الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب العراق الطائفية إحدى كوارث الإسلام السياسي

منعم زيدان صويص

2014 / 6 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


لا يمكن فهم إنتصارات مسلحي داعش في العراق إلا إذا إعتبرنا أن زعماء المعارضة العراقية والضباط القدماء من العرب السنة رحبوا بهم وتعاونوا معهم، وربما طلبوا مساعدتهم منذ البداية، وإلا كيف نفسر إنتصار الثوار السوريين، الضعفاء نسبيا، إسلاميين وعلمانيين، على مقاتلى داعش وطردهم من معظم مواقعهم على الأراضي السورية؟

طارق الهاشمي، أحد أكبر القادة السنة في العراق، الذي كان نائب رئيس الجمهورية قبل أن يتهمه المالكي بالتآمر ويهرب إلى خارج البلاد، إعترف بهذا، بطريقة غير مباشرة. قال الهاشمي لتلفزيون ال (BBC) باللغة الإنجليزية، من منفاه الإختياري في إستنبول، إن داعش "هي فقط فصيل واحد من الفصائل السنية التي تحارب الجيش العراقي." وعندما سُئل لماذا لا يحارب المعتدلون السنة، أمثاله، داعش، أجاب: "هذه ليست اولوية لنا، انهم يحاربون لوضع حد للظلم والفساد والتمييز،" مضيفا: "يجب أن أكون صريحا، لنا هدف الآن وداعش تحارب في سبيل نفس الهدف."

ويظهر أن الهاشمي يقبل بتقسيم العراق إذا لم تتجه الأمور إلى ما يشتهيه، فعندما سئل إذا كان العراق سيقسّم إلى جزء شيعي وجز سني و جزء ثالث لدولة كردية، أجاب: "هذا ممكن أن يحدث ولكنه سيكون سوء طالع لكل العراقيين وآمل أن لا أرى ذلك." وقال إنه يتوقع تصعيد الطائفية بعد الفتوى التي أصدرها السيستانى وردود فعل قوية من المتطرفين، وطلب من "الشعب،" -- ولم يوضح أي شعب يعني -- أن يحمي نفسه وأضاف: "لسوء الحظ أنا أتوقع إراقة دماء كثيرة."

دأب العديد من القادة السنة في العراق على الإدلاء بتصريحات غير مسؤوله لأغراض سياسية أنانية وقصيرة النظرمنذ سقوط نظام صدام حسين، ويبدو الآن وكأنهم يفضلون حكم داعش على حكم المالكي ويفضلون تدمير العراق على أن تحكمها الطائفة الشيعية. صحيح أن المالكي تصرف بطريقة طائفية وارتكب أخطاء كبيرة ولكن مواجهته بنفس الطريقة الطائفية خطأ مدمر للعراق كدولة عربية موحدة، إن غالبية شيعية إنتخبت المالكي، وسواء أردنا ذلك أم لم نُرد، فالشيعة في العراق يشكلون 60 بالمئة من السكان، وإذا إستثنينا الأكراد، وهم ربع العراقيين، سيشكل الشيعة أكثر من 80 بالمئة من العراقيين العرب، مدعومين من إيران القوية.

الحروب الدينية التي تشتعل في المنطقة العربية مبنية على أسس تاريخية وكره طائفي عمره اربعة عشر قرنا، وظل هذا الكره مستترا عبر القرون، وكان من المفروض أن تخف الطائفية في العراق في العصر الحديث، عصر التنوير، لولا وصول الخميني وإسلامه السياسي للحكم.

عندما عاد الخميني عام 1979 منتصرا إلى بلاده من منفاه في باريس، بعث له الرئيس صدام حسين ببرقية تهنئة يعبّر فيها عن أمله في أن تبدأ علاقة صداقة وتعاون بين البلدين، ولكن جواب الخميني كان مُعاديا ومُهينا لصدام، مختتما برقيتة، التي أرسلها بالبريد العادي، بالقول: والسلام على من إتبع الهدى. وما إن تاسست الجمهورية الإسلامية الشيعية بقيادة الولي الفقيه حتى بدأ عملاء وجواسيس إيران بإثارة القلاقل في العراق وتنفيذ التفجيرات في الجامعات العراقية، واستمرت وتصاعدت لغة التهديد والإحتقار للنظام العراقي في الإعلام الإيراني ومحاولات تصدير الثورة الإسلامية. فمنذ تسلم السلطة بدأ الخميني يحرض سكان العراق على صدام حسينٍ، الذي كان مقتنعا بخطورة سياسة الخميني تجاه العراق، وأيقن أن نظامه سينهار إذا لم يعلن الحرب على الخميني. ولا شك ان هذه الحرب، التي إستمرت ثماني سنوات، باعدت بين شيعة وسنة العراق وعززت شعبية نظام الخميني غير المستقر. ولا نريد أن ندخل في نقاش حول موقف وسياسة صدام في تلك الفترة، ولكن كان من الممكن أن يظل العراق سالما متحدا ومعافى لو أن صدام حسين تمتع بقدر أكبر من الحكمة في التعامل مع إيران ودول الخليج العربية. كان عليه أن يعرف أن دول الخليج أصبحت تخافه بعد إنتصاره على إيران وكان عليه ان يتقرب منها ويتوصل إلى حل يقنعها أنه ليس لديه أي نوايا ضدها وأنه فقط يقف ضد خطر النظام الجديد في إيران.

ومما ساعد في إذكاء نار الطائفية في المنطقة ظهور حزب الله الشيعي المسلح في لبنان وتعاون هذا الحزب مع إيران ونظام حافظ الأسد، الذي كان على خلاف مع البعث العراقي ووقف على طول الخط مع إيران والحلف الأمريكي ضد العراق، وبذلك زُرعت بذرة الطائفية السنية - الشيعية في المنطقة ولم يبق لإشعالها سوى شرارة الفتنة التي تمثلت لاحقا بالثورة ضد النظام في سوريا.

لقد كانت ثورة الخميني هى البداية العملية للإسلام السياسي، فقد الهمت الإخوان المسلمين في العالم العربي، باعثة فيهم الأمل في أن تطبيق مبادئهم في حكم بلادهم بات قريبا وأن عقودا من جهودهم ستثمر في نهاية الأمر، ولكن الإنقسامات داخل الجماعة أنتجت منظمات إنفصلت عن المنظمة الأم وكونت مجموعات متطرفة آمنت باستعمال القوة والإرهاب لتحقيق أهداف سياسية ونشرت عدم الإستقرار والدمار شرقا وغربا وأشغلت الشعوب العربية بحروب داخلية. واستغلت هذه المنظمات الفقر والبطالة والجهل لتحقيق أهدافها، فكانت المجتمعات الفقيرة الجاهلة البيئة المثالية لنمو التطرف الديني. إن مايجري الآن هو ظاهرة من ظواهر الإسلام السياسي، والعالم العربي بحاجة لوقفة جادة ضده وضد الذين لا يزالون متمسكين به.

على سنة العراق أن يرفضوا الطائفية ويرفضوا تقسيم العراق على أساس طائفي ويرفضوا الحركات الإرهابية السنية لأنها لن تنفعهم وأنما ستضرهم وتؤذي وطنهم، وسيجدون في النهاية أن شيعة العراق عربٌ أصيلون أقرب إليهم من السنة خارج حدودهم، لأنهم حاربوا إيران بقيادة صدام حسين ثماني سنوات حتى النصر واستمروا في إخلاصهم، ولولا غزو صدام للكويت لما حصلت كل الكوارث اللاحقه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفكيك حماس واستعادة المحتجزين ومنع التهديد.. 3 أهداف لإسرائي


.. صور أقمار صناعية تظهر مجمعا جديدا من الخيام يتم إنشاؤه بالقر




.. إعلام إسرائيلي: نتنياهو يرغب في تأخير اجتياح رفح لأسباب حزبي


.. بعد إلقاء القبض على 4 جواسيس.. السفارة الصينية في برلين تدخل




.. الاستخبارات البريطانية: روسيا فقدت قدرتها على التجسس في أورو