نسبة الانفاق 0.1 و حيث بلغ معدل الانفاق في الدول العربية مجتمعة 1.7 مليار من ناتجه القومي , اما اسرائيل في نفس الفترة فقد انفقت 9.8 مليار بنسبة 2.3 من الناتج القومي لها , وهذا من دون حسبان انفاقها على الابحاث العسكرية , اي ان اسرائيل بلغ انفاقها اضعاف الدول العربية مجتمعة , ثم نلوم اميركا والهند والصين على تشبثهم بها , دون ان ندري انها الاولى عالميا على عدة اصعدة من التكنولوجيا الى الطاقة الى توفير الماء والانتاج الزراعي والحيواني والربوتات.
ففي عام 2013 كان ترتيب اسرائيل في مجال الانفاق على البحث العلمي الاولى عالميا من بين 148 دولة , اما مصر ام الدنيا والتي لا حرب الا بها والتي تقاتل لتكون مركزا عربيا كان ترتيبها 129 في نفس التقرير ومن بين 148 دولة مصنفة في التقرير.
على الجانب الاخر نرى السعودية وعمان والعراق والبحرين من انشط الاسواق في شراء الاسلحة , وتأتي السعودية من العشر دول الاولى انفاقا على الصعيد العسكري عالميا . ترى اترى الدول العربية تريد ان تحرر فلسطين ام ستقتلني بها ؟
اعتقد ان بوصلتهم معطوبة واخطأوا الهدف وظنوا ان الآية التي تقول واعدوا لهم ما استطعتم من قوة انها تعني فقط الاسلحة والدبابات والصواريخ دون ان يعوا ان معناها اشمل من ذلك , فلا قوة بلا عقل , ومن ناحية اخرى فهموا الآية خطأ فاعتقدوا ان المقصود منها انا لا اسرائيل , ولهذا فصدرونا تحمل سهامهم بأسم الله.
وهنا يريد منا المنجرة النهوض والتقدم , وانا اقول له يا اخي العزيز الا تعرف ان مقدار ما ننفقه على الفضائيات والرقص الفاضح والبرامج السخيفة اضعاف ما ننفقه على البحث العلمي؟
ارقد بسلام فهنيئا لك بالموت وهنيئا للموت بك. ودع عنك الحديث عن الكرامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان